تلقى خدمة هاتفية مخصصة لحل المشكلات الاجتماعية والنفسية لمسلمي ألمانيا رواجًا لا سيما وأنها تساعد في تبديد شكوك راودت القائمين على هذا المشروع الجديد حول احتمالات نجاحه ومدى الإقبال عليه. ويعد هذا الهاتف الموجه للأقلية المسلمة في برلين وغيرها من المدن الألمانية الأول من نوعه في عموم البلاد، وتلقى أكثر من ألفي اتصال منذ تأسيسه في سبتمبر الماضي. وجرى الإعلان عن إطلاق خدمة الرعاية الروحية الإسلامية عبر الهاتف خلال احتفال أقيم بمبنى بلدية برلين وحضره وزير داخلية حكومة ولاية العاصمة الألمانية إيرهارت كورتينغ، ووزيرة الشؤون الاجتماعية هايدي كناكا فيرنر, ورئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا الدكتور أيوب أكسيل كوهللر، وممثلون للكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية وجمعيات خيرية إسلامية ومسيحية. وتشرف منظمة الإغاثة الإنسانية العالمية (إسلاميك ريليف) على إدارة مشروع الخدمة الهاتفية الجديدة. ورصدت له ميزانية تبلغ 140 ألف يورو جمعتها من التبرعات. وكانت مفوضة الأجانب والاندماج السابقة في حكومة برلين المحلية الدكتورة بربارا جون هي من اقترح تأسيس هاتف يخصص لإرشاد مسلمي البلاد حول كيفية التعامل مع مشكلاتهم الحياتية من منظور ديني. وطرحت جون فكرتها بعد ملاحظتها تزايد أعداد المسلمين المتصلين بهاتف الدعم الروحي الكنسي طلبًا لمشورة عملية، وعجز مشرفي الهاتف الكنسي في أحيان كثيرة عن تقديم النصح لهؤلاء المتصلين المسلمين. ويعمل في الهاتف الموجه للمسلمين 22 متطوعًا من الجنسين معظمهم من شباب الجيل الثاني للهجرة المسلمة ممن ولدوا في ألمانيا ويتقنون لغتها إلى جانب لغات أخرى، ويمتلكون خبرة في التوفيق بين الثقافات المهاجرة وواقع المجتمع الألماني. كما أن العاملين تلقوا بعد اختيارهم للعمل الجديد دورة تدريبية لأربعة أشهر في مؤسسات ألمانية متخصصة في التوجيه النفسي والإرشاد الاجتماعي. وبدأت خدمة الرعاية الروحية الإسلامية عبر الهاتف عند انطلاقها بتلقي الاتصالات باللغة الألمانية خلال ثماني ساعات يوميًا. وشجع الإقبال الذي حظي به المشروع الجديد على مد ساعات عمله اليومي إلى 12 ساعة بدءًا من منتصف فبراير الجاري، وإدخال اللغات التركية والبوسنية والعربية والإنجليزية والفرنسية في التخاطب مع المتصلين. وأشار مدير المشروع عمران الصغير إلى تجاوب الهاتف بأسلوب عصري مع تزايد الدور الذي يلعبه الدين في حياة مسلمي ألمانيا، وسعيه لتقديم المشورة الاجتماعية والنفسية للمتصلين من منظور ديني بشكل يساعدهم في مواجهة مشكلاتهم اليومية. وقال الصغير: إن "الهاتف يختلف عن الهواتف الإسلامية المتخصصة في الإفتاء والقضايا الفقهية، ويتميز عن خدمة هاتفية مماثلة تقدمها الكنائس، بحرص المتصلين به على الحصول على النصح أو المشورة في إطار ديني، وتحيتهم في البداية والنهاية بالسلام عليكم ومخاطبتهم بالأخ أو الأخت وليس السيد أو السيدة". وأوضح أن العاملين في الهاتف يعطون المتصلين في البداية آذانًا مصغية، ثم يقدمون لهم نصائح عملية حذرة، ويوجهون أصحاب المشكلات المرتبطة بالعنف للجوء إلى الشرطة، ويقترحون على من لديهم مشكلات بالغة التعقيد التوجه إلى جهات أكثر تخصصًا كالأطباء النفسيين أو الاختصاصيين الاجتماعيين". كما نوّه الصغير إلى أن 75% من المتصلين بهاتف المساندة الروحية منذ بدايته هم من الإناث. ولفت إلى أن معظم الاتصالات التي تلقاها الهاتف منذ دخوله الخدمة، تركزت على مشكلات مع الجيران ومشاكل زوجية وأسرية ومخاوف الوالدين على أوضاع أبنائهم التربوية، وتعاطي المخدرات ومشكلات بسبب أوضاع العمل أو الوظيفة. ونبه إلى أن جانبًا كبيرًا من الاتصالات التي وردت للهاتف جاءت من شباب مسلمين من الجنسين يسألون عن كيفية اختيار شريك الحياة ومواصفات الزوج أو الزوجة المناسبة وشروط نجاح الحياة الأسرية. وأوضح أن هذه الاتصالات أظهرت سوء إعداد الأسر المسلمة في ألمانيا لأبنائها وبناتها المقبلين على الخطوبة والزواج، مشيرًا إلى أن هذا الوضع دفعه لإصدار توصية للمساجد والمؤسسات الإسلامية في برلين لتنظيم دورات لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج. ولفت مدير خدمة الرعاية الروحية الإسلامية عبر الهاتف إلى موافقة حكومة برلين المحلية مبدئيًا على تبني مشروع الهاتف الجديد وتمويله بدءًا من العام المقبل. وأشار إلى منح عمدة برلين كلاوس فوفرايت الهاتف جائزة بقيمة ألف يورو في نوفمبر الماضي تقديرًا لدوره في الوقاية من العنف.