عنْ أنَسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل أيّ الصدقةِ أفضَلُ، فَقَالَ: ))صدقة في رمضان(( رواه الترمذي وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَد مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْريلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْءانَ، فَلَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِن الرِّيحِ المُرْسَلَةِ". رواه البخاري ومسلم الجود : هو سعة العطاء و كثرته. ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس في رمضان وفي غير رمضان، ففي الصحيحين عن أنس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسن الناس و أشجع الناس و أجود الناس". و في صحيح مسلم عنه قال: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم على الإسلام شيئاً إلا أعطاه، فجاء رجل فأعطاه غنماً بين جبلين فرجع إلى قومه فقال : يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة" . وفي البخاري من حديث سهل بن سعد: إن شملة أهديت للنبي صلى الله عليه و سلم فلبسها و هو محتاج إليها فسأله إياها رجل فأعطاه، فلامه الناس و قالوا: كان محتاجاً إليها و قد علمت أنه لا يرد سائلاً فقال: إنما سألتها لتكون كفني فكانت كفنه". وكان جوده صلى الله عليه و سلم كله لله ، و في ابتغاء مرضاته فإنه كان يبذل المال إما لفقير ، أو محتاج ، أو ينفقه في سبيل الله أو يتألف به على الإسلام من يقوي الإسلام بإسلامه ، و كان يؤثر على نفسه و أهله و أولاده فيعطي عطاء يعجز عنه الملوك مثل كسرى و قيصر و يعيش في نفسه عيشة الفقراء، فيأتي عليه الشهر و الشهران لا يوقد في بيته نار، و ربما ربط على بطنه الحجر من الجوع. و كان جوده صلى الله عليه و سلم يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور. فإنه كان يلتقي هو و جبريل عليه السلام و هو أفضل الملائكة و أكرمهم و يدارسه الكتاب الذي جاء به إليه و هو أشرف الكتب و أفضلها و هو يحث على الإحسان و مكارم الأخلاق. و في تضاعف جوده صلى الله عليه و سلم في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة : منها شرف الزمان و مضاعفة أجر العمل فيه. و في الترمذي كما قدمنا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل أيّ الصدقةِ أفضَلُ، فَقَالَ: ))صدقة في رمضان((. و منها إعانة الصائمين و القائمين و الذاكرين على طاعتهم فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم كما أن من جهز غازياً فقد غزا ، و من خلفه في أهله فقط غزا . و في حديث زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا)) أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والدارمي والبيهقي و منها: أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة و المغفرة و العتق من النار لا سيما في ليلة القدر و الله تعالى يرحم من عباده الرحماء كما قال صلى الله عليه و سلم: ((إنما يرحم الله من عباده الرحماء)) . فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء و الفضل و الجزاء من جنس العمل. و منها : أن الجمع بين الصيام و الصدقة من موجبات الجنة كما في حديث علي رضي الله عنه عَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغُرَفًا يُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا)) فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَنْ هِيَ؟" قَالَ: ((هِيَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَقَامَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)) رواهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ، و هذه الخصال كلها تكون في رمضان فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام فإنه ينهى فيه الصائم عن اللغو والرفث ، والصيام والصلاة والصدقة توصل صاحبها إلى الله عز وجل. و في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: ((فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟)) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: ((فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟)) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: ((فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ؟)) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ)) يا نفس فاز الصالحون بالتقى و أبصروا الحق و قلبي قد عمي يا حسنهم و الليل قد جنهم و نورهم يفوق نور الأنجم ترنموا بالذكر في ليلهم فعيشهم قد طاب بالترنم قلوبهم للذكر قد تفرغت دموعهم كلؤلؤ منتظم أسحارهم بهم لهم قد أشرقت و خلع الغفران خير القسم ويحك يا نفس ألا تيقظ ينفع قبل أن تزل قدمي مضى الزمان في ثوان و هوى فاستدركي ما قد بقي و اغتنمي