لم تكد تنتهي أزمة "بائعة الفصفص" التي نشبت بين الداعية السعودي "عائض القرني" والمعترضين عليه من الكتّاب والمثقفين السعوديين، حتى جدد الداعية فتواه القديمة القائلة ب"جواز كشف المرأة وجهها"، وهو ما قد يمهد الطريق لدخول القرني في أزمة جديدة، لكن هذه المرة مع الدعاة والشيوخ الرافضين لفتواه. وكان القرني قد أطلق قبل نحو سنتين فتوى تجيز كشف المرأة لوجهها، وهو ما أدى في حينه إلى نشوب أزمة بينه وبين الدعاة والشيوخ السعوديين المعارضين لنص فتواه، قبل أن يتراجع القرني عن فتواه وينزع فتيل الأزمة. لكن يبدو أن الأزمة القديمة قد تتجدد مرة ثانية، حيث أفتى القرني السائلة أم عبد الرحمن في برنامجه على قناة "اقرأ" مؤخرا بجواز كشف المرأة المغتربة وجهها في حال تعرضها لمضايقات.
وجاء ذلك ردًّا على سؤال أم عبد الرحمن التي قالت إنها طالبة تدرس في بريطانيا، وتسأل عن حكم كشفها وجهها مع الاحتفاظ بالحجاب، فأجاب الشيخ عائض بأن "كشف الوجه جائز وواسع وهي فتوى عند الشافعية والأحناف والمالكية". خلاف بين الفقهاء وتعود قضية "كشف المرأة وجهها" إلى رأي قديم بين الفقهاء، اختلفوا فيه، عما إذا كان يُشرع للمرأة كشف وجهها إذا كانت أمام الرجال الأجانب أم لا، واشتهر في العصر الحديث رأي علامة الحديث الراحل "ناصر الدين الألباني"، الذي قال بجواز كشف الوجه. ومع أن معظم العلماء متفقون على جواز الكشف عند الضرورة، فإن الحديث مجدداً من القرني الذي صاحب كل تصريح له جدل واسع، قد يثير ردود أفعال تتجاوز الفتوى الفقهية إلى أبعادها وظروفها المكانية والزمانية. وكانت أزمة كبيرة قد بدأت بين الداعية عائض القرني، وعدد كبير من الكتّاب والمثقفين السعوديين قبل نحو أسبوعين عندما وجه الكاتبان السعوديان قينان الغامدي وعبده خال انتقادات لاذعة لقصيدة الشيخ القرني الشهيرة (لا اله إلا الله) التي غناها الفنان محمد عبده؛ حيث وصفها الأول بأنها "لا ترتقي لمستوى الشعر ولو كنت مكان محمد عبده لرفضتها"، بينما اعتبر الثاني أن القصيدة "لا تحمل شاعرية ولا تسمى شعرا، وإنما نظم شريف". ورد الدكتور القرني على هذه الانتقادات بالقول: "الغامدي وخال لا يستطيعان تقييم القصيدة؛ لأنهما ليسا شاعرين"، وأضاف في برنامج تلفزيوني أذيع على قناة "دليل" يوم 4-9-2009: "كيف ينتقدان القصيدة.. ولو أحضرنا عجوزا نيجيرية تبيع الفصفص (اللب) لعرفت في الشعر أفضل منهما". هذا الرد الصارخ على قينان وخال الذي أعاد القرني نشره في مقال نشر بجريدة المدينة يوم 5- 9-2009، فتح الباب على مصراعيه لحملة انتقادات ضد القرني شملت أغلب الصحف السعودية. ولم تنته الأزمة إلا بعد أن قدم القرني اعتذاره ل"بائعة الفصفص النيجيرية"، نافيا أن يكون قصد من تصريحاته السخرية منها، وأوضح أن القصد من ذكر اسمها في تصريحاته جاء من باب أن بيعها للفصفص أشغلها عن نظم الشعر.