ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    الاحتلال يضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان    كأس العالم للأندية: برنامج مباريات اليوم السبت    برنامج أبرز مباريات اليوم السّبت و النّقل التلفزي    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية على إسرائيل: ضربات على تل أبيب، حيفا وبئر السبع، أكثر من 100 جريح    نتائج الباكالوريا 2025: تفعيل خدمة الرسائل القصيرة، والتوجيه الجامعي يسير بخطى ثابتة    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    في واقعة نادرة.. استخراج هاتف محمول من بطن شاب بعد عامين من ابتلاعه    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    باجة: إستقبال شعبي لقافلة الصمود [فيديو]    8 علامات تشير إلى بيع بياناتك الشخصية عبر الإنترنت.. احذرها    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    22 سنة سجناً مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وقيادات سابقة    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    منوبة: اصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق مربي نحل بطبربة تسبب في حريق غابي    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    وزارة الصحة تجدد دعوة الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز العمل    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    حملة لمراقبة المحلات المفتوحة للعموم بدائرة المدينة وتحرير 8 مخالفات لعدم احترام الشروط القانونية (بلدية تونس)    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مورو : الحدود مع ليبيا لا تبنى لها جدران لحمايتها...
نشر في الحوار نت يوم 10 - 01 - 2016

نبدأ حديثنا حول زيارتك للولايات المتحدة ولقائك بابناء الجالية العربية الإسلامية وحضور مؤتمر «رابطة المسلمين الأمريكيين» في شيكاغو ولقاءاتك هنا في نيوجرزي . ما هي انطباعاتك عن أبناء الجالية في هذه البلاد؟
• كنت أتابع شؤون الجالية العربية الإسلامية في الولايات المتحدة منذ زمن، لكنني إنشغلت عنها بسبب الثورة التونسية، وهذه زيارتي العاشرة للولايات المتحدة وكلها من أجل لقاء إخوتي وأخواتي من العرب والمسلمين في المهجر الأمريكي. وأود أن أقول إنها لم تعد جالية بل جزءا أساسيا من نسيج المجتمع الأمريكي. ألاحظ أن هناك تطورا في عقول الشباب وأجيال اليوم. شتان بين الفترة التي كانوا يفتون لهم بأنهم في بلاد الكفر ويدعونهم للخروج منها إلى الحالة التي يعيشونها اليوم حيث يناضلون من أجل تحقيق مواطنتهم ومشاركتهم في الشأن العام وأتصور أن الطريقة الإيجابية التي يتبعها أبناء الجالية العربية الإسلامية في هذه البلاد ستتطور وتتسع وتتعمق ليصبحوا من المؤثرين في الحياة العامة الأمريكية. أقول لهم دائما أنتم تنعمون هنا بما لا يتوفر في بلادنا. تنعمون بالحرية وبدولة المؤسسات وبينكم وبين السطة قانون. وإذا كانت القضية مقننة ولا تخضع للشهوة والرأي الشخصي فالمآل معروف. القانون يحكم. أنت تلتزم بالقانون وغيرك أيضا والقوانين في هذه البلاد حقيقة ليست جائرة فالكل أمام القانون متساوٍ. وما دام القانون هو الفيصل فلا خوف على أحد.
ولكن هناك عملية شيطنة لكل المسلمين. هناك فئات تتسابق لتجريم المسلمين، منهم مرشحون للرئاسة. المسلمون اليوم هم السود في الماضي. ما هي الرسالة التي يمكن أن تقدمها لهذا الجيل لمواجهة الشيطنة والتنميط السلبي للإسلام والمسلمين؟
• الشيطنة التي تتكلم عنها ليست من كل الناس ولا من كل السياسيين والعقلاء. هناك غالبية صامتة لا تتكلم وإن تكلمت لا نسمعها. الأمر الثاني أن هذه الشيطنة أمر طبيعي لما يجري في منطقتنا. هذا التدافع القائم من أصدائه عدم فهم وسوء فهم والذين لا يفهمون الأمور بشكل صحيح يلتجئون إلى العنصرية المتأصلة فيهم. الأمر الثالث الذي أقوله للمسلمين هنا: إحمدوا الله على أن هذه الحملة تقع في بلد منظم بالقانون ولكم فيه إمكانيات الرد في حدود ما يسمح لكم به القانون وأنتم مطالبون بأن تتكيفوا لتستطيعوا التعبير عن آرائكم ومواقفكم فلا تظنن أن مجرد الإقامة في هذا البلد تعطيكم حقوقا لا منغص لها. ما يقع الآن أمر طبيعي يجب أن نواجهه بالحكمة والدراسة واستراتيجية تقوم على أساس تفنيد ما يقال والجزء الكبير منه تحريف للواقع وتحريف لنوايانا بل إنه لا يمثلنا. هذا جزء ضئيل لا يمثل الإسلام ولا العالم الإسلامي وهو دخيل على الفكر الإسلامي.
قدر الناس هنا أن يدفعوا ثمن أخطاء القلة التي إختطفت الإسلام في بلاد المسلمين، كلمة «إسلام أو مسلم» أصبحت تعني هنا الإرهاب والعنف والاضطهاد والبترول.
• نعم لأننا لم نقم بواجبنا هنا وخاصة عبر وسائل الإعلام بهدف إزالة هذه الصورة وهذه المعطيات الكاذبة. لقد قتل من صفوف المسلمين على أيدي الإرهابيين أكثر من خمسين ألفا. فلماذا يتحدثون عن مئات قتلوا في أمريكا أو الغرب ويتناسون عشرات الألوف الذين قتلهم هؤلاء من المسلمين. الذين قتلوا هنا أبرياء إضطهدوا وقتلوا في عقر ديارهم وليس من حق أحد أن يقتلهم وهم في بيوتهم ومدنهم. ولكننا نحن تحت وطأة نفس الظلم الذي وقع لهم. فلو كان الإسلام إرهابيا لماذا إنتظر إلى سنة 2000 أو 2011 ليظهر أنه إرهابي ولظهر إرهابه منذ مئات السنين وأصبح كل المسلمين في المشرق والمغرب إرهابيين. لكنكم تعلمون أن هذه مجموعة لا تمثل العالم الإسلامي إستغلت فرصة خصومة فقدت فيها معالم الدولة فأرادوا نشر الفوضى واستخدام القتل لمن يعارضهم أو يناوئ آراءهم.
نبتدئ الحديث عن أحوال المنطقة العربية من تونس. هل أنت راض عن نتائج الانتخابات التي فقدت النهضة فيها الأغلبية البرلمانية وأوصلت باجي قايد السبسي إلى كرسي الرئاسة؟
• نتائج الانتخابات كانت صادقة وأنا من الذين توقعوها قبل حصولها. وأعتبر أنه لا يضيرنا إن كنا في الصف الثاني أو حتى الثالث. لإننا مرتبطون بشعبنا. وشعبنا هو الذي يقيم أداءنا وأفعالنا وله ما يتوقعه منا وله حق أن يعاقبنا إذا أخطأنا وأقول إننا أخطأنا وعلينا أن نراجع أنفسنا. وجودنا في الصف الثاني أو الثالث يساعدنا على المراجعة ويشجعنا على أن نقدم شيئا جديدا يستجيب لرغبات شعبنا، علما أن ما حصل بعد الثورة أثبت أن هناك خللا في البنية الأساسية للبلاد على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية. كلها بنية مهترئة وأنا عشت مع النظام السابق الأشبه بالديكور 23 سنة، مظهره الخارجي قد يبدو متماسكا لكن وراء الديكور غابة من البلاوي لا يستطيع أحد أن يغيرها في فترة أربعة أعوام أو خمسة. وبصرف النظر عن نتائج الانتخابات، نحن مطالبون جميعا أن نضع أيادينا في أيادي بعضنا البعض لتلافي هذا الوضع السيء الذي تعيشه البلاد بسبب مخلفات الوضع الاستبدادي. العملة الرائجة في تونس اليوم هي عملة التعاون والتفاهم والحوار والوئام والوصول إلى حلول لا تقررها النسب الانتخابية بل مصلحة البلاد. لذلك رضينا بالخروج من الحكم حتى قبل الانتخابات لأننا قدمنا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
شكلتم النموذج في العالم العربي. حركة إسلامية تتحالف مع أحزاب علمانية بعد فوزها في الانتخابات أولا ثم تنازلت طوعا عن الحكم من أجل مصلحة البلاد. كيف يمكن تعميم هذا النموذج الحضاري لتستفيد منه الحركات الإسلامية الأخرى التي تفضل الإستئثار بالحكم؟
• تعميم النموذج متروك لتلك الحركات للإستفادة من التجربة التونسية. هذا يرجع إلى شعور إخواننا في أي بلد عربي يفرض وضعهم عليهم أن يتنازلوا. الإشكالية في من يعتقد أن الشرعية أتت بهم فلا يقبلون التنازل عن شرعية السلطة التي أتت بهم عبر الانتخابات ولا يقبلون أن يتنازلوا لصالح الوئام الاجتماعي ولا يدركون أن الوئام الاجتماعي أهم من الشرعية الصندوقية لأن شرعية الصندوق توصلك إلى الحكم بينما الوئام الاجتماعي يبقيك في الحكم ويبقيك فاعلا. فلا تكفي شرعية العدد. يا ليت إخواننا يتعلمون. عندما شاهدنا ما حصل في مصر دخل في نفوسنا الرعب فلذلك أسرعنا للتنازل. كنا نراوح بين التنازل وعدمه، لكن بعد ما حصل في مصر فضلنا تقديم التنازل لصالح الأمن العام وطمأنينة البلد ولا أتصور أننا خسرنا بل ربحنا كلنا على كل المستويات.
ألا تعتقد أن الحركة السلفية في تونس استغلت وجودكم فقويت وتمردت واستولت على مدينة القيروان. وقد تعرضت أنت شخصيا إلى إعتداءات من السلفيين؟
السلفية لم تستغل وجودنا. استغلت عدم قدرتنا على التحكم في الأمور. كنا موجودين ولكن بشكل صوري. الوضع في البلاد لم يكن يسمح لنا أن نمسك بمفاصل الحكم. هم إستغلوا ما حدث من فوضى وتمادوا بهذه الفوضى بعد الانتخابات الأولى والثانية لأنهم كانوا متحصنين في البلاد. هم خرجوا من السجون. لديهم تجربة عنيفة أيام بن علي. أعادوا إنتاج هذه التجربة وتمادوا فيها مستغلين عجز السلطة والدولة عن بسط نفوذها والإسلاميون كانوا من ضحاياهم ولست أنا فقط. لقد سقطت حركة النهضة من الحكم مرتين بسبب الاغتيالات التي قاموا بها. لا أرى أن السلفيين تغطوا بنا بقدر ما تغطوا بحالة الفوضى القائمة في البلاد والتي من مظاهرها أن السلطة لم تكن تمسك إلا خيوطا قليلة في الحكم.
هناك ظاهرة غريبة في تونس الآن هي العنف. بعد الثورة بدأ مسلسل الاغتيالات والتفجيرات والإرهاب. إغتيل شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وقتل الجنود في جبل الشعانبي. من أين جاءت هذه الظاهرة؟
• لو بقيت تونس منغلقة على نفسها حامية لأمنها وأرضها وحدودها لما كان لهذه الظاهرة أن تستفحل. الذي ساعد على إستفحال هذه الظاهرة هو أن تونس أصبحت مرتعا للكثير من التيارات وأجهزة المخابرات حيث غابت الدولة وانعدم وجود الأجهزة الأمنية بعد أن جاءنا وزير ألغى جهاز المخابرات فأصبحنا في عراء من أمرنا وأصبحت بعض القرارات تطبخ خارج حدودنا وتنفذ داخل حدودنا. الحدود لم تعد محصنة لتحمينا لا من حيث دخول الأشخاص ولا السلاح، والفكر الذي تسلل إلى وطننا ووزع في كراسات وكتب تدعو إلى الإرهاب لم نكن قادرين على إحكام القبض عليه لأن المخابرات عندنا إنعدمت. فالذي حدث ليس تطورا طبيعيا في الفكر الوطني التونسي بقدر ما هو حالة فوضى فتحت المجال لتكون تونس مرتعا لكل فكر قادم من الخارج.
تدفعون ثمن الفوضى من الجار الليبي. كيف يمكن أن تحموا التجربة التونسية من الفوضى المنتشرة في المنطقة؟
• بعض الناس عندنا فكر في حماية الحدود عن طريق بناء جدار عازل. والحدود لا تبنى لها الجدران لحمايتها. الذي يحمي الحدود هو رأي عام وطني متماسك يدرك صعوبة المرحلة ويدرك بأننا مطالبون بأن نكشف عن كل تحرك غريب يحصل في بلدنا حتى لا يفضي إلى نتيجة لا يرغب فيها. الأمر الثاني الذي يحمي حدودنا هو أن يهتدي إخواننا في ليبيا وهذا ليس في أيدينا ولكننا نستطيع أن نساعدهم في ذلك. لعل إخواننا في ليبيا يهتدون ويدركون الواقع الذي تعيشه المنطقة ويدركون أنهم مهددون أكثر منا بالتمزيق والتفرقة وضياع حلاوة الثروة التي أعطاهم إياها الله. لقد أصبح البترول نقمة عليهم لأن مطامع كثير من الدول مسلطة عليهم ويبدو أن هناك مخططا لتقسيم ليبيا إلى ثلاث مناطق، إذا لم يدرك الليبيون أنفسهم خطورة هذا المخطط فسيضيعون هم ونضيع نحن.
يقال إن حركة «نداء تونس» التي اكتسحت الانتخابات هي إعادة إنتاج النظام السابق. ما تقييمك لهذه الحركة وهل هي إعادة إنتاج الماضي بصيغة جديدة؟
• أنا لا أومن بقضية إقصاء الأشخاص. القضية ليست مع أشخاص. الذين أرتكبوا جرائم بحق الشعب أخذوا نصيبهم من العقاب أما الذين خدموا في النظام السابق وعادوا إلى الساحة السياسية ولا نستطيع أن نبعدهم عنها فيمكنهم أن يعودا على وقع العملة الجديدة المتداولة في المرحلة الجديدة. فكرة الزعيم الواحد والحزب الواحد والرأي الواحد والدكتاتور الواحد وغلق الأبواب والنوافذ على الناس حتى لا يسمعوا إلا الرأي الواحد، هذه عملة لم تعد سائدة في بلدنا. إذا رجع هؤلاء إلى الساحة وأعلنوا أنهم ينتمون إلى المنظومة الجديدة القائمة على التعددية فأهلا بهم ما داموا يعلنون أنهم ينتمون إلى الواقع الجديد ومع مبادئ الثورة. فإذا كانوا لم يتورطوا في دماء أو أموال إكتسبوها بغير حق، لا تستطيع أن تستبعدهم. في الساحة الآن من مارس السياسة لأكثر من ثلاثين سنة بالإضافة إلى الشباب الثوريين الذين يدخلون معترك السياسة لأول مرة وهم بحاجة إلى خبرة الكبار شريطة أن تبقى رقابة قائمة كي لا يجيروا هذه الثقة التي تعطى لهم لصالح مشروع قديم لثني عنان الديمقراطية وإقامة مؤسسات ديكتاتورية. هذه مسؤولية المجتمع المدني الذي يراقب ليضمن عدم حصول هذه الظاهرة.
ألم يحن الوقت أمام الحركة الإسلامية أن تعلن موقفها من موضوع المواطنة المتساوية؟
• أنتم تتحدثون هنا عن الإسلاميين بشكل عام. وأنا أشعر أن الإسلاميين متحرجون من هذه القضايا لأنهم لم يدرسوها بشكل كافٍ. هناك ضعف في فقه الواقع. لم يتكون لدينا فقه يأخذ في الاعتبار المنطلقات التي يقوم عليها فقه دولة المواطنة والتنوع داخل دولة المواطنة. نحن لا يطرح علينا قضية العرق أو الدين لأننا وطن واحد لكن الذي يطرح علينا أن بعض الخيارات التي يطرحها الإسلاميون مرفوضة من قبل العلمانيين، فمثلا موضوع حقوق المرأة علينا أن نعلن بصراحة عن موقفنا من حقوق المرأة وتساويها مع الرجل أو لا. وأقول إننا شرعنا في النهضة منذ السبعينات بطرح هذه الأفكار التي كانت تقدمية في وقتها ولكنها أصبحت واقعية الآن. ونحن لم نتنازل ولكننا قدمنا فهما جديدا على أساس الواقع الجديد والمعطيات القائمة. وما أقوله للإسلاميين حول دولة المواطنة، والتي لم يكن يدركوها من قبل، إن الدولة الوطنية هي ملاذهم، لأن الدولة الوطنية يراد لها أن تفتت لصالح الدولة الطائفية وهو ما يجري الآن في سوريا والعراق واليمن: تفتيت على أساس طائفي إما ديني أو عرقي. الملاذ لهم هي الدولة الوطنية، ففي مصر مواطنون أقباط وفي تونس مواطنون لا يقبلون الطرح الإسلامي. في دولة المواطنة المتساوية لا ميز لإسلامي على غيره.
ما يخص القضية المركزية- فلسطين، يشعر الفلسطينيون الآن أن كل ما جرى في المنطقة كان يهدف إلى تهميش القضية، ما رأيك؟
• أنا مستبشر بالتطورات التي تمر بها القضية الفلسطينية. لقد أثبت الفلسطينيون أنهم كاسرون لهذا التهميش. القضية ليست مهمشة لأن الفلسطينيين أخذوا زمام الأمور بأيديهم. لم يصبحوا منفذين لشعارات يرفعها غيرهم من المتاجرين بالقضية الفلسطينية. إن إسرائيل اليوم مهددة بكيانها ووجودها بحكم ما آلت إليه الأمور في النهاية. إسرائيل قامت على أساس أنها دولة اليهود وحامية لهم أينما كانوا وأنها الوطن الجامع لهم والمدافع عنهم. اليوم إسرائيل لا تجمع أكثر من 20 في المائة من يهود العالم. أي أن أربعة أخماس اليهود غير مقتنعين أن إسرائيل هي التي تحميهم. وعلى العكس فاليهود محميون خارجها أكثر من داخلها. كما أن إسرائيل أثبتت أنها غير قادرة على الاستمرار إلا بآلات إصطناعية خاصة بجيش يحميها والجيش اليوم لم يعد قادرا على حمايتها، لأن صراعها مع خصومها لم يعد قائما على حرب كلاسيكية بل إن خصومتها داخلية وخاصة مع من يسكنون في مناطق 48 وقطاع غزة والضفة والقدس. وهؤلاء يشكلون عبئا على النظام الإسرائيلي بشكل يجعل إستمرارها بهذا الشكل غير ممكن.
هل من مخرج في نظركم من الأزمة التي تعيشها سوريا الآن؟ ألم يصل الحال الآن أن تخير الشعوب بين الفوضى والإرهاب أو الطاغية؟
• الوضع معقد ولا يسمح لي أن اقدم الكثير في هذا الباب لأن المسألة تفرعت وتشعبت. ولكن هناك قضية قائمة على نقطتين إثنيتن أتمسك بهما: الأولى إقصاء كل القرارات الأجنبية المتعلقة بسوريا والاحتكام إلى رأي السوريين وحدهم. هذه قضية أساسية إذ إن البلاء عمّ في سوريا لأنها أصبحت تتقاذفها الآراء الأجنبية وتنفذ في أرضها. الأمر الثاني أن يتحلى السوريون بحكمة يجعلهم يتوحدون. المعارضة السورية أكثر المعارضات إنقساما وتفرقا. وهذا فسح المجال لخصومهم أن يلعبوا بينهم. أن يختاروا من يختارون فهذه قضيتهم. المهم أن يكون الاختيار سوريا لا أجنبيا وأن يكون جامعا لآرائهم وأن يفصلوا فيما بينهم من خلافات، فإذا كانوا غير قادرين على حسم خلافاتهم فستجير سلطة المستقبل لاستبداد بعضهم على بعض. لن يحلوا الإشكال بهذه الطريقة. ولا أتصور حل الإشكال أن يذهب بشار الدكتاتور الظالم الذي قتل أكثر من 300،الف من مواطنيه ليحل محله دكتاتور آخر قتل خمسين أو ستين ألفا. ليس هذا هو الحل، فعلى السوريين أن يحققوا هاتين النقطتين علما أن الوضع اليوم لا يحتمل أن ننتظر أكثر مما انتظرنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.