المحامي اليهودي زكي عريبي نشأ في مصر أين تعلم وتثقف ولمع نجمه فأصبح عميدا لليهود هناك... آطلع زكي عريبي على الدّين الإسلامي الحنيف ففهم جوهره وكنهه و أبعاده. وفي شهر أفريل من سنة 1960 أعلن هذا المحامي اليهودي إسلامه وأكد اقتناعه بصحة ما تضمّنه هذا الدّين العظيم،وفي شهر ماي من نفس السنة ألقى اليهودي زكي عريبي بدار المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين محاضرة بعنوان "لماذا أسلمت؟" نختزل ممّا جاء فيها في الفقرة التالية: "...وأعجبني في هذا الدّين أنّه جاء مصدّقا لما قبله، فالمؤمن به من أهل الكتاب لا يقتلع من دينه اقتلاعا، ولا ينخلع عنه انخلاعا، فإن كان يهوديا وجد في القرآن تمجيد موسى ودين موسى الحقيقيّ، بل و تمجيد بني إسرائيل الذين فضّلهم الله في وقت من الأوقات على العالمين، وإن كان مسيحيّا وجد في القرآن تمجيد المسيح ابن مريم،ذلك الذي تكلم في المهد، وتمجيد أمه العذراء مريم، بل وتمجيد آل عمران جميعا... كما أعجبتني فيه سماحته، وهل يمكن أن يكون إلا سمحا كريما، وقد اعترف بالأديان المنزلة التي تقدمته، ولم يبق إلا أن تعترف به هذه الأديان كذلك،عملا بقول الله تعالى "لو آمن أهل الكتاب لكان خيرَا لهُمْ (سورة آل عمران الآية 110) ومع ذلك لم يجعل الإسلام ذلك شرطا للاعتراف بهم إخوة مكرّمين حين يستأمنون، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين! وإني لأحب أن يدلني النا على دين آخر فيه هذا البعد عن التعصب. ثم إني رأيت فيه دينا وسطا في كل شيء: وسطا في التكليف ويظهر ذلك في قوله جلّ جلاله "لايكلف الله نفسا إلا وسعها " (سورة البقرة-الآية 286)، وسطا بين الدّنيا والآخرة، يحبب الدّنيا إلى المسلم على ألاّ يهيم بحبها ونعيمها الزّائل فيلهيه ذلك عن الآخرة ونعيمها المقيم. كما أليفته دين مساواة مطلقة لا يحدّها حدّ، مساواة تتجلّى في قصة جبلة بن الأيهم أمير غسان حين وفد على المدينة وقد أسلم في خلافة عمر، وفد عليها ببطانة عظيمة، عليهم الثياب المزركشة ومعهم الخيول المطهّمة، ودخل المسجد،وإذا بأعرابيّ يطأطرف ردائه من غير قصد، فيثور جبلة ويلطم الرّجل الفقير لطمة تجرح أنفه، ويذهب الأعرابيّ إلى عمر شاكيا، فيأتي عمر بجبلة ويقول له: عليك بإرضاء من لطمت وإلاّ أمرته فيجدع أنفك كما جدعت أنفه، فيقول جبلة: أتفعل بي هذا وأنا ملك وهو سوقة؟ فيقول عمر قولته الكبيرة: إن الإسلام سوّى بينكما ! ثم هل أنا في حاجة إلى أن أقول لكم إني وجدت الإسلام دين اشتراكية حقة، تقوم اليوم وسطا بين الرّأسمالية الجامدة والشيوعية الجاحدة؟ اشتراكية يسندها ركن من أركان الدّين وهو ركن الزّكاة!" "ووجدته كذلك دين سياسية رشيدة، لا يعلو فيها الحاكم لأنه حاكم، ولا يذل المحكوم لأنه محكوم. يقول عمر بن عبد العزيز في خطبة مشهورة :" أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم". علي يونب معلّم زرمدين