الاستعجالي في مستشفياتنا : مشاكل بالجملة ترهق صحّة المواطن !!! هيكل سلامة تونس/الوطن تعتبر مصلحة الاستعجالي من بين أهم المصالح في أي مستشفى إن لم نقل أهمها، غير أن القاسم المشترك بين مستشفيات تونس هو إسناد أقسام مصالح الاستعجالات للمتدربين من الطلبة، حيث يقول بشأنهم العديد ممن قادتهم الأمراض والحوادث "عافانا وعافاكم الله" إليهم أنهم ''يتعلموا الحجامة في رؤوس اليتامى''. بحيث أنه نادرا ما يتم فحص المريض، من قبل طبيب ذي خبرة. وهذه الظاهرة نقطة أخرى من نقاط الضعف التي تتخبط فيها مستشفياتنا والمنظومة الصحية بصفة عامة. غالبا ما لا يجد المريض عند وصوله طبيبا متمرّسا يفحصه، بل يجد طالبا في طور التكوين، وهو من يقرر إن كانت حالته تستدعي رأي الطبيب المقيم "أي المتخصص" الذي يكون بغرفته في المستشفى، بحيث لا يستعان به سوى عندما تسوء حالة المريض ويوشك على الهلاك. هذا الوضع غير السليم قائم منذ عشرات السنين. وهو لعمري خرق فاضح لأخلاقيات المهنة، لأن طالب الطب لا يملك صفة الطبيب، غير أنه في حال خطأ التشخيص أو العلاج، لا يتحمل أي منهم المسؤولية ولا يتحمل أيضا الطبيب المقيم مسؤولية غيابه عن منصبه، ولا يفتح التحقيق أصلا، رغم تكرار حالات الخطإ غير المبررة. لكن الأخطاء ليست وحدها ما ترهق بال المواطن في الاستعجالات وتجعله ينفر منها، فكثيرا ما تتعكر الحالة الصحية لبعض المواطنين لأتفه الأسباب، كانعدام أبسط أدوات الإسعاف الأولي، والأمصال والأدوية الأساسية. ويروي كير ممن كانوا يعانون خطبا ما كيف يوجهون ذويهم إلى الصيدليات ليلا للبحث عن الأدوية، بينما يكون الكثيرون منهم دون وسيلة نقل، أو غير قادرين على تكلفة الدواء، لكن لا أحد، حسب تعبير المتحدثين، يعلم كيف تنفذ أدوية صيدليات المستشفيات. أتعس ضحايا الاستعجالات هم المرضى المصابون بأمراض مزمنة وضحايا الحوادث، إذ يضطر ذووهم للتنقل بين مختلف الأقسام والمستشفيات، لأن اختصاص العظام في اتجاه، والجراحة الداخلية في اتجاه، واختصاص الأعصاب في اتجاه أو ربما بمدينة أخرى... وقاعة "السكانار" أو الأشعة في مستشفى بعيد.. وهكذا يموت الضحايا في الطريق. بينما يفترض أن تجتمع كل هذه المصالح معا، كما هو معمول به في بقية البلدان، وأن يكون هناك أخصائيون بالطب الاستعجالي. من ناحية أخرى تشكو هذه الأقسام وخاصة منها الجامعية من ظاهرة الاكتظاظ نظرا لتوافد المواطنين عليها الذي يبلغ معدل عددهم سنويا 000. 60 زائر لكل مؤسسة استشفائية. ويمكن تفسير ذلك باعتقاد المواطنين أن هذه الأقسام الاستعجالية الجامعية تقدم أفضل الخدمات وتتوفر بها أحسن التجهيزات، لذا يفضل المواطن اللجوء إليها عوضا عن العيادات الخارجية. ولمواجهة هذه الظاهرة تم الشروع في تنفيذ برنامج يهدف إلى الرفع من طاقة استيعاب أقسام الاستعجالي وذلك بتدعيمها بالإطارات العاملة بها وتعزيزها بالتجهيزات اللازمة وانجاز مشاريع بناء وتهيئة أقسام الاستعجالي حتى تتلاءم فضاءاتها مع مهمة هذه الأقسام. يذكر أن تونس وضعت إستراتيجية وطنية للنهوض بطب الاستعجالي وترتكز على محاور الجودة والاستمرارية وتكوين الموارد البشرية إلى جانب شمولية التغطية في مرحلة ما قبل المستشفى والمرحلة الاستشفائية ومرحلة ما بعد الإيواء . وقد تم في هذا الإطار تركيز 6 أقسام للمساعدة الطبية الاستعجالية بكل من تونس وسوسة وصفاقس وقفصة وقابس وجندوبة، تشغل 15 مصلحة طبية متنقلة للإسعاف والإنعاش. كما يتواصل العمل على دعم التغطية بالأقسام الاستعجالية والتي يصل عددها اليوم إلى 182 قسما يؤمّها سنويا قرابة 4 ملايين مواطن وعلى تجهيزها بالمعدات الطبية الملائمة.