بلجراد بعد سنوات طويلة من الحروب في البلقان، يأتي شهر رمضان الكريم هذا العام ليجلب معه رغبة قوية لدى الأقلية المسلمة في صربيا للمصالحة والوحدة بعد المعاناة التي عايشتها خلال سنوات الحرب القاتلة، والتي كان من ضمن نتائجها تمزيق المجتمع الإسلامي في سبع دول بعد أن كان يعيش في دولة واحدة هي يوغوسلافيا. وفي حديث لوكالة الأنباء الألمانية اليوم الخميس 3-9-2009 قال إساد زاموفيك: "إنه شهر صعب، لكنه يجلب الشعور بالوحدة". ويضيف زاموفيك بنبرة تملؤها السعادة: "بمجرد أن بدأ رمضان في دول البلقان الجمعة 21 – 8- 2009، تحولت وتيرة الحياة إلى الإيقاع الرمضاني؛ حيث اكتظت المساجد بالمصلين في صلاة التراويح، ونحن نعتبر هذا جزءا من الصحوة الوطنية". وأضاف: "نحن نقدر التعاطف الذي نلقاه من المسيحيين الأرثوذكس، ويصل أحيانا لدرجة الدعم في مدن مثل بودغوريتشا وبلجراد". وأدت الحرب التي اندلعت في البلقان خلال تسعينيات القرن المنصرم إلى مقتل وتشريد مئات الآلاف، وتدمير يوغوسلافيا السابقة؛ ما أدى إلى تمزيق المجتمع الإسلامي الكبير الذي كان يوجد مقره في سراييفو عاصمة البوسنة، ليتشتت في سبع دول جديدة، هي: " صربيا، وكرواتيا، والبوسنة، وسلوفينيا، ومقدونيا، والجبل الأسود، وكوسوفا". "أمل في غد أفضل" ومن جانبه، قال مفتي بلجراد محمد يوسف أسباهيتش: "كلفتنا الحرب كثيرا.. حتى إننا لم نعد ندرك ماذا يعني عام من الحياة! لكن بعد ظلام فترة التسعينيات، الآن أصبح أخيرا هناك أمل في غد أفضل". وتابع أسباهيتش في تصريحات صحفية اليوم: إن "المسلمين البالغ عددهم 600 ألف في البلاد مختلفون عرقيا، لكنهم متحدون في صربيا والإسلام". وأضاف: إن "الأمر يبدو طيبا عندما يأتي أصدقاؤنا المسيحيون لزيارتنا في رمضان عندما نتجمع في المسجد للصلاة والإفطار". ومضى المفتي الذي يقع مسجده في وسط بلجراد، واندلعت فيه النيران على يد حشد غاضب من الصرب في كوسوفا عام 2004، قائلا: "ما حدث في سنوات الحرب أن الناس نسوا قيم التسامح، وسمحوا للمعابد أن تحترق لتبقي على الفرقة بشكل دائم". لكنه يضيف بصوت يملؤه الحزن: "حتى مع بدء تلاشي التوتر بعد مرور 14 عاما على انتهاء الحرب ظهرت على السطح مشكلة أخرى وهي مواجهة الفصائل الإسلامية في صربيا". وبحسب أسباهيتش، تريد إحدى الجماعات الأصولية الاستقلال عن سراييفو، بينما لا ترغب الأخرى المعتدلة في الاستقلال. وتساءل أسباهيتش: "هل يمكن أن يكون رأس المسلمين في سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك بينما الجسد في صربيا؟!". وأسفرت الحرب الوحشية في البوسنة -التي وضعت المسلمين والكروات ضد الصرب، وأيضا بين بعضهم البعض- عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وتشريد مئات آلاف آخرين.