يقود أنصار النهضة وأتباعها منذ أمس على صفحات الفيسبوك حملة أطلقوا عليها تسمية "اكبس" وذلك ل"لفت انتباه الحكومة بطريقة حضارية لتحقيق مطالب الثورة" حسبما اعلنو في معظم صفحاتهم الفيسبوكية. وتوعد قادة الحملة الحكومة بالنزول للشارع في حال لم تقم القيادة السياسية باتخاذ اجراءات "ثورية". يبدو الأمر للوهلة الاولى مبادرة ايجابية تترجم وعي انصار الحركة والديمقراطية الكبيرة التي يعيشها الحزب "الاسلامي" حيث القواعد تثور على القادة.. ولكن إذا ما تمحصنا الامر بروية وتمعنا في مطالب الحملة فسنجد مطلبا واحدا أوحدا وهو "اقصاء التجمعيين" وكأن مشاكل البلاد والعجز الاقتصادي والاعتداء على الحريات والتطرف السلفي ووو.. كلها من مرتبطة بالتجمع الذي تم حله. واخطر ما في الامر أن مطالب من يطلقون على انفسهم "الثوار" تقضي باقصاء ما يزيد عن مليوني مواطن تونسي من العمل السياسي لمدة 10 سنوات ذلك ان أول مطالبهم هو التعجيل باقصاء كل من انخرط في التجمع من العمل الحزبي لمدة لا تقل عن 10 سنوات. ويدرك الجميع ان التجمع كان يفرض على المواطنين البسطاء الانخراط صلبه وأن عدد المنخرطين قد قارب 3 ملايين منخرط. كما تطالب جماعة "اكبس" ب"حل جميع الأحزاب المتفرخة عن التجمع المنحل" وهنا المقصد هو حركة نداء تونس التي تقض مضاجع حركة النهضة وتعتبر لحد الساعة البديل الوحيد والشعبي للترويكا. وهذا بالذات اساس الحملة فالجماعة شنت حملة هوجاء ضد حركة نداء تونس من قبل ان تبعث قانونيا وألصقوا فيها كل التهم من وعاء لجمع التجمعيين وحزب الفلول وحزب الثورة المضادة وغيرها من النعوت ليتحول اليوم اقصائهم إلى مطلب "ثوري" يتجاوز الاطار القانوني. ربما ادركت النهضة اليوم ان حساباتها خاطئة ذلك انها لم تكن للتتوقع هذا الصعود الصاروخي لحركة نداء تونس التي صارت في ظرف 5 أشهر قوة سياسية منافسة للثلاثي الحاكم وهو ما دفع بالنهضة إلى تحريك القواعد المجندة سلفا لإضفاء شرعية لأي قرار يمكن ان تتخذه الحركة الاسلامية في سبيل اقصاء أي منافس جدي لها حتى وان كان فاتحة ل"ديكتاتورية ناشئة".