استاذ موارد مائية يحذر من زلزال إثيوبيا وتداعياته على ليبيا و السودان    الداخلية: "الإجراء" ضد أحد المحامين جاء بعد معاينة جريمة "هضم جانب موظف عمومي أثناء آدائه لمهامه"    مجلس وزاري مضيق حول مشروع قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    المعهد الوطني للاستهلاك: توجه الأسر 5 بالمائة من إنفاقها الشهري إلى أطعمة يقع هدرها    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    اصدار بطاقة ايداع في حق سنية الدهماني    موقعا قتلى وجرحى.. "حزب الله" ينشر ملخص عملياته ضد الاحتلال يوم الاثنين    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    صفاقس: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب عُثر عليه ميّتا في منزله بطينة (الناطق باسم المحكمة الابتدائية صفاقس 2)    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    مصالح الحرس الديواني تحجز خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024 كميات من البضائع المهربة ووسائل النقل قيمتها الجملية 179 مليون دينار    تشكيات من تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    في معرض الكتاب بالرباط.. احبها بلا ذاكرة تحقق اكبر المبيعات    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    وزارة الصحة تنتدب 3000 خطة جديدة خلال السداسي الثاني من 2024    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    ''قطاع التأمين: ''ندعم قانون المسؤولية الطبية.. فلا بد من تأطير قانوني    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    سوسة: سائق سيارة تاكسي يعتدي بالفاحشة على قاصر    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    معين الشعباني: سنذهب للقاهرة .. كي ندافع عن حظوظنا مثلما يجب    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    المالوف التونسي في قلب باريس    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ضرورة خلع المرزوقي عاجلا


عمر صحابو
بعد نعته الأخير لعموم التونسيين، بمن فيهم من يفوقه خلقا وعلما، بالجهلة وبعد خرجته حول الوضع في ليبيا حيث بدا له، بدون استشارة أي طرف من الذين يحتم عليه النص الدستوري استشارتهم، أن يساند من اعتبره عن جهل الطرف الشرعي في الصراع الليبي، وبعد موقفه الجاهل لأصول الدولة من انتخاب عبد الفتاح السيسي، لم يعد بعد اليوم بإمكان أي عاقل في هذه البلاد أن يستنجد أكثر ما في وسعه بالصبر ليكابد المصيبة التي أرادها الغنوشي لتونس عندما قرر أن يدخل المنصف المرزوقي قصر قرطاج بصفة رئيس الجمهورية التونسية...
كنت كتبت، أياما قليلة بعد دخوله القصر، عن ضرورة اتيانه بما يثبت سلامته الصحية قبل فوات الأوان وقد اتهمت آنذاك من قبل المناضلة أم زياد بالحسد والكراهية، إلا أن الزمان لم ينقطع عن إنصافي...
ماذا يريد القوم من دلائل أخرى أكثر من هذا الهول العظيم من الاخطاء والزلل والهفوات والكبوات والهنات والأكاذيب التي طبعت ولا تزال سلوكيات المرزوقي على رأس المؤسسة الرئاسية التونسية المسكينة؟
حقوقي؟
أسس المرزوقي هالته السياسية على مناصرته لحقوق الإنسان أينما انتهكت، لكن سرعان ما تبين بعد دخوله القصر الرئاسي أنها كانت مجرد "معون خدمة" للوصول إلى أبواب السلطة... وما أدل على ذلك إلا المواقف والمبادرات التي أفرغت الشرعية الحقوقية للمرزوقي من محتواها.. وسيبقى الكتاب الأسود الذي اُعد ونُشر بأمر منه، الواقعة – بالمعنى القرآني للكلمة – الدالة على ذلك.. في هذا الكتاب – الأسود حقيقة – سمح لنفسه وهو "الحقوقي الفذ" أن يخرق بصفة فجة كل الحقوق...تصرف في أرشيف يمنعه القانون من التصرف فيه وعبث اعتباطيا بمعطيات شخصية محرم عليه قانونا أن يغتصبها ! ولا أدري إلى الآن ماذا ينتظر القضاء لجلبه بمقتضى الدعاوى الست المتعلقة به بعد نشر الكتاب؟ دعاوى تؤدي مبدئيا إلى سجنه مدة سنة كاملة !
أما تسليم الوزير الأول الليبي السابق البغدادي المحمودي من قبل الجمهورية التونسية تحت رئاسته فستبقى الواقعة الثانية التي لن يُمحى عارها من على جبين التونسيين... وقد سبق لجريدة "المغرب" أن نشرت في عددها المؤرخ في 29 مارس 2014 وثائق تفيد أن صاحبنا كان على علم بعملية الابتزاز التي كان يتعرض لها السجين الليبي وبأن هذا الأخير كان مهددا من قبل مبتزيه بتسليمه إلى سلطات قد لا تحترم كل حقوق السجين.. رحمك الله مرة أخرى يا بورقيبة! رفض رئيس تونس الشريف أن يسلم العقيد الطاهر الزبيري إلى السلطات الجزائرية بعد فشل عملية انقلابه على المرحوم هواري بومدين وفراره إلى تونس!
"لن أوقع قرار تسليم البغدادي" هكذا قالها المرزوقي لسمير الوافي في الحصة التلفزية التي كشفت لنا بيوت ووأروقة القصر الرئاسي وكأنها فقدت روحها الرئاسي بوجود المرزوقي فيها...وهل أتاك تعليق مستشاره "المنصر العدنان" على تسليم المحمودي حين قال: "الرئيس كان في الجنوب فاستحال الاتصال به هاتفيا لأسباب فنية".. لمن يعلم أن استحالة الاتصال هاتفيا بالمرزوقي بوصفه – لا حول ولا قوة إلا بالله – قائد القوات المسلحة هي استحالة في حد ذاتها فهذه الرواية العدنانية تعد من خصائص "أمي سيسي"..
ثم ما رأي الشيخ الإسلامي الوسطي الإصلاحي التونسي راشد الغنوشي في صديقه الحقوقي عند استقباله في قصر الجمهورية المدنية التونسية للداعية السلفي، صاحب السوابق العدلية، البشير بن حسن وهو من أشرس المتطاولين على العلمانيين بمن فيهم المرزوقي وقد كان جاء ليطلب تحويل يوم العطلة الأسبوعية من الأحد إلى الجمعة تحقيقا لمشروعه الانتقامي ضد كل ما بُني في تونس في تناغم مع الطقوس العالمية؟ ثم ترحيبه، دائما في قصر الجمهورية التونسية المدنية، بخميس الماجري أكثر التكفيريين تطرفا وصاحب نظرية التماهي بين تنظيم القاعدة والعقيدة الإسلامية؟ ثم مجالسته التاريخية، دائما في قاعات الدولة المدنية التونسية، لقيادات رابطات حماية الثورة بمن فيهم الأستاذ "ريكوبة" وقد دخلوا القصر حاملين سجلا حافلا بالإنجازات ذات الروح الحقوقية كسحل الشهيد لطفي نقض والهجوم بالقمامات على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل واعتداءات لفظية وجسدية بالجملة ضد نشطاء المجتمع المدني؟ ثم ألم يبرر المرزوقي تدنيس أرض العاشورين والنخلي والمحجوب والحداد والطالبي والسلامي وجعيط من قبل التاجر بدين الله وجدي غنيم باسم حرية الفكر قبل أن ينعت بعض من مستضيفيه بالحشرات؟ وما رأي الغنوشي في الصمت الرهيب لصديقه أمام انتهاكات، لا تحصى ولا تعد، لأبسط حقوق الإنسان التي طالت فنانين ونشطاء مدنيين وإعلاميين وسياسيين؟(1)
أكاذيب
هذا ما يخلص بنا إلى ذكر السبب الثاني المفرغ لشرعية المرزوقي لا فقط من مضمونها الحقوقي والسياسي بل وأيضا الأخلاقي والأدبي، أعني انسياقه المتعمد للكذب كأداة تواصل مع الرأي العام التونسي مستثمرا هكذا وبسابقية إضمار ملكة النسيان البشرية... أكاذيب سوقية ولا متناهية أصبحت وكأنها جزءا لا يتجزأ من تركيبته الذهنية... وهذه بعض العينات المدهشة من باب الذكر لا الحصر:يعرض علينا للبيع في يوم ما القصور الرئاسية قبل أن يتبين أنه لا وجود لقصور للبيع ولا بيع للقصر الذي يسكنه... ثم يعلن في يوم آخر عن قراره بيع الطائرة الرئاسية وبسعر قدره تقديرا ب 261 مليار قبل أن يضع نفسه محل استهزاء أهل الحل والعقد.. وفي يوم آخر يعد أهالي قفصة بنسبة 20% من مداخيل الفسفاط قبل أن يسفهه أهل الاختصاص... أما ترحيل صخر الماطري من قطر فكان حسب المرزوقي استجابة لشرطه المسبق قبل أن يضع قدميه على أرض هذا البلد مما أثار استغراب السلط القطرية التي أفادت أن لا علم لها بقرار طرد محمد فهد صخر الماطري! ولعل المنهجية المرزوقية في باب الكذب تتجلى بكل شفافية في اصطناع ذريعة صبيانية للهروب من مسؤولية نشر كتابه الأسود.. إذ ادعى أن خروج الكتاب للعموم كان نتيجة تسريب مغرض قام به أعوان المطبعة الرسمية والحال، كما اتضح بسرعة، أن طباعة الكتاب انجزت تحت رقابة الحرس الرئاسي وما أدراك ما الحرس الرئاسي ! أو لم يعد كذلك التونسيين بالاستقالة في ظرف ستة أشهر من دخوله القصر إذا لم ينجز ما وعد؟ ويا ليته فعل ! كان يجنبنا مهازل لا تحصى و لا تعد ...
مراهقة
وأما إذا استعرضنا ولو بعض الشيء الشطحات الدبلوماسية لصديق الغنوشي الحميم فحتى شرعيته الافتراضية لن يبقى لها أثر... سمح لنفسه في جانفي 2011 وهو على الأراضي الليبية أن يذكّر السلطات الجزائرية بتنكرها لشرعية انتخابات سنة 1991... مما سبب له ولنا سيلا جارفا من ردود فعل رسمية وإعلامية متهكمة وجارحة لم نتعود قط على تجرعها وقد كنا مدرسة في الشأن الدبلوماسي يقتدى بها معشر العرب...، أما المملكة المغربية فكان نصيبها كلمة نقدية لاذعة ضد النظام الملكي ككل جاهلا أن الأغلبية الساحقة من القوى السياسية والفكرية المغربية مقرة بجدوى النظام الملكي في بلادهم !
أما شطحته المتمثلة في قراره – الأحادي طبعا – عرض وساطته لفك نزاع الصحراء فلا تزال موضع تجاهل ساخر من قبل الحكومات المعنية... نفس الشيء بالنسبة لإعلانه، الاحادي دائما، عن تحويل الفضاء الجغرافي المغاربي إلى فضاء حر يكفي لأي مواطن مغاربي أن يستظهر ببطاقة تعريفه لينتقل فيه حرا طليقا جاهلا مرة أخرى ما قد يترتب عن هذا الإجراء من تسهيلات سماوية لمحترفي الإرهاب ! أو كإعلانه بدون استشارة أحد عن انعقاد قمة مغاربية حددها انفراديا ليوم 9 فيفري 2014.. طبعا لم تلق كل هذه العنتريات سوى ردود فعل ظاهرها دبلوماسي وباطنها تهكمي وضحك على الذقون... وبالمناسبة هل تتصورون أن رئيس دولة مغاربية لا يتحدث حاليا عن رئيس جمهوريتنا إلا بكنية "الطرطور" الشهيرة؟
ومن أعذب شطحاته الخالدة البلاغ الرئاسي الذي أصدره بمفرده يوم 4 فيفري 2012 والقاضي بطرد سفير سوريا في تونس واضعا هكذا رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية وهو ملزم دستوريا باستشارتهم مسبقا أمام الأمر المقضي، لا حول لهم سوى ابتلاع مرارة "الحربوشة"... سفير افتراضي كما هو معلوم لأن سوريا لم تكن ممثلة بسفير فضلا عما انجرّ عن قراره من أتعاب ومآسي لجاليتنا في سوريا ! وفي نهاية معرض الشطحات لن يفوتنا ذكر البرقية التي بعث بها للسلطات الكورية الشمالية احتجاجا على تجربتها النووية الجديدة وبلادنا كانت في نفس الوقت على شفا حرب أهلية، مباشرة بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي! "يا والله أحوال الحصيلو..."
ذهول
هذه الذكريات الجميلة تضع على بساط التساؤل الوطني، بكل تجرد وموضوعية، مسألة التأهل الذهني والمزاجي للمرزوقي لمواصلة تحمل مسؤولية رئاسة جمهورية تونس في هذا الظرف المصيري والمفصلي الذي نمر به.. لم أكن الوحيد الذي نبه إلى هذه الجوانب المحيرة والمخيفة في شخصيته. قالها بعدي بكل جرأة وصراحة أحد أقرب المقربين إليه وهو النائب المحترم الطاهر هميلة الذي دعا في أكثر من مناسبة إلى عرض المرزوقي على الفحوص الطبية، كما أن الإعلامي المتميز زياد الهاني أقدم أخيرا على تقديم عريضة إلى وكالة الجمهورية ممضاة من عشرات الفاعلين المدنيين يجددون فيها نفس الطلب، وأما أم زياد رفيقة درب المرزوقي السنين الطويلة كتبت تقول أخيرا "لقد أصبح المرزوقي عبئا في كل المراحل..." كما لا أنسى التذكير بما كتبه رئيس تحرير إذاعة موزاييك الأستاذ ناجي الزعيري بعد عودته من مرافقة المرزوقي في زيارته الرسمية إلى دولة قطر سنة 2012. كتب يقول: "الحمد لله أن المرزوقي رئيس مؤقت!" وذلك للارتياع المفزع الذي أخذه وهو يشاهد بعينه مدى اهتزاز التركيبة العصبية للمرزوقي ! ولعله من المفيد استحضار بعض من سلوكياته الدالة على هذا الاهتزاز والتي تبرز، عند التعمق في أركانها اللاشعورية، ميولات نفسية بعيدة كل البعد عما يجب أن يتحلى به رئيس جمهورية من سمو أخلاق ورفعة خطاب وعزة مقام.. فعلاوة على المشانق التي بشر بها من يعتبرهم ساعين إلى ثورة مضادة لم ينأ بنفسه عن مقايضة استفزازية – وكأننا في خبايا "حومة عربي" – عندما عرض على أرملة الشهيد شكري بلعيد حماية رئاسية خاصة مقابل أن تسمح له بتقديم تعازيه لعائلة الشهيد وفي بيته... فرُد إليه عرضه بما يجب أن يُرد: بالرفض والازدراء ! وكذلك بسطه أمام أهالي سيدي بوزيد، وقد شدهم الذهول، نظرية "الكلاست والصباط" التي أراد بها شرح ما كان يعتقد عن جهل أنها إشكاليات عصية عن فهم مستمعيه.. سيدي بوزيد التي تبدو وكانها تسمية تفجر في أعماقه النفسية جملة من الجروح الرافضة للتعافي: ألم يوشح تشخيصه للوضع الاقتصادي الكارثي لهذه الجهة بتعبيرة تونسية صميمة تدل أكثر عن كارثيته النفسية من كارثية الجهة: "باش نندبهم..." وما أجمل رئيس جمهورية ينش بمخالب يديه وجهه تحسرا على شيء ما...
ثم في أي باب من أبواب الاستقامة الذهنية والسلامة النفسية يتنزل إسقاط نرجسيته على المؤسسة الرئاسية عندما عززها بعشرات من المستشارين ذوي الصلاحيات الخيالية لا لشيء سوى لتأثيث أبهة وهمية لوظيفة يريدها غصبا عنها عظيمة في حين أنها وقتية وتقنية! ومن نكد الدهر وثأره على كل من يريد اغتصابه أنه لم يبق من هؤلاء المستشارين إلا "حويرة"... هجروا جلهم قصرا تسكنه... (أخجل من إعادة النعت باللغة التونسية الذي نعت به أحد هؤلاء المهاجرين ساكن قرطاج الوقتي) حتى انتهى الأمر إلى استحالة العثور على من يريد تعويضهم... فلا وجود اليوم لتونسية واحدة أو تونسي واحد يرغب في أن يكون مستشارا برتبة وزير لرئيس مؤقت اسمه المنصف المرزوقي...
سؤال
لم يبق لي سوى التوجه مباشرة إلى راشد الغنوشي صاحب المن والفضل على المرزوقي وباعثه إلى قصر قرطاج... الغنوشي الذي بإرادته وليس بإرادة الشعب التونسي أصبح المرزوقي رئيسا مؤقتا (والحمد لله) لتونس: خبّرني يا شيخ بالله عليك بفضيلة واحدة أو بمكسب واحد أو بإنجاز واحد أو بمجرد إضافة واحدة مهما كان نوعها قدمها شاكر فضلك المرزوقي لتونس الثورة، لتونس المدنية ولتونس الديمقراطية طيلة الأشهر العجاف التي قضّاها في مكتب المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة!
هل أنت مدرك لكل المساوئ والهنات التي لحقت ببلادنا منذ أن نصبت المرزوقي رئيسا لتونس؟ لقد ذكّرتك بالقليل من الكثير.. ما يكفي لأن تتفطن لعظيم صنيعك ! هل لك ونحن على مشارف موعد مصيري لبلدنا الحبيب أن تتدارك أمرك وتصلح ما أفسدته ولو عن حسن مسعى؟ يكفي للكتلة النيابية النهضوية أن لا تعترض للائحة لوم جديدة ضده لتتحرر تونس وقصرها الرئاسي من مراهق سياسي لن يبقى راسخا من أعماله سوى الكم العجيب من حماقات وسخافات ستضاف للكوارث المستبطنة في المخزون التاريخي لبلادنا ! ولا خوف على تونس من فراغ يلحقها بعد خلع المرزوقي.. فكما وُلد المهدي جمعة من رحم الحوار الوطني سيولد خليفة المرزوقي من نفس الرحم: رحم تونس الذكاء والحكمة والإبداع والتوافق...( عياض بن عاشور مثلا) فنجنب بهذه الطريقة لتونس مزيدا من الشطحات و الجنونيات المترشحة للتفاقم إذا ما افترضنا أن المرزوقي سيصاعد في نسق هيجانه مع اقترابنا ليوم الانتخابات ...انتخابات ستفضي لا محالة الى خلعه من قبل التونسيات و التونسيين... إلا أننا سننعم طيلة الأشهر المتبقية قبل هذه الانتخابات برئيس مسؤول لا يسخر جهاز رئاسة الجمهورية وهو ملك المجموعة الوطنية وملياراتها المهدورة لتفعيل حملة انتخابية استباقية مفضوحة ورخيصة وفاقدة لأي شرف وشهامة! رئيس يرقى بوظيفته السامية إلى ما يجب أن تكون عليه من حياد و حكمة ورصانة وهي شيم وسمات كم نحن في حاجة إليها لنرسي بمرحلتنا الانتقالية هذه إلى رحاب السلامة والأمان في أحسن الظروف.. و ما مبادرة حركة النهضة الأخيرة الداعية لوفاق مسبق حول رئيس جمهورية تونس المقبل إلا ادراكا ضمني بهذه الحقائق و حكما مسبقا على المرزوقي بالإعدام السياسي...
قال المولى عزّ وعلا في فصيح كتابه: "إلا من تاب وآمن وأصلح وعمل عملا صالحا أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما" (سورة الفرقان) ... فتبديل السيئة بالحسنة ليس بعزيز على الله ! سارع إذن يا شيخ بخلع صاحبك كما سارعت في تنصيبه لعل وعسى يبدل الله سيئتك حسنة ويدخلك مدخلا كريما...
. (1) لقد عدد الأستاذ نزار بهلول في الكتاب الذي صخّره للمرزوقي كل هذه الانتهاكات والخروقات بالتفصيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.