رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    عاجل : تأجيل قضية رضا شرف الدين    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كأس تونس لكرة اليد: برنامج مقابلات المؤجلة للدور ربع النهائي    الاعتداء على سائق 'تاكسي' وبتر أصابعه: معطيات جديدة تفنّد رواية 'البراكاج'    4 جرحى في اصطدام بين سيارتين بهذه المنطقة..    إطلاق النار على سكّان منزل في زرمدين: القبض على المتّهم الثاني    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعليقا على مقال :المستبد العادل ...:
نشر في الحوار نت يوم 09 - 02 - 2010

تعليقا على مقال :المستبد العادل جذور في التاريخ وغصون في الحاضر
عنونت مقالتك بكلمات جذابة..المستبد العادل والتي لم اجد لها تعريفا ولا تفسيرا ولا تحليلا في مقالتك , لم تبين كيف يمكن ان يجتمع الاستبداد مع العدل ... , لانه من المعلوم , انه لو التقت كل اضداد الدنيا ومتناقضاتها فسيبقى الاستبداد والعدل ضدين لا يلتقيان , وان احدهما ليختفي فور بروز الآخر ...من مظاهر العدل وتجلياته ان يأخذ كل ذي حق حقه ......ان وجد من استعمل هذا المفهوم فقد سقط بدون ان يشعر في الفهم الاستشراقي للتاريخ الاسلامي او بالاحرى النظرة للدولة الاسلامية على انها على منوال الدولة الدينية الثويوقراطية , المرفوضة شرعا , لانها دولة تعني الحق الالاهي في الحكم وانه لا يوجد احد يعارضها في قرارها . لان ملوكها وحكامها يعتبرون نوابا وممثلين لله على الارض ...فاعمالهم معصومة لانهم مرتبطون بالسماء مباشرة وهذا ما ثارت عليه الشعوب في اروبا ...الدولة الاسلامية ليست دولة دينية .(.سقوط العديد من الخلفاء في فخ الدولة الدينية بدون ان يشعروا . هذا لايجعلهم في مرتبة كهان العصور الوسطى في اروبا ...هذا ما سنراه لاحقا )لان نظرية الحق الالاهي تعني تنصيب طواغيت يدعون الربوبية على الناس , اذا طاعتهم تعد شركا وعبادة لدون الله ...الدولة الاسلامية بانحرافاتها , التي لا ينكرها عاقل ,لم تكن كذلك ووضع الحكومة الاسلامية في نفس الخندق مع الدولة الثيوقراطية فيه جهل وتزييف للحقائق . فالاولى مصدر السلطة فيها هو الامة والشعب والثانية مصدر السلطة نظرية الحق الالاهي التي تستبعد الشعب في اختيار من يحكمه...الدولة الاسلامية تطبق الشريعة والتي هي مصدر الاهي , لكنها لا تقدس حاكما كان او محكوما ولا ترفع احدا فوق المسؤولية ..اذا اعتبار الدولة الاسلامية بانها دينية اعتمده المستشرقون , الذين هم بالفعل وجدوا بعض الاخطاء التي ارتكزوا عليها , للنيل من الاسلام ودفع اهله للثورة عليه على غرار ما فعلت اروبا مع المسيحية التي كانت دولة كهنوت بامتياز..وايضا لاقناع السذج بمقولة فصل الدين عن الدولة ...
لقد وقعت في خطأين منهجيين , الاول :محاكمة التاريخ الاسلامي بمقاييس اليوم وهو خطأ منهجي يقع فيه الكثير من الباحثين , احيانا عمدا , ولا اظن انه تخفى عليك هذه المعضلة ..ثم ثانيا وقعت بدون ان تشعر في المنهج الاستشراقي للتاريخ الاسلامي ,الذي كان يدرس ذاك التاريخ من كتاب الف ليلة وليلة والذي فيه من المغالطات وتصوير الخلفاء على انهم من ممارسي الموبقات والعيش في اللذات والنساء والغلمان والجواري (لا ننزه هؤلاء عن بعض المعاصي وانهم لم يكونوا معصومين ...وهذا مبحث آخر ) فالمستشرقون درسوا التاريخ الاسلامي من خلال كتب الادب والشعر , وببساطة تجدهم يختزلون تاريخا كاملا دام اربعة عشر قرنا في اخطاء هذا الخليفة او ذاك (هناك من المستشرقين من انصف نسبيا الاسلام في بعض كتاباتهم , فلا يمكن وضعهم كلهم في سلة واحدة) وذلك يعد خطأ منهجيا...فمثله كالذي يدرس مثلا المجتمع المصري من خلال المسلسلات المصرية , او يرى ان المجتمع التونسي هو كله على شاكلة افلام النوري بوزيد او مسلسل مكتوب او شوفلي حل ... فمحاكمة التاريخ بهذا الشكل هي التي صورت لنا هارون الرشيد, على سبيل المثال لا الحصر , على انه ماجن وفاسد تحيطه الجواري من كل جانب . وهو الذي كان يقال عنه يغزوا عاما ويحج عاما , وقد انصفه العلامة ابن خلدون في عدة مواضع ..., وببساطة هؤلاء يختزلون تاريخا كاملا دام اربعة عشر قرنا في اخطاء هذا الخليفة او ذاك.. فما كتبته (بدون قصد منك ) هو قراءة غربية للتاريخ الذي يرى ان حكم الدين يساوي الجهل و الرجعية والتخلف ...فما كتب عن الدولة الاسلامية من المستشرقين واحفادهم من بني جلدتنا يستحق دراسة دقيقة ومعمقة لتنقية تاريخنا من عدة افتراءات نسبت له جورا . وفي المقابل يجب ان لا نغطي عن زلات واخطاء وجور العديد من خلفاء الدولة الاسلامية ...والتي كانت اخطاء معها انجازات عظيمة في جميع الميادين , كانت جذورا لأغصان مختلف العلوم في عصرنا (وليس جذورا لمظالم اليوم )...ساعود الى مسألة الدولة الاسلامية وانجازاتها لاحقا ...فما ذكرته لاحقا يعد مقدمة بينت فيها الخطأ المنهجي الذي وقعت فيه من خلال ما كتبت.
تولية الخلفاء الراشدين , التي شككت في نزاهتها حيث انتقدت مسألة العهد من الولي السابق (كما فعل ابو بكر مع عمر وكما عهد بها عمر الى احد الستة ...) فهذه حقيقة لا تعدوا ان تكون في نظر المحققين وايضا من الناحية الفقهية , مجرد ترشيح للشخص . فالامة هي صاحبة الحق في تأكيده او تنحيته , فهي صاحبة الحل والعقد في أمر الولاية : تولية ورقابة وعزلا (ابو بكر وهو يتولى الخلافة : لست بخيركم ..فان احسنت فاعينوني وان اسأت فقوموني ..الضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له ..والقوي فيكم ضعيف , حتى آخذ الحق منه ..اطيعوني ما اطعت الله ورسوله ...فاذا عصيت فلا طاعة لي عليكم ..الامثلة كثيرة مع بقية الخلفاء..)
الم يكن اختيار ابي بكر باتفاق المهاجرين والانصار (الخلاف الذي وقع في سقيفة بني ساعدة كان في اطار ودي وان كان غير ذلك فلماذا يعد الخلاف بين مرشحي الحزب الواحد في امريكا وغيرها ,مثل ما وقع بين اوباما وهلري كلنتون في حملتهما الانتخابية , لماذا يعد ذلك ديموقراطية وعند المسلمين يصبح تسلطا ودكتاتورية ؟؟؟) ثم بعد الاتفاق تمت بيعة عامة في المسجد ...
الذي رشح عمر هو ابو بكر بعد ان استشار كبار الصحابة من مهاجرين وانصار وقبول عمر كان بحرية وقناعة ولو كان غير ذلك لما كان عمرا خليفة ..اذا بيعة الامة هي الاساس ...ياتي بعد ذلك اختيار عثمان الذي كان بنفس الطريقة ويذكر في كتب السيرة ان عبد الرحمان بن عوف قام باستطلاع موسع للرأي دام ثلاثة ايام استشار فيها الجميع ولم يترك احدا لم يساله حتى وصل النساء في خدورهن يقال انه سأل حتى الاطفال ..علي رضي الله عنه , نفس الشيء ترشيحه كان من اهل الحل والعقد بعد مشاورات مطولة , ولما ارادوا مبايعته في بيته رفض وابى ان تكون الافي المسجد . فلما كان يوم البيعة صعد المنبر وقال :يا ايها الناس عن ملأ واذن , ان هذا امركم ليس لاحد فيه حق الا من امرتم , وقد افترقنا بالامس علمر فان شئتم قعدت لكم والا فلا أجد على أحد , فقالوا نحن على ما فارقناك عليه بالامس .ثم ان آليات الانتخاب انذاك , هي تعبير عن العصر فليس لنا اليوم ان نقول لهؤلاء لماذا ليس لكم نقابا ومؤسسات برلمانية وصناديق اقتراع وصحافة حرة ...
ان كان هناك من يشك في طريقة تنصيب الخلفاء , هو حر في رأيه , لكن لا أظن انه هناك عاقل يشك في عدلهم وصدقهما , ولم يكن عدلا مستبدا , لان الاستبداد والعدل ضدان لا يلتقيان , كما بينت سابقا , وهذا ما عبر عنه ابو بكر ببلاغة قل نظيرها ....وصفت فترة الخلفاء بانها كانت فلتة .وحملت الخلفاء مسؤولية الاستبداد او ما سميته العدل المستبد واعتبرت ان شرعيتهم كانت هشة(هشاشة الشرعيات الاولى , الاولى تعني من اول خليفة في الاسلام الىما بعده ) حيث قلت لم يكن هذا الانحراف الفقهي نحو شرعية سلطة الاستيلاء وحكم المستبد العادل إلا نتيجة لهشاشة الشرعيات الأولى.بل اعتبرت ان انحرافهم كان مقصودا ومدروسا وانه لو لا عنصر المباغتة والاكراه لما استقام لهم الحكم قلت : انحرافا مدروسا ومغالطة لسبل ووسائل تداول السلطة في المجتمع الإسلامي، ولم تكن الأمة، رعية وفقهاء قد قبلت بشرعيتها، ولكن عنصر الإكراه والمباغتة والجرأة والغلبة جعلها تستوطن الإطار الحاكم قبل أن تستوطن عقلية الرعية وقلم الفقيه . ثم اعتبرت ان الراشدين لهم باع نسبي من العدل لا اعرف ماذا تركت لمن جاء بعدهم من الخلفاء , هل الجور النسبي ام المطلق ؟؟(هذه هي المراتب التي تاتي بعد العدل النسبي ) ان كانت فلتة فهذا يعني انها كانت مجرد صدفة وهي استثناء اجمع العلماء ان خلافة الراشدين قمة العهود البشرية في التطبيق لشعائر الله , التطبيق غير المعصوم , وهذا ما لا يفهمه العديد ممن يتجنون على الاسلام , فديننا قائم على ان العصمة للانبياء اما البشر فانهم خطاءون وخير الخطاءين التوابون , وهذه المسألة تنسحب على الحكام وعلى الراشدين ايضا لكنها كانت قليلة جدا اعتبرها مأمون الهضيبي في بعض كتاباته , انها واحد في الالف , وذهب الشيخ محمد الغزالي فاعتبر ان عدالتهم مطلقة, ثم تحدث عن طبيعة الدولة الاسلامية ,ودافع عن انجازاتها قال في احدى محاضراته :ان التطبيق الاسلامي كان مائة بالمائة ايام دولة الخلافة , لكنه هبط عن هذا المستوى في دول اخرى جاءت بعد ذلك ' لكن من من هذه الدول جرأ على ان يحكم بغير الله , كان القضلة يحكمون بالقرآن وبالسنة المطهرة ,وكان رئيس الدولة وان كان مغتصبا للسلطة (هنا طبعا لا يبرر الشيخ الاغتصاب للسلطة ) الا انه برر وجوده في منصبه بانه يحكم بما انزل الله وبانه يمثل الاسلام ويجاهد الدول الغازية وقد حدث ذلك في ايام الدولة الاموية والعباسية ...فسحب الصفة الاسلامية عن الف سنة من التاريخ الاسلامي هذا مستحيل ...ان هذا التاريخ ممكن ان يكون نسبيا , واستطيع ان اضرب مثلا : هل سقطت الثورة الفرنسية سقوطا في الحضيض واختفت عندما تحولت الى امبراطورية يقودها نابليون بونابرت ؟؟لقد تحولت الشورى الاسلامية الى ملك اموي ,ولكن الثورة الفرنسية بقيت الى الآن , اما الامبراطورية التي اقامها نابليون فقد اختفت وانتهى امرها , ننظر الى انجلتران نظامها ملكي ورضيت الدولة الانجليزية بان يحكمها ملك يرث التاج كما يرث الامويين لماذا؟ لان هذا الوارث استطاع ان يترك البلاد تدين بما تدين به وتحكم بما تراه فليست هذه الملكية عبأ على الحرية ' ولا على الحكم الشوري او حقوق الانسان كما وردت في تعاليم الامم التي ورثتها
تحليلك الذي قدمته عن التاريخ الاسلامي, والذي بجرة قلم شطبته من قائمة اعرق الحضارات التي نهل الغرب من علومها وكان السبب الرئيسي في نهضتها وقد اعترف بذلك العدو والصديق..لا يبعد عن تحاليل الكثير من العلمانيين والمستشرقين (اعذرني على قول ذلك ..لا تتهمني باني اكفرك , معاذ الله بل انا احترم كتاباتك ...) ...فكاني بك قرأت كتاب فرج فوده , علماني مصري غني عن التعريف , الحقيقة الغائبة ان لم تقرأه , فانا ادعوك الى ذلك وستجد في ثناياه ما تقوله ...ففي هذا الكتاب يرى فودة ان التاريخ الاسلامي يساوي مظالم لا حدود لها وان تسعة وتسعين بالمائة من الشعب المسلم مضطهد ولا يجرأ على الكلام ... ويرى انه ,اي الشعب المسلم , يطالب بالدولة العلمانية لكن الكبت ومصادرة الرأي من طرف الدولة الاسلامية يجعله يقبل بها عن مضض..وهو مثلك بالضبط اعتبر ان الراشدين حكموا بعدالة نسبية فقال في الصفحة ثمانية وعشرين وتسعة وعشرين لا قاعدة اذا ولا نظام للرقابة والامر كله موكل لضمير الحاكم : ان عدل و زهد كان عمر وان لم يعدل وتمسك بالحكم كان عثمان , لقد اعلن عثمان ان نظام الحكم الاسلامي يستند الى القواعد الآتية : اولا خلافة مؤبدة ثانيا لا مراجعة للحاكم ولا حساب او عقاب ان اخطأ , ثالثا لا يجوز للرعية ان تنزع البيعة منه او تعزله , ومجرد مبايعتها له مرة واحدة ' تعتبر مبايعة ابدية لا يجوز لاصحابها سحبها وان رجعوا عنها او طالبوا المبايع بالاعتزال . ولان احدا لا يقرر ولا يتصور ان تكون هذه هي مبادئ الحكم في الاسلام قتله المسلمون لقد اعتبر ان عثمان لم يكن عادلا في حكمه...
لا ينكر احد انه وقع تراجع كبير منذ الدولة الاموية وانفصام في علا قة الحاكم بالمحكوم والعدالة وغيرها لكن الدولة كما ذكر الغزالي في مقولته المذكورة اعلاه انها كانت في عمومها تحكم بالقرآن والسنة وان كانت وارثة للحكم فانها تركت الرعية تدين بما تدين به ...اي انها كانت دولة تتمحور حول الاسلام جملة , تجاهد في سبيله وتنقل دعوته الى العالمين ..من اوصل الاسلام الى اروبا , من اقام حضارة في اسبانيا لمدة ثمانية قرون , والى اليوم معالمها لم تمح ولن تمح لانها تركت من الحضارة المدنية والمكتبات ما لا ينكره جاحد ...رغم ما هدمه المعتدون وحرقوه ...الغرب يعتر ف ان لمكتبات قرطبة وغرناطة وفلسفة ابن رشد ...الفضل الكبير في وضع اسس النهضة العلمية التي لم نسر على دربها منذ ان سجنا ديننا في رفوف المكتبات ..ومنذ ان حكمنا هؤلاء الاغصان ؟؟؟والحاكم انذاك على أخطائه كان على الولاء للاسلام ...قال الدكتور محمد صلاح الصاوي في كتابه المواجهة بين العلمانية والاسلام :ان الخلفاء والملوك في تاريخ الاسلام على ما كان من بعضهم من اغلاط وتجاوزات الا انهم بقوا في الجملة على ولائهم للاسلام وتحكيم شريعته ونشر دعوته في المشارق والمغارب , فاستانفوا الجهاد الخارجي وتركوا لاهل العلم حرية الحركة ما لم يمسوا سلطانهم في الزعامة فمضت العلوم الدينية في طريقها توسع الآفاق , وتربي الجماهير,وتقرر الحقائق الاسلامية كلها من الناحية النظرية , ورغم ازورار الاسلام عن السلطة في كثير من الاحيان الا انه بقي على مستوى الامتداد والتأثير .وفي رده عمن يعتبرون ان التاريخ الاسلامي ما هو الا سواد وظلمات وتنازع على السلطة يقول ان هذا المنهج الذي يعير المسلمين بتاريخهم , ويعتبره صحيفة سوابق تشهد على الامة بالادانة وسوء السمعة ولا تقع عينه الا على السقطات , ولا يقرأ في صفحاته الا المظالم والمفاسد , ان راى خيرا كتمه او نسبه الى ملكات شخصية (فلتتة سميتها انت )فيمن نسب اليه , وان راى شرا اذاعه ونسبه الى طبيعة المنهج الاسلامي نفسه , هل هذ المنهج يمكن ان يصدر ممن يحمل في قلبه ولاء للاسلام وغيرة على دينه ..؟؟اننا نفهم ان يصدر هذا من المستشرقين فهم الكارهون الحاقدون فلا تقع اعينهم الا على العقر , ولا يسترعي انتباههم الا الاغلاط والتجاوزات ', فهم كما قال الحسن الندوي اشبه بمفتشي القمامة ....فما بال هذه الروح الصليبية تتسلل الى فريق من جلدتنا ممن يتكلمون بالسنتنا ... .
ان اختزالك للتاريخ الاسلامي بهذه الصورة فيه من الخطورة التي يجب التنبه اليها ..فاتهامك لكامل التاريخ الاسلامي بانه استبداد فيه ضرب للاسلام ,وفي الصميم , لان ذلك يعني انه دين غير قابل للتطبيق والعمل به ...وهذا ما يروجه اعداء الاسلام : ان كنا لا نقدر على تطبيقه فهو غير صالح للبشر ..ومن يريد انصافنا كرما منه يستثني نسبيا الخلافة الراشدة ..والحقيقة ان انجازات الخلافة استمرت حتى سقوطها في القرن العشرين ... انجازات في جميع الميادين يتطلب إحصاءها مجلدا ..والعجيب ان اغلبها كان تحت ظل السلاطين الذين هم موضع اتهام ...يقول الدكتور محمد عمارة :ان كل ما نتيه به على الدنيا لم ينشأ الا بعد الخلافة الراشدة :تاملوا معي كل العلوم الاسلامية شرعية ومدنية بنيت بعد الخلافة الراشدة , كل تيارات الفكر الاسلامي لم تنشأ الا بعد الخلافة الراشدة , كل المذاهب الفقهية (التي على سعتها وغزارتها , اتهمتها انها كانت محصورة في قضايا الطهارة والنكاح ... )لم تنشأ الا بعد الخلافة الراشدة...كل ما تتلمذت عليه اروبا في الغرب واستخدمته في النهضة لم ينشأ الا بعد الخلافة الراشدة ...من الذي يقول ان تاريخ هذه الامة كان ظلاما ؟؟؟العلماء , المفكرون , الفتوحات , نشر الاسلام , نشر العربية ...كل هذا الفخر نشأ بعد الخلافة الراشدة ...
من عجائبك انك تجنيت على الامام الغزالي واتهمته بانه اصل للاستبداد وسوغ له في كتاباته واتيت لنا بفقرة من كتابه الاقتصاد في الاعتقاد ...واصل الفقرة (الكتاب امامي الآن ) انك قمت بانتزاعها من اطارها العام الذي ورد في الباب الثالث من الكتاب وهذا الباب نظري بحت , يتحدث فيه عن الامامة ووجوبها واصل ذلك من الناحية الشرعية .. ....هذا جهل فادح بما كتب الشيخ في هذا المجال . , فانت حذفت ما بعد وما قبل المقولة ...نحدث الامام في هذا الفصل عن واجب الامامة من الناحية الشرعية وفي ذلك رد غير مباشر لناكري ان الاسلام دين ودولة ثم تحدث بعد ذلك , وفي نفس الباب عن شروط الامامة والتي لا لبس فيها وهو ما نص عليه شرعنا .وفي الاخير تحدث عن الضرورات التي تبيح المحضورات في ما يخص طاعة الامام ..وهذه متفق عليها فقهيا.(انا ادعوك الى اعادة قراءة هذا الباب جيدا وليس من العلمية نزع فكرة ما عن سياقها العام لانه بذلك تفقد معناها ).اي انه تحدث في هذا المجال عن فقه الاولويات والذي للشيخ فيه باع كبير ,حيث استشهد به الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه فقه الاولويات وخصص له فصلا في هذا المجال الصفحة 208 الى 213 ولك كان تقرئه ...ثم ان ما قاله الغزالي عن الامامة هو نفس ما قاله ابن تيمية وتبناه الشيخ يوسف القرضاوي في نفس الكتاب حين استشهد بكلامه , أي كلام ابن تيمية في مجال الاولويات , اقرا من الصفحة 213 الى 221 وخاصة الحزء الخاص بتعارض الحسنات والسيئات وستلاحظ ان ما قاله ابن تيمية هو نفس فقه الغزالي , والاستشهاد بهذا الفقه من الشيخ القرضاوي هو تبني لذلك ...ايقره القرضاوي وتنكره انت ؟؟؟..ليس نقد العلماء من المحرمات لكن اسمحني ان أقول لك : ليس الكل قادرا على ذلك...اذا اخي لاتاخذ المقولات من سياقها العام ففي ذلك طمس للفكرة العامة . ففي فقهنا , والذي لا يخفى عليك , انه من الضروري لفهم الاحكام ووضعه في اطاره الصحيح ان نرجع الجزئي للكلي ..
هذه هي الجذور التي اردت ان تحملها ما لاتستحق واعتبرت تاريخها سوادا لا بياض فيه ...اما الاغصان فأمرها معلوم وجفت الاقلام وبحت الحناجر في التعبير عن مظالمها وجورها ...سآخذ مثال السلطان عبد الحميد في أواخر الدولة العثمانية أي بالامس القريب , القرن العشرين واواخر القرن التاسع عشر لابين لك ان أغصان اليوم من حكامنا وملوكنا وسلاطيننا , لا يمكن بحال من الاحوال ان يكون اجدادنا , من خلفاء الدولة الاسلامية , جذورا لهم ففي ذلك تشويه لتاريخنا ...السلطان عبد الحميد : الخليفة الذي كان يعرف بذكائه , هذا الذي تفطن منذ بداية حكمه الى ضرورة الوحدة الاسلامية ووضعها من ضمن اولوياته عندما راى ما يحاك انذاك للدولة ...فنادى بوحدة المسلمين في الصين والهند وافريقيا وغيرها والانضواء تحت لواء الجامعة الاسلامية وقد قام الغرب كعادته للوقوف امام مشروعه . وفي نفس المجال أي الدعوة للوحدة حرص على اتمام مشروع السكة الحديدية التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة وراى في ذلك تقوية للرابطة الاسلامية .قضى على الرشوة بنسبة كبيرة , نظم المحاكم , قرب اليه رجال العلم, عامل الاقليات معاملة حسنة حتى يكسب تاييدهم , حبس الاسطول العثماني في الخليج ..للإيقاع بين القوى العظمى انذاك ...القضية الفلسطينية والتي كان من المدافعين عنها .. له موقف مشهور : لما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الاول في بال بسويسرا سنة 1897 ونادوا بضرورة ايجاد وطن لليهود واصر هرتز لان يكون فلسطين ..اتصل يومها هذا الاخير بالسلطان عبد الحميد عدة مرات ليسمح لليهود بالانتقال الى هناك...رفض ذلك رفضا لا نقاش فيه..استعمل هرتزل عدة وساطات لكنه لم يفلح ..واخيرا قرر ان يذهب اليه بشحمه ولحمه ومعه بعض الحاخامات ..وبعد مدحه وشكره قدموا له عرضا باقراض الخزينة العثمانية اموالا طائلة وله هدية قيمتها خمسة ملايين ليرة ذهب ...طردهم هذا السلطان العظيم ورفض طلبهم ... ياترى هل ان غصنا مثل مبارك باع القضية الفلسطينية ,جذوره تمتد الى هذا السلطان ..حاش لله , بل انا ارى جذوره تمتد لمن تآمر على هذا السلطان , من يهود الدلمة وغيرهم من الدول الغربية الاستعماري الصليبية , وقاموا بعزله سنة 1909, والى الذين اسكتوا صافرة القطار (من اسكت صافرة القطار , هو عنوان برنامج وثائقي قدمته قناة الجزيرة عرضت فيه مشروع السلطان عبد الحميد المتمثل في مد السكة الحديدية التي ارادها ان تربط بين دمشق والمدينة , لكن الاستعمار الغربي افشل المشروع واسكت الصافرة ) فالفرق شاسع بين من يمد سكة حديدية للوحدة وبين من يمد جدارا حديديا ليضع اخاه في قفص الجوع والحرمان وقطع أواصله وعزله عن امته ...اذا الجذور والاغصان التي تحدثت عنها خطان لا يلتقيان ...
في امان الله
مريم حمدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.