تحتل المرأة مواقع متنوعة في تنظيم "داعش"، وتتجاوز الأدوار الهامشية التي حددها لها الدين، لذا فإنه من الخطورة والسذاجة أن يستخف بمشاركتها ودورها كعضو نشط في تنظيم إرهابي مستمر، وفي نظرة عامة على تحول صورة و دور المرأة داخل التنظيم الإرهابي من أجل فهم التهديدات المختلفة التي تشكلها، خاصة في ظل انهزام "داعش" في مناطق نفوذه بسوريا و العراق، وهو الفشل الذي يدفع إلى إعطاء اهتمام خاص للنساء اللاتي يعبرن الحدود للعودة إلى بلادهن. . سايرت مشاركة المرأة في عمليات التنظيم تطور مسار التنظيم نفسه، و لازال هذا التطور مستمر لحد اليوم حيث يضطر التنظيم إلى إعادة تشكيل نفسه في أعقاب الهزائم التي مني بها، فخلال سنة 2012، خرج "داعش" الإرهابي بموقف يرفض سفر النساء إلى الخلافة الناشئة، تحت تبرير ان الحرب لا تناسب النساء، ودعاهن الى البقاء في دولهن من أجل جمع التبرعات ونشر الدعاية وتربية الجيل القادم من المقاتلين. وأدى استيلاء التنظيم على مدينة الرقة السورية عام 2013 بشكل خاص إلى تحفيز التحول في دعايته عبر الانترنت، فلم يقتصر تجنيد النساء على الأدوار الداعمة التقليدية كالزوجات والأمهات فقط، والتي لا تزال أدوارهن الرئيسية، وانتقل الامر الى العمل كطبيبات، ممرضات، معلمات وموظفات، كما تم منحها مسؤولية رصد التزام النساء الأخريات، وهو ما اتضح في إنشاء لواء شرطة الخنساء النسائي، وتم تخصيص قسم او جهاز قائم بذاته، يخاطب المرأة بشكل مباشر. وازداد عدد النساء اللاتي سافرن وحدهن أو بصحبة مرافقات إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم الإرهابي خلال فترة تحقيقه مكاسب إقليمية، وعلى الرغم من تزويج النساء سريعا بمجرد وصولهن إلى مقر الخلافة، إلا أن ذلك كان وسيلة الانضمام وليس الغاية منه. ومع تغير المعطيات واستمرار انهيار التنظيم الارهابي، فمن المهم دراسة نشاطهن على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالنساء المنتميات للتنظيم بشكل متواصل، باعتبارهن العدسة الرئيسية التي ينظر من خلالها إلى واقع التنظيم الغامض. فعلى سبيل المثال، بدأت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل "عصفور الجنة" أو "أم معاوية"، والتي اكتسبت شعبيتها من إبداء النصائح وسرد الحكايات للنساء المهتمات بالهجرة إلى دولة الخلافة المزعومة، تغير خطابها من مجرد سرد الحكايات إلى تقديم الإرشادات. ونظرا لتراجع فرص التنقل، فقد انتقلت هذه الحسابات الى دعم الهجمات الإرهابية، مثل ما فعلت البريطانية خديجة دير التي أعلنت عن رغبتها في المشاركة في أعمال القتل، كذبح الصحفي جيمس فولي، والمدونة الشهيرة أم ليث التي دعت عبر مواقع "تويتر" و"تمبلر" و"آسك إف إم" الشباب المسلمين الذين "لا يستطيعون الوصول إلى ساحة المعركة" إلى "جلب ساحة المعركة إلى أنفسهم"، وتشفين مالك التي وصلت إلى حد وصف هجوم سان برنادينو عام 2015 كأحد أهداف تنظيم "الدولة الإسلامية". وبعيدا عن رؤية "داعش" لدور المرأة، فمن المهم فهم رؤية هؤلاء النساء لأنفسهن، مما يعد ضروريا لتطوير نهج شامل لمكافحة التطرف العنيف، وخاصة الهجمات الفردية، لان المرأة تشكل جزءا لا يتجزأ من جهاز التنظيم، وعليه فانه من المهم فهم سبب انجذاب النساء إلى التنظيم الإرهابي، خاصة في ظل توقعات بعودتهم الى بلدانهن.