يعد النقد الذاتي من شروط النهوض والتقدم نحو وضع أفضل . وهو الآلة أو الطريقة الآنجع لتنقية الطريق أمام أي حركة اجتماعية أو حزب أو تيار سياسي ...كما انها خطوة هامة بل ضرورية لازالة أي عقبات أمام أي مسار لتصحيح الذات ... اشكالنا اليوم أراه في اننا مازلنا الى الآن ننظر الى النقد الذاتي والمراجعة كأحد علامات الضعف أو السقوط والتراجع الى الوراء ...والاصل ان الامر هو عكس ذلك تماما , اذ يعد النقد الذاتي ومحاسبة النفس من أهم الوسائل الصادقة والنافعة لتحصين أي حزب أو تيار من الاخطاء المستقبلية ومن الذوبان والاندثار ...كما انه من المعلوم ان لكل تجمع نقاط مضيئة ونقاط لا نقول سوداء بل نقاط تعثر وتراجع وأخطاء , وذلك من طبيعة البشر وليس نقيصة اذا نظرنا اليها بصورة أو بروح رياضية وبدون عقد ..وهذا التجمع هو وحده وليس غيره القادر ان عاش لحظات صدق مع نفسه ان يضع كامل مساره في الميزان وذلك دليل قوة لا ضعف , هذا طبعا اذا لم يبخس الميزان وقاس ظروفه وأحواله بمقاسات صادقة علمية , يخشى الله فيها أولا وقبل كل شيء , قلت يضع ذلك في الميزان أو في محل اختبار يبحث فيه عن أسباب نزوله عن موقع الريادة والفعل والعمل الذي يترك بصمة اينما حل ...هو القادر وحده على اكتشاف عيوبه وزلاته ان ابتعد عن تزيين الخطأ وبرقشة واقعه عبر تحاليل الاحلام والاوهام والاماني ... أن التستر على الاخطاء وتعمد النظر اليها بمنظار وردي تحت ذريعة الحرص على تماسك المجموعة , هو عين الخطأ و هو المتسبب الاول في اطالة أي أزمة داخل أي تيار , بل يحدث تراكمات تثقل كاهل الجميع آجلا أم عاجلا وتكون عواقبها وخيمة على تماسك التيار ... لا شك ان الفكر النقدي هو حجر الزاوية في كل عمليات التجدد والنهضة وبدونه تتحجر السلوكيات والافكار وتسكن الحركة ويتوقف التطور وتضمحل الرؤى البرنامجية والفكر الاجرائي لصالح الخطابات التنظيرية العقيمة وخطابات الاحلام والاماني البعيدة عن الواقع وهمومه ...أن عملية تصحيح الذات والمسار تصبح ذات قيمة اذا كانت على ضوء التطورات والحقائق والحاجات الاجتماعية ومن هنا تتحول الأخطاء الى ثروة يمكن الاستفادة منها لاستشراف المستقبل ...أعجبني هذا القول المأثور حول النقد الذاتي وأهميته في دوام أي مجموعة داخل نسيجها الاجتماعي اذا ما مارست مراجعة حقيقية لذلتها :انه من رحم الهزائم تنبع الانتصارات أحيانا ' هذا اذا توفر الفكر النقدي لمعرفة أسباب الضعف والهزيمة وابداع وسائل الانتصار , اما في التعنت ورفض النقد فان الهزائم تستمر في سياقها ويتراجع فعل أصحاب العقائد والمبدعين الى ان يزولوا من ساحات الصراع . أن أي مبادئ أو وسائل نهضوية لا يجب أن تكون نماذج ورؤى جامدة سلبية فتتحول الى غايات وأهداف في ذاتها ويقع عليها إضفاء نوع من القداسة المقيتة التي تدل عن جمود في العقلية : أما أبيض أو أسود وكأنه لا وجود غير ذلك من الالوان ...والاصل في الشيء وكما يقول السلف : ليس العاقل من يعلم الخير من الشر بل العاقل هو الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين , ان نقد الذات يفتح للانسان الآفاق ليختار انطلاقا من رصد الاخطاء أي الشرين أهون ( طبعا هذا ان حوصر بين شرين وليس له التخلص من ذلك ..) وأي الخيرين انفع للمصلحة العامة و مصلحة الامة والجماعة مقدمة في شرعنا عن مصلحة الفرد أو مجموعة صغيرة , تكون عادة في حالة التيارات السياسية هي القيادة ...بميزان الاولويات وميزان المصلحة العامة تحل المشاكل المتنازع عنها , هذا ان وجدت الارادة لفعل ذلك وتجاوز من يحاول لمصلحته الضيقة سد الآفاق وتعطيل الحل .. اما اذا تحجرت الرؤية والاساليب واستولت عليها عقول أصحاب المصالح الخاصة وأصحاب القرار فأنها تصبح بمثابة الطواطم التي تعيق النهضة ...وفي حالة تمرد قد تحدث ولادة أو ولادات تشتت الآراء والجهود وبامكانها ايضا ان تكون ولادة تتسبب لا قدر الله في وفاة الام أو تركها في اعاقة دائمة ...ألم يخرج حزب الله من رحم حركة أمل سنة 1982؟؟؟ في أمان الله مريم حمدي