الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل تقر الاضراب العام ليوم 21 جانفي 2026    المغرب.. "أغاني فيروز" تكلف صاحب مقهى غرامة مالية    وزارة التعليم العالي تعلن عن فتح باب الترشح للمشاركة في مسابقة "شهر اللغة العربية"    رأي .. قرنٌ من التطرف، والإرهاب ... من حسن البنّا إلى سلطة الشرع... سقوط الإمارة التي وُلدت ميتة!    عاجل/ الهيئة الادارية لاتحاد الشغل تقرر بالاجماع الاضراب العام وتعلن عن موعده..    في عملية أمنية ناجحة .. حجز 42 كلغ كوكايين و 475 كلغ زطلة وإيقاف أفارقة    الديوانة التونسية.. حجوزات تفوق 250 مليارا وتقدّم لافت في مكافحة التهريب    وزير الخارجية يذكر في جنيف بموقف تونس الرافض بأن تكون دولة عبور أو أرض إقامة للمهاجرين غير النظاميين    أرخص فواتير الكهرباء في العالم: السعودية الأولى وتركيا الثانية    حصد جائزتين .. تتويج «سماء بلا أرض» في بروكسيل    مونديال 2026 – برنامج مباريات المنتخب التونسي في الدور الأول    كيفاش نحميّو ولادنا فالشتا؟ نصائح ذهبية لكلّ أم وأب    أولا وأخيرا .. أزغرد للنوّاب أم أبكي مع بو دربالة ؟    كأس العرب.. العراق والاردن يمران الى ربع النهائي والجزائر تنتصر بخماسية    إجلاء تونسي مريض من كندا لبلاده بنجاح    قبل رأس السنة: الجهات المحتصّة بدأت في حجز ''قاطو'' غير صالح للاسنهلاك    غدا    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    سوسة عضو في الشبكة العالمية لمدن التعلم    مع الشروق : سلام نتنياهو وترامب    أمطار الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل: الفنان صالح الفرزيط يتعرّض لحادث مرور    وزارة الصناعة تفتح باب الترشح للجائزة التونسية كايزان دورة 2026    مشروع قانون المالية.. المصادقة على إلحاق نواب الغرفة الثانية بتعديل نظام التقاعد    الجولة 17 لبطولة النخبة لكرة اليد: الإفريقي ينتصر في جمّال.. والتعادل يحسم قمة بني خيار والساقية    منصة نجدة تُنقض مريضا في قرقنة: في لحظات...تم نقله بواسطة طائرة    ورشة عربية من 8 الى 10 ديسمبر 2025 بتونس حول "معاهدة مرّاكش لتيسير النّفاذ الى المصنّفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين.."    الغرفة الوطنية للطاقة الفولطوضوئية بمنظمة الاعراف تدعو المجلس الوطني للجهات والاقاليم إلى تبني مقترح الحكومة في التخفيض في الأداءات الديوانية على القطاع    كأس العرب فيفا قطر 2025: الجزائر تكتسح البحرين بخماسية وتقترب من ربع النهائي    قبول الديوان لزيت الزيتون من الفلاحين مباشرة ساهم في تعديل الأسعار وانعكس على تواصل عمليات الجني والتحويل في ظروف ميسرة ( ر م ع ديوان الزيت)    بطولة العالم للتايكواندو لأقل من 21 سنة: وفاء المسغوني تتوج بالميدالية الذهبية    المهدية: وفاة تلميذين وإصابة اثنين آخرين في حادث مرور ببومرداس    عاجل/ انفجار قارورة غاز داخل "تاكسي"..وهذه حصيلة الاصابات..    سامي الطرابلسي: "المباراة أمام قطر تعد الفرصة الأخيرة لنا"    الفلفل الحار يحرق الدهون ويزيد في صحتك! شوف كيفاش    المنستير: تنصيب المجلس الجهوي الجديد    عاجل: السفارة الأمريكية في تونس تعلن استئناف العمل الطبيعي    وزير النقل: الموانئ الذكية أصبحت ضرورة في ظل التنافسية الإقليمية والتطور التكنولوجي    "المؤسسة والنّظام الاقتصادي الجديد" محور أشغال الدّورة 39 لأيام المؤسسة من 11 إلى 13 ديسمبر 2025    قابس: انطلاق توزيع المساعدات الاجتماعية لمجابهة موجة البرد    انقطاع الكهرباء بمناطق مختلفة من هذه الولاية غدا الأحد..#خبر_عاجل    الدورة الثالثة من ملتقى تونس للرواية العربية من 11 الى 13 ديسمبر 2025 بمدينة الثقافة    عاجل/ اطلاق نار في فندق بهذه المنطقة..    آخر فرصة في كأس العرب 2025 : وقتاش ماتش النسور؟ و كيفاش ينجموا يتأهلوا للربع النهائي ؟    عاجل/ غارات وقصف مدفعي مُكثّف على غزة..    حادث مرور قاتل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    مفزع/ ارتفاع حالات ومحاولات الانتحار في تونس..    أستراليا تفرض عقوبات على أفغانستان بسبب حقوق المرأة    كأس العرب قطر 2025: شوف برنامج مقابلات اليوم السبت    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ودمشق ترحب    عاجل/ حجز قرابة ألف قطعة مرطبات وأطنان من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقامة كيف التحرير والتعمير بعد التهجير والتدمير؟
نشر في الحوار نت يوم 09 - 10 - 2009

هذه المقامة دعوة للإستقامة، و دعوة للنبوغ، إذا ما رمنا البلوغ، و دعوة للإستثمار في الأبناء، استعدادا لإعادة البناء.
بقلم: خلدون الخويلدي
حدثني مسعد بن جبير: قال: نشأت في أحضان والديَّ، فأحسنت إليهما كما أحسنوا إليَّ. أطعمتهما و أطعتهما كما كان عليَّ، ورفعتهما مكانا عليَّا. ولما كبرتُ و أكتفيتُ و كبُرَا سويَّا، أركبتُهما حتى استويا على كتفيَّ. فما بدت مني فاء أفٍّ، ولا بدأتُ بهمزة ألفٍ.
و رأيت في سيدنا مصعب، القدوة و ما يريح كل متعب. نشأ بن عمير في النعمة الوارفة، و محبة أمه الجارفة. كان أعطر شباب الزمان، حتى أصبح حديث الحسان، ثم ترك كل ما في مكة، و اتخذ الدعوة لله سكة، حتى اسلم على يديه في المدينة من العشرات سبعة، و في العقبة شهدوا أهم بيعة. كان من بينهم سعد و سعد، فقلت لنفسي: على أثره يا مسعد.
و كان لي صديق، ألمَّ به ضيق، فحاد عن الطريق، و ابتعد عن الفريق، وسقط سقطة الغريق. ثم إني من المسجد افتقدته، فذهبت الى البيت اتفقده، في ذلك اليوم لم أجده، و عدت في الغد بخف حنين من عنده. غير أني لم أزل أنشده بكل ناد، و أستخبر عنه كل مغو و هاد، فإذا هو يُسَلِّ الهموم، ويعاقر بنت الكروم. إنه دون ريب، قد رام العيب. لقد أماط الوقار، و باع لذلك العقار، ليترشف القدح و ليجلب الفرح. فلما رأى تمعض وجهي، واستمع لبعض نصحي، قال: تجاوز عما بدا، الى أن نتلاقى غدا. ثم أظهر حداد الندم، على زلة القدم. وعاهد الله سبحانه و تعالى أن لا يعود الى مجالس الشراب، و إن رُدَّ عليه عصر الشباب. ثم تاب و أناب من يومه، و ما ترك صلاته ولا صومه. و أصبح أخي يُسَرّ، باتباع سيرة أبي ذر.
تجمع العديد من الإخوان، و تعاونوا على البر و التقوى و نبذ الإثم و العدوان. التمَّ الشمل و التأم الثلم، واقترن الجِدُّ في العلم مع الكدّ في العمل. تفوق العديد من الأصحاب، و تخصصوا في الفيزياء و الحساب، و آخرون في شعب الآداب. درسوا سيرة الأحبة، محمد و صحبه. كلٌّ بأحدهم إقتدى، و بتعاليم الرسول إهتدى. تخرج المتخصصون أفواجا، و ارتفع صوتهم اصلاحا و احتجاجا. اصبح لهم في الشأن العام قولا، لكن لا قوة لهم و لا حولا.
ثم انقلب على الهرِم في رأس الهرَم سفّاك، و استوزر على التعليم أفّاك. فساقوا البلاد الى الفتنة، و عُرِف الفسّاق بفرنسة اللكنة. استشرى الفساد و الظلم، و غاب القسط و الحلم. قرَّب من مستشاريه محتال، و نصّب على الشرطة مغتال، فاستلمنا ضربا باليمين، و لم يسلم من أذاه أحد من المسلمين.
مر الحول بعد الحول، و بعد أن أُثِر عنهم القول، أن لا استخلاف ولا توريث، و يكفي من الفترات التثليث، آثروا الراحة و الدعة، و وجدوا أن في الأمر سعة. فمن الجمهورية الى الجملكية، و من الثورية الى الفرعونية. مثلهم من إدعى أنه ملك الملوك، و تعلل آخر بحسن السيرة و السلوك، ليعتلوا الكراسي على الدوام، الى أن تغادرالأنفاس كل الأجسام. و الى ذلك الحين، تراهم بالهراوات ملوّحين. فتُفتكَّ النقابة، و يُدجّن المجتمع و أحزابه، و تفرض على الجميع الرقابة. و في الأثناء، يطلق أيدي الأقرباء، والبعض من الوزراء. أما من كان لهم أبناء، فيسَلِّموهم البلاد و العباد دون عناء. و ينسج على منوالهم الأنساب، و توزع ثروة البلاد تركة بين الثعالب و الذئاب. في كل يوم تسمع العجب العجاب، تنفيذا لمخططات الأرباب، كغلق المساجد، و منع الحجاب، و الغاء الأضحية أو الحج دون ما يقنع من الأسباب. يجري كل ذلك وفق تعليمات الأسياد، للحط من الحضارة و ما سار عليه الأجداد.
ثم إني تذكرت موقف ابن أم الدهماء، لما ناهض أحد الأمراء، قال له ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير. قال: بل أنت شقي بن كسير، و كان في مجلس قاتل عبد الله بن الزبير. لقد صدح بكلمة الحق أمام سلطان جائر، فقررت أن أكون على خطاه سائر. أسعى الى طلب الشهادة، فلا نام جبان على الوسادة. ثم قلت في نفسي: لكن ذلك سيؤدي الى المهالك، إن أنا سلكت نفس المسالك، و لا يرجى بهذا الموقف تغيير هذا الظلام الحالك.
ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ولم يبق شيء في اليد و ما اكتسبت، بعد رحيل الأتراب، و مغادرة التراب. و لما سئمت جور المجاورين، و مجاورة الجائرين، استشرت رجُلا انذره الشيب، و ما في نصحه ريب، بعد أن بان له العيب، قلت: أقسمت عليك باليمين، ومالك يوم الدين، و إن لك أجرا غير ممنون، إن نصحتني كوالدي الحنون، قل لي ما العمل، إني قد فقدت الأمل؟
قال :يا بني، اتبع فعل جمهور الأسلاف، و ابتعد عن أسباب الخلاف. يابني، أليست أرض الله واسعة، و أعمال خلق الرحمان اليه رافعة، و ما النوايا عليه بخافية. فضع أغراضك في حقائبها، و امش في مناكبها. لقد جُعلت الأرض مسجدا و طهورا، فسِح فيها أياما و شهورا. اصبر على كيد الزمان و كدِّه، فعسى الله أن يأتي بالفتح، أو أمر من عنده.
فلما مالت الأيام الى اللئام، و ازداد جور الحكام، و بعد انقراض جيل الكرام، قال مسعد: فتركنا لهم الديار، يتمرغون في العار، ركبنا متن الطريق، هروبا من لهيب الحريق، فسلِم منا من سلِم، و وقع الكثير في اليمّ. حتى صرنا شذر مذر، فمنا من ثبت، و قليل من غدر، و من الناس من شمت، و منهم من عذل و ثمت من عذر.
قلت يا مسعد بن جبير، و ما صنع بعدكم المجرمون؟ قال يا حسرة على العِباد، لم يعرفوا أن الأرض يرثها العُبّاد. لقد طغوا و ظلموا و نهبوا ثم كمن قبلهم ذهبوا، الى مزبلة التاريخ، أرخص مما تلف من البطيخ. أما كبيرهم، فقد جمع من المال المسلوب، أضعاف دقات القلوب، فوقعت عليه دعوة المغلوب. خلّفوا وراءهم كثير الدمار، و تركوا في كل حائط مسمار. زيّفوا الإنتخابات، وأقاموا لذلك المهرجانات، هدروا أموال الشعب في المجون، و رموا بالأحرار في المنافي و السجون. ثم أحصاهم الله عددا، و قُتِّلوا بددا، ولم يَبق منهم أحدا.
عاد الجيل الثاني من الأبناء، نفذوا حكم السماء، في من شَرّد الرجال، و يَتّم الأطفال، و رمّل النساء. بدأوا بالتأسيس، و محوا آثار إبليس، و أردفوا بإعادة التشييد و التعمير، لكل ما أتلف أو مسه التدمير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.