ينظر بعد قليل المجلس التأسيسي في القرار الجمهوري القاضي بتعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي بعد ان كان رفض النظر فيه الاسبوع الماضي نظرا لاخلالات في الشكل وأخطرها تعيين المحافظ الجديد قبل أيام من مصادقة المجلس التأسيسي عن اعفاء المحافظ القديم. ومن المتوقع ان يكون الجدل قائما اليوم حول شخصية الشاذلي العياري وهل هو الرجل المناسب في المكان المناسب خاصة بعد التسريبات الحاصلة هذه الايام حول علاقاته بالنظام السابق ومناشدته للرئيس السابق بالترشح بانتخابات الرئاسة 2014 اضافة الى مساهمته في كتابة مؤلف عشرون سنة من التغيير طموح وانجاز الذي يمجد فيه بن علي وسياساته وكذلك ما تم ترويجه حول اعتباره في مداخلة له داخل مجلس المستشارين سابقا لجماعة النهضة بالخارج بانهم العداء للوطن وجواسيس ومخربين... جلسة اليوم ستضع المجلس واعضاءه في حرج بين القبول بالشاذلي العياري المناشد واحد المقربين من النظام السابق وبالتالي التخلي عن فكرة اقصاء التجمعيين من الحياة السياسية التي تطالب بها الترويكا بشكل ملح وخاصة حزبي المؤتمر والتكتل.. فكيف للمجلس ان يقبل اليوم بالشاذلي العياري مثلما قبل سابقا بتحمل تجمعيين فاعلين مسؤوليات حكومية وادارية هامة ويناقض نفسه غدا بالمصادقة على اقصاء التجمعيين. ما سيحرج المجلس اكثر هو ما صدر البارحة في الصفحة الرسمية على فايسبوك لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي يستشف منه رفضه لنظرية الاقصاء أنه قل أن نجا صاحب كفاءة من سعي الدكتاتورية إليه لتوظيفه. ولا تستطيع الدولة اليوم أن تستغني عن كل الخبرات السابقة، بل عليها أن تميز بين من انغمسوا حتى الأذقان في خدمة الدكتاتورية، الواغلين في دماء الشعب وأعراضه وهم رؤوس الفساد ممن تجب محاسبتهم، وبين مهنيين كانت لهم من موقعهم المهني علاقات خفيفة مع الدكتاتورية، وكان على من يطعن في أخلاقهم أو شرفهم أن يثبت ذلك. وإلا فإن أعراض الناس يجب أن تصان ويجب على أي سلطة تنتمي إلى دولة القانون وتحترم حقوق المواطنة أن لا تحرم البلاد من أي كفاءة. وقالت صفحة الغنوشي أنه ليس الرجل ولا شك فوق النقد ولكن ينبغي لميزان العدل أن يسود وأن توكل الولايات إلى الأقوم بها بحسب نوعها فإن كانت عسكرية وكلت إلى الأشجع والأوفى خبرة بالحروب، وإذا كانت سياسية عهد بها لأهل السياسة، وإن كانت إقتصادية مالية عهد بها إلى أهل الخبرة في المجال.