رفض الإفراج عن وليد جلاد    تدعيم التعاون، أبرز محاور زيارة نائب وزير الخارجية الياباني الى تونس يومي 4 و5 ماي الحالي    الغاء اضراب أعوان الشركة الجهوية لنقل المسافرين ببنزرت    الرّابطة الثانية: الدُفعa الثانية من الجّولة العاشرة اياب: جندوبة والشبيبة يحافظان على الصدارة باقتدار    المندوبة الجهوية للتربية ببنزرت.. هدى الشقير في حوار حصري ل«الشروق».. وفرنا كل الظروف لإنجاح اختبارات البكالوريا التجريبية    قرمبالية .. «تراثنا النير مستقبلنا» تظاهرة لتثمين المنطقة الأثرية «عين طبرنق»    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    وفاة 57 طفلا والمأساة متواصلة ... غزّة تموت جوعا    اليوم البرلمان ينظر في اتفاقية قرض    وزارة الصحة: نحو نظام جديد لتحسين الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية    في دراسة لمجلس الصحافة: انخفاض معدل الثقة في وسائل الإعلام بسبب "الكرونيكورات".. و"فايسبوك" في صدارة الميديا الجديدة    أفريل 2025.. تراجع نسبة التضخم إلى مستوى 5،6 بالمائة    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    الهيئة المديرة لمهرجان سيكا جاز : تاكيد النجاح و مواصلة الدرب    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    عاجل/ بلاغ هام من الجامعة التونسية لكرة القدم    قضية قتل المحامية منجية المناعي وحرقها: إدراج ابنها بالتفتيش    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    السجن لطفل شارك في جريمة قتل..وهذه التفاصيل..    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    احتلال وتهجير.. خطة الاحتلال الجديدة لتوسيع حرب غزة    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين:توافد عدد كبير من الزوار على معرض الكتاب...لكن    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    رفع اكثر من 36 الف مخالفة اقتصادية الى أواخر افريل 2025    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مورو : الحدود مع ليبيا لا تبنى لها جدران لحمايتها...
نشر في الحوار نت يوم 10 - 01 - 2016

نبدأ حديثنا حول زيارتك للولايات المتحدة ولقائك بابناء الجالية العربية الإسلامية وحضور مؤتمر «رابطة المسلمين الأمريكيين» في شيكاغو ولقاءاتك هنا في نيوجرزي . ما هي انطباعاتك عن أبناء الجالية في هذه البلاد؟
• كنت أتابع شؤون الجالية العربية الإسلامية في الولايات المتحدة منذ زمن، لكنني إنشغلت عنها بسبب الثورة التونسية، وهذه زيارتي العاشرة للولايات المتحدة وكلها من أجل لقاء إخوتي وأخواتي من العرب والمسلمين في المهجر الأمريكي. وأود أن أقول إنها لم تعد جالية بل جزءا أساسيا من نسيج المجتمع الأمريكي. ألاحظ أن هناك تطورا في عقول الشباب وأجيال اليوم. شتان بين الفترة التي كانوا يفتون لهم بأنهم في بلاد الكفر ويدعونهم للخروج منها إلى الحالة التي يعيشونها اليوم حيث يناضلون من أجل تحقيق مواطنتهم ومشاركتهم في الشأن العام وأتصور أن الطريقة الإيجابية التي يتبعها أبناء الجالية العربية الإسلامية في هذه البلاد ستتطور وتتسع وتتعمق ليصبحوا من المؤثرين في الحياة العامة الأمريكية. أقول لهم دائما أنتم تنعمون هنا بما لا يتوفر في بلادنا. تنعمون بالحرية وبدولة المؤسسات وبينكم وبين السطة قانون. وإذا كانت القضية مقننة ولا تخضع للشهوة والرأي الشخصي فالمآل معروف. القانون يحكم. أنت تلتزم بالقانون وغيرك أيضا والقوانين في هذه البلاد حقيقة ليست جائرة فالكل أمام القانون متساوٍ. وما دام القانون هو الفيصل فلا خوف على أحد.
ولكن هناك عملية شيطنة لكل المسلمين. هناك فئات تتسابق لتجريم المسلمين، منهم مرشحون للرئاسة. المسلمون اليوم هم السود في الماضي. ما هي الرسالة التي يمكن أن تقدمها لهذا الجيل لمواجهة الشيطنة والتنميط السلبي للإسلام والمسلمين؟
• الشيطنة التي تتكلم عنها ليست من كل الناس ولا من كل السياسيين والعقلاء. هناك غالبية صامتة لا تتكلم وإن تكلمت لا نسمعها. الأمر الثاني أن هذه الشيطنة أمر طبيعي لما يجري في منطقتنا. هذا التدافع القائم من أصدائه عدم فهم وسوء فهم والذين لا يفهمون الأمور بشكل صحيح يلتجئون إلى العنصرية المتأصلة فيهم. الأمر الثالث الذي أقوله للمسلمين هنا: إحمدوا الله على أن هذه الحملة تقع في بلد منظم بالقانون ولكم فيه إمكانيات الرد في حدود ما يسمح لكم به القانون وأنتم مطالبون بأن تتكيفوا لتستطيعوا التعبير عن آرائكم ومواقفكم فلا تظنن أن مجرد الإقامة في هذا البلد تعطيكم حقوقا لا منغص لها. ما يقع الآن أمر طبيعي يجب أن نواجهه بالحكمة والدراسة واستراتيجية تقوم على أساس تفنيد ما يقال والجزء الكبير منه تحريف للواقع وتحريف لنوايانا بل إنه لا يمثلنا. هذا جزء ضئيل لا يمثل الإسلام ولا العالم الإسلامي وهو دخيل على الفكر الإسلامي.
قدر الناس هنا أن يدفعوا ثمن أخطاء القلة التي إختطفت الإسلام في بلاد المسلمين، كلمة «إسلام أو مسلم» أصبحت تعني هنا الإرهاب والعنف والاضطهاد والبترول.
• نعم لأننا لم نقم بواجبنا هنا وخاصة عبر وسائل الإعلام بهدف إزالة هذه الصورة وهذه المعطيات الكاذبة. لقد قتل من صفوف المسلمين على أيدي الإرهابيين أكثر من خمسين ألفا. فلماذا يتحدثون عن مئات قتلوا في أمريكا أو الغرب ويتناسون عشرات الألوف الذين قتلهم هؤلاء من المسلمين. الذين قتلوا هنا أبرياء إضطهدوا وقتلوا في عقر ديارهم وليس من حق أحد أن يقتلهم وهم في بيوتهم ومدنهم. ولكننا نحن تحت وطأة نفس الظلم الذي وقع لهم. فلو كان الإسلام إرهابيا لماذا إنتظر إلى سنة 2000 أو 2011 ليظهر أنه إرهابي ولظهر إرهابه منذ مئات السنين وأصبح كل المسلمين في المشرق والمغرب إرهابيين. لكنكم تعلمون أن هذه مجموعة لا تمثل العالم الإسلامي إستغلت فرصة خصومة فقدت فيها معالم الدولة فأرادوا نشر الفوضى واستخدام القتل لمن يعارضهم أو يناوئ آراءهم.
نبتدئ الحديث عن أحوال المنطقة العربية من تونس. هل أنت راض عن نتائج الانتخابات التي فقدت النهضة فيها الأغلبية البرلمانية وأوصلت باجي قايد السبسي إلى كرسي الرئاسة؟
• نتائج الانتخابات كانت صادقة وأنا من الذين توقعوها قبل حصولها. وأعتبر أنه لا يضيرنا إن كنا في الصف الثاني أو حتى الثالث. لإننا مرتبطون بشعبنا. وشعبنا هو الذي يقيم أداءنا وأفعالنا وله ما يتوقعه منا وله حق أن يعاقبنا إذا أخطأنا وأقول إننا أخطأنا وعلينا أن نراجع أنفسنا. وجودنا في الصف الثاني أو الثالث يساعدنا على المراجعة ويشجعنا على أن نقدم شيئا جديدا يستجيب لرغبات شعبنا، علما أن ما حصل بعد الثورة أثبت أن هناك خللا في البنية الأساسية للبلاد على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية. كلها بنية مهترئة وأنا عشت مع النظام السابق الأشبه بالديكور 23 سنة، مظهره الخارجي قد يبدو متماسكا لكن وراء الديكور غابة من البلاوي لا يستطيع أحد أن يغيرها في فترة أربعة أعوام أو خمسة. وبصرف النظر عن نتائج الانتخابات، نحن مطالبون جميعا أن نضع أيادينا في أيادي بعضنا البعض لتلافي هذا الوضع السيء الذي تعيشه البلاد بسبب مخلفات الوضع الاستبدادي. العملة الرائجة في تونس اليوم هي عملة التعاون والتفاهم والحوار والوئام والوصول إلى حلول لا تقررها النسب الانتخابية بل مصلحة البلاد. لذلك رضينا بالخروج من الحكم حتى قبل الانتخابات لأننا قدمنا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
شكلتم النموذج في العالم العربي. حركة إسلامية تتحالف مع أحزاب علمانية بعد فوزها في الانتخابات أولا ثم تنازلت طوعا عن الحكم من أجل مصلحة البلاد. كيف يمكن تعميم هذا النموذج الحضاري لتستفيد منه الحركات الإسلامية الأخرى التي تفضل الإستئثار بالحكم؟
• تعميم النموذج متروك لتلك الحركات للإستفادة من التجربة التونسية. هذا يرجع إلى شعور إخواننا في أي بلد عربي يفرض وضعهم عليهم أن يتنازلوا. الإشكالية في من يعتقد أن الشرعية أتت بهم فلا يقبلون التنازل عن شرعية السلطة التي أتت بهم عبر الانتخابات ولا يقبلون أن يتنازلوا لصالح الوئام الاجتماعي ولا يدركون أن الوئام الاجتماعي أهم من الشرعية الصندوقية لأن شرعية الصندوق توصلك إلى الحكم بينما الوئام الاجتماعي يبقيك في الحكم ويبقيك فاعلا. فلا تكفي شرعية العدد. يا ليت إخواننا يتعلمون. عندما شاهدنا ما حصل في مصر دخل في نفوسنا الرعب فلذلك أسرعنا للتنازل. كنا نراوح بين التنازل وعدمه، لكن بعد ما حصل في مصر فضلنا تقديم التنازل لصالح الأمن العام وطمأنينة البلد ولا أتصور أننا خسرنا بل ربحنا كلنا على كل المستويات.
ألا تعتقد أن الحركة السلفية في تونس استغلت وجودكم فقويت وتمردت واستولت على مدينة القيروان. وقد تعرضت أنت شخصيا إلى إعتداءات من السلفيين؟
السلفية لم تستغل وجودنا. استغلت عدم قدرتنا على التحكم في الأمور. كنا موجودين ولكن بشكل صوري. الوضع في البلاد لم يكن يسمح لنا أن نمسك بمفاصل الحكم. هم إستغلوا ما حدث من فوضى وتمادوا بهذه الفوضى بعد الانتخابات الأولى والثانية لأنهم كانوا متحصنين في البلاد. هم خرجوا من السجون. لديهم تجربة عنيفة أيام بن علي. أعادوا إنتاج هذه التجربة وتمادوا فيها مستغلين عجز السلطة والدولة عن بسط نفوذها والإسلاميون كانوا من ضحاياهم ولست أنا فقط. لقد سقطت حركة النهضة من الحكم مرتين بسبب الاغتيالات التي قاموا بها. لا أرى أن السلفيين تغطوا بنا بقدر ما تغطوا بحالة الفوضى القائمة في البلاد والتي من مظاهرها أن السلطة لم تكن تمسك إلا خيوطا قليلة في الحكم.
هناك ظاهرة غريبة في تونس الآن هي العنف. بعد الثورة بدأ مسلسل الاغتيالات والتفجيرات والإرهاب. إغتيل شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وقتل الجنود في جبل الشعانبي. من أين جاءت هذه الظاهرة؟
• لو بقيت تونس منغلقة على نفسها حامية لأمنها وأرضها وحدودها لما كان لهذه الظاهرة أن تستفحل. الذي ساعد على إستفحال هذه الظاهرة هو أن تونس أصبحت مرتعا للكثير من التيارات وأجهزة المخابرات حيث غابت الدولة وانعدم وجود الأجهزة الأمنية بعد أن جاءنا وزير ألغى جهاز المخابرات فأصبحنا في عراء من أمرنا وأصبحت بعض القرارات تطبخ خارج حدودنا وتنفذ داخل حدودنا. الحدود لم تعد محصنة لتحمينا لا من حيث دخول الأشخاص ولا السلاح، والفكر الذي تسلل إلى وطننا ووزع في كراسات وكتب تدعو إلى الإرهاب لم نكن قادرين على إحكام القبض عليه لأن المخابرات عندنا إنعدمت. فالذي حدث ليس تطورا طبيعيا في الفكر الوطني التونسي بقدر ما هو حالة فوضى فتحت المجال لتكون تونس مرتعا لكل فكر قادم من الخارج.
تدفعون ثمن الفوضى من الجار الليبي. كيف يمكن أن تحموا التجربة التونسية من الفوضى المنتشرة في المنطقة؟
• بعض الناس عندنا فكر في حماية الحدود عن طريق بناء جدار عازل. والحدود لا تبنى لها الجدران لحمايتها. الذي يحمي الحدود هو رأي عام وطني متماسك يدرك صعوبة المرحلة ويدرك بأننا مطالبون بأن نكشف عن كل تحرك غريب يحصل في بلدنا حتى لا يفضي إلى نتيجة لا يرغب فيها. الأمر الثاني الذي يحمي حدودنا هو أن يهتدي إخواننا في ليبيا وهذا ليس في أيدينا ولكننا نستطيع أن نساعدهم في ذلك. لعل إخواننا في ليبيا يهتدون ويدركون الواقع الذي تعيشه المنطقة ويدركون أنهم مهددون أكثر منا بالتمزيق والتفرقة وضياع حلاوة الثروة التي أعطاهم إياها الله. لقد أصبح البترول نقمة عليهم لأن مطامع كثير من الدول مسلطة عليهم ويبدو أن هناك مخططا لتقسيم ليبيا إلى ثلاث مناطق، إذا لم يدرك الليبيون أنفسهم خطورة هذا المخطط فسيضيعون هم ونضيع نحن.
يقال إن حركة «نداء تونس» التي اكتسحت الانتخابات هي إعادة إنتاج النظام السابق. ما تقييمك لهذه الحركة وهل هي إعادة إنتاج الماضي بصيغة جديدة؟
• أنا لا أومن بقضية إقصاء الأشخاص. القضية ليست مع أشخاص. الذين أرتكبوا جرائم بحق الشعب أخذوا نصيبهم من العقاب أما الذين خدموا في النظام السابق وعادوا إلى الساحة السياسية ولا نستطيع أن نبعدهم عنها فيمكنهم أن يعودا على وقع العملة الجديدة المتداولة في المرحلة الجديدة. فكرة الزعيم الواحد والحزب الواحد والرأي الواحد والدكتاتور الواحد وغلق الأبواب والنوافذ على الناس حتى لا يسمعوا إلا الرأي الواحد، هذه عملة لم تعد سائدة في بلدنا. إذا رجع هؤلاء إلى الساحة وأعلنوا أنهم ينتمون إلى المنظومة الجديدة القائمة على التعددية فأهلا بهم ما داموا يعلنون أنهم ينتمون إلى الواقع الجديد ومع مبادئ الثورة. فإذا كانوا لم يتورطوا في دماء أو أموال إكتسبوها بغير حق، لا تستطيع أن تستبعدهم. في الساحة الآن من مارس السياسة لأكثر من ثلاثين سنة بالإضافة إلى الشباب الثوريين الذين يدخلون معترك السياسة لأول مرة وهم بحاجة إلى خبرة الكبار شريطة أن تبقى رقابة قائمة كي لا يجيروا هذه الثقة التي تعطى لهم لصالح مشروع قديم لثني عنان الديمقراطية وإقامة مؤسسات ديكتاتورية. هذه مسؤولية المجتمع المدني الذي يراقب ليضمن عدم حصول هذه الظاهرة.
ألم يحن الوقت أمام الحركة الإسلامية أن تعلن موقفها من موضوع المواطنة المتساوية؟
• أنتم تتحدثون هنا عن الإسلاميين بشكل عام. وأنا أشعر أن الإسلاميين متحرجون من هذه القضايا لأنهم لم يدرسوها بشكل كافٍ. هناك ضعف في فقه الواقع. لم يتكون لدينا فقه يأخذ في الاعتبار المنطلقات التي يقوم عليها فقه دولة المواطنة والتنوع داخل دولة المواطنة. نحن لا يطرح علينا قضية العرق أو الدين لأننا وطن واحد لكن الذي يطرح علينا أن بعض الخيارات التي يطرحها الإسلاميون مرفوضة من قبل العلمانيين، فمثلا موضوع حقوق المرأة علينا أن نعلن بصراحة عن موقفنا من حقوق المرأة وتساويها مع الرجل أو لا. وأقول إننا شرعنا في النهضة منذ السبعينات بطرح هذه الأفكار التي كانت تقدمية في وقتها ولكنها أصبحت واقعية الآن. ونحن لم نتنازل ولكننا قدمنا فهما جديدا على أساس الواقع الجديد والمعطيات القائمة. وما أقوله للإسلاميين حول دولة المواطنة، والتي لم يكن يدركوها من قبل، إن الدولة الوطنية هي ملاذهم، لأن الدولة الوطنية يراد لها أن تفتت لصالح الدولة الطائفية وهو ما يجري الآن في سوريا والعراق واليمن: تفتيت على أساس طائفي إما ديني أو عرقي. الملاذ لهم هي الدولة الوطنية، ففي مصر مواطنون أقباط وفي تونس مواطنون لا يقبلون الطرح الإسلامي. في دولة المواطنة المتساوية لا ميز لإسلامي على غيره.
ما يخص القضية المركزية- فلسطين، يشعر الفلسطينيون الآن أن كل ما جرى في المنطقة كان يهدف إلى تهميش القضية، ما رأيك؟
• أنا مستبشر بالتطورات التي تمر بها القضية الفلسطينية. لقد أثبت الفلسطينيون أنهم كاسرون لهذا التهميش. القضية ليست مهمشة لأن الفلسطينيين أخذوا زمام الأمور بأيديهم. لم يصبحوا منفذين لشعارات يرفعها غيرهم من المتاجرين بالقضية الفلسطينية. إن إسرائيل اليوم مهددة بكيانها ووجودها بحكم ما آلت إليه الأمور في النهاية. إسرائيل قامت على أساس أنها دولة اليهود وحامية لهم أينما كانوا وأنها الوطن الجامع لهم والمدافع عنهم. اليوم إسرائيل لا تجمع أكثر من 20 في المائة من يهود العالم. أي أن أربعة أخماس اليهود غير مقتنعين أن إسرائيل هي التي تحميهم. وعلى العكس فاليهود محميون خارجها أكثر من داخلها. كما أن إسرائيل أثبتت أنها غير قادرة على الاستمرار إلا بآلات إصطناعية خاصة بجيش يحميها والجيش اليوم لم يعد قادرا على حمايتها، لأن صراعها مع خصومها لم يعد قائما على حرب كلاسيكية بل إن خصومتها داخلية وخاصة مع من يسكنون في مناطق 48 وقطاع غزة والضفة والقدس. وهؤلاء يشكلون عبئا على النظام الإسرائيلي بشكل يجعل إستمرارها بهذا الشكل غير ممكن.
هل من مخرج في نظركم من الأزمة التي تعيشها سوريا الآن؟ ألم يصل الحال الآن أن تخير الشعوب بين الفوضى والإرهاب أو الطاغية؟
• الوضع معقد ولا يسمح لي أن اقدم الكثير في هذا الباب لأن المسألة تفرعت وتشعبت. ولكن هناك قضية قائمة على نقطتين إثنيتن أتمسك بهما: الأولى إقصاء كل القرارات الأجنبية المتعلقة بسوريا والاحتكام إلى رأي السوريين وحدهم. هذه قضية أساسية إذ إن البلاء عمّ في سوريا لأنها أصبحت تتقاذفها الآراء الأجنبية وتنفذ في أرضها. الأمر الثاني أن يتحلى السوريون بحكمة يجعلهم يتوحدون. المعارضة السورية أكثر المعارضات إنقساما وتفرقا. وهذا فسح المجال لخصومهم أن يلعبوا بينهم. أن يختاروا من يختارون فهذه قضيتهم. المهم أن يكون الاختيار سوريا لا أجنبيا وأن يكون جامعا لآرائهم وأن يفصلوا فيما بينهم من خلافات، فإذا كانوا غير قادرين على حسم خلافاتهم فستجير سلطة المستقبل لاستبداد بعضهم على بعض. لن يحلوا الإشكال بهذه الطريقة. ولا أتصور حل الإشكال أن يذهب بشار الدكتاتور الظالم الذي قتل أكثر من 300،الف من مواطنيه ليحل محله دكتاتور آخر قتل خمسين أو ستين ألفا. ليس هذا هو الحل، فعلى السوريين أن يحققوا هاتين النقطتين علما أن الوضع اليوم لا يحتمل أن ننتظر أكثر مما انتظرنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.