الجريدة: كوثر بعد أن ألغت الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية أعمال لجنة فرز الترشحات لعضوية الهيئة المستقلة للانتخابات و إبطال قائمة 36 مترشحا لعضوية الهيئة المزمع عرضها على أنظار الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي من المشروع طرح جملة من الإشكالات القانونية بهذا الخصوص. و قد بينت مستشارة المجلس حنان بلحاج سليمان في توضيح أصدرته اليوم الاثنين 18 نوفمبر 2013 أن المجلس فضل تطبيق قرار المحكمة ومراجعة أعمال لجنة الفرز طبقا للمعطيات الجديدة للسلم التقييمي و لم يتوانى في استشارة المحكمة حول كيفية تطبيق قرارها و الأخذ برأيها عدد 562 بتاريخ 24 ماي 2013 ضمانا لسلامة عمل اللجنة المعنية بل وأكثر من ذلك لو كانت إرادة المشرع متجهة لتجاهل هذه المؤسسة العريقة لما أسند لها الفصل23 مكرر من القانون الأساسي عدد 44 المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للإنتخابات الإختصاص صراحة لتراقب أعمال لجنة الفرز ولتبت فيها. لكن الحكم الذي يتمتع بقوة الشيء المقضي فيه لا بد أن يستمد تلك القوة من قرينة المطابقة للقانون علما وأن هذه الصبغة إن توفرت تشكل عائقا أمام إمكانية التصحيح التشريعي للأعمال الملغاة. واعتبرت المستشارة أنه من المفارقات أن تتعامل المحكمة الإدارية مع القانون المذكور من خلال قراراتها الأخيرة بطريقة إنتقائية فهي وإن لم تجد مانعا في تطبيق أحكامه المتعلقة باختصاصها فإنها استثنت الفصل الأول منه و المتعلق بالفصل 6 بما يعكس تعامل المحكمة بسياسة المكيالين مع الفصول رغم وحدة مصدرها القانوني، و عليه فإنه لا بد من التوضيح أن الفصل المستبعد من التطبيق لا يندرج في تصنيف التصحيح التشريعي و خلافا لما تم تداوله فالتعديل لم يخرج عن مبدأ المفعول المباشر للقانون و غايته رفع الالتباس في فهم الفصل السادس حول صلاحيات لجنة الفرز و سلطتها التقديرية و باعتبار ما تم التأكيد عليه في استشارة المحكمة من أن السلم التقييمي الهدف منه الاستئناس بالترتيب الموضوعي وليس التقيد به. وأشارت المستشارة إلى أن القول بتطبيق السلم التقييمي لا يستقيم من حيث المبدأ لما تضمنه من تجاهر بالإمتناع عن تطبيق القانون كبادرة لا تخلو من مخاطر الإنزلاق إلى حكم القضاة و لا إجتهاد للقاضي في مخالفة القانون و تجاوز النص الصريح فلو سمح القاضي لنفسة بمهمة تقييم القوانين عوضا عن تطبيقها لحاد عن دوره الحقيقي في إطار دولة القانون ولفقد مبدأ الفصل بين السلط معناه فضلا على أن التعلل برقابة الدستورية مردود. وعلى اعتبار أن الأحكام الدستورية -إن وجدت- فهي مصدر من مصادر الشرعية فلا مانع أن تستند إليه المحكمة مباشرة لكن فقط في حالة غياب قانون ينظم المسألة موضوع النزاع وهو ما لا ينطبق على الحالة الراهنة وبالتالي فإن إحتكام القاضي الإداري لقواعد قانون التنظيم المؤقت للسلط و لقاعدة التدرج في هرم القواعد القانونية لإستبعاد القانون الأساسي المتعلق بهيئة الإنتخابات لم تقتضيه ضرورة ولا يبرره غياب مجلس دستوري وكان من باب أولى وأحرى أن تطبقه المحكمة فيما يتعلق بحدود إختصاصها الذي ينظمه القانون التأسيسي الذي يحيل إلى القانون عدد 40 المتعلق بالمحكمة الإدارية و الذي لا يعترف لها بمراقبة دستورية القوانين لا عن طريق الدعوى ولا بالدفع علما وأنه تاريخيا فقه قضاءها في المرحلة السابقة لإحداث المجلس لم يتضمن مراقبة شرعية القوانين ولا رفضا لتطبيقها على أساس مخالفتها لدستور 1959وإن كنا لا ننكر عليها تجربتها الثرية في حماية الحقوق والحريات الدستورية في إطار إحترام القانون فإن موقفها الأخير لا يخلو من المغالاة بما لا يراعي دقة المرحلة الإنتقالية...