استقبل أمس رئيس الحكومة علي العريض السيناتور الأمريكي جون ماكين والذي يعرف بأنه صهيوني بامتياز فهو من أبرز الداعمين في الإدارة الأمريكية للكيان الصهويني ومعروف عنه عدائه الشديد للعرب والمسلمين وقد لقيت هذه الزيارة استنكارا شديدا من طرف عدد كبير من الناشطين. قبلها بيوم كان القيادي الحمساوي المعروف محمود الزهار في ضيافة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. لم تمضي أكثر من 24 ساعة بين الزيارتين وكأن الأمر كان منظما فاستقبال الزهار وزير الخارجية في حكومة حماس المقالة هو حدث شعبي مهم يجيش العواطف ويشحن مشاعر الانحياز للقضية الفلسطينية لدى الرأي العام تليها زيارة المسؤول الامريكي جون ماكين حيث العودة للجادة وتقديم فروض الطاعة والولاء لأمريكا والتعهد بمقاومة الارهاب وحيازة رضا العم سام. هذه الحالة المرضية التي تعاني منها تيارات الاخوان في دول الربيع العربي والتي تقرب لحالة الانفصام في الشخصية او ما يعرف بالشيزوفرينيا بين مناصرة "شعاراتية" للقضية ومتطلبات الولاء والطاعة ل"ماما أمريكا" تظهر جليا لدى زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ويكفي لنفهم ذلك تتبع مواقفه تجاه التطبيع مع اسرائيل. حيث لا يمكن للمتابع ان ينسى كيف خاطب الغنوشي منظمة (إيباك) الصهيو-أمريكية ووعدها بأن الدستور التونسي الجديد لن يتضمن إشارة تسيء إلى الصهيونية وإسرائيل، ثم مباشرة بعد ذلك استدعى إسماعيل هنية إلى تونس لتغطية تداعيات تصريحه هذا. كما تبرز هذه الشيزوفرينيا من خلال الحديث الشهير الذي أدلى به الغنوشي لصحفي اذاعة صوت إسرائيل برفقة عبد الإله بن كيوان رئيس الوزراء المغربي من «دافوس» واكد فيه ان تجريم التطبيع لا سبيل إليه، ومن ثم يوجه خطاباً غير مباشر عبر جريدة (السفير) اللبنانية إلى السيد حسن نصر الله يزعم فيه أنه لن يعترف بإسرائيل. هكذا هو حال الحركة الاخوانية عامة وحركة النهضة خاصة والتي يبدو ان تسلمها لمقاليد السلطة والدولة جعلها في انفصام عميق بين شعارات أطلقتها سابقا في المعارضة والمنافي دعمت فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها وجرمت التطبيع ودعمت المقاومة قبل أن تجد نفسها في مغريات السلطة وبهرجها و"تكتيكاتها" وتتنازل عن كل تلك المبادئ لتستعرضها في احتفاليتها ومهرجاناتها الخطابية.