تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزارة الداخلية: الكتاب الأبيض أم الكتاب الأسود
نشر في الخبير يوم 22 - 12 - 2011

سطع نجم وزيرنا السيد الأزهر العكرمي الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالإصلاحات أوّل أمس الثلاثاء على القناة الوطنية حين تحدّث...
لأوّل مرّة بجرأة الجريء وناصر الحق المعترف بخطإ غيره في حق غيره، ودغدغ قلوب عشرات العائلات التي بقيت تنتظر منذ أن شكّل السيد الباجي قايد السبسي حكومته أنّه سيعمل على تصحيح مسار الثورة في حقّهم، فعيّن وزيرا للداخلية لم نسمع له صوتا ولم نقرأ له موقفا من عملية التطهير الذي قام بها زميله الأسبق السيد فرحات الراجحي.. فرحات الراجحي، هذا القاضي "الجليل" الذي إستقبلته يوم الجمعة 09 ديسمبر 2011 بمدينة العلوم بمناسبة التأسيسيات الوطنية للعدالة الإنتقالية بصفتي أحد أعضاء لجنة التنظيم، وككاتب عام مركز تونس للعدالة الإنتقالية. كانت الساعة تشير إلى الساعة التاسعة إلاّ عشر دقائق لمّا دخل سي فرحات بهو قاعة المؤتمرات رفقة الأستاذ فوزي بن مراد، كنت أعرف أنّه من بين المدعوّوين وأنّه سيحلّ بيننا في هذين اليومين، وكنت بيني وبين نفسي قد تخيّلت سيناريوهات عديدة لسؤاله عن سبب إحالتي على التقاعد الوجوبي ضمن قائمة إسمية تتشكّل من 42 مسؤولا أمنيا وحشري فيما أسماه بقناة حنبعل بعملية "التنظيف" لبؤر الفساد في وزارة الداخلية. كنت واقفا بمكتب الإستقبال مع المضيّفات حين إقترب من المكتب ليسجّل إسمه ويأخذ شارته، مددت له يدي وصافحته قائلا "صباح الخير سي فرحات" مدّ يده مجيبا إيّاي "صباح الخير" كنت أعرف أنّه يجهلني ولا يعرف حتّى ملامحي، لم أترك يده وواصلت القول "يسري الدالي سي فرحات"، فردّ بشكل عادي "أهلا مرحبا" وكأنّ إسمي لم يوح له بأي شيء، بل بالفعل إسمي لم يعن له أيّ شيء، غاظتني نفسي كثيرا وتحسّرت على العشرين عاما من العمل بالداخلية، فسي فرحات لم يعرفني ولم يتذكّر حتّى إسمي وهو الذي شوّه سمعتي، وهتك شرفي وعرضي وعزّتي، وجرح نفسيّتي، وتسبّب في زعزعة إستقرار عائلتي، وفي تدهور الصحّة النفسية لكافة أفراد عائلتي (لكن الحمد لله أنني أخصّائي نفساني)، وفي تقهقر نتائج أبنائي الدراسية، كان أراد أن يفكّ يده من يدي لكنّني مسكتها بقوّة وقلت له " يسري الدالي يا سي فرحات، يسري الدالي اللّي خرّجتو ضمن القائمة متع ال42 متع الداخلية" وأطلقت يده فأجابني في لمح البصر وبدت هنا ملامحه تتغيّر "آنا كنت شريك ماكنتش فاعل" مبعدا عنه كلّ مسؤولية في إحالتي على التقاعد الوجوبي، فقلت له حتّى لا يغادرنا سي فرحات ويبقى مطمئنّا آمنا بيننا "قصّولها يدّها جات صالحة للطنبور، لا عليك سي فرحات هانا الحمد للّه نخدمو ونفيدو في الداخلية وإلا في المجتمع المدني كيف كيف، على الأقل هكّه نحس روحي حرّ" ثم أعطيته ورقة الحضور أمضى عليها ورافقته داخل قاعة المحاضرات أين إستقلّ كرسيّا لتهبّ عليه حشود من الصحافيين والإذاعيين يسألونه عن آرائه ومواقفه بخصوص الإنتخابات وبخصوص العدالة الإنتقالية. وبقي كلامه عن سبب إحالتي على التقاعد الوجوبي يدور في ذهني، أحلّله وأتمحّصه وأتفحّصه وأزنه وأقيّمه، وقرّرت أن أعود إليه ليشرح لي كيف وصل إسمي له وأيّ ملفّ قدّموه له إذا كان لديهم ملفّ، ومن كان وراء حشر إسمي وما هو السبب الذي كتبوه كمبرّر لتطهيري. وعدت إليه ومعي برنامج التأسيسيات وكتيب عن الإنتقال الديمقراطي ومستلزملات الكتابة أخذها منّي لكنّه كان مشغولا بالإجابة عن تساؤلات الصحفيين، ولم أجد الوقت حتّى لأسأله إلى أن إقترح عليّ الخروج من القاعة والرجوع للبهو قصد شرب قهوة، واصطحبته في ذلك وصببت له القهوة ووضعت له طابع السكر ولم تكن تنقصني غير الجريدة، ولمّا سألته عمّا كان يخامرني من أسئلة رمى بنظره لأوّل شخص قريب منه يعرفه وأثار معه حديث حتّى يتخلّص إليه منّي، وبقي يشيح بوجهه عنّي إلى أن إنتهى اليوم الأوّل ولم يأت في اليوم الثاني...
فرحات الراجحي الذي لم يقبل لقاءا إعلاميا وجها لوجه كنت قد وجّهته له على صفحات الفايسبوك حتى يعرف الناس الحقيقة، فرحات الراجحي الذي وجهت له رسالة مفتوحة على صفحات جريدة الشروق وقناة تونيفيزيون، أسبوع فقط بعد إحالتي على التقاعد الوجوبي، كما وجهتها للسيد الباجي قايد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة والسيد الحبيب الصيد وزير الداخلية الحالي وذلك عبر شبكات التواصل الإجتماعية، إلاّ أنني لم أتلقّ أي ردّ من أي طرف سوى ردود أفعال غير مباشرة، على غرار تنحيتي تعسّفا وبدون أي وجه قانوني وكالعادة بتجاوز حدّ السلطة، وبدون علمي ولا إستدعائي للجلسة الخارقة للعادة وذلك من على رأس نادي الكفايات الرياضية للأمن الوطني وتعيين رئيس آخر دون إنتخاب، الجمعية الرياضية المدنية التي كنت أسّستها رفقة زملاء أمنيين في سنة 2010، والتي كان محافظ الشرطة أعلى سمير الفرياني عضوا في تأسيسها معي إضافة إلى كونه كان رئيس فرع كرة اليد لذات النادي.. وعلى غرار أشياء أخرى لا يمكنني كشفها، من قبيل النضج والرصانة، أحتفظ بها للتاريخ علّه ينصفنا.
وأعود إلى تصريح السيد الأزهر العكرمي الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلّف بالإصلاحات الذي قال إنّ الإصلاح يجب أن يبدأ بمراجعة قائمة ال42 إطار أمني الذي أحالهم السيد فرحات الراجحي على التقاعد الوجوبي، وخوفي أن يكون التصريح حقّا يراد به باطل، وسؤالي للسيد الوزير لماذا لم تفعل أنت شيئا لمن ظلمهم الراجحي؟ لماذا لم تأت بملفاتهم ولم تدرسها؟ لماذا لم تستدع منهم أحدا لتسمع منه؟ لماذا لم تبدأ أنت بالإصلاح ولم ترجع المظلومين منهم؟ لماذا تقول هذا وأنت على باب الخروج؟ لماذا تقترح هذا على غيرك مَن هو على باب الدخول؟ من منعك سيدي الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالإصلاحات من إرجاع المظلومين وتشريكهم في عمليات الإصلاح؟ أذكّرك سيدي الوزير بالندوة الوطنية لقوات الأمن الداخلي حول إصلاح المؤسسة الأمنية: مشروع شراكة نحو أمن جمهوري، وذلك يوم السبت 30 جويلية 2011، حين وُجّهت لي الدعوة من قبل الهيئة المنظمة للندوة للحضور وأكّد كاتب عام نقابة قوات الأمن الداخلي السيد عبدالحميد الجرّاي على حضوري قبل ليلة تنظيمها، والذي كنّا قد دعوناه نحن في مبادرة الخبير آنذاك للمصالحة الوطنية في إطار العدالة الإنتقالية، وخلت أن الدعوة كانت بصفتي كاتبا عاما للمبادرة وبصفتي صحفيا في جريدة الخبير وبصفتي أخصائيا نفسانيا وبصفتي مديرا سابقا لإدارة الدراسات وتطوير الكفايات التي تم بعثها سنة 2007 من أجل إعداد مرجعية للخطط والوظائف الأمنية بجميع هياكل الإدارة العامة للأمن الوطني وتحديد حاجيات كافة عمليات الإنتداب والتعيينات والنقل على أساس الكفايات المطلوبة وليست الولاءات التي كان معمول بها، وكذلك بناء منظومة تكوين أمني مبنية على المقاربة بالكفايات وعلى هاته المرجعيات للخطط والوظائف الأمنية وهي أول هيكل عمومي يعنى رسميا بهذه الوظائف من أجل تحقيق الجودة في العمل الأمني، وقد بدأت أعمالها منذ سنتين باتجاه تهيئة العقلية الأمنية لقبول ميثاق وأخلاقيات العمل الأمني الذي كتبت عنه منذ 1994 بالعدد الثالث من مجلة آفاق النشرية الخاصة بهياكل التكوين للأمن الوطني التي كنت أصدرتها آنذاك.
لكن الدعوة لم ترق للبعض الفاعل حينها وإلى الآن ومؤقّتا في وزارة الداخلية الذي أصدر أوامره بمنع دخولي للقاعة وإخراجي من النزل، وبالفعل فقد تعهّد بإعلامي أحد البيادق الفاعلة في منظومة الفساد الحقيقية بالوزارة ذات العلاقة بلوبي المال والأعمال والإستعلام بأنّني عنصر غير مرغوب فيه بالقاعة وأنّه عليّ المغادرة قبل حلول السيد وزير الداخلية، وكان هذا على مرآى ومسمع السيد الكاتب العام للنقابة والناطق الرسمي بها آنذاك اللذان تحرّجا أشدّ الحرج لهذا الطلب وعجزا عن مخالفة التعليمات.
وإنّي إذ أدين الآن هذا النوع من التصرّفات اللاّمسؤولة التي تعمل على الإقصاء والتهميش و"التشليك"، فإنّني أقول بأن إصلاح المؤسسة الأمنية يبدأ بإصلاح النفوس والعقليات والمواقف، قبل أن يبدأ بإصلاح القانون الأساسي العام والأنظمة الأساسية الخاصة والهيكليات وصياغة مواثيق وأخلاقيات عمل وقيم مهنية، والتكوين الأمني الحالي يصعب عليه إصلاح هذه النفوس وهذه العقليات وتعديل هذه المواقف ما لم يتحقق تغيير جذري كالذي يطمح إليه الشعب التونسي الأبيّ، فليس الإصلاح أن تضعوا في نفس سلّة المهملات كافّة المسؤولين الأمنيين وكافّة الإطارات، فمنهم من هو أشرف وأنزه وأصدق وأنبل وأثقف وأعلم وأنفع من العديد ممّن هم الآن على رأس بعض الإدارات، ومنهم الأكيد أنّهم مجرمون أصحاب موبقات...
للأسف الشديد أن يبحث السيد الحبيب الصيد عبر هياكله عن تحرّكاتنا وسكناتنا، وما التقرير الذي نشره زميلي محافظ الشرطة أعلى سمير الفرياني إلا دليل على هذا، كما أنّ كتاباتي أقلقت العديد من الفاعلين الأمنيين والسياسيين والإقتصاديين، فراح السيد الوزير يتقصّى ماضيّ عن طريق مرؤوسيّ علّه يجد من يمسك عنّي زلّة أو رشوة أو فسادا يقايضني بها حتّى أكفّ عن كتاباتي وعن نشاطي في مركز تونس للعدالة الإنتقالية مع السيدة سهام بن سدرين التي آمنت ببراءتي ووقفت على كفاءتي، لكن كافة التقارير وصلته إيجابية، ولم يقدر سوى عن التعبير عن إمتعاضه ومعارضته لتواجدي على الساحة الحقوقية ورفضه الرفض الكلّي بإمضاء مطلب في تقديم آجال الموافقة على إحداث مركزنا مركز تونس للعدالة الإنتقالية رغم تدخّل العديد من الشخصيات الرسمية منهم الرئيس الأسبق للجمهورية فؤاد المبزّع الذي كان قد إستقبلني ضمن الأعضاء المؤسسين للمركز.
سيدي الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالإصلاحات في الحكومة المستقيلة، قد قرأت بعض صفحات كتابكم الأبيض الذي أعددتموه رفقة مختصّين أجلاّء مشهود لهم بالإختصاص والمعرفة والقدرة في مجال التغيير الديمقراطي للقوات المسلّحة، واطّلعت على أبرز عناوينه، وسؤالي في هذا الخصوص أتساءله وأعرف أنّ جميع المتخصّصين في الموارد البشرية يشاطرونني نفس التساؤل، كيف لكم أن تتحدّثون في تقريركم هذا بمصطلحات أكل عليها الدهر وشرب ووضعتها أغلب الأنظمة الحديثة في متاحف اللغة الإدارية، وأنتم تضعونها عناوينا كبيرة ومدخلا من مداخل الإصلاح الأمني؟ سيدي الوزير، ألم يقل لك أحد من أعضاء اللجان التي تشرف عليها أنّنا خطونا خطوات عظمى في إصلاح منظومة التكوين الأمني والتصرّف في الموارد البشرية على الأقل على المستوى النظري؟ ألم يطلعونك على مشروع مرجعيات الخطط والوظائف ومرجعيات الكفايات ونعني به دليل إجراءات كل هيكل من هياكل الإدارة مهما كبر أو صغر، تحدّد فيه أهدافه ومهامه والوظائف التي يقوم بها والأنشطة والأعمال المنوطة بعهدته، والذي إنطلقنا في إعداده منذ سنة 2008، والتي ترفض الهياكل الأمنية خاصة النشيطة الإنخراط فيه ماعدا هيكل الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية والإدارة العامة للتكوين والإدارة العامة للمصالح المشتركة هروبا من مسؤولية الأعمال والأفعال التي تقوم بها المؤسسة والتي يعرف مسبقا أنّها تنتهك في جزء منها حقوق الإنسان وتخترق القوانين؟ ألم يلفت نظرك أحد إلى أنّه علينا التنصيص في الأنظمة الأساسية إضافة إلى الترقيات في سلم الرتب والدرجات على المسار المهني الوظيفي الذي يجب أن يشمل شروط إسناد الخطط الوظيفية ومقاييسها والمدّة الدنيا والقصوى للبقاء فيها والإرتقاء من خطّة إلى أخرى مع مراعاة الإختصاص والكفايات المكتسبة ومرجعيات الخطط والوظائف، إذ لا يعقل على سبيل الذكر لا الحصر أن تسند خطة رئيس إدارة فرعية للعمل النفسي لإطار أمني متحصّل فقط على المرحلة الأولى من التعليم العالي في إختصاص بعيد كل البعد عن إختصاص علم النفس بتعلّة أنّه كان رئيس مصلحة لكتابة المدير وأنه كفء(وهو بالفعل كفء في مجال الكتابة) ويجب أن نكافئه بإسناده رئيس إدارة فرعية، فيعيّن على رأس إدارة فرعية تقنية وعلمية كما قلت هي بالأساس للعمل النفسي والحال أنّ أخصائيين نفسانيين موجودون بدون خطط وظيفية منهم من هو متحصّل على شهادة الماجستير ومسجّل بالدكتوراه. وهذا المثال غيث من فيض.
ألم يلفت إنتباهك أحد إلى أنّ الأنظمة الأساسية الخاصة بكل سلك من أسلاك قوات الأمن الداخلي نظّمت عملية الترقية من رتبة أمنية إلى أخرى وجاء أمر التكوين الصادر في 2006 معزّزا لذلك رابطا بين التكوين والترقية، إلا أنها جميعا لم تضبط شروط ومقاييس إسناد الخطط الوظيفية، وقد جوبهنا بصد كبير وبمقاومة أكبر حين طرحنا هذا الموضوع رغم أن المدير العام للأمن الوطني في العشرية من 1991 إلى 2001 كان قد شرع في ذلك وعمل على إستصداره وهو مدير عام لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية وكان مقتنعا بالإقتراح إقتناعا تاما، إلا أن ”أغوال“ قوات الأمن الداخلي كانت ترفض رفضا تاما هذا النوع من المقترحات وعطّلت كافة المشاريع التي طالما عرضناها لا لشيء إلا لكون هذا النوع من الإقتراحات يحدّ من صلاحياتهم ومن سلطتهم وممارسة دكتاتوريتهم ويحرمهم من تعيين أقاربهم وأبناء جهاتهم و“قوّاديهم“ وأعوانهم الخاضعين والعابدين لهم ولا يزال "أبناؤهم من الأغوال يرفضون هذا التمشّي".
ألم ينصحك أحد سيدي الوزير بأن تجتنبوا إعادة المخطّط الكلاسيكي للغاية في الإصلاح الإداري وأن تغيّروا المصطلحات المستعملة لأنّها هي ذاتها تعرقل مسيرة الإصلاح نظرا لكونها لا تحمل في طياتها لا المناهج الحديثة في تطوير المنظومات، ولا التقنيات الأساسية لذلك، وعلى سبيل الذكر لا الحصر فإنّي أذكّركم بمصطلح المهارات الذي لم يعد مرجعا في التكوين وتجاوزته الدول المتقدّمة للحديث عن مصطلح الكفايات أو المقاربة بالكفايات، ونفس الشيء بالنسبة لمصطلح الكفاءة الصناعية، فعن أيّ صناعة تتحدّثون ومن أيّ نصّ أخذتم هذا المصطلح القديم الذي يرجع إلى العهد التايلوري في بدايات القرن الماضي، فكفانا هواية في تناول المواضيع الحسّاسة وكفاكم ضحكا على الذقون وطالعوا وواكبوا وقارنوا واستشيروا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون... فهكذا وبهذه الطريقة وبهذا النوع من المسؤولين لا أرى كتابا أبيض بوزارة الداخلية، بل فقط كتابا أسودا للأسف أراد السيد حمّادي الجبالي الإبقاء – أكيد لغايات تكتيكية- على أحد مسؤولي كتابة بعض صفحاته في عهد بن علي وفي زمن ما بعد الثورة السيد الحبيب الصيد، على السيد علي العريّض إعادة تفحّصه وتطهيره فعليا دون تدخّل لوبيات المال والأعمال في التعيينات والإصلاحات بتعلّة الوطنية وحبّ البلاد وعشق السياسة من وراء حجاب...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.