في سابقة خطيرة ولا تنبؤ بأي خير في ظل ثورة قامت على الحريات والعدالة.. تم منذ قليل وبأمر قضائي منع بث قناة "التونسية" وبالتحديد برنامج "التاسعة مساء" لمعز بن غربية من بث حوار مع سليم شيبوب صهر الرئيس السابق ورجل الاعمال القوي والشخصية الرياضية الشهيرة وصاحب النفوذ والعلاقات الممتدة والواسعة. الحوار كان مبرمجا لهذه الليلة وقامت القناة بتمرير بعض اللقطات منه في الليالي السابقة وكان اغلب الجمهور السياسي والرياضي في انتظار هذا الحوار وما سيقوله سليم شيبوب. لكن وبسرعة غريبة وغير معهودة قام المكلف بنزاعات الدولة برفع عريضة استعجاليه ضد القناة التلفزية وضد البرنامج...وطالب بوقف بث حلقة اليوم من برنامج التاسعة مساء . ومثلما كان متوقعا اتخذ القاضي قراره في وقت قياسي وقضي بمنع بث الحلقة وقد تم تكليف ممثل عن المحكمة لإبلاغ قناة التونسية بهذا القرار .وهو ما ولد ردود فعل منتقدة لهذا القرار باعتباره أول عملية "صنصرة" اعلامية معلنة ومكشوفة تجاوزت كل النظم والتقاليد الاعلامية والاخلاقية. فكل تلفزات العالم كانت تتسابق على نشر حوارات لمسؤولين سابقين حتى الذين تعلقت بهم جرائم على غرار الارهابي كارلوس الذي تحول الى اسطورة وقادة يوغسلافيا السابقة ومسؤولي حزب البعث في عهد صدام حسين...كما ان القنوات الايطالية مثلا بثت جل الجرائم الكبرى منها حتى المتعبقة بالمافيا والمخدرات والمتاجرة الجنسية بالاطفال وتحدثت مع المورطين فيها... كذلك تمت محاورة جل الشخصيات التي كانت في علاقة بالنظام السابق الذين ظهروا في أكثر من مناسبة في برامج إعلامية في مختلف القنوات التلفزية التونسية العمومية منها والخاصة. وللتمعن جيدا في الجانب القانوني لهذا المنع اتصلت "الجريدة" بالأستاذ ماجد الحاج علي المحامي الذي اكد ان هذا المنع ليس الاول في تونس بل حصل سابقا فيما يتعلق بملف حول شركة " باطام" لكن في قضية اليوم المتعلقة بالتونسية وسليم شيبوب يمكن ان نتساءل عن دخل المكلف العام بنزاعات الدولة في الموضوع فهل ان مصالح الدولة متضررة من بث حوار مع سليم شيبوب وهل ان المكلف العام بنزاعات الدولة يدافع على مصالح الدولة؟؟ مبدئيا لا يمكن له ذلك الا اذا توفرت المصلحة في التقاضي وفي صورة الحال فان المصلحة غير موجودة. وأضاف الاستاذ الحاج علي أن الاجراء المتخذ اليوم من قبل المحكمة يعتبر تعديا على حرية الاعلام غير مقبول.. خاصة ان المنع لن يضيف شيئا في ظل وجود المواقع الاجتماعية واحتمالات تنزيل الحوار على فايسبوك او غيره. وكان من المنتظر ان يظهر سليم شيبوب الرئيس السابق للترجي الرياضي التونسي في حلقة الليلة من التاسعة مساء في جزأين ، الجزء الأوّل خاص باللقاء المسجل معه في أبو ظبي بعد أن تنقل بن غربية إلى هناك لإجراء حوار معه ، في حين سيخصص الجزء الثاني للحديث مباشرة مع شيبوب عبر الهاتف. وتناول اللقاء المسجل موضوع العلاقة بين سليم شيبوب والعدالة الانتقالية والمحاسبة واحتمالات العودة الى تونس وتسليم نفسه للقضاء وكذلك الحديث عن الترجي الرياضي التونسي. وحسب ما تسرب من البرنامج فان شيبوب أكد رغبته في العودة إلى تونس وهو مستعدّ للمحاسبة وهي الرسالة التي رغب شيبوب في تمريرها. وعلمنا ان معز بن غربية تعرض الي ضغوط كبيرة من قبل عديد الاطراف خلال اليومين الاخيرين وذلك من اجل التراجع عن بث الحوار مع سليم شيبوب.