عاجل/ من بينها ليبيا والجزائر: ترامب يفرض رسوما على هذه الدول ويوجّه لها هذه الرسائل    الكشف عن تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان هرقلة الدولي    جلسة عمل بوزارة الأسرة تناقش مشروع خطة العمل الوطنية حول التماسك الأسري في أفق 2035    الليلة: البحر شديد الإضطراب وأمطار بهذه المناطق    بورصة تونس يقفل حصة الأربعاء على ارتفاع بنسبة 0،46 بالمائة    الإعلان عن تنظيم المهرجان الدولي لموسيقى الراب    نور القمر تعلن انسحابها من افتتاح قرطاج: "تجاهل غير مهني... واحترام الجمهور أولاً"    الذهب ولّى حلم! صياغة العروسة التونسية توصل للملاين...شوف التفاصيل    حكم بحبس أنشيلوتي لمدة عام    ليون باق في الدوري الفرنسي بعد قبول استئنافه    مستقبل المرسى يتعاقد مع اللاعبين حمزة رباعي وتاج إسلام سالم    وزارة السياحة تمنع مسؤولي النزل ووكالات الأسفار من التدخل في لباس المصطافين    ن حاول فقْءَ عين زوجته اليمنى... الاحتفاظ بشخص من أجل "الاعتداء بالعنف الشديد على القرين الناجم عنه سقوط"    صادم بهذه الجهة: رفضته فأطلق النحل في حفل زفافها!!    قريبا: السباحة دون احترام القوانين؟ قد تُكلّفك 10 ملاين!    قانون جديد بش ينظم البيع على الإنترنت... وآلاف التوانسة معنيين!    المظلّة القابسية: أسعارها وأنواعها...تفاصيل تهمّك في هذا الحرّ    ''فاكهة التنين'' تغزو تونس: مشروع ضخم ب30 ألف شجرة في المنستير!    إدارة مهرجان قرطاج الدولي تُلغي عرض الفنانة الفرنسية "هيلين سيغارا"    وضعية Fan في المكيّف: هل فعلاً تساهم في تقليل استهلاك الكهرباء؟    مخاطر تجاهل نظافة ''البيسين'': صحتك وصحة عائلتك في خطر    الحماية المدنية تحذر من السباحة اليوم بسبب هبوب رياح قوية    أيام إعلامية وطنية حول التوجيه الجامعي لسنة 2025 من 17 الى 19 جويلية الجاري بمدينة العلوم بتونس (وزارة التعليم العالي)    دورة الصداقة الافريقية لكرة الطائرة تحت 19 عاما: نتائج مباريات المنتخب التونسي    نادي فيتا كلوب الكونغولي يتعاقد مع المدرب التونسي صابر بن جبرية    أول تعليق للكرملين على تسريبات "تهديد ترامب بضرب موسكو"    استرجاع عقار ببن قردان مستغل بغير الصيغ القانونية    قيمة صادرات النسيج والملابس تزيد بنسبة 2،61 بالمائة إلى موفى ماي 2025    منوبة: اتخاذ قرارات رادعة لمنع الضجيج والانتصاب الفوضوي وإشغال الطريق العام    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي يوم غد بهذه المناطق..#خبر_عاجل    بداية من منتصف النهار: إعلان نتائج هذه المناظرات الوطنية..#خبر_عاجل    ألكاراز يتغلب على نوري ويتأهل لقبل نهائي ويمبلدون    عاجل/ نتنياهو: هناك فرصة جيّدة لهدنة ب60 يوم في غزة    لأوّل مرّة: حيوان بحري نادر يظهر بشاطئ سيدي علي المكي.. #خبر_عاجل    جندوبة: رحلة سياحية رابعة تحط بمطار طبرقة عين دراهم الدولي    بعد حذف معلّقة "سان ليفان" من برمجته: مهرجان قرطاج الدولي يكشف ويُوضّح..    مهرجان تستور الدولي... كان صرحا فهوى!    وزارة السياحة تمنع التدخل في لباس المصطافين وتمنع البيع المشروط    الحماية المدنية : 576 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    باحثون أمريكيون يطورون اختبارا جديدا للدم يكشف الإصابة بالسرطان في مراحل مبكرة    بعد اتهامها بعدم سداد 50 ألف يورو.. غادة عبد الرازق تخرج عن صمتها وتكشف حقيقة ما حدث في باريس!    أوجلان: الكفاح المسلح ضد تركيا انتهى    القصرين: خط نقل بلدي جديد بين "عين نوبة" و"المن&1704;ار" يدخل اليوم حيّز الاستغلال التجريبي    عاجل/ من بينهم أطفال: استشهاد 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خان يونس..    عمي رضوان: ''الكره المجاني والسبّ على الفيسبوك يؤلمني''    وداعًا للشهيلي مؤقتًا...تيارات أوروبية باردة تخفّض الحرارة في تونس!    اليوم كلاسيكو نار في نصف نهائي مونديال الأندية: التوقيت والقنوات الناقلة    كأس العالم للأندية لكرة القدم: تشلسي يحجز بطاقة النهائي بتغلبه على فلوميننسي 2-صفر    جزيئات بلاستيكية وراء آلاف الوفيات بأمراض القلب في العالم    دواء موجود قدامنا وما كناش نعرفو؟ السر في حليب الجمل    موقع "واللاه" العبري: السعودية أفشلت مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة.. ترامب يوقف المشروع    رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية: مصير المتبقي من اليورانيوم الإيراني العالي التخصيب لا يزال غامضا    العراق.. اشتباكات مسلحة عنيفة بين عشيرة كردية والبيشمركة في أربيل    عادات وتقاليد..عاشوراء في سدادة بوهلال .. موروث حي تنقله الذاكرة الشعبية    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظهير البربري والظاهرة الأمازيغية
نشر في الحوار نت يوم 30 - 01 - 2010


الحلقة الأولى: تقديم

د. أحمد دخيسي

استطاع الغرب بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية أن يفرض منظوره الخاص فيما يتعلق بالديمقراطية، حقوق الإنسان، المجتمع المدني، الإرهاب...واستطاع أن يفرض كل هذه الأمور على أنها مرجعية كونية لا تقبل التجزئة رغم أنّ تلك المنظومة من حقوق الإنسان لم تجرّم الاستعمار باعتباره أبشع انتهاك للحق الإنساني عرفه التاريخ. السبب هو أنّ الدول التي صاغت المنظمة الحقوقية "الكونية" هي المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وتلك الدول ليس لها أدنى رصيد أخلاقي لتجريم الاحتلال. ففرنسا مثلا قتلت مليون مدني جزائري وأقامت تجارب نووية في صحراء الجزائر. أما بريطانيا، المملكة العظمى "التي لا تغيب عنها الشمس"، فكانت وراء أكبر مأساة تعيشها الأمة الإسلامية ولا تزال بزرعها الكيان الصهيوني في قلب الأمة، في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين فضلا عن ماضيها في الاستعمار والتقسيم. في حين أنّ أمريكا "زعيمة العالم الحر" قامت على أطلال حضارة عريقة لعشرين مليونا من الهنود الحمر، واستجلاب عدد كبير من الأفارقة السود عبيدا ليخدموا الرجل الأبيض الحر النبيل، ثم المساندة اللامحدودة حد التماهي للكيان الصهيوني في كل جرائمه ومجازره فضلا عن احتلال وقصف بلدان إسلامية كثيرة (العراق، أفغانستان، السودان، الصومال...).

ولما كان الوجود العسكري الدائم والجيوش الجرارة مكلِّفا في العتاد والأرواح، اعتمدت الدول الاستكبارية أساليب أخرى أقل تكلفة وأشد فتكا عبر النخب المغربة في البلدان الإسلامية التي تؤتمن على تنفيذ المخططات)1(وتكريس التبعية.

كان لا بدّ للمستعمر، قبل أن يخرج بجيشه من أجزاء الأمة أن يقسم جسدها إلى كيانات زيتية تفصلها حدود سياسية مصطنعة. كل كيان يُعلَن دولة وطنية مستقلة كاملة السيادة فأُعيد بذلك تشكيل ملامح الأمة وخريطتها على أساس كيانات مشلولة معادية لبعضها البعض تابعة دائمة لسيدها الأول الذي تجمعه بها أواصر تاريخية مهمة)2(.

الآن لم يعد ممكنا إخفاء أزمة الشرعية للنظام السياسي العربي الذي أفرزته مرحلة ما بعد "الاستقلال" حيث عاشت الشعوب طوال هذه الفترة على هامش الحياة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى ما يسميه د. سامي الخزندار "بالتعارض ما بين الانتماء الثقافي والأيديولوجي للشعب وللأمة وما بين الانتماء الثقافي والأيديولوجي للسلطة الحاكمة. فالشعب يغلب عليه الانتماء الحضاري العربي والإسلامي، في حين أنّ السلطة السياسية يغلب عليها الانتماء الثقافي الغربي." كما أنّ الحدود القفصية بين البلدان الإسلامية لم ترسم على أسس موضوعية واضحة، إنما هي حدود سياسية تمزّق أطراف الكيان الواحد، فُرضت قصرا بموجب اتفاقيات استعمارية (إكس ليبان، سايكس بيكو). ففي الوقت الذي يتجه فيه الغرب نحو الاندماج والتكتل، تتجه البلدان العربية والإسلامية نحو التشظي والانشطار إلى كيانات تزيد من خروق الثوب الواحد. أما اليوم فقد بلغت الإهانة الميغاإمبريالية)3( حدا لا يطاق وتعرضت المجتمعات الإسلامية لهزات عنيفة بسبب الاستشراق والتبشير والحروب الصليبية والاستعمار المباشر. كما أصبحنا نرى اليوم كيانات وهمية تتناسل كالفطريات متغنية بهوية مميزة يجب الحفاظ عليها باسم المواثيق الدولية للحقوق السياسية والمدنية للأمم المتحدة. ليس هناك قطر من أقطار الأمة خال من ذلك، مسألة دارفور في السودان، الصحراء في المغرب، المسألة الكردية في العراق والتقسيم الطائفي، المشروع الطائفي في لبنان، المسألة الأمازيغية في المغرب والجزائر، قضية فلسطين المركزية، مشاكل الحدود بين كثير من الأقطار... حتى أننا نجد علاقة بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني أفضل بكثير من علاقتها مع دول عربية وإسلامية أخرى.

الآن، وبعد ستة عقود من الاستقلال أو تزيد، هل قطعت دولة الاستقلال)4(مع الاستعمار؟ هل تحقق الأمن الثقافي، الحضاري والاقتصادي موازاة مع تشكل القطر السياسي؟ هل هذا القطر يولي أهمية للأمن الحضاري مثلما ينهمك في بناء وحفظ أمنه القومي؟ هل الصراعات الداخلية في الدول العربية مجرد تعبير عن حراك داخلي تجلى في الواقع الذي فرضته الأنظمة الحاكمة المستبدة، أم أنّ المسألة استمرار للحبل الذي فتله ويفتله المستعمر وهو يلعب بمهارة على الفسيفساء والخصوصيات الثقافية والأقليات والاحتقانات الاجتماعية واستغلال ذلك في اتجاه خلق صراعات داخلية وإدامتها؟ هل هي مجرد ثورات سياسية في وجه الحاكم المستبد ضد الجوع والمرض والتهميش؟

لابد من التأكيد على أنّه لا يمكن التفريق بين تحقيق الأمن بمفهومه الأمني وبين تحقيق الأمن الاقتصادي والحضاري. هذا الأخير إن وجدت فيه ثغرات منها ينفذ المسخ والاستلاب وبالتالي يكون الحديث عن التنمية الاقتصادية هراء وهرطقة. لقد تم زرع الكثير من الألغام الثقافية لتغذية الصراعات العرقية الطائفية والسياسية لإبقاء المجتمع الواحد رهين التشرذم بشكل يستنزف كل قواه ويهدر طاقاته.

كثير من المشاكل الداخلية المصطنعة دُوِّلت فأتاحت لدول كبرى التدخل لتقعيد الصراع وتعقيده ومن ثمة إطالة أمده، فكثيرا ما تقاطعت مشاكل الصراع مع مصالح الكبار الذين يجيدون اختلاق الأزمات والركوب عليها وهذا ما أبقى الأمة على التشتت وحراسة الحدود السياسية والانهماك في الأزمات الداخليةبدل التخطيط للتنمية الحقيقية ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون:53].

في ظل هذه الظروف، لا يمكن فصل المسألة الأمازيغية عن هذه "المشاكل الداخلية المصطنعة" التي ظهرت كظاهرة بفعل التدويل أكثر من كونها حراكا اجتماعيا لا يريد أكثر من تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. بالتالي فالموضوع يكتسي أهميته خاصة في الآونة الأخيرة التي كثر فيها اللغط واللغو حول المسألة الأمازيغية وتوظيفها في اتجاهات معينة.

من نافلة القول التذكير أنّ تناول هذا الموضوع ليس بدوافع أيديولوجية ولا لتسجيل مواقف سياسية ولا حتى من باب الترف الأكاديمي والتخمة الثقافية، بل هي الضرورة الدعوية التي تقتضي المساهمة في الفكر الإسلامي ونقد التيارات التغريبية بما فيها الحركة الثقافية الأمازيغية. كما يجب التذكير أنّ موضوع الدراسة والنقد ليس الأمازيغية لغة وثقافة وحضارة، الموضوع هو الحركة الأمازيغية التي أريد لها بفعلة فاعل أن تكون شقاقا بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد. كل هذا الغبار الذي أثارته هذه الحركة حول نفسها دليل على التخبط والتوظيف الخارجي. عندما تواجه هذه الحركة بالأسئلة التي لا تهتم بها، سينكشف القناع وسيتبين ما كان تحتها: فرس أم حمار.

في الحلقة الثانية إن شاء الله، نتطرق لمطالب الحركة الثقافية الأمازيغية بين الثقافي والسياسي.

---------------------------------
الهوامش:

1- الحكم الإسلامي بين النقض والإبرام، محمد دحان. ص91.

2- الإسلام وتحديات الانحطاط المعاصر، منير شفيق. ص77-78.

3- الإهانة في عهد الميغاإمبريالية، المهدي المنجرة. ص155-156-157.

4- جغرافية الفكر، ريتشارد نيست. ص312.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.