أنا الآن لست إعلاميا ولا صحفيا, أنا ذلك المواطن التونسي الذي تردد كثيرا قبل أن يكتب هذه السطور وفكر في عديد القيم والثوابت المهنية المتعلقة بالحياد والموضوعية.. ولكني لم أتمالك نفسي وقررت أن أكتب هذه السطور ساعة واحدة قبل منتصف الليل موعد انطلاق الصمت الانتخابي. أنا ذلك المواطن التونسي الذي يخاف على بلده من التمزق ومن الخونة المتربصين به ومن العملاء الذين قبضوا ثمن بيعهم ''هذه الحفنة من التراب''. أنا ذلك الأب الذي يحس بجزع كبير على مستقبل أبنائه وعلى حقوقهم ويصيبني مسّ من الجنون إن لامس سلاح الرّش عين أحد أبنائي كما حصل مع أبناء سليانة المهمّشين. أنا ذلك الأخ الذي تهاتفه شقيقته دوما من خارج حدود الوطن حيث تواصل دراستها الجامعية وفي أغلب الأحيان لا يردّ على كل المكالمات لأنه لا يجد جوابا على أسئلة فتاة تونسية تدرس بالخارج أصبحت صديقاتها يتجنبنها لأنها تونسية والتونسيات موصومات بعار جهاد النكاح. ساءت سمعة بناتنا إلى درجة النفور منهن. أنا ذلك الأخ لشقيق يخدم وطنه في ضمن قوات الأمن الداخلي ويلازمه رعب يومي من أن يقف يوما ما أمام جثة مذبوحة أو مقطوعة الرأس لشقيقه فقط لأنه من ''الطواغيت'' الذين يفدون وطنهم بأرواحهم ودمائهم. أنا ذلك الناشط التونسي الذي لا يتردد في النزول إلى شارع الحبيب بورقيبة للتظاهر كلما استدعى الأمر ولا يرغب في أن تطارده هراوات رابطات العنف والمنحرفين الذين ينشطون اليوم مع المنصف المرزوقي. أنا ذلك المواطن التونسي الذي عاش سنوات طويلة في الخارج كوّن خلالها رصيدا لا بأس به من الأصدقاء من مختلف الجنسيات وفيهم الجزائري المعاتب على تهجمات المرزوقي على بلدهم, والليبي المتسائل عن سرّ الغدر بالبغدادي المحمودي في خرق واضح لأصول الجوار ومبادئ حقوق الإنسان, وفيهم ذلك السوري الجريح الذي قُتّل نصف أقربائه وشُرّد نصفهم الآخر على يد شبان تونسيين مارسوا عليهم كل أنواع التنكيل والترهيب وتمّ تسفيرهم من تونس بلد الحريات. أنا ذلك التونسي الذي بات يخجل وهو لا يملك الإجابة عن أسئلة حيرى منها من قتل شكري بلعيد ومحمد البراهمي؟ ومن سحل لطفي نقض؟ ومن فتح القاعات الشرفية بالمطارات لدعاة الإرهاب والتكفير؟ ومن ومن ومن؟؟؟ لأجل الإجابة على كل هذه الأسئلة الحيرى وغيرها لا أجد اليوم غير الباجي قايد السبسي لأنتخبه رئيسا لتونس وأنا مقتنع تماما أنه سيكون الأصلح وفي حال تملصه من وعوده ستكون لدينا الفرصة لمعارضته, فنحن شعب أخرج فرنسا بجبروتها وأطرد بن علي بدكتاتوريته وأطاح بالترويكا بتغولها وسنقدر على الإطاحة بكل من يحاول خيانة الوطن. سأنتخب الباجي, هذه قناعتي أقولها وأمضي..