حملة رسائل إلى صناع الرأي العام الغربي بشأن تنامي الإسلاموفوبيا تطلق مؤسسة قرطبة حملة رسائل موجهة إلى صناع الرأي في الغرب لحثهم على التصدي لموجة الخوف من الإسلام والمسلمين والكراهة لهم التي تستغلها نخب لامسؤولة. وفيما يلي أوّل رسالتين موجهتين إلى البابا بندكت السادس عشر. فالرجاء المساهمة في هذه الحملة إما بصياغة رسالة إلى أحد صناع الرأي الذي تختارونه، أو بالتوقيع على إحدى الرسالتين المقترحتين أو كليهما وإرسالها بالبريد الإلكتروني إلى البابا بندكت السادس عشر على العنوان الآتي:[email protected] الرجاء إرسال نسخة من رسالتكم أو توقيعكم إلى العنوان الآتي: [email protected] ٭٭٭ 1— رسالة إلى قداسة البابا بندكت السادس عشر بسم الله الرحمن الرحيم "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما" (القرآن الكريم، النساء 4: 114) قداسة البابا، احتفل المسلمون منذ أيام قليلة برأس السنة التي تؤرخ لهجرة الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة، كما سيحتفل المسيحيون خلال الأيام القليلة القادمة برأس السنة التي تؤرخ لميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وبهذه المناسبة ندعو الله عز وجل أن يجعل من هذه السنة الجديدة سنة عدل وسلم ورفاهية لأمتينا الإسلامية والمسيحية ولكافة شعوب العالم. إنّ البشرية التي تمرّ بأزمات متعددة، أخلاقية وسياسية واقتصادية ومالية، تخيّم عليها ضلال قاتمة من القلق وعدم الاطمئنان. وكثيرا ما تُستغل مخاوف الخلق من طرف نخب سياسية ودينية وإعلامية وثقافية لامسؤولة من أجل تحصيل أرباح شخصية ومصالح ضيقة، فتُضخّم هذه المخاوف ويُجسّد الخطر المزعوم في شخص وثقافة ودين الغير. فتشيع بذلك الكراهية وتتفشى الفتنة وينشب النزاع. وإنّ من واجب الحكماء من كافة الملل العمل على وقاية المجتمع من مثل هذه الآفات التي تهدد البشرية جمعاء، فهي وإن ظهرت في إقليم من الأقاليم فإنها تنتشر حتما في عالم تقلّصت أبعاده، بسرعة الشبكة العنكبوتية والهاتف الخلوي. وإنّ مهمة النخب العاقلة في كل مكان العمل على فض النزاعات حال ظهورها، بالمساهمة في معالجة مسبباتها وتداعياتها. قداسة البابا، إنّ المسلمين في أوروبا يتعرّضون في السنوات الأخيرة لاستهداف متصاعد، تُستهان مقدساتهم وتُهاجم معتقداتهم وتُقلّص حرياتهم في ممارسة أو إظهار دينهم. وآخر فصل من مسلسل الاستهداف هذا هو ما جرى منذ شهر في سويسرا من حظر للمآذن بناء على مبادرة شعبية، شُحنت خلالها مشاعر الجماهير السويسرية رهبا وكراهية ضد مواطنيها الذين يدينون بدين الإسلام، من طرف دعاة التفرقة الذين يعملون على زعزعة التماسك والتلاحم الوطني الذي عرفه البلد منذ زمن بعيد. وإنّ هؤلاء الفتانون، في غمرة سَكَرهم بفوزهم الوهمي، يستعدون لجولات أخرى من بث روح الفرقة في المجتمع. قداسة البابا، إنّ المسلمين في كافة أنحاء العالم ينتظرون منكم في هذه المناسبة الطيبة رسالة قوية ونداء واضحا إلى أتباع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في كافة أنحاء العالم، وفي أوروبا على وجه الخصوص، لدعوتهم إلى عدم الاستجابة لأصوات الكراهية التي تعمل على جرّهم إلى متاهات الفتن الطائفية ومن أجل حثهم على التحلي بالحكمة ضمانا للعيش المشترك في جو من الوئام. وإنّ نداء كهذا من جانبكم سيُنظر إليه من طرف الشعوب الإسلامية القلقة لما يتعرّض له الأوروبيون ذوي الديانة الإسلامية من أذى، كرسالة تسامح وأخوة. وفي الأخير نكرر لقداستكم تهانينا بحلول العام الجديد، وندعو الله أن يعينكم على كل خير. 26 ديسمبر 2009 التوقيعات — راشد الغنوشي، سياسي ومفكر إسلامي تونسي — محمد العربي زيتوت، ناشط حقوقي ودبلوماسي جزائري سابق — عبد الحفيظ الورديغي، مدير مؤسسة التعارف بجنيف — عباس عروة، مدير مؤسسة قرطبة بجنيف
٭٭٭ 2— رسالة إلى قداسة البابا بندكت السادس عشر (ترجمة من الفرنسية) قداسة البابا، منذ 14 قرنا بُعث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خلفا لأخيه عيسى وختما لرسالته التي تبتغي ردّ الإنسان إلى ربه. ومنذ ذلك الوقت يعيش العرب مسلمين ونصارى في وئام وتعارف، يرفعون بيوت الله من مساجد وكنائس. ومنذ زيارة الخليفة عمر إلى كنيسة القيامة بالقدس ما فتئت أجراس الكنائس تدقّ في أرض الإسلام دون إنكار من أبناء الإسلام. وأكبر شاهد على ذلك التسامح أبيات الشاعر أبي العلاء المعري التي يحفظها أبناء العرب منذ نعومة أظفارهم: في اللاذقية ضجة *** بين أحمد والمسيح فهذا بجرس يدق *** وذاك في مئذنة يصيح كان ذلك قبل ألف عام. وظل الأمر على حاله في جميع ديار الإسلام ولاسيما ديار الشام ومصر التي تنافس فيها الكنائس المساجد شموخا وعلوّا. ولم يُقدِم وال من ولاة المسلمين على إسكات أجراس الكنائس. وبعد ذلك انتشر الإسلام في ديار أوروبا، وها هي ذي الكنائس الشامخة في سراييفو وغيرها من ديار البلقان التي شُيّدت قبل مقدم الغازي التركي تشهد بسلامتها أنه تركها قائمة تُسمِع صوتها. أكثر من ثلاثة قرون بعد منتيسكيو، يضل السؤال مطروحا: "كيف يمكن للمرء أن يكون فارسيا؟" (كيف يمكن للمرء أن يكون مسلما؟) فهلاّ نبّهتم، قداسة البابا، أتباعكم إلى حقيقة تاريخية وهي أنّ أجراس الكنائس ظلت تدق في أرض الإسلام حتى في قلب العصور الوسطى، وهلاّ ذكّرتم السويسريين وغيرهم من أهل المسيحية أنّ أقرب الناس إليهم أهل الإسلام وأنّ المسلم سيبقى آخر من يشهد بنبوة المسيح في عصر سملت فيه ثياب المسيحية واتسع فيه الفتق على الراقع. قداسة البابا، إنه من حسن الصدف أن شهد هذا الأسبوع تواطأ ميلاد السنة الإسلامية والمسيحية. ونريد أن نجعل من هذا التواطؤ الصدفي، تمهيدا لشحذ الهمم الروحية وجعل المولى عزّ وجل أقرب إلى قلوب أهل عصرنا في عالم أصبح واحدا أكثر من أيّ وقت مضى. وإنا لندعو الله أن يمدّ في عمركم لتبليغ رسالة المحبة التي ما فتئ السيد المسيح ابن مريم سلام الله عليه يدعو إليها حتى عاد إلى جوار ربه. 28 ديسمبر 2009 التوقيع — رشيد بن عيسى، أخصائي في علم الاجتماع وموظف سابق في اليونسكو
1— Lettre à sa Sainteté le Pape Benoît XVI (Traduction de l'arabe) Au nom de Dieu le Tout Miséricordieux, le Très Miséricordieux « Il n'y a rien de bon dans beaucoup de leurs échanges, sauf si l'un d'eux ordonne une charité, une bonne action, ou une conciliation entre les gens. Et quiconque le fait, cherchant l'agrément de Dieu, à celui-là Nous donnerons une récompense énorme. » (Coran, An-Nissa — Les Femmes, 4 :114) Votre Sainteté, Les musulmans ont fêté il y a quelques jours le nouvel an de l'Hégire, célébrant l'émigration du Prophète Mohammed fils d'Abdallah, paix et salut sur lui, de la Mecque à Médine. Les chrétiens fêteront dans quelques jours le nouvel an géorgien célébrant la naissance de Jésus Christ, fils de Marie, paix et salut sur lui. A cette occasion nous prions Dieu pour qu'Il fasse que cette année nouvelle soit une année de justice, de paix et de prospérité pour nos deux communautés ainsi que pour les peuples du monde entier. L'humanité qui passe par diverses crises morales, politiques, économiques et financières, se trouve sous l'emprise d'un climat morose d'angoisse et d'insécurité. Souvent les craintes de gens sont exploitées par des élites politiques, religieuses, médiatiques et culturelles, irresponsables afin d'acquérir un profit personnel et des intérêts étroits. Les craintes sont alors amplifiées et le prétendu danger est cristallisé dans la personne et la culture de l'Autre. Ainsi, se propage la haine, se répand la discorde et se déclenche le conflit. Il est du devoir des sages de toutes les confessions d'œuvrer pour prévenir ces fléaux qui menacent l'humanité entière, car même s'ils apparaissent dans une contrée donnée, ils se propagent vite à travers un monde aux distances rétrécies, à la vitesse de l'Internet et du téléphone cellulaire. La mission des élites dotées d'intelligence, partout dans le monde, consiste à œuvrer pour résoudre les conflits dès qu'ils se présentent, en traitent leurs causes et leurs conséquences. Votre Sainteté, Les musulmans d'Europe sont ces dernières années la cible d'une agression croissante : leurs symboles sacrés sont profanés, leurs croyances sont attaquées et leurs libertés de pratiquer ou de manifester leur culte sont restreintes. Le dernier épisode de cette agression est l'interdiction le mois dernier en Suisse de la construction de minarets, suite à une initiative populaire, à travers laquelle les apôtres de la discorde ont tout fait pour amplifier les craintes et exciter les passions et les sentiments de haine envers les concitoyens de confession musulmane, œuvrant ainsi à fissurer la cohésion nationale que connait le pays depuis longtemps. Ivres de leur victoire illusoire, ils se préparent déjà pour d'autres actions qui diffuseraient davantage l'esprit de la discorde dans la société. Votre Sainteté, Les musulmans du monde entier attendent de votre part, à cette heureuse occasion, un message fort et un appel clair aux adeptes de l'Eglise catholique romaine, partout dans le monde et particulièrement en Europe, pour qu'ils ne suivent pas les voix de la haine qui veulent les entrainer dans les méandres des conflits intercommunautaires, et afin qu'ils privilégient la sagesse en vue de préserver un vivre ensemble dans la concorde. Un tel appel sera perçu pour les peuples musulmans, inquiets par ce qu'endurent les Européens de confession musulmane, comme un message de tolérance et de fraternité. Nous réitérons à votre Sainteté nos vœux de bonne année, et puisse Dieu vous aider dans toute action bienfaisante. 26 décembre 2009 Signatures — Rached Ghannouchi, penseur et homme politique tunisien — Mohamed-Larbi Zitout, défenseur des droits de l'homme et ancien diplomate algérien — Abdel-Hafid Ouardiri, directeur de la Fondation de l'Entre-Connaissance, Genève — Abbas Aroua, directeur de la Fondation Cordoue, Genève