تتواصل مآسي المواطن التونسي ومعاناته مع قطاع الصحة لتصل المعاناة حتى للأطفال الرضع الذين يعاملون في المؤسسات الصحية العمومية بجفاء وبقلة مسؤولية وعدم اكتراث. فمستشفى الياسميانات بولاية بن عروس فتح أبوابه في أوت 2001 فاستبشر أهالي الولاية به لأهميته في تقريب الخدمات الصحية لهم وتقليص الضغط على بقية المستشفيات، لنتفاجئ اليوم بعد 16 سنة من العمل أن قسم الاستعجالي فيه المخصص للأطفال لا يعمل ويجبر الأولياء على الرجوع خائبين في كل مرة يتوجهون مسرعين الى الاستعجالي المذكور لإسعاف ابنائهم من أمراض أحيانا يمكن أن تهدد حياة ابنائهم. فالعشرات من الأولياء الذين حملوا ابنائهم وتوجهوا الى استعجالي قسم الأطفال في مستشفى الياسمينات بسبب ارتفاع حرارة ابنائهم وتجاوزها ال40 لكن الموجودين في القسم المذكور يمتنعون حتى عن النظر الى الصغير الذي انهكت قواه الحمى وارهقت جسده الضعيف ولا ينطقون سوى كلمة واحدة هي: "الاستعجالي ليس في وضع استخدام عليكم الذهاب الى مستشفى باب سعدون للأطفال". وبحديثنا مع الناظر في قسم الاطفال بالمستشفى المذكور اكد لنا أنه لا يوجد أطباء وان الاطباء الذين كانوا يعملون في استعجالي الياسمينات رفضوا مواصلة العمل وانسحبوا بعد ان "تقوى عليهم الضغط"، حسب تعبيره. فهذه حقيقة القطاع الصحي في تونس حيث يرفض الاطباء العمل في استعجالي مخصص للأطفال في منطقة لا تبعد كثيرا عن العاصمة فكيف نتوقع أن يقبلوا العمل في المناطق الداخلية للجمهورية ويكونوا صادقين في ممارسة مهنة انسانية سامية ورفيعة كمهنة الطب . فلمن نسي نذكر أن الأطباء يقسمون قبل البدء في ممارسة مهنة الطب على اداء مهمتهم بأمانة وصدق وشرف رغم كل الظروف والأحوال لإنقاذ حياة الانسان من الهلاك والمرض والالم والقلق. وهذا هو قسم الأطباء: " أقسم بالله العظيم أن أودي عملي بالأمانة والصدق والشرف، وأن أحافظ على سر المهنة وأن احترم تقاليدها وأن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها وتحت كل الظروف والأحوال باذلاً ما في وسعي لإستنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق وأن أحفظ للناس كرامتهم وأستر عورتهم، وأكتم سرهم، وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي للقريب والبعيد، للصالح والطالح، وللصديق والعدو، وأن أثابر على طلب العلم، وأسخره لنفع الناس لا لضررهم، وأن أوقر من علمني، وأن أكون أخاً لكل زميل في المهنة