ماء الصوناد صالح للشرب لكن التونسي تعود على شرب المياه المعلبة... مدير عام الصوناد يوضح    وزارة التشغيل : '' الشركات الأهلية ليست جمعيات خيرية وعلينا ضمان ديمومتها ''    عقوبات سجنية وخطايا مالية للاجانب والاشخاص المخالفين ، ابرز التنقيحات المقترحة في القانون المتعلق بحالة الاجانب بالبلاد التونسية    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    قفصة: تأثيرات إيجابية لتهاطل الأمطار على مواسم الزراعات الكبرى والغراسات المثمرة والخضروات والأعلاف    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    جندوبة: حريقان والحماية المدنية تمنع الكارثة    السلاطة المشوية وأمّك حورية ضمن أفضل السلطات حول العالم    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    قليبية: الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    عميد المحامين: نتعرّض للتحريض من قبل هؤلاء ما أدى لمحاولة قتل محام    رئيس منظمة إرشاد المستهلك: أسعار لحوم الضأن لدى القصابين خيالية    بقيمة 7 ملايين دينار: شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    عاجل/ غلاء أسعار الأضاحي: مفتي الجمهورية يحسمها    كأس تونس: تغيير موعد مواجهة مباراة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم لمرحلتي التتويج وتفادي النزول    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    الكشف عن توقيت مباراة أنس جابر و صوفيا كينين…برنامج النّقل التلفزي    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    كاس تونس لكرة القدم - تعيين مقابلات الدور ثمن النهائي    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فسلفة الطغيان (ح2) القابلية للإستبغال... دعوة للفهم
نشر في الحوار نت يوم 04 - 01 - 2010


فسلفة الطغيان الحلقة الثانية
الأستاذ عبد الحق محمد الحبيب إكوديان
! القابلية للإستبغال... دعوة للفهم

العنوان صادم في لغته, وأجد العذر للقارئ الكريم النبيه, لكن التعبير امتداد لمن سبقني زمنا فعبر عنه بالقابلية لإستعمار, وأقصد به فلتة عصره مالك بن نبي والمفكر علي شريعتي حين سماها القابلية للإستحمار, اختياري للبغل لأنه خلاصة بيولوجية لحيوانين فهو أكثر تنوعا وغنى. شيء واحد يميزه عن الحمار قوة ركلته حين يستفز لذلك أخشى أن اظلم البغل في تحليلي,وهي معاني ألفاظ تقود إلى معنى متساوق... وهو سر هذا الرضا المتبلد لدى شعوب كثيرة بحكم ظلامها وطغاتها بل وتصفيقها لهم في مواطن عدة وأيديهم ملطخة بدماء المستضعفين, وأجدني أعود إلى القرآن وقد لاحظ إخوة كثر أنني استشهد به, مجيبا إياهم أن السنن الأخلاقية لاتتغير{ فهل ينظرون إلاسنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا } صدق العدل الحكيم.
وعليه فأحداث القرون السالفة والحاضرة والتالية تحكمها نفس السنن والقوانين وإن تغيرت الأسماء والمسميات والأمكنة.
واستكمالا فشاهدنا على ثقافة العبودية وتحكمها في مواقف الشعوب قول الباري تعالى { فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين } فنال فرعون وسام الإستحقاق باستخفافه بعقول عبيده الذين يسمون زورا شعبه مع تنبيهنا أنه نصب نفسه ربهم الأعلى. ونال عبيده شهادة فسقهم فهم من ارتضوه صنما يعبد ورضوا حياة القطعان والسوائم.
حين أصبحت مطلع فتوتي ألازم الصلوات الخمس والجمعات بمسجد حينا, كان شيخ الحارة حين يدخل توضع له سجاة مصنوعة صوف الأغنام, وحدث مرة أن نسي المؤذن صنيعه المعتاد فوجد مكانه قد شغل من قبل أحد بسطاء العوام فكان أن لكزه بقدمه{ صنيع جبلة ابن الأيهم بالأعرابي الفزاري وهو بجوار الكعبة حين صفعه نظير تمزيق ثيابه الفاخرة. فغلبته فرعونيته وتوارت حداثة إسلامه وقصته معروفة مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه} وكادت تحدث فتنة لولا تدخل أهل الخير, ومقصد الإستشهاد هو أن سلوك شيخ الحارة مرده أن الناس عودته سلوكا صنع منه طاغية صغيرا, ففطامه صعب, ويحضرني موقف مخالف لعلي عزت بيجوفيتش رئيس البوسنة والهرسك ورمز تحررها رحمه اللله... أتى الجمعة متأخرا فطفق الناس يوسعون له كي يلحق أول الصف فقابلهم بامتعاض قائلا جملة من حكم الزمان: هكذا تصنعون الطغاة.
والجريمة دبرت بليل حين تم اغتيال الراشدين الثلاثة رضي الله عنهم واغتصب الحكم من الأمة, ووظف الطغاة بعض الفقهاء ليبرروا حكم الظلمة بحجة الحفاظ على بيضة الأمة, ثم تشجيع مذهب الجبر بفعل بعض الثقافات الدخيلة على الأمة زمن اختلاط العرب بالعجم ودخول ثقافة الحكم على شاكلة الفرس والروم وغيرهم. فنزع عن الإنسان صفة الإختيار.. وكأن الإستبداد قدر لايرد وباسمه ذبح الحجاج ابن جبير, وجلد مالك بن أنس وابن حنبل وصلب ابن الزبير رضي الله عنهم وقصفت الكعبة المشرفة .وكعادة الطغاة استعانوا بآلة دعائية تناسب زمانهم فكان جرير والأخطل والفرزذق يتولون تكريس القابلية للخضوع بنظمهم لقصائد النفاق مقابل دريهمات يلتقطونها على عتبات القصور. كما تفعل بعض منابر الإعلام التي تسبح بحمد الطغاة وتمارس أشد الجرائم بشاعة في حق المغلوبين فيزدادوا خضوعا وقبولا لتوزيع مصيرهم على عائلات وقبائل فكرية وعرقية وطائفية.
طبيعة المقالات قد لاتسمح لي بالإطناب في البحث عن جذور هذه القابلية السلبية الفكرية ومن تصدى لها من المفكرين بداية من ابن القيم وابن تيميية والفارابي وابن خلدون وغيرهم.. فهو موضوع بحث مستقل بحول الله,فلايصيبن القارئ العجب حين يلحظ تفشي الخداع والنفاق وقيم المكر والإحتيال في أوطان الإستبداد وقلب مفهوم الرجولة فيمن يحسن قنص المغفلين ويلحس أقدام أسياده ويتمسح بأعتابهم, ويشتغل بالمقابل أو المجان لطحن البقية الباقية من مشاعر الإباء والكرامة لدى بعض أحرار البلد, ولعل سر إبادة الهنود الحمر هو أن قتلتهم لقطاء هالهم الإنسجام النفسي والمجتمعي والإباء في شخصية الهندي الأحمر لأنه يذكرهم بوضاعتهم بوصفهم محتلين مقطوعي الجذور. إن أغلب المستضعفين حين يطلبون حقا يتذللون كأن الحق نعمة الطاغية عليهم وهو حقهم شرعا وواقعا, وكم يحزنني ويضحكني أن تجد بعض الدعاة يعتبر الطغاة غضب الله على المستضعفين حتى يقنعهم بالصبر وهو حق أريد به باطل , فالطاغية نبت شعبه ولم يلقى عليه كمائدة عيسى عليه السماء, وذل الناس وصمتهم و وخشيتهم من بطش الطاغية هو الذي يزيده انتفاخا وتملق المتملقين كقول الشاعر ابن هانئ الأندلسي لأحد الطغاة {فاحكم فانت الواحد القهار}
يظن الظلمة أنهم مجرة على الناس أن تلتف حولهم مسبحة وممجدة وأنهم معصومون فلاراد لهم وتتضخم تلك الغدة السرطانية المستبدة بفعل قابلية شعوبهم وتخاذلها وصمت أهل الحق وتآمر دهماء الطغاة المسون زورا بالعلماء.
الظلم ليس قدرا مقدوار أو داء مستعصي العلاج, سيد الأحرار محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قاد دعوة الحق وأسقط عروش الطغاة وناصره قوم لديهم قابلية لإصلاح ونفوس تواقة للحرية عبر عنها الربعي بن مالك رضي الله عنه{ أخرجنا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد} وهو السر في كون العرب عشقوا العيش في الصحراء لأنه أدركوا قيمة مهمة .. هي الحرية.. التي يخشاها أحبار الإستبداد وسدنته.إن سنة الله الماضية أن الليل لابد له من فجر , فحين نتحدث عن القابلية للإستعباد فهو ليس خطابا تعميميا سوداويا , بل هو صيحة المؤذن عند الفجر الصلاة خير من النوم... وكأني أرى خيول الحرية تنفلت من عقالها وساعة البداية الحضارية دقت عقاربها وإني إذ أحسن الظن بأمتنا فلعلهم يتمثلون قول الشاعر
أجل إنني أنحني
فاشهدوا ذلتي الباسلة
فلاتنحني الشمس إلا لتبلغ قلب السماء
ولاتنحني السنبلة إذا لم تكن مثقلة
ولكنها ساعة الإنحناء تواري بذور البقاء
فتخفي برحم الثرى صحوة مقبلة
مع اعتذاري للشاعر أحمد مطر فقد أبدلت كلمة ثورة بصحوة لحساسيتي من لغة الإنقلابات وانتصاري للإصلاح الهادئ . حين يقابل الطاغية من يقول له لا, ويرفض التذويب والمسخ ويتحدى المشانق والإرهاب وويغلب قيم العزة والحرية , ويقدم البديل في ذاته وأسرته ومحيطه إذ ذاك سنشهد كيف تأكل دابة الأرض منسأة الطغاة . واترككم مع هذه القصة من تراث الصين...
يروى أن الحكيم الصيني كونفوشيوش كان سائراً ذات يوم في نفر من تلاميذه عند سفح جبل {تاي} فوجد امرأة تنوح على قبر، فأسرع المسير إليها، وعندما أقبل عليها بعث بتلميذه (تزي لو) يسألها ما خطبها. فدنا منهاقائلا: إنك تنوحين نواح من اصابتها نوائب عدة، فقالت: أصبت، إن وحشاً افترس أبي هنا، وبعده زوجي، وها هو ذا ابني يلقى نفس المصير، فقال الحكيم: ولم لا تبرحين المكان وتلجئين لغيره فأجابته: لأنه لا يوجد مستبد هنا، فعقب الحكيم: أذكروا هذا واحفظوه، إن المستبد شر من الوحوش المفترسة.
أجارني الله وإياكم من الوحوش وأظلنا بفيء الحرية ورزقنا سكنى جنانه آمين و للحديث بقية, وكل عام والظلم إلى زوال مع خالص المحبة والتقدير .
الأستاذ عبد الحق محمد الحبيب إكوديان
ناشط في حقل الدعوة والعمل الخيري بإيطاليا.
تورينو 04 – 01 – 2010 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.