الحزب الديمقراطي التقدمي يجر الحزب الحاكم إلى الخوض في مسالة من يخلف الرئيس زين العابدين بن علي في سنة 2014 مثل اجتماع المعارضة يوم 10 جويلية 2010 في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي في إطار الندوة الوطنية حول "مستقبل الجمهورية واستحقاقات المرحلة" دعوة للتفكير الجدي في مستقبل الجمهورية. هذه الجمهورية التي فقدت أركانها وضعفت مؤسساتها فمؤسسة الرئاسة محتكرة من قبل شخص استمر فيها بتنقيح متكرر للدستور وبرلمانها مشلول والأعلام مقيد ومحتكر من قبل التجمع الدستوري الديمقراطي والقضاء غير مستقل والفضاءات العمومية محتكرة من قبل الحزب الحاكم ومغلقة أمام أحزاب المعارضة الجدية وقائمة سواد المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي والعلمي طويلة. ورغم ذلك لا تزال هناك رغبة جامحة من هذا الفريق أن يستمر في الحكم مهما كان الثمن ولو اقتضى الأمر تنقيح الدستور مرة أخرى. برزت هذه الرغبة من خلال ما تسرب من أخبار صحفية بان السلطة ستنتقل إلى و زوجة الرئيس زين العابدين بن علي ليلي الطرابلسي[1] أو إلى صهره صخر الماطري[2] أو لوزير الخارجية كمال مرجان[3]. ينص الفصل 40 من الدستور على انه يجب أن يكون المترشح يوم تقديمه للترشح بالغا من العمر 75 على الأكثر وهو ما يكون معه ليس للرئيس زين العابدين بن علي الحق في تقديم ترشحه لأنه سيبلغ في سنة 2014 سن 78 عام. رد المجتمعون على هذه الأنباء في الندوة وصدرت المطالب في "إعلان"[4] الندوة وهو ميثاق جمهوري يحمي البلاد من خطر العودة إلى الرئاسة مدى الحياة أو التوريث وخطر ما سيتبع هذا من حكم فردي وإبقاء للوضع السياسي محتكرا ومغلقا لا دور للمعارضة الجدية فيه . نقلت وكالات الأنباء العالمية وقناة الجزيرة الخبر كما نشرته بعض كبرى الصحف العربية. لم يصمت الحزب الحاكم على هذه الحملة الإعلامية التي شرع فيها الحزب الديمقراطي التقدمي بمساندة شخصيات وطنية ومثقفين ونشطاء حضروا الندوة . فصدر تقريرا غير ممضى عن وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 17/07/2014 بعنوان "فحوى اللائحة العامة للدورة الثالثة للجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي". فجاء فيه أن التونسيون متمسكون بالرئيس بن علي "لمواصلة قيادة تونس في المرحلة القادمة من اجل تعزيز مقوماتها وتامين مستقبلها ودعم مناعتها لمواجهة التحديات" .وصيغ خبر المناشدة بوضوح في مقال عنوانه "مناشدة الرئيس بن علي مواصلة قيادة تونس للمرحلة القادمة .." صدر في الحرية جريدة حزب التجمع الدستوري الديمقراطي بتاريخ 20/07/2010.واعتبر محرر المقال زين بن علي مرشح التجمع الدستوري الديمقراطي للرئاسة سنة 2014. ثم تلت هذه المناشدة ،مناشدة الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد[5] البحري يوم 30 جويلية 2010 .وقد وردت صيغة المناشدة مقتبسة من بيان اللجنة المركزية. أضيف إلى هذه المناشدات مناشدة الإتحاد الوطني للمرأة التونسية فجاء طلبه صريح ،فجاء في البيان أن الاتحاد يناشد الرئيس زين العابدين بن علي "مواصلة قيادة مسيرة البلاد وذلك بقبوله الترشح لولاية رئاسية جديدة 2014-2019 ...."[6]. دعوات الحزب الحاكم للرئيس بن على أن يستمر في السلطة هو طلب سريع إذ لم يمض على حكم زين العابدين بن علي في الولاية الرئاسية الجديدة (2009-2014) سوى عشرة أشهر وهو ما يدل انه لم يختر الوقت لإطلاق هذه الحملة فجر لها جرا فقد كانت الدعوة فتح حملة دون إعداد وتهيئة إعلامية ونفسية . أما من حيث صواب رد حزب التجمع الدستوري الديمقراطي على ا إعلان الندوة الوطنية التي انعقدت بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي اعتقد انه لم يكن صائبا سياسيا فبدل من يدعو إلى فتح الحياة السياسية المغلقة وتقديم مسالة الرئاسة كعنصر يهم كل التونسيين ومستقبلهم أمعن في الدعوة للانغلاق بل تخطاها إلى الدعوة إلى هتك الدستور بطلبه ترشح بن علي تنتهي ولايته نهائيا في سنة 2014 وهذا أمر ليس غريب من حزب استفرد بالحكم لأكثر من خمسين سنة بمفرده مقصيا الكفاءات السياسية التونسية المعارضة. أما من الناحية الدستورية فهو طلب مخالف للدستور ،فالرئيس زين العابدين بن على ليس له حق الترشح في سنة 2014 وفق نص الفصل 40 من الدستور لأنه تجاوز السن المشترط للترشح وهو 75 سنة على الأكثر وسيكون عمره في سنة 2014 متجاوز لذلك فيصبح عمره عندئذ 78عام. توسيع مناشدة زين العابدين بن علي الاستمرار في الحكم (2014- 2019 ) فاجأت مجموعة من الأشخاص الرأي العام بنشرها مبادرة بجريدة الشروق التونسية بتاريخ 8 أوت 2010 عنوانها " من اجل الاستقرار والاستمرارية والعزة والكرامة نناشدك المواصلة يا سيادة الرئيس".جاء هذا النداء رغم علم هؤلاء أن الرئيس بن علي ليس له حق الترشح للانتخابات الرئاسية 2014-2019 لأن عمره وقتها 78 سنة فيتجاوز 75 سنة السن الأقصى المشترط للترشح وفق نص الفصل 40 من الدستور. يمثل هذا النداء إضافة إلى ما سبقته من مناشدات صادرة عن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي و الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد و الإتحاد الوطني للمرأة التونسية . يأتي هذا النداء في ذات السياق الذي جاء فيه نداء الأطراف المذكورة فهو رد فعل على إعلان الندوة الوطنية للمعارضة المجتمعة في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي يوم 10/07/2010. والنداء سياسيا هو إجابة على فرضيات طرحتها المعارضة حول من سيحكم تونس بعد انتهاء ولاية زين العابدين بن علي في سنة 2014. أما دستوريا فيعد النداء دعوة صريحة إلى خرق الدستور وذلك بتنقيح الفصل 40 منه الذي يحدد سقف العمر الأقصى 75 سنة. استمرار لتوسع المناشدات يصرح محمد صخر الماطري صهر الرئيس زين العابدين بن علي يوم 19 أوت 2010 قائلا "إن برنامج بن علي التنموي لن يتوقف وسيتواصل حتى إلى ما بعد سنة 2014 وهو ما يحتم بقاءه لمواصلة قيادة مسيرة التنمية وتحقيق مزيد النجاحات والمكاسب والانجازات لتونس" مضيفا انه "ليس لدينا كتجمعيين مرشح آخر خلافا للرئيس بن علي"[7]. سيدعم هذا التصريح بورود اسمه في رأس قائمة نداء الألف من اجل استكمال المشروع الوطني للرئيس بن علي وتأصيل ثوابته"[8]. إن ما يمكن أن نستخلصه من تصريح محمد صخر الماطري صهر الرئيس زين العابدين بن علي باعتباره احد أطراف الفرضيات التي ترشحه لخلافة بن علي والذي يدعو استمرار ه في الحكم هو إسقاط فرضية وراثته للسلطة. لم تبد الرئاسة موقفا من هذا النداء رغم ما فيه من خطر دستوري ،النداء طلب صريح لهتك الدستور فحماية الدستور من مهام رئيس الجمهورية طبق فصله 41 الذي ينص على أن " رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن وسلامة ترابه ولاحترام الدستور والقانون ولتنفيذ المعاهدات وهو يسهر على السير العادي للسلط العمومية الدستورية ويضمن استمرار الدولة". الأستاذ رابح الخرايفي [1] يراجع الموقع التالي :أخبارليبيا أولاين [2] يراجع في الغرض صحيفة الشروق الجزائرية 20/02/ 2010 [3] سمي السيد كمال مرجان في 17 اوت2005 وزيرا للدفاع واستمر في المنصب إلى تاريخ 14جانفي 2010 تاريخ تعيينه وزيرا للخارجية [4] الإعلان منشور في صحيفة الموقف التونسية عدد 555 الصادرة بتاريخ 16 جويلية 2010 ،ص،8. [5] يراجع موقع أخبار تونس تاريخ الاطلاع 30/07/2010. [6] صحيفة الشروق التونسية بتاريخ 13 أوت 2010،ص،13. [7] صحيفة الصباح التونسية 19/08/2010. [8] صحيفة الصباح التونسية 20/08/2010، ص، 4.