دعا فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مواطني قرغيزستان من القرغيز والأوزبك إلى التوقف الفوري لكل مظاهر الاقتتال والشحن والتحريض بعضهم ضد بعض، حاثا العلماء في قرغيزستان إلى التدخل السريع. وتأتي دعوة الشيخ القرضاوي فيما التقى موفد منظمة المؤتمر الإسلامي مع المسؤولين القرغيز لتأكد استعداد المنظمة للقيام بدور أساسي في تحقيق المصالحة في البلد. وعلى الصعيد الميداني، ما زال التوتر يخيم على مدينة أوش رغم الهدوء النسبي، فيما انصبت الجهود لاحتواء أزمة المشردين الذين تجاوزت أعدادهم أكثر من 400 ألف مشرد ومهجر، كما فاق عدد القتلى الإحصاءات الرسمية الأولية ليتجاوز أكثر من 2000 قتيل معظهم من الأوزبك. اتحاد العلماء يعرض التوسط وفي بيان صادر عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين صدر أمس السبت في الدوحة، عرض العلامة د.يوسف القرضاوي على الحكومة القرغيزية المؤقتة زيارة وفد من قيادة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى قرغيزستان " والتنقل إلى المدن التي تشهد هذه الفتنة من أجل التوسط بين الفئتين وبيان موقف الإسلام الصريح في تحريم مثل هذه الأعمال". ودعا البيان " الإخوة في قرغيزستان من القرغيز والأوزبك إلى التوقف الفوري ووضع حد لكل مظاهر الاقتتال والشحن والتحريض بعضهم ضد بعض، والعودة إلى علاقات طبيعية مبنية على الأخوة الإسلامية، والوحدة الوطنية". كما حذر البيان من " التمادي في هذا الاقتتال المحرم بين المسلمين وما يمكن أن يخلفه من مبررات التدخل الأجنبي في بلدهم، بل احتلاله، و من عداوات قد تمس دولا في المنطقة وتتحول إلى حرب جديدة بين المسلمين الرابح فيها الوحيد هم الأعداء المتربصون بهذه الأمة". وتضمن بيان الاتحاد دعوة منظمة المؤتمر الإسلامي إلى التدخل عبر إرسال وفد منها إلى هذه البلاد للبحث عن سبل المساعدة التي تستطيع أن تقدمها هذه المنظمة في حل الأزمة. كما دعا البيان الحكومات الإسلامية، والمنظمات الخيرية الإسلامية للمساعدة الفورية، والإغاثة العاجلة للمنكوبين في هذه الأحداث. تحرك إسلامي وعلى صعيد التحرك الإسلامي كان عبد المعز بخاري، الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، المبعوث الخاص للأمين العام للمنظمة، قد التقى الأسبوع الماضي بالرئيسة المؤقتة لحكومة قيرغيزستان، روزا أوتنباييفا، ونائبها، ألمازبيك أتامباييف، ورسلان كازاباييف، وزير خارجية الحكومة المؤقتة في بيشكيك. وأكد بخاري استعداد المنظمة للقيام بدور فاعل في تحقيق المصالحة وإجراء حوار في البلاد، كما أعلن عن تقديم مساهمة رمزية بمبلغ 250 ألف دولار أمريكي مقدمة من صندوق التضامن الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية لتلبية الاحتياجات العاجلة للنازحين واللاجئين في جنوب البلاد. اتهامات لعناصر " خارجية " وعلى صعيد إقليمي اتهم إسلام كريموف رئيس أوزبكستان أمس السبت عناصر "خارجية" بإثارة موجة من الاضطرابات في قرغيزستان المجاورة وقال إنه لا المنحدرين من أصل أوزبكي ولا القرغيز مسؤولون عن القلاقل. ونقلت وكالة أنباء أوزبكستان الرسمية عن كريموف قوله "لا الأوزبك ولا القرغيز مسؤولون عن هذا." وأضاف "دبرت هذه الأعمال التخريبية وأديرت من الخارج. "حاولت القوى التي دبرت هذا العمل التخريبي جر أوزبكستان إلى هذا النزاع." تأتي هذه التصريحات مماثلة لما تعلنه القيادة المؤقتة في قرغيزستان التي ألقت بالمسؤولية عن تأجيج العنف الذي تفجر مجددا الأسبوع الماضي على الرئيس المنفي كرمان بيك باقييف الذي أطيح به من السلطة في إبريل الماضي. ونفى باقييف بشدة أي تورط في هذه الأحداث. وأثارت مغادرة باقييف قرغيزستان تنافسا شرسا بين العصابات والجماعات الإجرامية في جنوب البلد الواقع في آسيا الوسطى وعلى طريق معروف لتهريب المخدرات من دولة أفغانستان القريبة. ويوجد تنافس تاريخي بين عرقي الأوزبك والقرغيز حيث شهدت هذه المناطق توترات عرقية دموية خلال العقدين الأخيرين. لكن العديد من السكان والمراقبين على الأرض يقولون إن أنصار باقييف الذين ظلوا في قرغيزستان يلعبون على وتر الانقسامات العرقية ليحشدوا قواهم من جديد. ويجدر بالذكر أن الأوزبك يشكلون 14% من سكان قرغيزستان البالغ 5 ملايين نسمة، إلا أنهم يتقاسمون النسبة مع القرغيز في المدن الجنوبية التي شهدت الأحداث الدموية منذ 10 يونيو الجاري. تحقيق دولي و في تطور دولي متصل دعا روبرت بليك -مساعد وزيرة الخارجية الأميركية والمبعوث الأميركي الخاص إلى آسيا الوسطى- قرغيزستان إلى ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل بشأن الأسباب المحتملة لاندلاع العنف. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد دعا حكومة قرغيزستان لإجراء تحقيق دولي شامل وشفاف في أعمال العنف العرقي التي شهدتها البلاد. كما حث بليك المسؤولين القرغيز على تهيئة الظروف لعودة مئات الآلاف من اللاجئين بسلام بعدما شردتهم الأحداث العرقية الدموية الأسبوع الماضي. وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت يوم الجمعة أن مئات آلاف اللاجئين والنازحين "تأثروا سواء مباشرة أو غير مباشرة" بالاضطرابات، وقد قدر عددهم بنحو ثلاثمائة ألف لاجئ وسبعمائة ألف نازح داخل البلاد، وأدت أعمال العنف إلى تدفق اللاجئين إلى أوزبكستان. وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم السبت عن إقامة جسر جوي من دبي اعتبارا من اليوم الأحد لنقل المواد الغذائية إلى قرغيزستان وأوزبكستان. وقالت مديرة البرنامج جوزيت شيران "لا يمكننا إضاعة دقيقة واحدة".