على أصحاب الفضاءات التي بها كاميرات، تسوية وضعياتهم القانونيّة قبل 5 ماي رئيس سابق للجنة التحكيم يعلن أنه يملك أشرطة تسجيلية ضد بعض الحكام الذين يتهمهم بالرشوة...
صور خاصة لأحد لاعبي المنتخب نشرت على صفحات الانترنت وأصبحت حديث الشارع..صور لتلميذة في مشهد اباحي تناقلتها الهواتف عبر البلوتوث... تسجيلات تتناقل دون علم أصحابها.. بيانات الكترونية خاصة يتم تغييرها...هذا سيل من فيض للانتهاكات التي تطال معطياتنا الشخصية يوميا دون علمنا..إشكالات عديدة مطروحة في حياتنا اليومية تقلق البعض وترعب البعض الآخر.فماهي المعطيات الشخصية ومتى يمكن أن تكون معطيات عامة؟ وهل القانون قادر على ردع التجاوزات التي تمس بمعطياتنا الشخصية؟ أسئلة عدة تطرح خصوصا وان العديد من الناس يشتكون مما يخلفه لهم الجوال بالأساس من مآس بسبب التسجيلات بالصوت والصورة. فالثورة تكنولوجية حملت في طياتها جملة من التجاوزات أضرّت بحرمة الأفراد... فجعلت منهم ضحايا للابتزاز والضرر المادي والمعنوي وفي هذا الخصوص يقول السيد الجديدي غني رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية أن التطور التكنولوجي رغم ايجابياته كان وراء المساس بالحياة الخاصة والكشف على معطيات الفرد الشخصية وقد عرّف الفصل 4من القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المعطيات الشخصية بأنها على معنى هذا القانون، كل البيانات مهما كان مصدرها أو شكلها والتي تجعل شخصا طبيعيا معرفا أو قابلا للتعريف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، باستثناء المعلومات المتصلة بالحياة العامة أو المعتبرة كذلك قانونا «كما حدد الفصل الخامس من نفس القانون كيفية التعرف على الشخص الطبيعي بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال مجموعة من المعطيات او الرموز المتعلقة خاصة بهويته أو بخصائصه الجسمية أو الفيزيولوجية أو الجينية أو النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية (الاسم واللقب، الهوية، رقم الهاتف).. القانون يردع... وقد بين رئيس اللجنة أن قلة عدد القضايا المرفوعة في هذا الشأن يعود لعدم وعي الأفراد بحقوقهم ومعرفتهم بالقانون.. وأكد محدثنا أن المشرّع التونسي قد وضع العديد من الفصول القانونية التي تحمي المعطيات الشخصية وانشأ جهازا مستقلا وهو الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية يعمل على أن يحفظ التطور التكنولوجي الحياة الخاصة للأفراد وحرياتهم.. ومن التجاوزات اليومية والتي يجهل معظم الأفراد أنها تعد على خصوصيات الفرد هي إعطاء رقم هاتف شخص لشخص آخر دون علم المعني بالأمر.. فتكون عقوبتها السجن وغرامة مالية تصل إلى 5 ألاف دينار..كذلك تعمد تسجيل مكالمات الغير وحواراتهم..وهنا يمكن ان نذكر العديد من الأمثلة الحية التي يعيشها الناس..فكم من موظف سجل له زميله ما قاله في لحظة صفاء معه من راي في مديره فوجد نفسه في مأزق لا يحسد عليه..بل كان وراء انتقام خفي حرمه من الترقيات.. وكم من زيجة بطلت بسبب كلام سجل لحماة أو خطيب أو خطيبة..وكم من عائلة خربت بسبب طيش بعضهم في لحظات تغزل فيها بامرأة أو قالت فيها كلاما معسولا لرجل فأبلغ الزوج أو الزوجة بتلك التسجيلات المشؤومة.. كم من صور رفعت بالجوال خلسة لامرأة تغيّر ملابسها أو لرجل رفقة فتاة أو للحظات حميمية انتهت بانتهاء علاقة..أمثلة عدة طرفاها متضرر وملحق ضرر..الأول ينال جزاءه والثاني يظل حرا طليقا..غير أن للقانون رأي آخر. ففي هذا الخصوص نص الفصل 6 من قانون حماية المعطيات الشخصية على أن كل معالجة للمعطيات سواء بطريقة آلية أو يدوية والتي تهدف خاصة إلى جمع معطيات شخصية أو تسجيلها أو حفظها أو تنظيمها أو تغييرها أو استغلالها أو استعمالها أو إرسالها أو توزيعها أو نشرها أو إتلافها أو الاطلاع عليها دون علم المعني بالأمر يعد تجاوزا يحيل صاحبه على القضاء. وفي نفس السياق ينص الفصل 27 من القانون الأساسي المتعلق بحماية المعطيات الشخصية انه لا يمكن معالجة المعطيات الشخصية إلا بالموافقة الصريحة والكتابية للمعني بالأمر كما يحجر الفصل 47 من نفس القانون إحالة المعطيات الشخصية إلى الغير دون الموافقة الصريحة للمعني بالأمر أو ورثته أو الولي بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا.. كاميرات مراقبة على مستوى آخر وفي إطار حرص العديد من المؤسسات على حماية نفسها بادرت بوضع كاميراهات مراقبة..ومثل هذه الكاميراهات التي ترفع كل حركة من شانها أن تنقل صورا وأوضاعا قد تسبب إشكالا للبعض من ذلك أن المرأة التي تنتقل رفقة صديقها إلى فضاء تجاري أو نزل أو مطعم وترفع صورها كاميرا المراقبة قد تكون عرضة لكشف خيانتها لزوجها ولو أنها لم تخنه إذ يكفي أن يكون الطرف المراقب للكاميرا قريبا لزوجها فيبوح له بما شاهده من موقعه لتتدهور العلاقة بين الطرفين وقس على ذلك المنوال. وفي هذا الإطار فان استعمال وسائل المراقبة البصرية يخضع (والتي حددت أماكن تواجدها بالفضاءات المفتوحة للعموم ومداخلها والماوي ووسائل النقل المستعملة من العموم ومحطاتها وموانيها البحرية والجوية وأماكن العمل الجماعية) إلى ترخيص مسبق من الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية ولا يجوز أن تكون التسجيلات البصرية مرفوقة بتسجيلات صوتية كما يجب إعلام العموم بطريقة واضحة ومستمرة بوجود وسائل مراقبة بصرية. حسب الفصل 69 من نفس القانون. وقد يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية مالية قدرها 5 الاف دينار كل من تعمد إحالة المعطيات الشخصية لغاية تحقيق منفعة لنفسه أو إلحاق مضرة بالمعني بالأمر. وقد نص الفصل 74 وجوبية إعدام التسجيلات البصرية إذا أصبحت غير ضرورية لتحقيق الغاية التي وضعت من اجلها أو إذا كانت مصلحة المعني بالأمر تقتضي عدم إبقائها إلا إذا كانت ضرورية لإجراء الأبحاث والتحريات في التتبعات الجزائية. وقد أوضح رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية انه على أصحاب الفضاءات التي تتواجد فيها كاميرات للمراقبة بتسوية وضعياتهم والحصول على تراخيص قبل 5 ماي المقبل. وبعد انتهاء المهلة سيتم مقاضاة كل من ليس له ترخيص من الهيئة. قوانين عديدة وضعت لحماية حرمة الأفراد... فهل سيستغلها المتضرر وهل ترعب ملحق الضرر وهل أن العقوبة قادرة على الحد من الانتهاكات للحياة الخاصة.. اسئلة تطرح نفسها امام التطور التكنولوجي المستمر... ومن أنذر فقد اعذر...