قال السيد الطراولي في مقاله عن جذور الإستبداد سقطة الفقهاء قبل السقوط الحضاري لم يكن هذا الانحراف الفقهي نحو شرعية سلطة الاستيلاء وحكم المستبد العادل إلا نتيجة لهشاشة الشرعيات الأولى التي اجتمع عليها الفقهاء وهي ولاية العهد وبيعة أهل الحل والعقد، وإذا كانت الأولى غير محسوم أمرها ولو مثلها الصدر الأول من الإسلام في تداول السلطة بين الراشدين حيث اعتبرها عمر رضي الله عنه فلتة وقى الله المسلمين من شرها، فإنها لم تكن بين الأب وأبناءه ولكن كانت خارج الشجرة العائلية، بل أن عمر استبعد ابنه منها رغم صلاحيته لها قلت في كلام سابق للسيد خالد الطراولي تكلم فيه عن الثلاثية التي يعتمدها في قراءة مقال أو كتابته وهي الفكرة والمنهج واللغة فأين يضع قوله هنا بأن عمر قال عن ولاية العهد كانت فلتة وقى الله شرها والصحيح أن عمر قال عن بيعة أبي بكر فلتة وليس عن ولاية العهد ثم أن تولية أبي بكر لعمر كانت بعد مشورة كبار الصحابة وهذا لم يشر إليه الدكتور ليقع الخلط بين تولية عمر التي كانت عن مشورة وبين ولاية العهد التي تطورت فيما بعد قوله( فإنها لم تكن بين الأب وأبناءه .ولكن كانت خارج الشجرة العائلية) كلمة حق ولكن لاتكفي في توضيح ما أوهمه كلامه السابق أما قوله في الأول لم يكن هذا الانحراف الفقهي نحو شرعية سلطة الاستيلاء وحكم المستبد العادل إلا نتيجة لهشاشة الشرعيات الأولى التي يظهر من الكلام الذي بعده أنه يصف فترة الراشدين بالإنحراف الفقهي وسلطة الإستيلاء وبهشاشة الشرعية وهذا لاأعتقد حقيقة أنه يعتقده ولكنه كان عليه أن يفصل بين ماقدم وبين ماأخر أو يوضح أو يذكر على الأقل مايفيد أن كلامه يعود على مابعد فترة الخلفاء الراشدين حتى لايلبس على الناس قال السيد الطراولي لقد كانت تجربة الراشدين فريدة ورائدة يصعب تكرارها خارج إطار المؤسسة المغيبة، لقد كانت كل التجربة فلتة حمتها ثلاثية يصعب إن لم يستحل تجددها قلت الظاهر أن الدكتور اختلط عليه معنى فلتة بين الدارجة التونسية وبين معناها في لغة العرب لأن فترة الراشدين لم تكن كلها فلتة لأن الفلتة تأتي بمعنى الفجاءة في الأمر والسرعة فيه وهذا لم يحصل إلا في بيعة أبي بكر رضي الله عنه قال السيد الطراولي أما بيعة أهل الحل والعقد فرغم اعتبارها وسيلة شبه شوروية أو شورى بدائية في التمكين للحاكم، غير أنها لم تخلّ من نقائص ومفاجئات رغم مكاسبها، حتى أن بعض الفقهاء أفتى بشرعية فرد يكّون أهل الحل والعقد، فيمكّن للحاكم، فتصبح أمة بكاملها في رقبة نزوات فرد أو ميولاته أو اجتهاداته أو أهدافه! وهي نقيصة ستتواصل لغياب هذه المؤسسة الحاملة لمشروع الشورى. وهكذا شُرّع دون وعي للفردية والاستفراد في الحكم قلت يقول هذا الكلام كله وهو يتكلم في ماسبق عن فترة الراشدين مما يؤكد أنه يتكلم عن أهل الحل والعقد الذين عينهم عمر لإختيار الخليفة من بعده متناسيا أن هؤلاء من أفضل الأمة مبشرون بالجنة ومن الظلم مقارنتهم بمن جاء بعدهم ثم يتهم عمر وهذا مايفهم من كلامه أنه شرع دون وعي للفردية والاستفراد في الحكم لما جاء ذاك العالم الذي استدل به ليستنبط من هذه الواقعة بأن للفرد أن يعين أهل الحل والعقد ليمكنون له ، فما ذنب عمر هنا وإذ أنه عينهم ليس لنفسه ولا لبنيه أليس ذلك العالم هو من تجاوز وأفتى بما لم يقل به عمر, ثم إن سيرة عمر في الشورى تكاد تكون من البديهيات حتى أنه كان يجمع كبار الصحابة حوله ويمنعهم من الخروج من المدينة لحاجته لهم في الإستشارة , والأدلة على هذا مستفيضة فما ذنبه لما تجاهلها الفقيه الفلاني ليقول السيد خالد الطراولي أن عمر شرع للإستفراد بالحكم الذي هو الإستبداد عن عبد الله بن عباس أنه قال : ((كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شباباً)) أخرجه البخارى هذا ما أردت أن أعلق عليه في مقال السيد الطراولي بعجالة لأنه كان يهمني فقط تصحيح اللبس الذي حصل فيه في مايخص الخلفاء الراشدين أما بقية المقال وإن كنت أختلف معه في بعض النقاط إلا أن ذلك غير مهم وأتمنى بما أننا في وارد الإستبداد أن لايستبد برأيه كما سبق له مع الأخت التي علقت عليه قبلي وأن يراجع ماقاله وما نسبه للخلفاء الذي أعتقد جازما أنه محب لهم إلا أن كلامه لايفهم منه ذلك مراد علي ______________________________ هذه بعض الأدلة على أن فترة الخلفاء الراشدين كان فترة شورى بامتياز عن ميمون بن مهران قال: (كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله تعالى فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به، وإن لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن وجد فيها ما يقضي به، فإن أعياه ذلك سأل الناس: هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بقضاء؟ فربما قام إليه القوم فيقولون: قضى فيه بكذا وكذا، فإن لم يجد سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم جمع رؤساء الناس فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به... وكان عمر رضي الله عنه يفعل ذلك تفسير ابن كثير وعن عبد الله بن عباس أنه قال : ((كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شباباً)) أخرجه البخارى وفي البخاري أيظا:كانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم