الجريدة: ياسر المعروفي وقعت معظم الأحزاب السياسية على "ميثاق شرف الأحزاب والتكتلات والمترشحين المستقلين المتعلق بالانتخابات واستفتاءات الجمهورية التونسية"، وذلك بمقر قصر بلدية تونس بالقصبة.
وسوّق الموقعون على هذا الميثاق له على أنه نتاج حوار بين مجموعة من الأحزاب السياسية يهدف "إلى إنجاز عملية انتخابية شفافة وعادلة ونزيهة وديمقراطية تحظى بأوفر قدر من الرضا والمصداقية والحد من الصراعات والتجاذبات الحزبية". ووقع على الميثاق 23 حزبا من مختلف المشارب والتوجهات الفكرية والأرضيات السياسية بحضور رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر. وميثاق الشرف هذا هو عبارة عن مدونة سلوك أخلاقية تضبط أخلاقيات وضوابط العملية الانتخابية وتنظم سيرها إلا أنها لا تختلف كثيرا بل تتماهى مع قانون الانتخاب الجديد وهو ما يطرح تساؤلا حول هدف هذا الميثاق فالقانون الانتخابي يملك قوة قانونية وتنفيذية تلزم الأحزاب على الانصياع له بينما اراد أصحاب الميثاق ان يضيفوا التزاما اخلاقيا لهذا الالتزام القانوني.. وهو أمر يفقد معناه باعتبار ان من لم يلتزم بالقانون فلن يعير اهتماما للضوابط والأخلاق.. كما أن خرق الميثاق يمكن ان يصدر من جمعيات او حتى أفراد لخدمة أغراض احزاب بعينها ولا يمكن أن ينسى التونسيون حملات الترهيب والعنف الممنهج الذي توخته لجان حماية الثورة قبل انتخابات اكتوبر 2011 وكيف انها كانت تعمل لصالح اهداف حركة النهضة فكانت تتصدى لكل حزب يعلن معارضته لحركة النهضة أنذاك أو حتى معارضته لتيار الاسلام السياسي أو حملات التشويه المروعة التي طالت قادة أحزاب ومرشحين عن احزاب المعارضة.. كل ذلك كان يصدر من تنظيمات وجمعيات لا تخضع للقانون وتعمل لجهات حزبية معروفة. ولا تعد تجربة ميثاق الشرف سابقة في تونس ففي صيف 2011 وقع 11 حزبا ''ميثاق شرف'' برعاية الهيئة العليا لتحقيق مبادئ الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي ترأسها عياض بن عاشور والتزموا أنذاك بأن لا يتجاوز عمل المجلس التاسيسي السنة الواحدة يتم خلالها صياغة الدستور وتهيئة الظروف لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. إلا أن الاحزاب الحاصلة على الأغلبية وخاصة حزبي النهضة والتكتل (المؤتمر لم يوقع) لم تلتزم بهذا الميثاق بل ووصفت من يدعون لتطبيقه والرجوع لضوابطه بمعادي الشرعية وأصحاب الانقلاب وغيرها من النعوت والصفات وتواصل عمل المجلس لاكثر من 3 سنوات ولولا حراك المجتمع المدني والشارع لتواصلت الفترة الانتقالية لمدة أطول ولدخلت البلاد مرحلة الغموض والضبابية. ميثاق شرف يلوح ''بلا شرف'' قبل بدايته.. فأي متابع للشأن السياسي في تونس يعرف ان المصالح والتكتيكات والرغبة في الوصول للسلطة بأي ثمن كان، هو المحرك الفعلي لسلوك الاحزاب ولا تنفع مواثيق الشرف ومدونات السلوك وخرائط الطريق في تغيير هذا السلوك بل ان الكابح الوحيد لجماح الأحزاب وانفلاتتها هو القانون وقوة تطبيق القانون.