مساندة متواصلة للفئات الضعيفة.. قريبا انطلاق معالجة مطالب التمويل    وفد من الحماية المدنية في الجزائر لمتابعة نتائج اجتماع اللجنة المشتركة التقنية المنعقد في جانفي الماضي    عاجل : انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز أكساد    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. قصّر يخربون مدرسة..وهذه التفاصيل..    الحكم الشرعي لشراء أضحية العيد بالتداين..!    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقّعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    الرابطة الأولى: جولة القطع مع الرتابة في مواجهات مرحلة التتويج    قرعة كأس تونس 2024.    جندوبة: الحكم بالسجن وخطيّة ماليّة ضدّ ممثّل قانوني لجمعيّة تنمويّة    مفزع/ حوادث: 15 قتيل و500 جريح خلال يوم فقط..!!    الكاف..سيارة تنهي حياة كهل..    مدنين: القبض على مُتحيّل ينشط عبر''الفايسبوك''    المدير العام لبيداغوجيا التربية:الوزارة قامت بتكوين لجان لتقييم النتائج المدرسية بداية من السنة الدراسية القادمة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    بدرة قعلول : مخيمات ''مهاجرين غير شرعيين''تحولت الى كوارث بيئية    عمال المناولة بمطار تونس قرطاج يحتجون    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    عاجل/ يرأسها تيك توكور مشهور: الاطاحة بعصابة تستدرج الأطفال عبر "التيكتوك" وتغتصبهم..    البحيرة: إخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين من المهاجرين الأفارقة    حفاظا على توازناته : بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة يرفع رأس ماله الى 69 مليون دينار    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    خليل الجندوبي يتوّج بجائزة أفضل رياضي عربي    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    البطولة الوطنية : تعيينات حُكّام مباريات الجولة الثانية إياب من مرحلة تفادي النزول    وسط أجواء مشحونة: نقابة الصحفيين تقدم تقريرها السنوي حول الحريات الصحفية    معهد الصحافة يقرر ايقاف التعاون نهائيا مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية بسبب دعمها للكيان الصهيوني    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    نبيل عمار يستقبل البروفيسور عبد الرزاق بن عبد الله، عميد كلية علوم الكمبيوتر والهندسة بجامعة آيزو اليابانية    حالة الطقس ليوم الجمعة 03 مارس 2024    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تشيلسي يفوز 2-صفر على توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    بنزيما يغادر إلى مدريد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اربعون عاماً على النكسة وارهاصات العروبة الجديدة
بقلم الاستاذ: معن بشور
نشر في الشعب يوم 16 - 06 - 2007

الحديث عن نتائج حرب حزيران ,1967 او ما يسمى بالنكسة ، هو حديث عن مرحلة بالغة التعقيد لا يمكن فيها لأي تبسيط إلا ان يكون مخّلا، ولأي تعميم إلا ان يكون مضللاً.
فالقول مثلاً ان تلك النكسة كانت المدخل لكل ما شهدناه من تراجع في اوضاعنا العربية يتجاهل مسألتين في آن واحد: فهل كان العرب قبل 1967 في حال تقدم حتى باتوا بعدها في حال تراجع، بل هل كانت النكسة نفسها لتحصل لو ان الاوضاع العربية كانت سوّية ومحصنة، بل ألم تكن االنكسةب نفسها في عام 1967 هي نتاج نكسات وارتدادات سبقتها كالانفصال المشؤوم عام ,1961 الذي حصل في دولة الوحدة الاولى بين مصر وسوريا، او كالشجار الدموي الذي وقع بين القوميين والشيوعيين في عراق ما بعد 14 تموز 1958 ثم الانقسام الذي عصف بوحدة الصف القومي في العراق وخارجه بعد 8 شباط ,1963 او كحرب اليمن المديدة التي استنزفت قدرات مصر وجيشها على مدى سنوات في الستينات، او احتدام الصراع بين القيادة الناصرية والاخوان المسلمين الذي ادى عام 1966 الى اعدام بعض قادة الاخوان وفي مقدمهم الشخصية الاسلامية البارزة سيّد قطب، او بشكل خاص ذاك التجاذب الانقسامي الحاد الذي طغى على العلاقات العربية، العربية بحيث ضاعت الاولويات، وساد العابر من الخلافات على الرئيسي من التناقضات.
فالنكسة اذن هي طفرة نوعية وقعت بعد تراكمات كمية سبقتها، وهي محطة في مسار انحداري اطلق تداعيات ومفاعيل بالغة الخطورة.
واذا كان المنطق السائد لدى البعض في وطننا العربي، هو منطق سوداوي غارق في اوحال الهزائم والاوجاع والمحن العربية، واذا كان المنطق المعاكس لدى البعض الآخر طفراوياً لا يرى في حياتنا العربية إلا لحظات النصر وصرخات الابتهاج، فان المنطق الموضوعي والاكثر توازناً هو ذلك الذي يرى الامة في سياق تاريخي متعرّج ومركب، فيه النكسة وفيه الصحوة، فيه الانكسار وفيه الانتصار، فيه الانهزام والاستخذاء وفيه المقاومة والإباء.

في هذا السياق المركب ايضاً تعلو رايات وتنخفض رايات، تتقدم تيارات وتتراجع تيارات، تطفو على السطح اسماء وحركات ومنظمات وسرعان ما يخبو نجمها لتبرز اسماء جديدة وحركات ومنظمات لم يكن لها ذكر من قبل.
لذلك ينبغي ان نحاذر القراءة المجتزأة للمرحلة التي تلت الخامس من حزيران او التي مهّدت لها، فمثل هذه القراءة المجتزأة تحاول ان تقف امام مرحلة دون اخرى، وتركز على تيار دون آخر، وتقرأ كتاب الامة من بعض عناوين صفحاته وليس من كل فصوله والكلمات.
السؤال اذن يبقى هل اوقفت نكسة الخامس من حزيران حركة المقاومة في الامة أم الهبتها، هل اطلقت هذه النكسة في نفوس ابناء الامة مشاعر الاستكانة والخنوع والاذعان أم الهبت فيهم روح المقاومة والتصدي والاقدام ؟
السؤال الآخر المرتبط بهذا السؤال: هل توقف الصراع العربي الصهيوني بعد هزيمة ثلاثة جيوش عربية رئيسية، ومن خلفها هزيمة النظام الرسمي العربي، أم ان هذا الصراع مازال مستمراً حتى الساعة، رغم كل ما أُقر من اتفاقات، وسال من دماء، وانفجر من حروب، وسقط من حكام، بل ألم يجد العدو الصهيوني، الذي بلغ ذروته في الانتصار القياسي الساحق على الجيوش العربية قبل اربعين عاماً، نفسه منذ ذلك الحين عاجزاً عن تحقيق اي انتصار عسكري صاف، بل انه في كل الهزائم التي لحقت بجيشه منذ حرب تشرين 1973 الى حرب تموز ضد لبنان عام ,2007 وما بينهما، كان يحاول أن يأخذ بالسياسة، وبألاعيبها ومناوراتها وبالدعم الامريكي والغربي، ما لم يستطع ان يناله بالمواجهة.
فاذا كان الامر هكذا، وهو بالطبع كذلك، ينبغي النظر إذن إلى كل القضايا المتصلة بهذا التيار او ذاك، وفق الرؤية العامة للمشهد لا وفق رؤية محددة بمكان او زمان محددين.
فالحديث عن فشل القوميين يبدو صحيحاً اذا كان المقصود ممارسات او سياسات او انظمة او حتى احزاب او حركات احتارت في الاولويات، وقايضت بين الاهداف، واستيدلت البرامج المتكاملة بالشعارات، ومارست الاقصاء بديلاً عن التكامل، والتفرد بدلاً من المشاركة، كما لا يبدوهذا الحديث دقيقاً اذا كان المقصود بالفشل الفكرة القومية الجامعة التي تبدو اليوم الحاجة ماسة اليها في زمن التكتلات الكبرى التي تقوم في العالم ، بل تبدو هي الضمانة في زمن التفتيت والتقسيم والفدرلة التي يقودها المشروع الصهيو امريكي في المنطقة، ناهيك عن بروز سلامة هذه الفكرة مع انكشاف المخاطر التي يحملها فصل الامن الوطني عن الامن القومي، واستحالة التنمية القطرية في غياب التكامل العربي، واهتزاز الاستقرار المحلي اذا ما اهتز الاستقرار الاقليمي برمته.
وفي الحديث هنا عن فشل القوميين او صعودهم في مقابل التيارات الاخرى ينبغي ان نرصد ظهور عروبة جديدة، او رؤية قومية متجددة، بدأت مع مراجعة التجربة القومية ذاتها منذ العام ,1967 وتوصلت منذ اواسط الثمانينات الى جملة خلاصات جوهرية لابد من الوقوف امامها.
اول الخلاصات ان تعريف القومي العربي او العروبي لم يعد محصوراً بمدارس او احزاب او جماعات قومية كلاسيكية معروفة بعينها، بل بات يتسع ليشمل كل تيار فكري او جماعة او منبر او فرد يلتزم بالمشروع النهضوي الحضاري العربي وعناصره الست الوحدة العربية، الديمقراطية والشورى وحقوق الانسان، الاستقلال الوطني والقومي، التنمية المستقلة، العدالة الاجتماعية، التجدد الحضاري, ولقد بات لهذا التوسع في التعريف اطره ومؤسساته في مجالات الحوار والتشاور والتلاقي والتفاعل التي يلتقي فيها العروبي الكلاسيكي مع الاسلامي العروبي، مع الماركسي الوحدوي، مع الليبرالي المحصن ضد فيروس البراية المحافظين الجدد الذي عاث في عقول بعض مثقفينا فساداً.
اي بتنا نرى في المؤتمر القومي العربي، والقومي الاسلامي، ومؤتمر الاحزاب العربية وملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي ومؤسسة القدس، ومخيمات الشباب، القومي العربي، والاتحادات المهنية والجمعيات المتخصصة، ومؤسسة القدس، ومخيمات الشباب القومي العربي، والاتحادات المهنية والجمعيات المتخصصة، تلاقياً بين ابناء كل هذه التيارات ممن ادركوا حدة المخاطر التي تهدد الجميع دون استثناء، وممن تعلّموا من تجاربهم المريرة ان استفراد تيار سيقود الى استفراد التيار الآخر، وان االثور الابيض سيؤكل حتماً يوم يؤكل الثور الاسودب.
الخلاصة الثانية: ان العروبة الجديدة او المتجددة، اي العروبة الجامعة، هي عروبة التمسك بالديمقراطية ورفض مقايضتها باي هدف عزيز آخر، لأنها ضمانة كل الاهداف الاخرى وصمام الامان في مسيرة تحقيقها.
والعروبة الجديدة هي عروبة التكامل مع الاسلام الذي هو عقيدة غالبية ابناء الامة، وهو ايضاً الخزان الروحي والحضاري والثقافي والتاريخي لكل ابناء هذه المنطقة، مسلمين كانوا او غير مسلمين، عرباً كانوا ام غير عرب.
وهذه العروبة الجديدة هي ايضاً عروبة القدرة على فهم الخصوصيات التي تتميز بها مكونات الامة، اقطاراً كانت ام جماعات أم اقواماً، فلا تبقى فقط عروبة التركيز على التماثل بين مكونات الامة، بل تسعى ايضاً الى فهم ما يميّز هذه المكونات عن بعضها في الوقت نفسه.
والعروبة الجديدة هي عروبة الانفتاح على العصر، وعروبة التفاعل مع العالم، وبالتالي فالخطاب العربي، والممارسة العربية، يجب ان يخدما ذاك الانفتاح، وهذا التفاعل، فلا نسقط في سهولة تتيحها لنا اثارة العصبيات، او في تعصب ينبع من جهل وتخلّف وانغلاق وادارة الظهر لكل ما يجري حولنا في عالمنا المعاصر.
والعروبة الجديدة هي عروبة الحفاظ على الوحدة الوطنية، وفهم المشاعر الوطنية، لأن العروبة هي فيض في الوطنية لا نقص فيها، واكبر اساءة للعروبة هي ان نضعها في مواجهة المسألة الوطنية او في موقع التنكر لتجلياتها وتعبيراتها، فكما ان الوحدة الوطنية في كل قطر هي المدخل لتعزيز الوحدة القومية على مستوى الامة، فان العروبة، المتكاملة مع الاسلام والمدركة لدور غير المسلمين في صياغة الحضارة العربية الاسلامية، هي ضمانة الوحدة الوطنية في العديد من اقطار الامة، ولعل حرب الامريكيين وعملائهم على هوية العراق العربية والاسلامية كانت الممهد الضروري لحربهم على وحدة العراق واستقلاله ومؤسساته.
اما الخلاصة الثالثة: التي خرجت بها العروبة الجديدة، لا سيّما بعد الخامس من حزيران، فهو ان المقاومة هي الطريق الاسلم والاقصر لتحرير الارض والانسان في هذه الامة، وان انخراط ابناء الامة في هذه المقاومة بمستوياتها المتعددة، العسكرية والثقافية والسياسية والاعلامية والتربوية والاقتصادية، هو طريق الامة الى التحرر والوحدة في آن معاً.
ولا حاجة للتذكير ان الأمة لم تسقط خيار المقاومة ضد المستعمر الاجنبي منذ نهاية القرن الثامن عشر مع غزوة نابليون وحتى الساعة، وقد تكثف تعلقها بهذا الخيار بشكل خاص بعد الخامس من حزيران ,1967 وبل اتسعت دائرة المقاومة لتشمل اكثر من قطر عربي واسلامي سواء عبر المقاومة او الممانعة او المساندة، فنجحت هذه المقاومة في ان تربك العدو، الصهيوني او الامريكي، رغم تفوقه، في هزائم او اهتزازات بدأت مع معركة الكرامة في الأردن اذار 1968 لتتوج بالنصر المؤزر مع معركة الجنوب اللبناني في تموز 2007 مروراً بحرب تشرين المجيدة 1973 ، وانتفاضة فلسطين ,1998 وتحرير جنوب لبنان غير المشروط عام .2000
وعظمة هذه المقاومة لا تنحصر بما الحقت بالعدو الصهيوني من اوجاع وخسائر، وهزائم أحياناً، بل انها اخذت تتوسع لتشمل حلفاء هذا العدو الذين هبوا لنجدة قاعدتهم الأمامية الكيان الصهيوني وقد بدأت دعائمها بالاهتزاز بفعل انتفاضة فلسطين ومقاومة لبنان، فوجدوا انفسهم عالقين في افخاخ المقاومة العراقية والافغانية والصومالية، وليدركوا ان الكيان الذي ارادوه رأس جسر لنفوذهم في المنطقة قد بدأ يتحول الى عبء متفاقم عليهم وعلى الصعد العسكرية والاقتصادية والاستراتيجية والاخلاقية، وهو امر بدأ الامريكيون يلمسونه، ولو بشكل محدود، ويدركون مخاطره على غير مستوى.
وهكذا وجدنا ان شعارات من نوع اما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة و االمقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى وستبقيب، و اصراعنا مع العدو صراع وجود لا صراع حدود، و فلسطين لا تحررها الحكومات بل العمل الشعبي المسلح وهي شعارات اطلقها قادة ورموز ومفكرون قوميون بارزون، تعود اليوم لتتصدر ساحة النضال العربي والاسلامي، لتؤكد ان امتنا تقف وراء كل من يجاهد من ابنائها، اياً كانت المدرسة العقائدية والفكرية التي ينتمي اليها، وان هؤلاء المجاهدين يجاهدون في ظل تلك الشعارات غير آبهين بمن اطلقها ما دامت تصب في الاتجاه الصحيح.
وبهذا المعنى فان نكسة الخامس من حزيران ,1967 كانت كاشفة لمكامن القوة والضعف في كل التيارات، مسلطة الضوء على طبيعة التحديات التي تواجهها الامة، ونوعية الاستجابة المطلوبة لهذه التحديات.
فهل بات العدو الصهيوني اكثر امناً بعد تلك النكسة التي احتل فيها من الارض الفلسطينية والعربية اضعاف مساحة كيانه المصطنع اصلاً؟ أم انه بات محاصراً ومهدداً في امنه الداخلي والاستراتيجي بعد اربعين عاماً على ذلك النصر الساحق الذي اعتقد انه نصرا ابدي؟.
ثم هل باتت امتنا اكثر انخراطاً في معركة المواجهة مع المحتلين، صهاينة ام غير صهاينة، مما كانت عليه قبل اربعين عاماً، وقد رأينا كيف ان مصير العالم برمته يتقرر اليوم في ضوء مصير الاحتلال الامريكي والصهيوني في هذه المنطقة.
حين نجيب بدقة على هذه الاسئلة، ندرك ان خسارة تيار من تيارات الامة لحساب تيار اخر ليست خسارة ما دامت الامة رابحة، والحائر بين هذا التيار او ذلك ليس بحائر.
فاذا كان الله سبحانه وتعالى قد رفض تفضيل عربي على اعجمي إلا بالتقوى، فإنا علينا اليوم الا نفضل عربي على آخر إلا بالمقاومة.
فالاسلامي او اليساري او الليبرالي المجاهد ضد اعداء الامة يبقى اقرب اليّ، انا القومي العربي، بكثير من دعاة القومية المنظرين للخنوع باسم الواقعية السياسية، وللاذعان بسبب الحسابات الدقيقة، وللمرتهنين لإرادة الأجنبي على حساب اوطانهم، وللمبررين للقمع والاستبداد على حساب الحرية والمشاركة وحقوق الانسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.