باريس - في دعوة هي الأولى من نوعها طالب المنتدى الفرنسي للأئمة بمنع النقاب في فرنسا بقوة القانون، على اعتبار أنه يخالف القوانين الفرنسية ولا علاقة له بالشريعة الإسلامية ولا يخدم حتى الأقلية المسلمة في فرنسا أو في الغرب بشكل عام، فيما رد اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا على تلك الدعوة بأنها لا تحل "ظاهرة الإسلاموفوبيا" بفرنسا فضلا عن كونها ما كان "يجب أن تصدر من أئمة مسلمين". وفي تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت"، قال حسن شلغومي رئيس المنتدى الفرنسي للأئمة: "أمام حالة الصمت العام التي سادت المنظمات المسلمة بفرنسا حملنا على عاتقنا مسئولية وقف كل هذا التشويه للإسلام واستعمال قضية النقاب من أجل مزيد التضييق على المسلمين". وأضاف: "الموقف الذي اتخذناه يرتبط بالواقع الخاص الذي يعيشه المسلمون في فرنسا والغرب عامة وهو لا ينطبق على قضية النقاب في مناطق أخرى من العالم كمنطقة الخليج ومصر وغيرها من البلدان". ومن المنتظر أن تصدر اللجنة البرلمانية حول قضية النقاب تقريرها النهائي يوم الثلاثاء القادم، وسط توقعات بأن تدعو اللجنة إلى وضع قانون لمنع النقاب في الأماكن العامة بفرنسا. وأفاد شلغومي: "أمام حالة التشويه العام التي لحقت المسلمين وكل هذا الجدل عديم الجدوى بالنسبة للأقلية المسلمة الفرنسية من أجل قضية يجمع غالبية علماء الأمة أنها ليست بفرض ديني فإننا نساند أي قانون يمنع النقاب بفرنسا لأن هذا المظهر لا يعبر عن الإسلام ولا عن المسلمين ولا حتى عن مكانة المرأة في الإسلام التي كرمها القران الكريم، وجعل النساء في الحديث النبوي الشريف بمثابة شقائق الرجال". وتأسس المنتدى الفرنسي للأئمة في صيف سنة 2009 من قبل عشرات الأئمة، وانتخب حسن شلغومي رئيسا له، حيث برز كأحد الأئمة الصاعدين في المنطقة 93 في شمال العاصمة الفرنسية باريس إلى الحد الذي دفع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى استقباله في قصر الإليزيه باعتباره يمثل هذا الوجه الجديد "للإسلام الفرنسي" حيث من المنتظر أن يصدر شلغومي قريبا كتابا تحت عنوان "الإمام الجمهوري" (يتبنى مبادئ الجمهورية). واعتبر رئيس المنتدى الفرنسي أنه بسبب هذا اللباس الأسود و النقاب الذي يغطي كل شيء "أصبح مسلمو فرنسا والغرب عموما في موقف لا يحسدون عليه وأصبحت الصورة عنهم سوداء سواء في وسائل الإعلام أو لدى الرأي العام"، على حد تعبيره. وأضاف "زاد مستوى الاعتداءات على المساجد و التضييق على المحجبات في الشوارع بالرغم من أن الجميع يجمع أن هذا المظهر أي النقاب هو مظهر لا علاقة له بحضارة الإسلام". ورأى شلغومي أن مصلحة المسلمين تقتضي "إصدار موقف واضح" في المسألة بعيدا عن الحسابات "الضيقة" التي ترتبط مصالح بعض المنظمات المسلمة هنا ببعض البلدان الخليجية. وقال: "غالبية مسئولي الأقلية المسلمة بفرنسا مقتنعون أن الجدل حول النقاب فضلا عن كونه مظهرا لا علاقة له بالشريعة الإسلامية فإنه أضر بشكل فادح بصورة المسلمين"، وتابع: "هناك مسئولون يحجمون عن التعبير عن رفضهم لهذا المظهر الغريب عن الإسلام بصراحة ووضوح لارتباطاتهم بمصالح هذا البلد أو ذاك أو لهذا التيار أو ذاك". "دعوة غير محسوبة" في المقابل، اعتبر اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا أن دعوة المنتدى الفرنسي للأمة لمساندة قانون لمنع النقاب، هي دعوة "غير محسوبة" ولا "تحل مشكلة الإسلاموفوبيا" بفرنسا. وقال فؤاد علوي رئيس الاتحاد: "لقد حضرنا في اتحاد المنظمات الإسلامية باعتبارنا ممثلين عن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ثلاث مرات في أعمال اللجنة البرلمانية المتعلقة بقضية النقاب وأوضحنا لهم موقفنا بأن هناك دواعي نفهمها في ضرورة أن تعرف المنقبة بنفسها لضرورات أمنية وإدارية عند التثبت من كونها حاملة لبطاقة نقل صحيحة في وسائل النقل العمومية". واستدرك قائلا: "لكن منع المنقبات في ما عدا ذلك أي في الشوارع مثلا، فيه إشكال بين التوفيق بين قداسة الحريات الشخصية ومن بينها حرية اللباس وبين الاعتبارات الأخرى". وأضاف: "لهذا السبب، نعبر عن تخوفاتنا مما يمكن أن ينجر على منع عام للنقاب في الفضاء العام من تقوية لخطاب اليمين المتطرف وظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل عام وللتضييق على المسلمين في فرنسا". وحول دعوة منتدى الأئمة لمنع النقاب، قال علوي: "من المفارقات أن أصحاب الديانات الأخرى من يهود ومسيحيين وغيرهم رفضوا الدعوة إلى منع النقاب واحتفظوا بآرائهم حتى لا يقع فهم الأمر على كونه مسا بمشاعر المسلمين وأن تصدر مثل هذه الدعوة (من إمام)". وأضاف: "الأمر يعتبر في نظرنا خطوة غير محسوبة العواقب فضلا عن كونها لن توقف ظاهرة الإسلاموفوبيا ولن تحل المشكلة بل تعقدها". وكان محمد موساوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (الممثل الرسمي للإسلام بفرنسا) قد عبر في وقت سابق في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت" عن أنه "لا يساند سن قانون يمنع النقاب في الشوارع باعتباره مسا بالحريات الشخصية"، ودعا المجلس بدل ذلك إلى "اعتماد أسلوب تربوي من أجل إقناع النساء المنقبات بضرورة التخلي عن مثل هذا الزي لأنه ليس من رأي غالبية علماء الأمة".