يبدو ان النائب الرابع لرئيس حركة النهضة ليس راضياً عن أداء وزارة الخارجية وسفراء تونس في الكثير من دول العالم خاصة الأداء الدبلوماسي للسفارة التونسية في كندا والتي لم تنل جهودها رضاه المنشود إثر العمل الإرهابي الذي استهدف مسجدا في الكيبيك وراح ضحيته ستة أبرياء بينهم مواطن تونسي وأصيب آخرون بجراح متفاوتة الخطورة. السيد نور الدين البحيري نشر على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تدوينة قال فيها " لم يجد سعادة سفيرنا بكندا فرصة حتى لتعزية عائلة الشهيد التونسي الذي كلف بما كلف به لخدمته وغيره من التونسيين فما بالك بعائلات الشهداء الجزائريين والمغاربة والغينيين. اما الجريحين التونسيين أيمن الدربالي ونزار الغالي عجل الله شفائهما و حفظهما من كل مكروه فأغلب الظن ان سعادة السفير لا يعلم بعد أنهما تونسيين أصلا". ودعا السيد ور الدين البحيري سفير تونس في كندا ليأخذ دروساً من سفيرة كندا في تونس التي رابطت بمطار تونسقرطاج لاستقبال جثمان الشهيد ولم تغادره إلا بعد انطلاق الطائرة التي حملت الجثمان إلى جربة. انتهت تدوينة سي البحيري والتي لم يفهم الكثيرون مغزاها، فحسب ما ذكره كثيرون من أبناء الجالية التونسية في كندا فإن السفارة التونسية تحركت فور حصول الجريمة الإرهابية التي سقط فيها المواطن التونسي بوبكر الثابتي شهيدا والمواطنان أيمن الدربالي ونزار الغالي جريحين، واتصلت بالسلطات في مقاطعة الكيباك لمعرفة تفاصيل ما جرى كما اتصلت بعدد هام من الإعلاميين والمواطنين التونسيين ومن المسؤولين في المركز الثقافي الإسلامي في مدينة كيباك لتجميع المعلومات ومعرفة حقيقة الوضع. السفارة تمكنت ابتداء من الساعات الأولى لصباح اليوم الموالي من تحديد هويات الشهيد والجريحين الذين سقطوا من بين المواطنين التونسيين وإبلاغ ذلك إلى الوزارة بتونس، واتصل السفير بزوجة الشهيد لتعزيتها وبزوجتي الجريحين قصد الاستفسار عن حالتيهما، والتأكيد على الاستعداد لتقديم كل المساندة والمساعدة والإحاطة في هذا الظرف الأليم. السفير اتصل يوم الإثنين 30 جانفي بسفيرة كندابتونس لطلب تسهيل الحصول على تأشيرات الدخول إلى كندا لعائلات الشهيد والجريحين في حال رغبوا في التحول إلى كيباك، وقد تحصلت كل من شقيقة الجريح أيمن الدربالي ووالديه على تأشيرات فورية ووصلوا إلى كند خلال الأسبوع الماضي. كما قام قنصل تونس في مونتريال بالتنسيق مع السلطات المحلية في مقاطعة كيباك من أجل المتابعة الميدانية لكل التفاصيل الخاصة بوضعية الجرحى وعائلاتهم وعائلة الشهيد بوبكر الثابتي. رغم أن السلطات في مقاطعة كيباك حصرت قائمة المدعويين من الدبلوماسيين في رؤساء البعثات القنصلية المعتمدة في مونتريال، فقد أصرّ السفير على الحضور في موكب التأبين الذي نظم في مونتريال يوم الخميس 2 فيفري، وقدّم التعازي لأرملة الشهيد ولأقاربه الذين حضروا الموكب، وكذلك كان الحال بالنسبة لسفير الجزائر في أوتاوا، علما بأن الكلمة لم تعط إلا لقناصل تونسوالجزائر والمغرب وسفير غينيا باعتبار عدم وجود قنصل لهذا البلد في مقاطعة كيباك. السفارة تكفلت وبالتنسيق مع القنصلية بكامل إجراءات ترحيل جثمان الشهيد، ومع وزارة الخارجية والسلطات التونسية المعنية والخطوط التونسية قصد التكفل بمصاريف تنقل أسرة الشهيد إلى تونس (تذاكر السفر). قام السفير بعيادة الجريح أيمن الدربالي في المستشفى والتقى بأفراد عائلته، كما عاد الجريح نزار الغالي في منزله وابلغ العائلتين أن السفارة والقنصلية والحكومة التونسية على أتم الاستعداد لتقديم كل الدعم والمساعدة لهما لتخطّي هذه الفترة الصعبة، كما تطرق مع نائب وزير خارجية كيباك إلى ضمان حقوق عائلة الشهيد والجريحين التونسيين باعتبارهم مواطنين مزدوجي الجنسية. موقع الجريدة اتصل بعدد من المواطنين التونسيين المقيمين في كندا والذي أكدوا أن السفارة قامت بدورها على أحسن وجه وأن عائلة الشهيد وعائلات الجرحى لم يعبروا عن احتجاجهم أو غضبهم من تصرف السفير التونسي وطاقم السفارة والقنصلية بل كان موقف وأداء السفير وطاقم السفارة محل تقدير من ابناء الجالية الذين تم الاتصال بهم. ويبدو أن السيد نور الدين البحيري استقى معلوماته من احد عناصر حركة النهضة في كندا والذين ارادوا الركوب على الحدث واعتباره هجوما على الإسلام والمسلمين الذين يمتلكون تمثيلهم، ولم يكلف السيد البحيري نفسه عناء الاتصال بعالة الشهيد لتقديم واجب العزاء وبعائلات الجرحى للاطمئنان عليهم لكنه كلف نفسه نشر وتشويه الجهود التي تبذلها السفارات التونسية لخدمة الجاليات أينما وجدت وخاصة في مثل هذه الظروف الصعبة جراء العمل الإرهابي الذي تعرض له مسجد في الكيباك. وربما يكون غضب السيد نور الدين البحيري على أداء وزارة الخارجية والوزير تحديدا السيد خميس الجهيناوي مفهوما جراء الموقف المميز للوزير في تعامله مع ما سمي ملف "عودة الإرهابيين إلى تونس والتي أراد أصدقاء حركة النهضة في تركيا وألمانيا تمريره بسرعة للتخلص من عبء وجود عدة ألاف من الإرهابيين وعدة ألاف من المهاجرين غير الشرعيين على أراضيهم بسرعة ودون تدقيق وهو ما رفضته الخارجية التونسية وأصرت أن تكون العودة فردية بعد دراسة كل ملف حالة بحاله الشيء الذي أربك حسابات حركة النهضة مع أصدقائها. ولكن يبقى السؤال، ألا يكفي هذه البلاد الاتّجار بدماء أبنائها وبدموع الأرامل والثكالى، ألا يكفيها تسييس كل حدث سعيدا كان أو حزينا، ألم يحن الوقت لنستحي من تسييس مصائبنا.