نحو تسهيل دخول السياح العراقيين والإيرانيين إلى تونس وفتح أسواق سياحية جديدة    جلسة عمل بين وزير الدّاخليّة والمستشار الفيدرالي السويسري المكلف بالعدل والشرطة    البطل التونسي محمد نضال الخليفي، يضيف الميدالية الثالثة في رصيده ببطولة العالم لألعاب القوى    رولان غاروس : أنس جابر تواجه لاعبة أمريكية في الدور الأول    زغوان: استعداد جهوي تامّ لتأمين سير امتحانات الباكالوريا في كافة مراحلها    بدعم من المجلس البنكي والمالي.. البنوك تمول الاقتصاد ب 106 مليارات دينار    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام مباريات الجولة الثامنة    قبلي: متابعة سير الموسم الفلاحي وتقدّم عملية حماية صابة التمور من الآفات والتقلّبات المناخية    محمد رمضان يحيي حفل نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي    القيروان:غلق الطريق وسط حالة من الاحتقان والتوتر    عاجل/ استئناف الحكم الصادر في حق مراد الزغيدي    تونس تطلق مسار مراجعة "الاستراتيجية الوطنية للانتقال الايكولوجي"    صفاقس تفكيك عصابة لترويج المخدرات وغسيل الأموال...حجز 50صفيحة من مخدر القنب الهندي    الجيش المصري يتدرّب على اقتحام دفاعات العدو    تونس نحو إدراج تلقيح جديد للفتيات من سن 12    عاجل : زلزال قوي يضرب بابوا غينيا الجديدة    رئيس مجلس المنافسة في حوار حصري مع "الشروق"... فتحنا ملفات البنوك والعقارات والأعلاف    تونس توقّع اتفاقية تمويل مع صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي لفائدة الفلاحة المندمجة بالكاف    غرفة التجارة و الصناعة : '' ندعو إلى إنشاء خط مباشر بين بولونيا وتونس ''    الرابطة الأولى: الإتحاد المنستيري يرفض خوض الكلاسيكو إلى حين النظر في مطلبه    إستعدادا لمواجهة الترجي الرياضي: مدرب الأهلي المصري يستبعد عدد من اللاعبين    الرابطة الأولى: تعيينات حكام منافسات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة التتويج    تسجيل 120 مخالفة اقتصادية في هذه الولاية    هام: بشرى سارة للعاطلين عن العمل بهذه الولايات..فرص شغل في هذا القطاع..    الخطوط التونسية: السماح لكل حاج بحقيبتين لا يفوق وزن الواحدة 23 كغ، و5 لترات من ماء زمزم    الجزائر: شاب يطعن شقيقته بسكين خلال بث مباشر على "إنستغرام"    منزل جميل: العثور على طفل ال 16 سنة مشنوقا    صفاقس: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه..    الكيان الصهيوني يوبخ سفراء إيرلندا والنرويج وإسبانيا    اقتراب امتحانات الباكالوريا...ماهي الوجبات التي ينصح بالابتعاد عنها ؟    نقابة الصيادلة : إزدهار سوق المكملات الغذائية مع إقتراب الإمتحانات.. التفاصيل    عاجل/ السعودية تعلن عن قرار جديد يهم الحج..    رئيس الجمعية المكافحة الفساد يكشف عن انتدابات مشبوهة تتجاوز ال200 الف    مكلف بالإنتقال الطاقي : إنتاج 2200 ميغاوات من الكهرباء سيوفر 4500 موطن شغل    ايران: بدء مراسم تشييع عبد اللهيان في مقر وزارة الخارجية    علي الخامنئي لقيس سعيد : ''يجب أن يتحول التعاطف الحالي بين إيران وتونس إلى تعاون ميداني''    إحباط مخطط لعملية إجتياز للحدود البحرية خلسة وإلقاء القبض على 30 تونسيا    هلاك شاب في حادث مرور مروع..    الإبادة وهجوم رفح.. العدل الدولية تحدد موعد الحكم ضد الكيان الصهيوني    «مرايا الأنفاق» لبنت البحر .. أسئلة المرأة والحرّية والحبّ والجمال    جائزة غسّان كنفاني للرواية العربية بفلسطين ..«برلتراس» لنصر سامي في القائمة الطويلة    «حلمة ونجوم» تمدّ جسور التواصل بين تونس واليابان    ‬قصص قصيرة جدا    أتلانتا بطلا للدوري الأوروبي بعدما ألحق بليفركوزن أول هزيمة في الموسم    الإسباني بيب غوارديولا يحصد جائزة أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي    قفصة: نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك لبيع الأضاحي    اليوم: درجات الحرارة تصل إلى 42 درجة مع ظهور الشهيلي    4 ألوان "تجذب" البعوض.. لا ترتديها في الصيف    مهرجان كان : الجناح التونسي يحتضن مجموعة من الأنشطة الترويجية للسينما التونسية ولمواقع التصوير ببلادنا    قفصة: تقديرات أولية بإنتاج 153 ألف قنطار من القمح الصلب هذا الموسم    بشخصية نرجسية ومشهد اغتصاب مروع.. فيلم عن سيرة ترامب يثير غضبا    وزارة الصحة: جلسة عمل حول تركيز مختبر للجينوم البشري لتعزيز جهود الوقاية والعلاج من الأمراض الوراثية والسرطانية    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 22 ماي 2024    مسرحية "السيدة المنوبية" تفتتح الدورة الرابعة لأسبوع المسرح البلدي بتونس    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمّة المنكوبة و الدّول المثقوبة والنّخب المسلوبة بقلم : عبد السلام بوعائشة
نشر في الحوار نت يوم 15 - 05 - 2010


الأمّة المنكوبة و الدّول المثقوبة والنّخب المسلوبة
المقاومة أوّلا
بقلم : عبد السلام بوعائشة

القراءة المتفحصة لما يدور على ارض الأمة العربية تبرز تناميا مطردا على امتداد عقود لظاهرة يتلازم فيها تراجع فكرة العروبة ومشروعها القومي الوحدوي مع تصاعد فكرة الأقليات العرقية والمذهبية الدينية والتقسيمات الطائفية والتصنيفات الاجتماعية (الرجل في مقابل المرأة) وصولا إلى فكرة الفرد اللبرالي المتحرر من كل قيد جماعي. هذا النهج جسّده عدوان خارجي وداخلي صاحبته عملية تفكيك و تقسيم جغرافي على الأرض تعرضت و تتعرض فيها عديد الأقطار العربية مغربا ومشرقا للتمزيق القسري والتفتيت إلى اصغر واضعف مكوناتها .
منهج التقسيم والتفتيت نراه اليوم يتم على قدم وساق في العراق وفي السودان ,في الصومال وفي لبنان, في فلسطين وفي مصر في موريطانيا والمغرب والجزائر واليمن و البحرين و بدرجات متفاوتة في ليبيا وتونس وسوريا والأردن وباقي إمارات ومملكات ومشيخات الخليج العربي. عمليات التفكيك و محاولات التفتيت هذه تنفذ بكل الوسائل والأشكال والأساليب وتجنّد لها جيوش جرارة من الجند ومن عساكر الإعلاميين ومراكز البحوث والأحزاب والمنظمات والجمعيات والدعاة والمبشرين والمحللين السياسيين وقادة الرأي من المثقفين والفنانين والحقوقيين ورجال المال والأعمال وغيرهم ممن لا يشك المواطن العادي في صدق نواياهم. في فلسطين زرع الغرب الأوروبي والأمريكي منذ أكثر من ستة عقود دولة للصهاينة فصلوا بها المشرق العربي عن مغربه واستمروا في تسليحها ورعايتها بكل الدعم الذي يخطر و قد لا يخطر على بال واتخذوا منها قاعدة متقدمة لمواصلة استهدافهم للعروبة أرضا وبشرا وثروات. وعملوا في خط متواز على حماية التقسيم الاستعماري القديم لأرض العروبة ومنعوا بقوة الجيوش و قوة السياسة و قوة الاقتصاد والإعلام والدعاية كل محاولات التوحيد والتقارب و لازالوا يفعلون بل حرصوا على مزيد التقسيم والتفكيك في مناطق الثروة النفطية حيث استحدثوا العائلة الدولة وربطوا اقتصادياتها بالكامل مع اقتصادياتهم. كما حرصوا على تحصين نظام التقسيم والالتفاف على نزعات الوحدة بالاستثمار في نظام جامعة الدول العربية وفي مرحلة لاحقة نظم التعاون الإقليمي حتى تكون متنفسا شعبويا يذر الرماد في العيون وضمانا لاستمرار التجزئة والتفكيك الاستراتيجي. وهاهم اليوم يتقدمون أشواطا جديدة باختراقات جديدة لا تسعى للتفكيك فحسب بل تنذر بضياع الأمة وإهدار وجودها وذهاب ريحها بين الأمم.
إن ما حدث ويحدث خصوصا في العراق والسودان واليمن ولبنان ومصر والصومال من محاولات تصفية للعروبة وتغذية دموية للأحقاد العرقية والطائفية والعشائرية يعدّ وبكل المقاييس كارثة حقيقية تضاعف محنة الأمة وينبئ استمرارها بكوارث اخطر على المدى المتوسط والبعيد خصوصا وقد بدأت بعض معالم هذه الكوارث تبرز من خلال ما يحدث من اختراقات إقليمية في العراق وفي لبنان واليمن وفلسطين و سوريا وما يحدث من اختراق اقتصادي و ديمغرافي وعسكري في إمارات الخليج ودوله ونزيف حضاري وثقافي في دول المغرب العربي تحت ضغط الفرنكوفونية السياسية والثقافية والاقتصادية مع بقاء مصر رهينة الاستراتيجية الصهيونية الأمريكية وقاعدة لكل التداعيات الآنفة الذكر. هذا الوضع فتح جميع بوابات التلاشي والذوبان للهوية الجامعة وافقد شعوب الأمة ضمان وجودها واستمرارها و استقرارها وعرض ويعرض يوميا رعاياها في الداخل وفي شتات المهجر لرحلة تيه وغربة وضياع لا عودة بعدها تحولت معها الجغرافيا العربية إلى مجرد جغرافيا بلا عروبة وأصبح التاريخ العربي بكل روافده عبئا على حاضر الشعوب والنخب المسلوبة إرادتها و وعيها و وينتهي الحال بالعرب إلى ما انتهت إليه أحوال جميع الشعوب التي فقدت هويتها اللغوية والثقافية والحضارية وصارت محكومة بتبعية دائمة للمركزية الأوروبية.
أمام هذا المشهد العربي القاتم وفي ظل غياب إرادة جماعية ناهضة على مستوى الحكومات و الشعوب ليس أمام نخب المقاومة السياسية والفكرية إلا أن تعوض فاقد القوة والإرادة وتتخلى عن تطهرها الفكري والأكاديمي و تتحرر من ضغط الأجندات والمحاور النضالية المسقطة وتسعى لملء فراغات الفشل و العجز الذي سببته النخب الحاكمة بسياساتها وخياراتها المعادية لمنطق تاريخ أمتها العربية العظيمة.
إن الدفاع عن وجود الأمة العربية ومنظومة هويتها الجامعة وإنقاذ مشروع نهضتها يقتضي من جميع مكونات نخبها السياسية والفكرية في الداخل والخارج وعلى اختلاف مشاربهم الارتقاء إلى مستويات أعلى من الوعي التاريخي بجسامة الخطر والالتزام النضالي بالمقاومة كأسلوب وحيد لتحقيق أهداف الأمة في التحرر والوحدة والعدالة . كما يستدعي من جميع الحادبين على مستقبلها نخبا وأحزابا ومنظمات أن يتبينوا حدود السيادة وحدود التبعية في مجمل محاور التنمية والنضال فلا يتخلفوا عن تحكيم عنوان الهوية الجامعة في رسم أولويات نضالهم وجبهات لقائهم مع قوى الداخل والخارج.
إن معارك الديمقراطية وحقوق الإنسان و حرية الصحافة والتعبير لا يمكن إلا أن تكون على قاعدة مقاومة الاستهداف الحضاري والعسكري والاقتصادي الذي تتعرض له الأمة في جميع أقطارها وعلى قاعدة الحق في العروبة الجامعة والمواطنة العربية وإسناد المقاومة العظيمة لشعب العراق وفلسطين الذي يدفع يوميا ثمنا باهضا تعويضا لعجزنا وقصورنا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.