هذه الأدوات تطرق سمع المخاطب ، فتنبهه إلى ما سيكون بعد ذلك فلا يضيع عليه من كلام القائل شيء وقد عرف العرب كثيراً منها ، فهناك على سبيل المثال : 1 ( همزة الاستفهام ) : وقد وردت في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم بوفرة ، ومن هذه الأحاديث ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( . . . . . ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع الدرجات ؟ . . . )) ( إلى آخر الحديث )(1) فأوردها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلفت انتباه المسلمين ، ثم أتبعها ب ( لا ) النافية (( ألا أدلكم )) فلما أصبح استعدادهم كاملاً أجابوه بالإيجاب . 2 ( النداء ب أيها الناس ) : وهذا يستدعي تحويل الرؤوس إليه صلى الله عليه وسلم ، وتصويب نظراتهم نحوه ، وفتح آذانهم ، والإصاغة باهتمام لما يقول ، ويوردها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يكون الجمع حاشداً ، كما حدث في خطبة (( حجة الوداع )) إذ : أ أوردها عدة مرات للتأكيد على وجوب الانتباه ، لما للأمر من أهمية . ب ذكرها في بداية كل فقرة ، للإشعار بأنه يقول شيئاً جديداً(2) . 3 ( أداة النداء : يا ) : أ لنداء الخاص أحياناً ، كالحديث الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ، إذ طبخت مرقة ، فأكثر ماء المرقة ، وتعاهد جيرانك ، أو اقسم في جيرانك(3) . ب لنداء العام أحياناً : كالحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يا نساء المسلمات ، يا نساء المسلمات ، لا تحقرنَّ جارة لجاراتها ، ولو فرسَنَ شاةٍ(4) . ومن الملاحظ أنه صلى الله عليه وسلم في ندائه أبا ذر وكان وحده ناداه مرة واحدة ، وحين نادى عامة النساء كرر وذلك لبعد الزمان والمكان . 4 ( إن وأمثالها ) : فهي للتوكيد والتثبت ، ومثالها : ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أعظم الناس أجراً في الصلاة ، أبعدهم إليها ممشى ، فأبعدهم(5) . فأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن البعيد عن المسجد ، الملتزم بالصلاة فيه أكثرُ أجراً من القريب منه . 5 ( أدوات الشرط بأنواعها ) : ففيها معنى الحثُّ والترغيب و . . ومثالها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت(6) . 6 ( ما النافية مع إلا أداة الحصر ) : وهذا يسمى في عرف البلاغيين : أسلوب القصر ، ومثاله : ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أكرم شابٌ شيخاً لسنه إلا قيَّض الله له من يكرمه عند سنه(7) . 7 ( إنِّما الكافة المكفوفة ) : وهي من أساليب القصر أيضاً ، ومثالها : ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنَّما مثل الجليس الصالح وجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير . . . إلى آخره(8) . فنبَّه بأسلوب القصر إلى مكانة الجليس الصالح ، ومهانة الجليس السوء . وأمثال هذه الأدوات عديدة يتنبه إليه النبيه . وبعد . . . فهذا غيض من فيض من طرائق رسول الله صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم ، سلوكاً وأسلوباً ، عملاً وقولاً . أرجو أن يكون عملي هذا لبنة في صرح التربية الإسلامية ، راجياً ثواب الله تعالى . فما كان من خير وصواب فمن الله تعالى وفضله ، وما كان من هَنَة وتقصير وضعف فمنّي . أسأل الله تعالى القبول فإنه أكرم مسؤول . اللهم : اغفر ذنبي ، واستر عيبي ، واختم بالصالحات أعمالي . أخوكم عثمان قدري مكانسي ------------------------------------------------------------------------ (1) رياض الصالحين ( باب فضل المشي إلى المساجد )، رواه مسلم . (2) سيرة ابن هشام ، الجزء الرابع ص / 184 / ، طبعة مكتبة الرياض ، نقلاً من مكتبات الكليات الأزهرية . (3) الأدب المفرد الحديث / 114 / . (4) الأدب المفرد الحديث / 123 / . (5) رياض الصالحين ، باب فضل المشي إلى المساجد ، رواه مسلم . (6) رياض الصالحين ، الحديث / 306 / متفق عليه . (7) رياض الصالحين الحديث / 357 / رواه الترمذي وقال : حديث غريب . (8) رياض الصالحين الحديث / 361 / متفق عليه .