في صدى لاستفتاء حظر المآذن بسويسرا، تشهد إحدى المدن الألمانية شدا وجذبا بين مسلميها وبعض السكان الآخرين حول بناء مئذنة لأحد المساجد؛ حيث يتحجج معارضو المئذنة بأنها "تشوه" جمال المدينة، وتبدو كغريب "يتسلل" على مدينتهم. وفي حديث لصحيفة "التايمز" البريطانية، الخميس 11-2-2010، قال كريستوف جوتشالك (60 عاما)، وهو تاجر مؤيد لبناء المئذنة بمدينة فولكلينجن الواقعة غرب ألمانيا: "إذا كانت أبنيتهم (المساجد) موافقة للقوانين، فلن يستطيع أحد أن يمنعهم"، لافتاً إلى أن "بعض الناس يقولون إنهم ضد المآذن لأسباب جمالية، ولكني أعتقد أنها حجة غبية؛ لأن مدينة فولكلينجن شمال غرب البلاد، هي واحدة من أبشع المدن في أوروبا كلها". وفي المقابل ترتفع أصوات برفض بناء المئذنة، معتبرين في اجتماع عقده بعض السكان المحليين بهذا الشأن أن المئذنة المقرر أن تكون بارتفاع 8 أمتار "تتسلل على مجتمعهم". ويربط عمدة المدينة، كلاوس لورج، بين هذا الجدل الدائر حول المئذنة والاستفتاء الذي جرى في سويسرا وانتهى إلى حظر بناء المآذن. وقال: "أعتقد أن هناك صلة بما حدث للمآذن في سويسرا.. بعض الألمان يسألونني: لماذا لا يكون لنا الحق في أن نقرر ما نريد في مدينتنا كما فعل السويسريون؟ وأرد عليهم بأن هذه المدينة لكل سكانها". ورغم ذلك ناشد العمدة ممثلي المسلمين في المدينة سحب طلبهم ببناء المئذنة، وهو ما ردوا عليه بأنه لا يوجد أي سند قانوني لرفض بناء المئذنة، وحذروا من أنهم قد يلجئون إلى المحكمة إذا رفض طلبهم. وقالوا على لسان عدنان أتاكلي، رئيس جمعية المسلمين الأتراك: "إنه حقنا الذي يكفله لنا النظام الديمقراطي، أن يكون لنا مساجدنا كما للمسيحيين كنائسهم.. الكنائس لديها أبراجها، والمسجد يجب أن يكون له مئذنته". وظهر تأثير استفتاء سويسرا بشكل واضح في قيام الحزب الوطني الديمقراطي اليميني المتطرف بالدعوة لإجراء استفتاء مماثل، وذلك رغم أن الحزب له عضوان فقط من 51 عضوا بمجلس مدينة فولكلينجن. وسبق أن كشف استطلاع للرأي أن غالبية الألمان ترفض حظر بناء مآذن المساجد في بلادهم. ويشكل المسلمون في مدينة فولكلينجن نحو 5% من إجمالي السكان البالغ عددهم 40 ألف نسمة. ويصل عدد مسلمي ألمانيا ككل إلى نحو 3.5 ملايين نسمة، 3 ملايين منهم من أصل تركي (وهم أكبر أقلية في ألمانيا) و280 ألفا من أصل عربي، من بين 82 مليون نسمة هم تعداد سكان البلاد. ومثلهم مثل الكثير من مسلمي أوروبا، يجتاح القلق الأقلية المسلمة في ألمانيا، برغم ما تمتاز به من حريات، من انتشار مظاهر التعصب الديني ضدها، والتي شهدت تصاعدا في الشهور الأخيرة، وتجلَّت في مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني على يد متطرف من أصل روسي بسبب حجابها، وكذلك نشوب جدل حول سماح المحاكم الدستورية في برلين للطلبة المسلمين بالصلاة في المدارس خلال اليوم الدراسي. ورغم هذا القلق فإن الأقلية المسلمة في هذا البلد الأوروبي لا تتوقف عن محاولة الاندماج في المجتمع وتعريفه بصحيح دينها، وكان ثمرة ذلك فوز 15 مسلما بمقاعد في البرلمان للمرة الأولى في الانتخابات الأخيرة.