وزير السياحة للمسؤولين الجهويين في سوسة: نافورة القنطاوي ما يلزمهاش تاقف    السجن 6 أشهر في حق النائب حمدي بن صالح    عاجل/ هذا ما أمر به رئيس الدولة وزير الدفاع..    بعد زيارته إلى ولاية سيدي بوزيد .. وزير الشباب يحيل ملفات إلى القضاء    وزير الفلاحة يؤدي زيارة غير معلنة الى المركب الفلاحي "الطويلة" بولاية سيدي بوزيد    باب البحر.. القبض على رجل وزوجته من اجل ترويج المخدرات    مطار المنستير: احباط محاولة تهريب 100 ألف أورو بحوزة مسافرة أجنبية    عروض سينمائية لفائدة أطفال المناطق المهمشة ...«سينما تدور»... تجوب تونس    في انتظار أيام قرطاج المسرحية ...قونة ...في مهرجان المسرح التونسي    كتاب «التربية التشكيلية في مواجهة صعوبة الكتابة» لطيفة الجلاصي    قَفا المرايا الكاذبة    أمور خاطئة    مع الشروق .. فرصة أخرى ضائعة    حلول لضريبة الكربون    طقس الليلة    نحو 966 ألف مريض بالسّكري أو ضغط الدّم في تونس    المكنين: الكشف عن مخزن عشوائي وحجز 3.5 طن من البطاطا    القصرين : يوم مفتوح لتقصي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والتدخين بالمعهد العالي للفنون والحرف    عدد مرضى السكري او ضغط الدم في تونس يقارب المليون مريض!!    تصفيات كأس إفريقيا: المنتخب الوطني ينهي تحضيراته    مساء اليوم: افتتاح الدّورة ال45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    تنظيم المسار الثقافي الطالبي الأول "مسار يوغرطة" تحت شعار "من أجل العيش المشترك والسلام "    عاجل/ فتح تحقيق في اخلالات عاينها وزير السياحة بمرسى القنطاوي    منظمة الدفاع عن المستهلك تدعو المواطنين الى الابلاغ عن الذين يقدّمون الدّروس الخصوصيّة    عاجل/ حزب الله يستهدف مقر وزارة الحرب الاسرائيلية    عاجل : قيس سعيد يتسلم أوراق اعتماد سفراء جدد معتمدين بتونس    تصفيات كأس افريقيا للأمم المغرب 2025: المنتخب التونسي من أجل الانتصار الثالث وضمان العبور الى النهائيات    غازي الغرايري يدرب إتحاد تطاوين    وزارة الصناعة تلقت 213 ملفا للاستفادة بتكفل الدولة بالفارق بين نسبة القروض ومعدل الفائدة    وزارة الخارجية تنعى الوزير الأسبق سعيد بن مصطفى    اجراء جديد يهم الشركات المصنّعة والمورّدة للأجهزة الكهرومنزلية    عاجل/ العاصمة: الاطاحة بامرأة مفتّش عنها من اجل التحيّل والعنف    حسب عدد المتابعين: النادي الإفريقي الأكثر شعبية في تونس    بشرى لسكان باردو ومنوبة: هذا موعد انطلاق استغلال القطار    خلال زيارة للوالي: أسماك غير قابلة للاستهلاك بمخازن التبريد بميناء قابس!!    بنزرت: تنفيذ عملية بيضاء تطبيقية مشتركة بمؤسسة "عجيل غاز"    صادم: منتحل صفة عون بريد يتحيّل على المسنّين ويسلبهم أموالهم..    عاجل/ ترامب يختار هذه الشخصية لقيادة وزارة الكفاءة الحكومية..    نجم المتلوي: جلسة عامة انتخابية استثنائية يوم 28 نوفمبر الجاري    بمشاركة فلاسفة من تونس والعالم: قريبا انطلاق مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة تحت عنوان النقد الفلسفي    جامعة كرة القدم تتراجع عن تزكية جنيح والفضيلي .. وتنسحب من إنتخابات الكاف    إنتقالات: نادي العروبة الليبي يتعاقد مع لاعب الملعب القابسي    فظيع/ وفاة رضيع اثر سقوطه بإناء ماء..    منوبة: اصابة شابين اثر سقوطهما من عربة المترو على مستوى محطة الدندان    رسميا هذا هو المدرب الجديد للاولمبي الباجي..    البنك الدولي ينوه بتحسن الميزان الخارجي وانخفاض التضخم في تونس    ترامب يعين إيلون ماسك وزيرا في حكومته    يومي الأحد 17 و24 نوفمبر: ورشات في الخزف الفني والخط العربي للأطفال بمركز سيدي قاسم الجليزي    تقرير: مستوى قياسي لانبعاثات الكربون العالمية في 2024    إيطاليا: تفكيك شبكة مزورين زيفوا أعمال أكثر من 30 فنانا مشهورا    مارث: شاحنة ثقيلة تصطدم بأحد الأقواس الأثرية    التونسي سامي الشافعي يفوز بجائزة أفضل صانع محتوى في العالم العربي    مشروع قرار لمجلس الأمن حول "وقف فوري" لإطلاق النار في غزة    وزير الصحة: التونسيون يصنعون 75% من حاجياتهممن الأدوية    الخط العربي والرقمنة: عنوان محاضرة للاحتفال بثلاثينية المركز الوطني لفنون الخط    صادم/ اختبارات جديدة تكشف: الشكولاطة الداكنة تسبّب السرطان!!    عاجل/ مفتي الجمهورية يعلن عن قيمة زكاة الزيتون والتمر لهذا العام    عاجل: ديوان الإفتاء يعلن مقدار زكاة الزيتون والتمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكلة الحدود الليبية التونسية: سحابة صيف أم بوادر أزمة؟
نشر في الحوار نت يوم 31 - 08 - 2010

شهدت العلاقات التونسية الليبية في الأسابيع القليلة الأخيرة أزمة طارئة، فاجأت الكثير من المراقبين. وبالنسبة للأكاديمي الليبي مصطفى فيتوري، وكما يرى في التعليق التالي، فإنه ليس هنالك دخان بدون نار!
عاشت مدينة بنقدران التونسية الواقعة جنوب البلاد قرب الحدود مع ليبيا، أياما متواصلة من المواجهات بين الأهالي الغاضبين و قوات الأمن، على خلفية اجراءات تنظيمية اتخذتها السلطات الليبية بحق التونسيين الراغبين في الدخول الي ليبيا، تمثلت في فرض رسوم دخول على التونسيين الراغبين في زيارة ليبيا تقدر بحوالي 150 دينار ليبي (ما يعادل 80 يورو) يتوجب على سائق كل سيارة خاصة أداؤها. وقد امتدت اعمال العنف لتشمل المسافرين الليبيين على الطرقات حيث تم قذف العديد منهم بالحجارة وتعرض بعضهم للشتم والسباب وفق التقارير الإخبارية.
الا ان الملفت للنظرهو توقيت الحدث وأسبابه الحقيقية؟ فما الذي أجج المشاعر على الحدود بين الدولتين المغاربيتين؟ وكيف طوقت الأزمة الطارئة بين طرابلس و تونس؟
مخاوف سكان الجنوب التونسي
مصطفى فيتوري حائز على جائزة سمير القصير لحرية الصحافة لعام 2010
أحد أهم الأسباب وراء المواجهات الأخيرة هو تهديد الانتعاش الإقتصادي الذي شهدته المناطق الجنوبية في تونس خلال العقدين الأخيرين بفضل الانفتاح الكبير وتطور العلاقات بين البلدين الجارين، وخصوصا منذ أن تولى الرئيس التونسي زين العابدين بن على مقاليد السلطة في تونس.
وازدهرت بنقردان (تبعد عن الحدود الليبية حوالي 30 كيلومترا) اقتصاديا وتجاريا، ومن أهم عوامل هذا الإزدهار نمو التجارة مع ليبيا وحركة المسافرين بين البلدين، حيث يدخل أكثر من مليون ليبي تونس سنويا من أجل العلاج والسياحة و الاستثمار.في حين يدخل نفس العدد تقريبا من التونسيين الي ليبيا للتسوق والسياحة وللزيارات الاجتماعية، بحكم وجود نسبة مهمة من العائلات المختلطة بين البلدين، ويمر أغلب هؤلاء بالمدينة الصغيرة(بنقردان)، مما خلق فيها نشاطا اقتصاديا و رواجا تجاريا مرتبطا مباشرة بقربها من الحدود الليبية.
ويعود الإزدهار الإقتصادي في جنوب تونس الي عقد الثمانينات حين كانت ليبيا تخضع الي حظر اقتصادي وآخر للطيران، مما جعل تونس الرئة التي تتنفس عبرها ليبيا، وصار الليبيون من رسميين و مواطنين وطلبة ومرضى يتدفقون على تونس للعبور الي وجهات أخرى. بل أن أغلب الوفود الرسمية التي زارت ليبيا في تلك الفترة كانت تمر عبر مطار جزيرة جربة، الذي يبعد عن الحدود الليبية أقل من مئتي كيلومترا. هذا الإنفتاح الذي فرضته الحاجة خدم المواطنين على جانبي الحدود، حيث فٌتحت عشرات المطاعم والمقاهي ومراكز الخدمات الأخرى على الطريق البري المتجه شمالا لخدمة المسافرين الليبيين، وانتعشت خدمات الصرافة المالية غير القانونية، حيث يقف على الطريق عشرات من التونسيين الذين يستبدلون الدينار الليبي و العملات الأخرى بالدينار التونسي.
ومن المفارقات أن تطور علاقات البلدين الجارين، جاء نتيجة أزمة وليس نتيجة تخطيط في اطار أوسع وأشمل، حيث البلدان عضوان في اتحاد المغرب العربي الذي يضم الدول المغاربية الخمسة، وهو شبه معطل كليا منذ تأسيسه قبل عقدين من الزمن.
ويمكن القول أن العلاقات الليبية التونسية تمر الآن بأفضل فتراتها، قياسا لفترة حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي لم تكن تربطه علاقات شخصية أو سياسية طيبة مع الزعيم الليبي معمر القذافي، مما انعكس على العلاقات يومها وجعلها سهلة التوتر وخاضعة الي تقلبات صعبة، كانت تتجلى أحيانا في الطرد الجماعي للعمالة التونسية من ليبيا حالما تطرأ أزمة سياسية بين البلدين، الا ان هذا الانحدار في العلاقات غير مرشح للتكرار الآن، على الأقل، في ظل العلاقات القوية التي تربط بين زعيمي البلدين.
لا دخان بدون نار
ومن الأسباب الأخرى للازمة الحالية قرار اتخذته السلطات الليبية يقضي بمنع تصدير أي بضائع ليبية الي تونس، الا اذا كان المصدر و المستورد يتوفران على رخص قانونية. وهي محاولة لتقنين النشاط الإقتصادي بما يخدم المصلحة العليا للبلدين، ولليبيا بالذات التي تشتكي مند زمن من أثر التهريب خاصة على عدد من السلع المدعومة من قبل الدولة والتي تباع في تونس بأضعاف أسعارها في ليبيا. وهو اجراء يتناقض مع مواقف البلدين المعلنة، التي لطالما نادت بوحدة المغرب العربي وركزت على التعاون الثنائي بينهما في مجالات شتى أهمها الإستثمار حيث تقدر استثمارات ليبيا في تونس بمليارات الدولارات خاصة في قطاع السياحة و النفط.
ومن أهم أسباب إثارة حفيظة أهالي الجنوب التونسي مؤخرا هو إحساسهم بأن موارد رزقهم أضحت مهددة بمحاولات الحكومتين الليبية والتونسية تقنين النشاط الاقتصادي بينهما. وتجدر الإشارة الى ان ابن الزعيم الليبي، الساعدي معمر القذافي، يقود مشروعا اقتصاديا ضخما يقدر بمئات الملايين من الدولارات يهدف الى انشاء منطقة للتجارة الحرة بالقرب من الحدود الليبية التونسية.
ويهدف المشروع للسيطرة على الأنشطة الإقتصادية عبر تقنينها و وضعها في اطار منظم من خلال منطقة اقتصادية حرة بين البلدين، ويُراد لها أن بوابة للإستيراد و التصدير من والى ليبيا. هذا الوضع لا يساعد أهالي المنطقة المعنية الذين سيعانون الكساد الإقتصادي وفقدان أعمالهم و تدني عوائدهم المالية المزدهرة أصلا بسبب غياب القانون وسهولة التهريب!
وقد استقبلت ليبيا منذ أسبوعين وفدا رسميا تونسيا في محاولة لحلحلة الموقف منعا لإتساع رقعة الاحتجاجات في الجنوب التونسي، ورغم التكتم الشديد على أجندة الوفد الزائر ونتائج زيارته، الا ان ليبيا أعلنت في غضون ذلك، وكما كان متوقعا تأجيل جملة اجراءاتها في ضبط الحدود وعودة الأوضاع الي طبيعتها، بما يسمح للجانب التونسي اتخاذ ما يناسبه من اجراءات ووضع حلول للمشاكل المتوقعة نتيجة تنفيذ الإجراءات الليبية المخطط لها في المستقبل.
ولا يٌعتقد أن العلاقات الثنائية بين طرابلس و تونس ستشهد توترا آخرا قريبا، ذلك أنها تستند الي خلفية متينة من العلاقات الشخصية التي تربط بين زعيمي البلدين. ولكن الحلول التي يخطط لها ستظل مؤقتة بالرغم من حجم التبادل والإندماج الإقتصادي بين البلدين لأنه دون مستوى تطلعات الشعبين.وتظل المفارقة الملفتة: هي أن كل من تونس وطرابلس تناديان بالتكامل الاقتصادي بينهما في اطار مغاربي أوسع الا انهما لا يفلحان في تحويل الشعار الي حقيقة!
مصطفى فيتوري رئيس قسم ادارة الأعمال في الأكاديمية الليبية للدراسات العليا- طرابلس
مراجعة: منصف السليمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.