يدشن نشطاء بلجيكيون مسلمون وغير مسلمين في وقت لاحق هذا الأسبوع معركة قضائية ضد عدد من مدارس مقاطعة "فلندرز" شمال بلجيكا حظرت ارتداء الحجاب بين طالباتها، مشددين على أن معركة الحجاب لم تنته بعد ل"وجود خروقات قانونية" من قبل مديري المدارس الذي منحهم القانون حق منع أو السماح بارتداء الحجاب. وقال ستيفان ستيوكس، أستاذ القانون الدستوري، ومحامي منتدى "بوه" النسوي الذي يعتزم التقدم بشكوى قضائية ضد قرارات الحظر: إن منع ارتداء الحجاب "يخالف قانون تكافؤ الفرص المنصوص عليه في مرسوم عام 2008 لمنطقة فلندرز" الناطقة باللغة الهولندية. وأضاف ستيوكس في تصريحات صحفية الجمعة 25-9-2009 أن "الدستور نص على أن المؤسسات البرلمانية المنتخبة ديمقراطيا يحق لها وضع الأسس والمبادئ العامة لسير التعليم والحفاظ على ترتيبه، وليس حظر ارتداء الحجاب". وشدد على أن "الحظر يؤثر على حقوق مجموعة كبيرة من الطلاب بما يتعارض مع عدد من حقوق الإنسان المحمية دوليا، بما في ذلك الحرية الدينية وحرية التعليم، وينتهك مرسوم تكافؤ الفرص في مقاطعة فلندرز الذي يحظر التمييز في مختلف المجالات، بما فيها التعليم.. قرار الحظر يعني تمييزا واضحا وعاما لا يقره الدستور البلجيكي ولا الدساتير الأوربية الأخرى المشابهة".
وتأسس منتدى "بوه" في يناير 2007 عندما برزت فكرة منع المحجبات من العمل في الوظائف العامة في "فلندرز". حملة تبرعات القائمون على منتدى "بوه"، الذي تتكون قاعدته من نساء بلجيكيات من السكان الأصليين ومن أجانب ومتضررين من قرار حظر ارتداء الحجاب، أعلنوا عن فتح حساب مصرفي للتبرعات بهدف جمع الأموال لتغطية تكاليف المعركة القضائية. وأدانت كيتي روخّمان، من المنتدى، بشدة قرار الحظر، قائلة إنه "يمنع قسما من الشابات البلجيكيات من دخول المدارس العامة"، مشددة على أن هذا القرار "يتعارض مع الاتفاقيات الأوربية لحقوق الإنسان، والتي تضمن حق التدين لكل الطلاب". ووصفت كيتي القرار ب"العنصري"، مضيفة أنه "منذ هجمات 11 سبتمبر 2000 على الولاياتالمتحدة وجو التسامح مع المسلمين صار بعيد المنال، وأصبحت الأحزاب السياسية تجتهد لتمرير القوانين العنصرية بغية كسب أصوات الناخبين من اليمين خلال الانتخابات". ويوجد في مقاطعة "فلندرز" حوالي 700 مدرسة ابتدائية وثانوية، وأصبح قرار المنع ساري المفعول مع بداية السنة الدراسية مطلع الشهر الجاري التي شهدت مظاهرات من متضررات من الحظر ومتعاطفين معهن، وذلك تلبية لدعوة جمعيات إسلامية ونسائية يطالبن ب"حرية الاختيار" للمسلمات في ارتداء الحجاب. حرية العقيدة وخلال خطب الجمعة 25-9-2009 دعا الأئمة في المساجد البلجيكية المسلمات إلى المطالبة بحقهن في ارتداء الحجاب "دون السقوط في دائرة العنف". وحذر نور الدين الطويل، مدير الجامع العام التابع للهيئة التنفيذية للمسلمين، الممثلة رسميا لشئون الأقلية المسلمة لدى الحكومة، من أن "هذا القرار المجحف بحق المسلمات سيكون له تأثير عميق على مسيرت هؤلاء الشابات". وأضاف الطويل، وهو بلجيكي من أصول مغربية في حديث ل"إسلام أون لاين.نت"، أن "عددا من الشابات يخترن ترك المدارس لمتابعة الدراسة عن بعد، وهو ما يهدد بتعميق الهوة بين المسلمين وبقية أطراف المجتمع، وتوجيه ضربة لقيم المساواة والحرية الدينية". ويجبر القانون البلجيكي الطالب على الدراسة حتى سن 18 عاما، ولكنه لا يجبره على متابعة الدراسة في المدارس، وهو ما يعني أن عددا من الطالبات المحجبات سيسجلن في وزارة التعاليم كطالبات يحضرن الامتحان فقط، بينما سيبحثن عن طرق لمتابعة الدراسة بعيدا عن المدارس، سواء في مدارس خاصة أو بواسطة مدرسين خاصين. ولفت الطويل إلى أن عددا من المعلمين والمعلمات أعربوا عن استعدادهم لمساعدة الطالبات على الدراسة خارج المدارس التي تحظر ارتداء الحجاب، فيما أعلن القائمون على منتدى المغاربة في "فلندرز" أنهم منكبين على إنشاء مدرسة خاصة تسمح بارتداء الحجاب لمساعدة الطالبات المحجبات على استكمال دراستهن، متوقعين افتتاحها العام الدراسي المقبل. المدرسات أيضًا مدير الجامع العام التابع للهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا حذر أيضا من أن تبعات قرار حظر ارتداء الحجاب في عدد من المدارس لن تشمل الطالبات فقط، بل المدرسات المحجبات أيضا. وأضاف الطويل أن "بعض المدارس تعد خطة للتعامل مع المدرسات المحجبات تقضي بالسماح لهن ارتداء الحجاب في حصة الدين فقط"، واصفا في هذا الإجراء في حال تنفيذه ب"بالغ الخطورة لما تمثله المدرسات من قدوة لطالباتهن". ومن أصل حوالي عشرة ملايين نسمة في بلجيكا يوجد نحو 450 ألف مسلم يتوزعون بين 250 ألفا من أصول مغربية، و130 ألفا من أصل تركي، و30 ألفا من أصل ألباني، أما الباقي فمن أصول فلسطينية وجزائرية وتونسية وبوسنية، وغيرها.