بمناسبة اعتراف قتلة حشاد في شريط الجزيرة "اغتيال حشاد": من أجل حملة شعبية صادقة لمحاكمة قتلة حشاد بثت قناة "الجزيرة الوثائقية" شريطا بعنوان "اغتيال فرحات حشاد" في 18 ديسمبر 2009. الشريط الذي كنت أتمنى أن تنتجه و تعرضه قناة تونسية كان عملا تلفزيا توثيقيا يحتاجه التونسيون في سياق استمرار التأسيس لتاريخ بديل عن التاريخ الفردي للزعيم الأوحد (بورقيبة) ليس في الاطار الاكاديمي (و هو الأمر الذي بدأ يحصل منذ عشريتين) فحسب بل أيضا في اطار الرأي العام. رابط للفيديو.. اشكر الصديق "برباش" لمساعدته على تسجيل و تحميل الشريط رابط لفيديو الشريط الوثائقي http://vimeo.com/8271296 اغتيال فرحات حشاد--الجزيرة الوثائقية 18 ديسمبر 2009 from TK TK on Vimeo. الشريط لم يكن بذات الجودة التقنية التي ميزت الشريط الوثائقي الذي تم إنجازه من قبل قناة "العربية" حول الحبيب بورقيبة. لكنه توفر على شهادات و مساهمات قيمة سواء من الشهود المعاصرين للاحداث (زوجة حشاد، أحمد بن صالح، مصطفى الفيلالي...) و أيضا بعض الاصدقاء و الزملاء من الباحثين (عدنان منصر، محمد ضيف الله، عميرة الصغير، لطفي زيتون...) الذين قدموا تلخيصا لما توصلت إليه البحوث في خصوص مسيرة شهيد الحركة النقابية. غير أن أهم إضافة للشريط الوثائقي هي توفره على شهادة شفوية مباشرة من أحد العناصر المؤسسة لمنظمة "اليد الحمراء" المجرم أنطوان ميليرو و الذي قدم اعترافات مفصلة ليس في علاقة بدور هذه المنظمة في عملية الاغتيال (فذلك أمر معروف) لكن الأهم هو العلاقة الوثيقة بينها و بين السلطات الفرنسية. علاقة تصل على ما يبدو إلى مستوى الفصيل الارهابي الذي يتمتع بغطاء و حماية رسميتين من السلطات الاستعمارية. و كان ميليرو الذي أصدر كتابا سنة 1997 حول علاقة "اليد الحمراء" بالسلطات الفرنسية و هو في ذاته وثيقة يجب أن تضاف للوثيقة الشفوية الصادرة في هذا الشريط (أنظر أسفله بالنسبة لقائمة من الكتب التي تحتوي على مذكرات عن تاريخ "اليد الحمراء"). لم يكتف المجرم ميليرو بذلك بل عبر بكل وقاحة عن اقتناعه الكامل بجدوى عملية الاغتيال الارهابية بل و استعداده لتكراراها إن لزم الأمر. بما يعكس شعور هؤلاء المجرمين بحصانة أبدية و بما يعبر عن استمرار ذهنية الاحتقار الاستعمارية و هو الألأمر الذي لا يعبر عن الماضي بل عن وضع حاضر. إن المزايدات الراهنة في علاقة بطلب الاعتذار من فرنسا على احتلالها لتونس و خاصة تسييس هذا الملف في سياق حسابات ظرفية لا يجب أن يعني بأي شكل من الأشكال فسخا لحق التونسيين و حق تونس في طلب الاعتذار. إذ لا يمكن بناء علاقات صحية بين تونس و فرنسا بدون تصفية هذه الرواسب العالقة بين البلدين. هذا عدى السوابق المختلفة دوليا (المحرقة و "اللاسامية"، العبودية، الاعتذار الايطالي مؤخرا لليبيا، "السكان الأصليين" في الولاياتالمتحدة...) في عشرات السنين الاخيرة التي تضمنت اعتذارات رمزية و محاكمات متأخرة في سياق تثبيت قيم العدالة و ليس في سياق معاني "الثأر" أو غيره مثلما أراد بعض الفرنكفوليين تصوير الأمر في سياق الجدال المبتور الذي تم في الأشهر الأخيرة حول هذا الموضوع و عليه و حتى لا يتم إفراغ هذه القضية من محتواها و حتى يفتك المجتمع المدني المبادرة من أي أطراف ترغب في توظيف قضية وطنية جامعة مثملما هي قضية طلب الاعتذار من الاحتلال الفرنسي في سياقات سياسية ضيقة أقترح ما يلي: أولا، إطلاق حملة تستهدف محاكمة مجرمي "اليد الحمراء" بما في ذلك ميليرو سواء على الاراضي الفرنسية أو من خلال محاكمة شعبية رمزية على الأراضي التونسية. هذا يستدعي عملا شعبيا و مدنيا تونسيا من المفضل أن تقوم به المنظمة النقابية من حيث التأطير و الدعم المادي و المعنوي. ثانيا، إطلاق حملة شعبية و مدنية لمطالبة الحكومة الفرنسية بفتح ملف الاغتيال في اتجاه الكشف عن أسماء المشرفين السياسيين على العملية. ثالثا، الضغط من أجل تجريم الخطاب الداعي للكراهية على أساس التجربة الاستعمارية، إذ أن أي تمجيد للارهاب الاستعماري و بالتحديد لعمليات تصفية رموز وطنية (الهادي شاكر مثلا و أيضا عبد الرحمان مامي و غيرهما) يجب أن يتم اعتباره بنفس مرتبة الخطاب المحرض على الكراهية. رابعا، مطالبة المنظمة النقابية بتأسيس مشروع بحثي خاص بحشاد يستهدف توفير كل الوسائل لإنجاز دراسة و تحقيق مفصل من قبل الباحثين التونسيين حول مسيرة حشاد، و يكون ذلك الاطار الأكاديمي و التوثيقي المركزي لكل الدراسات الخاصة بحشاد بالرغم أنه ليس شخصا مقدسا بكل تأكيد لكن كان و لازال فرحات حشاد ربما الشخص الوحيد في تاريخ تونس المعاصر الذي يوجد إجماع حول رمزيته و احتراما يكاد يكون مطلقا لسيرته السياسية و النقابية. فليكن أيضا كذلك في هذا الاطار * Roger Faligot et Jean Guisnel, Histoire secrète de la Ve République, éd. La Découverte, Paris, 2006 * Pierre Genève, La Main rouge, éd. Nord-Sud, Paris, 1960 * Antoine Méléro, La Main rouge. L'armée secrète de la république, éd. du Rocher, Paris, 1997 * Constantin Melnik, Un espion dans le siècle. Tome 1. La Diagonale du double, éd. Omnibus, Paris, 1994 * Constantin Melnik, La Mort était leur mission, éd. Plon, Paris, 1996 Posted by Tarek طارق at