قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد إنّ من حق بلاده أن تتخذ ما تشاء من إجراءات لضمان أمن وسلامة حدودها فيما جددت حركة المقاومة الإسلامية انتقاداتها للقاهرة على خلفية السور الفولاذي واعتبرته "جريمة حرب". ونقلت صحيفة "الأهرام" الثلاثاء عن عواد القول خلال مرافقته للرئيس حسني مبارك في جولته الخليجية التي بدأها بالإمارات أنّ ضمان مصر لأمن وسلامة حدودها هو مسؤولية الدولة، مؤكدا أنّ دعم مصر الثابت للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة أو في الشتات "دعم ثابت لا يتزعزع". وقال "علينا أن نتذكر ما حدث يوم 23 كانون ثان/ يناير من العام الماضي عندما تدفق أكثر من 700 ألف فلسطيني عبر الحدود". وأوضح أنّ بعض تلك العناصر تسللت خارج سيناء ووصلت إلى محافظات مصرية بعيدة مثل بني سويف. ورد المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري في مؤتمر صحفي حثت فيه الحركة وفصائل أخرى القاهرة على إنهاء المشروع... إنّ حماس ترى البناء المتواصل للجدار على أنه أمر غير مبرر وسوف يجلب كارثة على الشعب الفلسطيني المحاصر والذي يحتاج الى منافذ حيوية لتلبية احتياجاته. ووجه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي يؤدي زيارة إلى ليبيا انتقادات ضمنية إلى مصر بسبب الحصار والاجتياح الإسرائيلي للقطاع في حربه الأخيرة والمشروع المصري لمد سور عازل. وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام ليبية قال مشعل "أنا أعلم لو كانت لغزة حدود مع ليبيا لكان الوضع مختلفا.. ولكن يكفينا منكم هذا التضامن". وأضاف "إنّ لليبيين بصمة تاريخية في الدفاع عن فلسطين، وباب المغاربة في القدس شاهد على ذلك"، مؤكدا في كلمته أنّ المقاومين في حماس يعتبرون عمر المختار قدوة لهم في الجهاد". وأثنى مشعل، خلال حضوره إلى جانب سيف الإسلام، حفل عقد قران في مدينة طرابلس، وقفة سيف الإسلام القذافي "المشرفة" تجاه القضية الفلسطينية، وعلى المساعدات التي قدمها الليبيون لدعم صمود أهالي غزة. كما جدد مشعل تقديره وشكره للزعيم الليبي ووقوفه المميز إلى جانب القضية الفلسطينية منذ فجرها، وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة. وفي غزة دعا النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد بحر الثلاثاء الكتل البرلمانية والمستقلين والقوائم لجلسة طارئة اليوم الأربعاء لمناقشة آثار بناء مصر للجدار الفولاذي. وقال بحر، في مؤتمر صحفي "مصر قيادة وشعبا تربطها علاقة قوية بالشعب الفلسطيني وإقامة الجدار الفولاذي يتناقض مع هذه الروح ومع ما تحدث عنه الرئيس المصري حسني مبارك حول عدم سماحه بتجويع الشعب الفلسطيني في القطاع". وقال مصدر في كتلة حماس لوكالة الأنباء الألمانية إنها تعد ورقة عمل قانونية لإعلانها حول بناء مصر الجدار الفولاذي واعتباره "جريمة حرب" يسهم في تشديد حصار مليون ونصف المليون فلسطيني يقطنون قطاع غزة. وتردد خلال الفترة الماضية أنّ مصر تبني جدارا فولاذيا تحت الأرض سيكون بطول تسعة إلى عشرة كيلومترات وبعمق يتراوح بين 20 و30 مترا بحيث يصعب إحداث فتحات فيه حتى لو بالصهر، وذلك في إطار جهودها لوقف أنفاق التهريب التي لا تزال مزدهرة رغم تحقيق بعض التقدم. ويأتي التلاسن المصري الفلسطيني في ظل انتقادات حقوقية وجهتها 16 جماعة دولية وغربية وأوروبية تنشط في مجال المعونات الإنسانية وحقوق الإنسان بالتزامن مع الذكرى السنوية للهجوم الإسرائيلي. وقالت المنظمات غير الحكومية في تقرير لها أنّ المجتمع الدولي خذل سكان غزة بفشله في إنهاء الحصار الإسرائيلي للسماح بإعادة بناء القطاع الذي دمر في حرب يناير/ كانون الثاني الماضي. وقال التقرير إنّ 90 في المئة من سكان غزة يعانون انقطاعا في الكهرباء تتراوح من أربع إلى ثماني ساعات يوميا. وأضاف إنّ ضعف جودة المياه مصدر قلق كبير أيضا لوكالات المعونات مع تسبب الإسهال في 12 في المئة من وفيات الأطفال. ويمنع الحصار الإسرائيلي دخول مواد مثل الإسمنت والصلب إلى قطاع غزة الذي يسكنه 1.5 مليون نسمة وهو ما يعرقل إعادة البناء على الرغم من وعود بمعونات بمليارات الدولارات. وقد يزيد مشروع السور الفولاذي الذي تعتزم مصر بنائه على شريطها الحدودي مع القطاع في معاناة سكان غزة الذين باتوا يعتمدون الأنفاق بشكل اساسي لتمرير احتياجاتهم الحيوية والغذائية في ظل الحصار المطبق عليهم. ويتفق خبراء في الاقتصاد الفلسطيني على أنّ الحرب الإسرائيلية على غزة التي بدأت في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 واستمرت 22 يوما وأدت إلى مقتل 1400 فلسطيني وجرح آلاف آخرين بالإضافة إلى تدمير 20 آلف وحدة سكنية، وخراب واسع في المنشآت الصناعية والبنى التحتية، شكلت ضربة قاصمة لبقايا الاقتصاد الهش في القطاع الذي دمرته نحو أربع سنوات من الحصار الإسرائيلي المشدد منذ فوز حماس في الانتخابات عام 2006. وبعد سنة من الهجوم الإسرائيلي الكاسح ما زال سكان غزة بلا سقف يتكدسون في شقق أقاربهم بينما يعيش بعضهم تحت خيام مرتجلة.