تصنع تشكيلة الحكومة الجديدة في الجزائر، الحدث، بالنظر الى هوية الوزراء الجدد و كذا رحيل شخصيات كانت الى وقت قريب تعتبر مهمة، و وصفت عديد الجهات ان الحكومة عبد المجيد تبون، الوزير الاول الجديد خلفا لعبد المالك سلال، هي بمثابة حكومة الرئاسيات المقررة في 2019. استغربت الطبقة السياسية في الجزائر تواجد شخصيات جديدة و اخرى شبابية ضمن طاقم حكومة عبد المجيد تبون، الوزير الاول الجديد، مقابل تنحية وزراء بتجربة كبيرة و على رأسهم عبد المالك سلال الذي قاد الحكومة لمدة 15 سنة، و غيره من الوزراء مثل عبد المالك بوضياف في الصحة، و رمطان لعمامرة في الخارجية، و نور الدين بوطرفة في الطاقة و هو الذي تلقى قرار تنحيته عبر الهاتف لتواجده خارج البلاد في مهمة انقاذ الجزائر من خطر استمرار انهيار اسعار النفط التي تعتبر اهم المداخيل بحوالي 95 بالمائة، و غيرهم من الشخصيات المهمة، في تحول يكشف عن خفايا الصراع الحاصل في اعلى هرم السلطة الجزائرية بقيادة شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة في مواجهته للطرف الثاني جهاز الاستخبارات او صقور الامن العسكري الذي يتزعمه محمد مدين المدعو الجنرال توفيق، الذي تمت تنحيته من منصبه منذ اشهر. تشكيلة الحكومة الجديدة غابت عنها كل الاسماء التي لها علاقة برئاسيات 2019، خاصة التي ابدت رغبة في رئاسيات 2017 التي عرفت جدالا واسعا بسبب ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة و ما اثارته من تشنج كاد ان يعصف بالجزائر على هامش ثوارات الربيع العربي، و تم احتواء الوضع بعد اتفاق الاطراف المتصارعة في اعلى هرم السلطة، غير ان المعركة عادت الى الظهور عن بكرة ابيها هذه المرة، و كشفتها نتائج الانتخابات البرلمانية ليوم 4 ماي المنصرم، التي افرزت خريطة سياسية جديدة كانت تراهن عليها السلطة بقيادة شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، للوصول الى رئاسيات بمرشحها الذي تشير كل المعطيات الى انه عبد المالك سلال الذي تمت تنحيته عن قصد لتحضيره للموعد. بالمقابل، يرغب الطرف الاخر ترشيح المستشار برئاسة الجمهورية و الامين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي احمد اويحيى، الذي يواصل اختفائه استعدادا للموعد المنشود، حيث تراهن صقور الاستخبارات على الرجل المحسوب على الجنرال محمد مدين، المدعو توفيق، مدير جهاز الاستخبارات سابقا، و بالنظر الى تشكيلة الحكومة الجديدة فان مجموعة سعيد بوتفليقة، ازاحت كل رائحة على علاقة بأحمد اويحيى خيفة من ان تعكر صفو مخططاتها، بدليل حصول حزب اويحيى على عدد قليل من الحقائب الوزارية. غير ان ذهاب وزير الخارجية رمطان لعمامرة، المرتبط بجهة اخرى في السلطة، و الذي كانت له نيات لدخول رئاسيات 2017، لم يكن اعتباطيا و انما يندرج في اطار ابعاد كل المخاطر، الامر الذي يكشف عن سيطرة مجموعة الرئيس على دواليب السلطة، و قد اغلقت المنافذ التي من شأنها ان تفسد ما تصبو اليه، لتبقى الاشهر المقبلة كفيلة بكشف المزيد من المفاجأة السارة و غير السارة و يتواصل مسلسل التحضير لرئاسيات 2019، التي ستكون المنعرج الحقيقي نحو التغيير الذي ينتظره الشعب، لكن عنصر المفاجأة مستمر و يبقى الشعب في مواجهة عقارب قد تلدغه في كل الاحوال. تقرير خاص أنس الصبري عضو باحث بالمركز الاوروبي لدراسات محاربة الارهاب بألمانيا