خصصت مجلة "تايم" الامريكية في عددها الجديد تقريرا موسعا عن الاسيرة الفلسطينية آمنة عبد الجواد منى التي رفضت اسرائيل ادراج اسمها ضمن قائمة الاسرى الفلسطينيين مقابل الافراج عن الجندي الاسير جعاد شاليت. ووصفت المطبوعة الواسعة الانتشار منى برمز الأسيرات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية، والمدافعة القوية عن حقوق الاسرى الفلسطينيين والشوكة الدائمة في خاصرة سجانيها الاسرائيليين. وحسب التقرير فإن الأسيرة الفلسطينية هي التي تقف على مايبدو عائقا أمام صفقة تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعد أن وضعتها "حماس" على رأس قائمة الأسرى الفلسطينيين التي قدمتها للمبادلة بالجندي الإسرائيلي المحتجز لديها جلعاد شاليط. وحوكمت آمنة، وهي من رام الله بالضفة الغربية، بالسجن بعد أن اتهمتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بضلوعها في مقتل مراهق إسرائيلي يدعى عوفر راحوم ويبلغ من العمر 16 عاما، في عام 2001. وتتلخص القضية في أن آمنة التي كانت في ال24 من عمرها آنذاك، تعرفت على راحوم الذي كان طالبا في المدرسة، عبر الإنترنت، وأغرته بعلاقة جنسية "افتراضية"، بعدما أخبرته أنها يهودية مغربية تدعى سالي وهاجرت حديثا إلى إسرائيل، وفقا لما نشرته مجلة "تايم". وبعد بضعة أسابيع من بدء العلاقة، أقنعت راحوم بالتغيّب عن دراسته والتنزه معها في القدس. وقالت له في سلسلة من الرسائل المتبادلة :"أشتاق اليك يا عوفير، وأرجو أن تأتي يوم الاربعاء. لا تقل انك لست بحاجة الى أن تكون معي، سأنتظرك الاربعاء...سيكون لدي حلم جميل عنك..انت لا تدري كم اترقب يوم الاربعاء..أحبك يا عزيزي". ووصفت نفسها بأنها "طولها 169 سم، ذات شعر أسود مجعد وعينين عسليتين"، وسألته عن صفاته حتى تلتقيه عند نزوله من الحافلة. لم يخبر راحوم والديه بوجهته. سحب مدخراته وأخبر أصدقاءه بأنه ذاهب للقاء حبيبته عبر الانترنت. وقال صديقه شلومي ابيرجيل: "كان متحمسا للغاية بشأنها لأنها كانت أكبر سنا. أظن أن هذا هو ما جذبه اليها، سنها. لم نتخيل أبدا أن يحدث شيء كهذا". وبعد أن توطدت العلاقة بينهما، طلبت آمنة من الفتى أن يهرب من المدرسة، ليلاقيها في القدسالمحتلة، ووفقا لاعترافاتها أثناء المحاكمة، فقد التقت راحوم في يناير/ كانون ثاني عام 2001، وأخدته في سيارتها إلى رام الله، وقالت إنها كانت تنوي أن تبقيه رهينة، للتفاوض على إطلاق سجناء فلسطينيين. وفي المحاكمة، قال محاميها جواد بولص ان منى لم تنو ابدا على قتل الفتى. وقال:"ما حدث جرى خارج نطاق سيطرتها، من دون علمها وبالتأكيد من دون موافقتها". لكنها أخبرت الصحافيين خلال مقابلات اجريت في المحكمة: "انني فخورة بنفسي". وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2001، حكم على منى بالسجن مدى الحياة في محكمة اسرائيلية عسكرية. وفي تلك الاثناء كان الرجل المسلح "حسن القاضي" قد قتل في انفجار في رام الله في نيسان "ابريل" من العام نفسه. ولم يعرف ما اذا كان قد استهدف من قبل الاسرائيليين أم انه كان ضحية لقنبلة كان يتعامل معها في تلك اللحظة. واصبحت منى خلف القضبان قائدة ثورية للنساء الاسيرات وبطلة فلسطينية. أما بالنسبة للاسرائيليين فكانت تثير المشاكل. ففي 2004 أشعلت أعمالا احتجاجية مرتين في سجن شارون قرب نتانيا. وزعم حراس السجن انها اثارت الرعب في منطقة زنازين النساء بتهديدات عنيفة بمعاقبة كل من يتحداها. وفي 2006 تم نقلها بسبب ما قيل عن ضربها احدى الأسيرات. وقد نقل المسؤولون منى الى العزل الانفرادي بحجة انها كانت "أكثر فوضوية من الاندماج مع الاسيرات الأخريات". وفي 2007، بدات اضرابا عن الطعام للاحتجاج على عزلها وبقائها في الزنزانة 23 سلعة في اليوم. وفي حزيران/ يونيو 2008، تم نقلها الى سجن الدامون في الشمال. وتتشدد إسرائيل في رفضها لإطلاق سراح الأسيرة آمنة عبد الجواد منى، التي تقضي حكما بالسجن مدى الحياة، وتزعم أن جريمتها "بشعة جدا"، و"إن إطلاق سراحها ضمن صفقة تبادل الأسرى، سيغضب الكثير من الإسرائيليين". ويقول جيرالد ستينبرغ أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إتلان إن "ما فعلته منى وضعها على قائمة الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، لكن أيضا جعل إسرائيل تتمسك بعدم الإفراج عنها". وأضاف ستينبرغ زاعما "لقد ارتكبت جريمة بشعة، لكن إذا تم إطلاق سراحها فإنها ستستقبل "في أوساط الفلسطينيين" على أنها بطلة ورمز، وهذا بالضبط ما لا تريده إسرائيل.. وفي حال تم إطلاق سراحها، فسوف تطلب إسرائيل إبعادها".