موسكو - توقعت قيادات إسلامية روسية أن يشهد عام 1431/2010 توحد الإدارات الدينية الإسلامية الرئيسية الثلاث بروسيا في قيادة واحدة تنطق باسم الإسلام، في خطوة وصفوها بأنها "مفاجأة تاريخية لمسلمي روسيا الحديثة، وتضع نهاية للانقسام المستمر" بينهم. وجاءت هذه الخطوة إثر مبادرة شخصية من رئيس إحدى هذه الإدارات، طلعت تاج الدين، رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا. وفي تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" السبت 26-12-2009، قال عبد الواحد نيازوف وكيل الإدارة الدينية لمسلمي القسم الآسيوي من روسيا ورئيس المركز الثقافي الإسلامي: إن "عملية اندماج الإدارات أصبحت قناعة لدى الجميع وأصبحت مطلبا من الداخل والخارج". وأضاف: "إننا اليوم قريبون جدا من الوحدة، لكن أمامنا عملا كبيرا يجب القيام به للوصول إلى الحلقة النهائية". ويتبع مسلمو روسيا ثلاث إدارات دينية رئيسية هي الإدارة الدينية المركزية للمسلمين، ومجلس المفتين، ومركز التنسيق لمسلمي شمال القوقاز. وكانت هذه الإدارات موحدة حتى تفككت في عام 1992 –بعد انهيار الاتحاد السوفييتي- على خلفية النزعات الاستقلالية في البلاد، وساهم الانقسام في تفريق كلمة المسلمين وجعل قياداتها تدخل في ما يشبه حرب تناحر وتنافس للحصول على القيادة، كانت السبب الرئيسي في استمرار انقسامهم لسنوات، بحسب مراسل "إسلام أون لاين.نت". وحول التاريخ المرتقب للإعلان عن هذه المؤسسة الوليدة، قال نيازوف: "أعتقد أنه إذا مرت الأمور بسلام فقد ترى هذه المؤسسة النور في السنة القادمة (1431/2010) وسيكون تكوينها الإداري مرتكزا على المبدأ الإقليمي الهرمي". راوي عين الدين وأشار رئيس المركز الثقافي الإسلامي إلى أنه تمت تسمية -بشكل شبه نهائي- رؤساء الإدارة الدينية الموحدة. وقال: "قد تم الاتفاق الشبه النهائي حول القيادات، حيث سيشغل منصب رئيس الإدارة الموحدة، الشيخ راوي عين الدين وهو حاليا رئيس مجلس المفتين، بينما سيكون شيخ الإسلام بالإدارة الموحدة، الشيخ طلعت تاج الدين الذي يشغل حاليا رئيس الإدارة الدينية المركزية، النائب الأول من القوقاز". وتابع: "النائب الأول سيكون بالتداول السنوي بين رؤساء الإدارات الدينية في الجمهوريات القوقازية المختلفة". وأعلن الشيخ طلعت تاج الدين -صاحب مبادرة توحيد مسلمي روسيا- هذه المفاجأة التاريخية خلال عيد الأضحى الماضي. وكانت الإدارات الدينية المسلمة تحت قيادة موحدة بقرار من الإمبراطورة الروسية يكاترينا الثانية في عام 1788، حيث تم تأسيس الإدارة الدينية المركزية لسلمي روسيا، وافتتح مركز الإدارة بشكل رسمي في 1789 بمدينة أوفا، عاصمة بشكيرستان. استقرار وازدهار لروسيا من جهته، اعتبر الشيخ مقدس بيبرسوف رئيس الإدارة الدينية في منطقة ساراتوف في تصريح ل"إسلام أون لاين" أن الوحدة بين المسلمين هي عنصر من عناصر الأمن القومي الروسي. وأفاد بيبرسوف أن "السلطة تولي هذا الموضوع أهمية خاصة، لأن الوحدة تخدم الاستقرار الداخلي وازدهار الدولة". وذكرت قيادات إسلامية في تصريحات إعلامية مؤخرا أن المصلحة العليا للإسلام والمسلمين في هذه البلاد الشاسعة، تدعو إلى ضرورة التوحد وتنسيق الجهود لتحقيق أهداف مشتركة بين إدارات دينية طالما دافعت كل واحدة منها على مصالحها الخاصة في المنطقة التي تعمل فيها. على طريق التوحد وفي 11 من الشهر الجاري، تم الإعلان خلال اجتماع بمدينة قازان بحضور أعضاء من مجلس المفتين عن دعم فكرة إنشاء إدارة دينية واحدة. وفي 15 من نفس الشهر، عقد أول لقاء في مدينة "أوفا" العاصمة البشكيرية في مقر الإدارة الدينية المركزية للمسلمين في روسيا، ضم ممثلي الإدارات الإسلامية الثلاثة، وتقرر تشكيل فريق عمل مشترك ولجنة توفيقية من أجل وضع خطوات جدية. وقال طلعت تاج الدين، في تصريح لوكالة "نوفوستي" الروسية آنذاك: "خرجنا باقتراح سنقدمه للشيخ راوي عين الدين، ولرئيس مركز التنسيق لمسلمي شمال القوقاز إسماعيل بردييف، حول توحيد منظماتنا برئاسة مفتٍّ أعلى واحد". وأعرب تاج الدين عن أمله في أن يضع هذا الاتحاد النهاية للانقسام المستمر منذ سنوات عديدة في المجتمع الإسلامي الروسي، ويتيح الفرصة لانتخاب مفتٍّ أعلى واحد لعموم البلاد. ومن منظور سياسي، أوضح إسماعيل بردييف، رئيس المركز التنسيقي لمسلمي شمال القوقاز لوكالة نوفوستي أن نشاط المنظمة الموحدة للمسلمين في روسيا، والتي أيد فكرتها مفتو روسيا، "ستسمح بمحاربة ظاهرة التطرف والإرهاب". تحذير من التسييس ورغم إيمانه بالتوحد، فإن الرئيس الأنجوشي يونس بيك يفكوروف حذر من تسييس هذه القضية. وقال في تصريح لنوفستي: "عملية توحيد الإدارات الدينية للمسلمين في روسيا من المفترض أن يقوم بها رؤساء المنظمات الإسلامية فقط، ولا يجوز إدخال السياسة في هذا الموضوع". وأشاد نيازوف بالحكومة الروسية الحالية على جهودها في هذا المجال، مشيرا إلى أن الوحدة المنشودة ستكون إيجابية على الجميع، وقال في هذا الصدد: "روسيا ستقوي موقفها بين الدول الإسلامية.. القيادات الإسلامية سوف ترتفع شعبتها وقيمتها في الداخل والخارج". ويقدر عدد مسلمي روسيا بنحو 20 مليون نسمة من إجمالي سكان البلاد البالغين حوالي 142 مليون.