أستراليا تحظر مواقع التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً: قرار تاريخي يدخل حيّز التنفيذ    هيئة أسطول الصمود التونسية لكسر الحصار عن القطاع تقدم تقريرها المالي حول حجم التبرعات وكيفية صرفها    ترامب: رؤساء وملوك يرغبون بالانضمام إلى "مجلس السلام في غزة"    مانشستر سيتي يسقط ريال مدريد في عقر داره بدوري الأبطال    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وسوريا في ربع نهائي كأس العرب    عاجل/ اعتقال رئيس هذه الدولة السابق في قضية فساد..    مادورو.. مستعدون لكسر أنياب الإمبراطورية الأمريكية إذا لزم الأمر    رئيس الوزراء الإسباني يدعو إلى "رفع الصوت" لكي لا يُنسى الوضع المأساوي للفلسطينيين    بنزرت.. تدابير للتصدي لتهريب الأغنام    تونس تتسلم الجرار البحري الثالث من جملة 6 جرارات لتعزيز خدمات الموانئ التجارية    بالمنطقة الشرقية لولاية بنزرت ... الحشرة القرمزية تفتك بغراسات التين الشوكي    أخبار النجم الساحلي .. سلسلة من الوديات والمكشر يضبط قائمة المغادرين    دوري ابطال اوروبا.. العاشوري يسجل ويساهم في فوز فريقه    يتواصل إلى نهاية الأسبوع...ملتقى تونس للرواية العربية    حين ينهض الإرث المنسي .. إقامة فنية بصفاقس تغوص في عالم السطمبالي    محمد بوحوش يكتب ... سوسيولوجيا المسافات    رواية "مدينة النساء" للأمين السعيدي في وصف الواقع المأساوي    فنان مصري شهير يثير الجدل بفيديو مع سائقه    ظهور ضباب محلي الليلة وصباح الخميس    تعزيز البنية التحتية لدعم القدرة التنافسية والايكولوجية والرقمية لقطاع النسيج والملابس للمركز الفني للنسيج ببن عروس    القبض على 3 قصّر رشقوا قطارا بالحجارة..وهذه التفاصيل..    عاجل : توقيع عقد انجاز مستشفى الملك سلمان بالقيروان    كارثة -المغرب: انهيار بنايتيْن..ارتفاع عدد القتلى إلى 22    المهرجان الدولي للصحراء بدوز يعلن تفاصيل دورته السابعة والخمسين    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة الثامنة عشرة    على هامش أيام قرطاج السينمائية ... مائدة مستديرة حول السينما العربية الجديدة يوم 17 ديسمبر 2025    في بالك الزيت الزيتونة التونسي : فيه سرّ يحميك من هذا المرض الخطير    جلسة بين الجانبين التونسي والصيني لمتابعة مشروع ملعب المنزه    ندوة صحفية لنقابة الصحفيين ورابطة حقوق الانسان وعمادة المحامين حول وضع الحقوق والحريات في تونس    عاجل: تفاصيل إحباط أكبرعمليات تهريب المخدرات في تاريخ تونس    فيديو رشق قطار بالحجارة: الإطاحة بالمُعتدين وهذا ما تقرّر في شأنهم..#خبر_عاجل    عماد الدربالي: "تونس ستبقى سيدة على قراراتها وحرة في اختياراتها"    قفصة: حجز بضائع بقيمة 56.5 مليون دينار    إستعدادا للمونديال: منتخب إنقلترا يواجه منافس المنتخب التونسي وديا    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    حادث مرور مروع يودي بحياة 4 أشخاص بين الكاف والقصرين    عاجل: عدوى جديدة خطيرة قد تنتقل من الحيوانات الأليفة إلى البشر    القفطان المغربي يُدرج رسميًا ضمن قائمة اليونيسكو للتراث غير المادي    سهرة فلكية مجانية يوم 27 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم بتونس العاصمة    انتخاب تونس عاصمة للسياحة العربية لسنة 2027    عاجل/ ال"كنام" تعلن عن هذا القرار الإستثنائي..    عاجل: معلوم الحج الجملي واجب خلاصه اليوم    هواتف ذكيّة مبكّرة تزيد مخاطر الاكتئاب والسمنة وقلّة النوم    هذا هو موعد الدربي بين الترجي والافريقي    أول دولة تمنع الأطفال من الولوج الى وسائل التواصل الاجتماعي..#خبر_عاجل    هذا ما قالته أريج السحيري الفائزة بالنجمة الذهبية    سامي الطاهري: ما يتم تداوله حول استقالة الطبوبي لا أساس له من الصحة    رحلة الجزائر-تونس عبر القطار.. كل ما تحتاج معرفته قبل السفر    هذه أخطر الأمراض الي تصيب ''قطوسك'' أعرفها قبل    عاجل/ ما حقيقة وصول "عاصفة الشرق الأوسط" الى شمال افريقيا؟.. خبير مناخي يوضّح    رئيس الجمهوريّة : عمليّات التّنظيف لا يجب أن تكون حملة محدودة في الزّمن، بل عملا مستمرّا على مدار اليوم    رقم صادم/ هذه نسبة التونسيين فوق 15 سنة المصابين بالسكري    تحقيق أميركي في وفيات يحتمل ارتباطها بلقاحات كورونا    طقس اليوم: ضباب صباحي وامطار في هذه المناطق..    رئيس الدولة: "من أفسدوا صاروا يلعبون دور الضحيّة"..#خبر_عاجل    اكتشف معنى أسماء كواكب المجموعة الشمسية    هل سُحر موسى... أم سُحِر المشاهد؟    التسامح وبلوى التفسّخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقامة كيف التحرير والتعمير بعد التهجير والتدمير؟
نشر في الحوار نت يوم 09 - 10 - 2009

هذه المقامة دعوة للإستقامة، و دعوة للنبوغ، إذا ما رمنا البلوغ، و دعوة للإستثمار في الأبناء، استعدادا لإعادة البناء.
بقلم: خلدون الخويلدي
حدثني مسعد بن جبير: قال: نشأت في أحضان والديَّ، فأحسنت إليهما كما أحسنوا إليَّ. أطعمتهما و أطعتهما كما كان عليَّ، ورفعتهما مكانا عليَّا. ولما كبرتُ و أكتفيتُ و كبُرَا سويَّا، أركبتُهما حتى استويا على كتفيَّ. فما بدت مني فاء أفٍّ، ولا بدأتُ بهمزة ألفٍ.
و رأيت في سيدنا مصعب، القدوة و ما يريح كل متعب. نشأ بن عمير في النعمة الوارفة، و محبة أمه الجارفة. كان أعطر شباب الزمان، حتى أصبح حديث الحسان، ثم ترك كل ما في مكة، و اتخذ الدعوة لله سكة، حتى اسلم على يديه في المدينة من العشرات سبعة، و في العقبة شهدوا أهم بيعة. كان من بينهم سعد و سعد، فقلت لنفسي: على أثره يا مسعد.
و كان لي صديق، ألمَّ به ضيق، فحاد عن الطريق، و ابتعد عن الفريق، وسقط سقطة الغريق. ثم إني من المسجد افتقدته، فذهبت الى البيت اتفقده، في ذلك اليوم لم أجده، و عدت في الغد بخف حنين من عنده. غير أني لم أزل أنشده بكل ناد، و أستخبر عنه كل مغو و هاد، فإذا هو يُسَلِّ الهموم، ويعاقر بنت الكروم. إنه دون ريب، قد رام العيب. لقد أماط الوقار، و باع لذلك العقار، ليترشف القدح و ليجلب الفرح. فلما رأى تمعض وجهي، واستمع لبعض نصحي، قال: تجاوز عما بدا، الى أن نتلاقى غدا. ثم أظهر حداد الندم، على زلة القدم. وعاهد الله سبحانه و تعالى أن لا يعود الى مجالس الشراب، و إن رُدَّ عليه عصر الشباب. ثم تاب و أناب من يومه، و ما ترك صلاته ولا صومه. و أصبح أخي يُسَرّ، باتباع سيرة أبي ذر.
تجمع العديد من الإخوان، و تعاونوا على البر و التقوى و نبذ الإثم و العدوان. التمَّ الشمل و التأم الثلم، واقترن الجِدُّ في العلم مع الكدّ في العمل. تفوق العديد من الأصحاب، و تخصصوا في الفيزياء و الحساب، و آخرون في شعب الآداب. درسوا سيرة الأحبة، محمد و صحبه. كلٌّ بأحدهم إقتدى، و بتعاليم الرسول إهتدى. تخرج المتخصصون أفواجا، و ارتفع صوتهم اصلاحا و احتجاجا. اصبح لهم في الشأن العام قولا، لكن لا قوة لهم و لا حولا.
ثم انقلب على الهرِم في رأس الهرَم سفّاك، و استوزر على التعليم أفّاك. فساقوا البلاد الى الفتنة، و عُرِف الفسّاق بفرنسة اللكنة. استشرى الفساد و الظلم، و غاب القسط و الحلم. قرَّب من مستشاريه محتال، و نصّب على الشرطة مغتال، فاستلمنا ضربا باليمين، و لم يسلم من أذاه أحد من المسلمين.
مر الحول بعد الحول، و بعد أن أُثِر عنهم القول، أن لا استخلاف ولا توريث، و يكفي من الفترات التثليث، آثروا الراحة و الدعة، و وجدوا أن في الأمر سعة. فمن الجمهورية الى الجملكية، و من الثورية الى الفرعونية. مثلهم من إدعى أنه ملك الملوك، و تعلل آخر بحسن السيرة و السلوك، ليعتلوا الكراسي على الدوام، الى أن تغادرالأنفاس كل الأجسام. و الى ذلك الحين، تراهم بالهراوات ملوّحين. فتُفتكَّ النقابة، و يُدجّن المجتمع و أحزابه، و تفرض على الجميع الرقابة. و في الأثناء، يطلق أيدي الأقرباء، والبعض من الوزراء. أما من كان لهم أبناء، فيسَلِّموهم البلاد و العباد دون عناء. و ينسج على منوالهم الأنساب، و توزع ثروة البلاد تركة بين الثعالب و الذئاب. في كل يوم تسمع العجب العجاب، تنفيذا لمخططات الأرباب، كغلق المساجد، و منع الحجاب، و الغاء الأضحية أو الحج دون ما يقنع من الأسباب. يجري كل ذلك وفق تعليمات الأسياد، للحط من الحضارة و ما سار عليه الأجداد.
ثم إني تذكرت موقف ابن أم الدهماء، لما ناهض أحد الأمراء، قال له ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير. قال: بل أنت شقي بن كسير، و كان في مجلس قاتل عبد الله بن الزبير. لقد صدح بكلمة الحق أمام سلطان جائر، فقررت أن أكون على خطاه سائر. أسعى الى طلب الشهادة، فلا نام جبان على الوسادة. ثم قلت في نفسي: لكن ذلك سيؤدي الى المهالك، إن أنا سلكت نفس المسالك، و لا يرجى بهذا الموقف تغيير هذا الظلام الحالك.
ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ولم يبق شيء في اليد و ما اكتسبت، بعد رحيل الأتراب، و مغادرة التراب. و لما سئمت جور المجاورين، و مجاورة الجائرين، استشرت رجُلا انذره الشيب، و ما في نصحه ريب، بعد أن بان له العيب، قلت: أقسمت عليك باليمين، ومالك يوم الدين، و إن لك أجرا غير ممنون، إن نصحتني كوالدي الحنون، قل لي ما العمل، إني قد فقدت الأمل؟
قال :يا بني، اتبع فعل جمهور الأسلاف، و ابتعد عن أسباب الخلاف. يابني، أليست أرض الله واسعة، و أعمال خلق الرحمان اليه رافعة، و ما النوايا عليه بخافية. فضع أغراضك في حقائبها، و امش في مناكبها. لقد جُعلت الأرض مسجدا و طهورا، فسِح فيها أياما و شهورا. اصبر على كيد الزمان و كدِّه، فعسى الله أن يأتي بالفتح، أو أمر من عنده.
فلما مالت الأيام الى اللئام، و ازداد جور الحكام، و بعد انقراض جيل الكرام، قال مسعد: فتركنا لهم الديار، يتمرغون في العار، ركبنا متن الطريق، هروبا من لهيب الحريق، فسلِم منا من سلِم، و وقع الكثير في اليمّ. حتى صرنا شذر مذر، فمنا من ثبت، و قليل من غدر، و من الناس من شمت، و منهم من عذل و ثمت من عذر.
قلت يا مسعد بن جبير، و ما صنع بعدكم المجرمون؟ قال يا حسرة على العِباد، لم يعرفوا أن الأرض يرثها العُبّاد. لقد طغوا و ظلموا و نهبوا ثم كمن قبلهم ذهبوا، الى مزبلة التاريخ، أرخص مما تلف من البطيخ. أما كبيرهم، فقد جمع من المال المسلوب، أضعاف دقات القلوب، فوقعت عليه دعوة المغلوب. خلّفوا وراءهم كثير الدمار، و تركوا في كل حائط مسمار. زيّفوا الإنتخابات، وأقاموا لذلك المهرجانات، هدروا أموال الشعب في المجون، و رموا بالأحرار في المنافي و السجون. ثم أحصاهم الله عددا، و قُتِّلوا بددا، ولم يَبق منهم أحدا.
عاد الجيل الثاني من الأبناء، نفذوا حكم السماء، في من شَرّد الرجال، و يَتّم الأطفال، و رمّل النساء. بدأوا بالتأسيس، و محوا آثار إبليس، و أردفوا بإعادة التشييد و التعمير، لكل ما أتلف أو مسه التدمير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.