البنك المركزي يرفع سقف التحويلات المالية للطلبة بالخارج: التفاصيل    أخبار مستقبل القصرين: انتدابات واعدة والجمهور يُساند الهيئة    جندوبة عامرة بالزوار: أكثر من 818 ألف سائح حتى آخر أوت!    تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين: مشروع القانون الأمريكي حول الديمقراطية في تونس يعكس "منطقا استعماريا" يرفضه الشعب التونسي    النادي الصفاقسي يتعاقد مع حمزة المثلوثي لمدة سنتين    مجموعة "مصابيح صوفية" للمصمّم التّونسي حسان جلجلي حاضرة ضمن "أسبوع التصميم بباريس 2025"    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    5 عادات ''غالطة'' تستهلك وقود الكرهبة أكثر ملي تتصور...شوف شنوا؟    بطولة العالم للكرة الطائرة أكابر: المنتخب التونسي يواجه كوريا يومي 8 و 9 سبتمبر وديا    محرز الغنوشي: ''صفاء مرتقب الليلة وارتفاع طفيف في الحرارة الليلية''    الدورة الثانية من صالون "آرتي كريا" من 6 إلى 12 أكتوبر 2025 بقصر المعارض بالكرم    مسيرة أطلقت من اليمن أصابت قاعة المسافرين في مطار رامون بالنقب    القيروان: الانطلاق في تأمين عيادات خارجية عن بعد بالمستشفى المحلي بالشبيكة    عاجل: زلزال يضرب منطقة مأهولة والسكان يحسون به    الداخلية: احالة صيغة محينة لمشروع القانون الأساسي للعمد على رئاسة الحكومة لاستكماله ونشره بالرائد الرسمي    ديوان الحبوب: بامكان الفلاحين "مقايضة" جزء من محاصيل القمح "ببذور مثبتة"    تصفيات مونديال 2026: نيجيريا تتغلب على رواندا وتحافظ على آمالها في التأهل    الدورة الرابعة للصالون الدولي للسياحة والعمرة يومي 12 و13 سبتمبر الجاري بالعاصمة    هل تونس على موعد مع تقلبات جوية قوية عشية اليوم؟ إليك التفاصيل!    الكاف: الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي يخصص 5600 مساعدة اجتماعية لفائدة التلاميذ والطلبة    لوحة "لا تقوم إلاّ على خيط" لكوثر الجلازي بن عياد تطرح التناقضات الكامنة في شخصية الإنسان    مركز الأزهر يحذر: كيف تحمي أولادك من مخاطر ''لعبة روبلوكس''    رئيس الوزراء الياباني يعلن استقالته    شنوما التحاليل اللي ضروري تعملهم العروس قبل الزواج؟    الاتحاد الرياضي ببنقردان يعلن عن فسخ عقد لاعبه الشاذلي قاسم بالتراضي    وزارة التجهيز والاسكان تنتدب...    عرض "باردو بين البارح واليوم" لهشام درويش في افتتاح تظاهرة الحنايا    ما تفطرش الصباح وتاكل بالليل؟ عظامك في خطر!    الداخلية: عمليات مراقبة وتحسيس متزامنة على أسواق الجملة في كافة أنحاء الجمهورية    النجم الساحلي ينهزم وديا أمام الكوكب المراكشي 1-2    الحزب الجمهوري يعبر عن رفضه لمشروع قانون أمريكي حول "استعادة الديمقراطية في تونس"    دولة الاحتلال تحدد شروط إنهاء حرب غزة.. والسلام مع الفلسطينيين    القهوة على معدة فارغة: فايدة ولا ضرر؟ شوف شنوّة يصير للجسم    هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    إيران تبدأ بمحاكمة شبكة تجسس مرتبطة بمعارضين وإسرائيل    بطولة أمريكا المفتوحة للتنس: سابالينكا تتوج باللقب على حساب انيسيموفا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    "مايكروسوفت".. كابلاتنا تضررت في البحر الأحمر    صابر الرباعي لفضل شاكر...شكرا لأنكم أعدتم التوازن للأغنية العربية    يسلّط الضوء على الجذور الأولى للصراع الفلسطيني الاسرائيلي: ظافر العابدين يحضر عرض «فلسطين 36» في «تورنتو»    أمطار منتظرة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    «المهاجران» تمثّل تونس في مهرجان «بهولنج» الدولي للمسرح بالهند    وزارة الداخلية.. الدّولة لن تتخلى عن مسؤوليّاتها في الدّفاع عن حقوق المُستهلك والحفاظ على قدرته الشرائيّة    وليد التونسي: دعاء التونسيين كان سندي وعجّل بشفائي    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    الخطوط التونسيّة تسجّل نتيجة صافية سلبية ب335 مليون دينار في 2021    فيلم ''صوت هند رجب'' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحصد 6 جوائز مرموقة في مهرجان البندقية    الزهروني: إيقاف منحرف نفّذ 3 براكاجات في وضح النهار استهدفت نساء    تونس في مواجهة مصر: تفاصيل اللاعبين والموعد الرسمي للمباراتين    تعرف على برنامج مباراتي الترجي والمنستيري وطاقم التحكيم الإفريقي    عاجل/ تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: هذا ما تقرّر ضد أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    عاجل: صدور نتائج حركة النقل الدورية للابتدائي.. التفاصيل على الرابط التالي    في الذكرى 69 لانبعاثه: الحرس الوطني يجدّد العهد لحماية الوطن.. #خبر_عاجل    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    هيئة الصيادلة تدعم اجراءات المجلس الوزاري المضيق حول المنظومة الدوائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنه النظام وليس الوزير
نشر في الحوار نت يوم 15 - 07 - 2016

تختلف مهمة الوزير – أيّ وزير – باختلاف النظام السياسي الذي يشتغل في إطاره ، فهو في الأنظمة الديمقراطية مسؤول لديه برنامج – ضمن برنامج الأغلبية الحاكمة - وأسلوب وشخصية ، بينما هو في الأنظمة الشمولية مجرد موظف يأتمر بأمر من نصّبوه وزيرا بغير استحقاق منه ولا كفاءة في أغلب الأحيان ، لا يفعل أكثر من تنفيذ أجندتهم السياسية ولو كانت فوقية لا علاقة لها باختيارات المجتمع ، وحتى لو ثبت فشلها بالتجربة.
هذه حقيقة راسخة تُريح الكُتاب والصحفيين والمواطنين من التعليقات والتحليلات لو هضموها واستيقنوها ، أما تحميل مسؤولية فشل مشروع أو مبادرة ما لوزير أو أكثر فهو جزء من الاستغباء الذي نعانيه نحن العرب حتى أصبح بعضنا خاضعا له تماما في قراءته للأحداث ، يتشبث بالعَرَض ويتجاهل أصل المرض.
عندما يصدر وزير التجارة مثلا قرارا بتيسير تبادل الخمور في السوق الوطنية فإنه منسجم مع المنظومة التي تسيّر نظام الحكم ، ولا غرابة في تصرفه لأن القوانين السارية تبيح إنتاج المسْكرات وتوزيعها واستهلاكها ، والسكْر في حال ارتكاب جريمة يُعدّ ظرفا مخففا للعقوبة لا مشددا لها !!! فلماذا يثور الناس على الوزير وليس على النظام ؟ وهل فعل ذلك الوزير " العلماني " سوى ما فعله زميله الاسلامي الذي تفادى التصريح لا يملك ما دام في هذا المنصب أي خيار آخر؟
وعندما يصرح وزير المالية أن المعاملات الربوية أمر طبيعي وتبرّمَ من إقحام مسألة الحلال والحرام في الموضوع فإن ذلك لا علاقة له بموقف شخصي لا يملكه أصلا في ظل النظام القائم إنما هو انسجام كامل مع منظومة الحكم والقيَم السارية التي لا تترك للدين سوى الضمير والمسجد وبعض الطقوس ، أما الربا فهو ليس ضرورة مفروضة إنما اختيار نابع من قناعة علمانية راسخة في عدم إقحام الدين والأخلاق في شؤون السياسة والاقتصاد والمال.
وعندما يوغل وزير- أو وزيرة - في تغريب المدرسة و المناهج التربوية فهذا ليس قرارا فرديا بل هو منحى يفرضه الانتماء للسلطة الحاكمة التي قامت أصلا على الانحياز للفكر الغربي والوصاية الفرنسية أو الانجليزية أو الأمريكية ، وتطبيقٌ لأجندة معروفة ، وما وصل إليه الأمر الآن ليس طفرة بل هو مرحلة كانت منتظرة منذ مدة طويلة ، وهو حلقة من حلقات " إصلاحات " التي ترمي إلى تجفيف منابع التديّن والسعي الحثيث لارتماء في المنظومة القيمية الغربية.
وعندما يستقبل وزير الشؤون الدينية راعي الكنيسة الكاثوليكية أو البروتستانتية المحلية – والراعي مواطن ارتدّ عن الاسلام - فهو لم يقترف بدعا من الأفعال بل هذا شيء طبيعي من صميم عمله لأن النظام يؤمن بتعدد الأديان ممّا يتيح للكنائس أن تُشيّد بكل حرية وفقا للقانون تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية ( وليست الشؤون الاسلامية فحسب ) ، وما الوزير إذًا إلا منفّذ لمنهج سياسي مسطّر، كلّ مؤسسات الدواة مسخّرة لتطبيقه .
وممّا يمدّ في عمر الأنظمة الشمولية شغلها للرأي العام بالأشخاص بدل البرامج وبالهوامش حتى لا يلتفتوا إلى الجوهر واللبّ والصميم ، وصميم المشكلة هو النظام السياسي وليس هذا الوزير أو ذاك ، ولذلك ينبغي أن يتسلّح المثقفون بالوعي الكافي لفهم الأوضاع وتغييرها ويكفوا عن انتقاد وزير أو وزراء وكأنهم هم الذين يخطّطون ، وقد تأكد ألف مرة أن الوزراء يتغيّرون وتبقى السياسة التي تحكم قطاعاتهم ثابتة مهما رفضها الشعب ، بل جرّبت بعض البلاد وزراء من " المعارضة " ومن الاسلاميين بالضبط فما تغيّر شيء قيد نقير ولا قطمير ، لسبب بسيط هو أنهم يتحمّلون حقائب لتنفيذ سياسة مرسومة لا تتغيّر ثوابتها وهي العلمانية والمنهج التغريبي والأحادية الإيديولوجية ، بعيدا عن رغبات الشعب ، فلا عبرة لا بتأييده ولا برفضه لها ، وكم سمعنا أولئك الوزراء من " المعارضة " – وهم أناس طيبون مبتسمون – يؤكدون بمناسبة وبدون مناسبة أنهم أوفياء لما يسمون " برنامج الرئيس " وتوجيهات الملك السامية وتوصيات الأمير المفدّى ، نفس البرنامج الذي تنتقده أحزابهم بكل قوة !!!
إذا احتكمنا إلى مقاييس الحياة السياسية الحقيقية فإنه لا معنى لمنصب وزير عندنا لأنه لا معنى لأغلبية ولا معارضة في نظام شمولي هو كلّ شيء ، هو الأقوى والأقدر والأجمل والأبقى ، يكتفي بنفوذ الأقلية المتغلّبة ، يستغني بها عن القوة البرلمانية ، وفي تسعينيات القرن العشرين رجل جامعي كان قد تقلّد منصب وزير التعليم العالي أنه كان مجرد موظف لدى الجيش.
لن يحدث تغيير إيجابي من هذا الوزير أو ذاك حتى تكون هناك سلطة أفرزتها صناديق الانتخاب الشفافة تتبنى إرادة الشعب وتعبّر عن انتمائه وتخدم مصلحته، يراقبها برلمان تعدّدي تحكمه قواعد الديمقراطية لا الولاءات ولا " الكوطات " - أيّ النٍسَب المسطّرة مسبقا - ، يعبّر حقا عن مختلف شرائح المجتمع ، يومها فقط يمكن تحميل الوزير المسؤولية ومساءلته لأن أمامه بدائل كما أن له حرية الحركة والمبادرة ويتمتع حتما بالمؤهلات العلمية والأخلاقية المطلوبة لتسيير قطاعه الوزاري ، أمّا في واقعنا العربي الحاضر فلا عبرة بذهاب وزير ولا مجيء آخر ، بل لا معنى لوجود وزارة من " المعارضة " لأن القرارات لا تصدر من مقرّ الحكومة ولكن من القصر الملكي ...حتى في الأنظمة " الجمهورية " .
عبد العزيز كحيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.