صدر عن مركز النّشر الجامعي بتونس هذا الأسبوع كتاب للدّكتور شوقي العلوي , الباحث و الإعلامي, يحمل عنوان " الاتّصال السّياسيّ. النّظريّات و النّماذج و الوسائط". وقد جاء هذا الكتاب في 455 ص من الحجم المتوسّط وانقسم إلى جزأين رئيسيين: - جزء أول: يدرس فيه الباحث حقل الاتصال السياسي كموضوع بحث ودراسة وذلك تأصيلا لتموقع المؤلف فيه ورغبة منا في تحليل الأرضية الإبستمولوجية التي يرتكز عليها والروافد النظرية التي تلتقي فيه. وقد ارتأى من المناسب القيام بذلك حتى يتمكّن من إجراء مسح أوّلي لهذا الحقل المعرفي الحديث نسبيا وغير المطروق بالقدر الكافي في البحوث التونسية و العربية. وحلّل في البابيْن الثاني والثالث من الجزء الأول الاتصال السياسي كممارسة من خلال استعراض "النماذج الكلاسيكية للاتصال السياسي " على ضوء تصنيف الباحث الفرنسي "جيل أشاش " الذي صنفها، عام 1989، إلى ثلاثة نماذج كبرى هي "النموذج الدعائي" و"النموذج الحواري" و"النموذج التسويقي". وقد انطلق في كل مرة من تحليل "أشاش" لكل نموذج ثم توسّع فيه بالإثراء والنقاش و النّقد. وتوسّع المؤلّف في استعراض خصائص " النّموذج التّسويقي " للاتّصال السّياسي باعتباره النّموذج السّائد. فخصّه بباب كامل جاء فيه على أصوله التّجارية و الأمريكيّة وفكّك استراتيجياته من حيث دراسة " الطّلب" و تموقع " العرض " السّياسيين. كما حلّل مجالات تطبيقه في الاتّصال الانتخابي والاتّصال الحكومي و الاتّصال المحلّي. و شرّح أبرز أدواته ضمن ما يعرف ب " المثلّث الذّهبي " للاتّصال السّياسي أي : الإشهار السّياسي و سبر الآراء و التّلفزيون. - جزء ثان: استعرض فيه " العصور الثلاثة للاتصال السّياسي " فحقّبه إلى " ما قبل التلفزيون " و " عصر التّلفزيون " و " ما بعد التّلفزيون ". وحلّل ما فعلته وسائل الاتّصال الجماهيري، وخاصة التلفزيون، بالعلاقة بين الباث والمتلقي وما آل إليه وضعها من "مشهدة السياسة" وحشر المتلقي في زاوية "المتفرج السّلبي". وحاول، بعد ذلك، أن يقدم عرضا تأليفيا لما يمثل في نظره "المثلّث النّظري" الذي تشكّلت منه القاعدة التنظيريّة لوعود تجديد الاتصال السياسي بواسطة الانترنت بين الباث والمتلقي. وتتشكّل أضلاع هذا المثلث من خطاب "مجتمع المعلومات" ومقولة "الديمقراطية الإلكترونية" ومسألة " تفاعليّة الاتّصال بواسطة شبكة الانترنت". وسعى إثر ذلك إلى رسم ملامح نموذج سياسيّ رابع للاتّصال السّياسيّ أضافه إلى نماذج " أشاش الكلاسيكيّة" باعتباره النّموذج الذي يصاحب ظهور شبكة الإنترنت خصوصا مع جيلها الثاني المعروف ب " الواب الاجتماعيّ " . وقدّم في فصل أخير قبل الاستنتاجات النهائية قراءة تأليفيّة في أبرز نتائج الدّراسات حول ممارسة الاتصال السياسي بواسطة الانترنت، بجيليْها الأوّل والثاني, في الدّيمقراطيّات الغربيّة و خاصّة منها الولايات المتّحدة و أوروبا...