تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يكون وراء هذا الكتاب المزور؟
حول «الشخصية المحمدية» المنسوب لمعروف الرصافي؟: بقلم: التهامي الهاني
نشر في الشعب يوم 26 - 05 - 2007

يروج في بعض المكتبات التجارية، كتاب ضخم يتشكل من 770 صفحة من الحجم المتوسط، على الغلاف الخارجي كان عنوانه: «كتاب الشخصية المحمدية» وفي داخله أردف العنوان ما يلي «او حل اللغز المقدس»، ونسب للشاعر العراقي الشهير معروف الرصافي الذي عاش ما بين (1875م و1945م) هذا الكتاب كما ورد في الاشارة المسجلة على الصفحة الرابعة، هو نسخة من الاصل، مع الوثائق الملحقة، محفوظة في احدى مكتبات جامعة «هارفارد» الامريكية التي تأسست سنة 1936 وهي لعمري من الجامعات الامريكية العريقة...وتم طبع هذا الكتاب ونشره ب «دار منشورات الجمل» سنة 2002 بالمانيا.. وان كنت شخصيا لم اطلع قديما على منشورات هذه الدار إلا ان جامعة «هارفارد» يعلمها القاصي والداني، وهي مع جامعات أمريكية مثل «جامعة بنسالفانيا» و»جامعة برنستون» و»جامعة براون» من اهم المؤسسات العلمية في الولايات المتحدة الامريكية وعلى الصفحة الخامسة ثم السادسة، قدمت دار النشر وصفا للمجلدات المصورة إثر ذلك كانت المحتويات وقائمتها طويلة، وتضمنت محاور تستفزك بسرعة لما فيها من عناوين مثل «هل محمد صادق فيما اخبر به وادعاه او «فكرة النبوة كيف حصلت لمحمد؟» وايضا «هل لمحمد كلام بعد النبوة؟» والعناوين التي تشي بخفايا صاحبها هي «اقتران الدعوة بالسيف» و»حروبه الدينية» و»العيون والجواسيس» و»جواسيسه السرية الخاصة» و»الجواسيس العلنية العامة» و»خزاعة كلها جواسيسه» و»العباس صاحب استخبارات محمد»
والذي تشمئز النفوس النبيلة بالاسلام منه، هو حديثه عن القرآن..
ففي الفصل الخاص بالقرآن ما يثير الانفعال بل السخط والغضب الشديد مثل الادعاء بان القرآن هو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم والشك في عدد السور، والزيادة لسور لم تضبط بكتاب اللّه وعدد المؤلف لهذا الكتاب «انواع القراءات» وحصرها في 17 قراءة فصلها كما يلي: قراءة بزيادة قراءة بتقديم وتأخير قراءة ناشئة من اختلاف اللغات قراءة بتبديل كلمة بأخرى بمعناها، وكذلك بغير معناها الخ..
وهذا تحريف للقرآن واضح... وسوف نرجع بالتفصيل للرد على ما ورد من ترهات في هذا الكتاب الذي يمكن ان نحوصل ما يستنتجه القارئ بعد الاطلاع عليه فيما يلي: الشك في كل محطات السيرة النبوية وفي صفات الرسول وانكار الدين الاسلامي وخلط سور القرآن ودمج المفردات القرآنية لتغيير الايات واخيرا نقول هو تخريب للسيرة النبوية وانكار للدين الاسلامي بالتشكيك في كل شيء.
والسؤال الذي يلقى بكل تلقائية، هو «هل أنّ هذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغزة المقدس) هو من تأليف الشاعر العراقي : معروف الرصافي؟ واذا لم يكن هو المؤلف، من يقف وراء هذا التأليف؟
هل كان معروف الرصافي صاحب هذا الكتاب؟
بكل هدوء نتفحص هذا الكتاب ونبرز ما يساعدنا على كشف الحقيقة بكل موضوعية منتهجين في ذلك سبيل العقل واحكام الفكر حتى نقنع القارئ بما نعتبره حجة للمنطق، وقوة لطبيعة الاشياء والاحداث. لذلك نسجل الملاحظات التالية:
1 طيلة صفحات هذا الكتاب وعددها 770 صفحة، لا نعثر على عبارة (صلى الله عليه وسلم) حذو اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهذا غريب على مؤلف يعتنق الديانة الاسلامية
2 لم تكن المراجع والمصادر مثبتة بالطرق المعهودة في كل بحث اكاديمي رصين بل نجد احيانا وفي كثير من المرات اشارات مبهمة تنم على أن الكاتب تعمدها لاخفاء ما يريد «تمريره» من أفكار غريبة واراء اغرب، مثل: «ذكر في بعض كتاب السيرة الخ»..
3 هذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) تم تأليفه سنة 1933 في حين ان المراجع والمصادر المذكورة في آخر الكتاب نجد بعضها قد طبع بعد هذا التاريخ رغم ان الاعتماد عليها كان بعد الطبع وليس قبله... من ذلك:
كتاب المصاحف لابي حاتم الساجستاني الذي صدر بمصر سنة 1936 وتحديدا بالمطبعة الرحمانية..
كتاب الكشاف عن حقائق التنزيل «ل جار الله الزمخشري مطبعة الحلبي بمصر سنة 1966.
ذكرنا هذا للتدليل على ان المؤلف ذكرها وكأنه اعتمد عليها اي هذه الكتب وهي مطبوعة ونظرا لكونها طبعت بعد تاريخ تأليف (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) وهذا ما لا يستقيم..
كما ان القول بان كتاب «الكشاف عن حقائق التنزيل لمؤلفه جار الله الزمخشري وهو خطأ والصواب هو ان هذا الكتاب هو من تأليف ابي القاسم محمود بن عمر الزمخشري الذي عاش ما بين 1075م 1144م) والذي خلف عددا من الكتب مثل: «اساس البلاغة، والمفصل» والفاتق في غريب الحديث و»اطواق الذهب» و»نوابغ الكلم» بالاضافة طبعا لكتابه المشهور «الكشاف عن حقائق التنزيل» وايضا نشير الى خطإ آخر وهو خاص بمرجع اعتمد عليه المؤلف كثيرا وهو (السيرة الحلبية) اي «انسان العيون في سيرة المأمون» لصاحبه (علي بن برهان الدين الحلبي)، والحقيقة هي: ان عنوان الكتاب هو «إنسان العيون في سيرة النبي المأمون» لمؤلفه نور الدين الحلبي فالخطأ واضح في عنوان الكتاب واسم المؤلف ايضا وهذا المؤلف له كتاب آخر بعنوان «زهر المزهر» الذي اختصر فيها (المزهر) للسيوطي.
كما ان مؤلف كتاب الشخصية المحمدية ذكر اسم السيوطي ب : عبد الرحمان السيوطي عوضا عن جلال الدين السيوطي وهو المشهور فالاخطاء كثيرة يطول حصرها.
4 معروف الرصافي، حسب هذا الكتاب، ألفه (أي الشخصية المحمدية) في «الفلوجة» بالعراق سنة 1933 وهنا نقطة إستفهام لو تصفحنا حياة الرصافي لوجدنا أنه من عشيرة «الجبارة» القاطنة في كركوك» ويقال انها علوية حسب ما ذكره احمد قبش في كتابه «تاريخ الشعر العربي الحديث» وولد الرصافي من اب كردي الاصل وأم بدوية عام 1875 وعاش في الرصافة في بغداد كان تعليمه متواضعا حيث انه دخل المدرسة الرشدية السكرية ولم يحرز على شهادتها.. تتلمذ على محمود شكري الالوسي طيلة سنوات، حيث تمكن من علوم العربية تم تعيينه مدرسا بالمدارس الابتدائية ثم بالمعاهد الثانوية رحل الى الاستانة، وفي سنة 1918 انتقل الى دمشق واثر ذلك عاد الى بغداد فتم تعيينه «نائبا لرئيس لجنة الترجمة والتعريب» واصدر صحيفة يومية بعنوان «الامل» سنة 1923 ولم تدم الجريدة سوى بعض الشهور وتقلب في الوظائف عين مفتشا في المعارف ثم مدرسا للعربية وادابها، ورئيسا للجنة الاصطلاحات العلمية وفي سنة 1928، استقال من الاعمال الحكومية ثم انتخب عضوا بمجلس النواب خمس مرات في مدة لا تتجاوز ثماني سنوات زار مصر سنة 1936 وانضم إلى ثورة رشيد عالي الكيلاني ونظم اناشيدها وفشلت الثورة فعاش منزويا، وهذا في اوائل الحرب العالمية الثانية وتوفي بالأعظمية في بغداد، ودفن في مقبرتها حذو قبر جميل صدقي الزهاوي سنة 1945.
سردت محطات حياة معروف الرصافي لنوضح للقارئ «تزوير الحقائق الموجودة» في كتاب (كتاب الشخصية المحمدية) فللرصافي اثناء سنة 1933 وما قبلها وما بعدها في مرحلة نشاط سياسي ومهني وثقافي لا يسمح له بالانزواء في مكان لا صلة له به اي الفلوجة ولماذا ذكرت الفلوجة دون غيرها من المدن العراقية، ألها صلة بواقع العراق اليوم؟ ثم اذا كان الامر فيه شك يجرنا ذلك الى الشك في تاريخ صدور الكتاب اي 2002، وحينها نميل الى الاعتقاد بان كتاب الشخصية المحمدية قد تم اصداره بعد الاحتلال الامريكي للعراق وجعل المكان والتاريخ للاستفزاز والتهكم...
اما مؤلفات الرصافي التي خلفها مطبوعة ومخطوطة هي حسب ورودها في كتاب «تاريخ الشعر العربي الحديث» وغيره من المراجع:
* ديوان الرصافي طبع عديد المرات وفي اكثر من بلد عربي اذ طبع الجزء الاول منه سنة 1910، ثم كاملا وهو الذي يوجد بين يدي، لكنه لا يحمل تاريخا، انما المقدمة الخاصة بالطبعة السادسة والتي حررها عبد الصاحب شكر البادراني مذيلة بهذا التاريخ 6 ديسمبر سنة 1957 ولا شك أنّه طبع بعدَ ذلك.
* دفع الهجنة في ارتضاخ اللكنة» وهي عبارة عن رسالة في الالفاظ العربية المستعملة في اللغة التركية وبالعكس... نشر في مجلة «لسان العرب» في الاستانة سنة 1331 ه
* «دفع المراق في لغة العامة من اهل العراق « نشر متسلسلا في مجلة لغة العرب
* رسائل التعليقات في نقد كتاب النثر الفني وكتاب التصوف الاسلامي وهما للدكتور زكي مبارك طبع للمرة الثانية في بيروت سنة 1957.
* نفح الطيب في الخطابة والخطيب «طبع سنة 1917
* «محاضرات في الادب العربي» أو «دروس في تاريخ اداب اللغة العربية» وهو جزءان القاهما في دار المعلمين ببغداد وطبع بها عام 1960.
* ديوان الاناشيد المدرسية لطلبة المدارس جمعها خليل طوطح مدير دار المعلمين بالقدس وطبعها هناك سنة 1920
* «تمائم التربية والتعليم» شعر لا نعلم عنه شيئا
* «على باب سجن ابي العلاء» طبع ونشر بعد وفاته
* «أراء ابي العلاء» مخطوط
* «الآلة والاداة» مخطوط
* «الادب الرفيع في ميزان الشعر» وقوانينه» طبع بغداد سن 1956.
* «مع الرصافي الثائر» طبع سنة 1962
* «مختارات من معروف الرصافي» جمعها الشاعر بنفسه وطبعت في بيروت سنة 1954.
* «المنهل الصافي من شعر الرصافي» وهو عبارة عن مختارات في المجالات الادبية والاخلاقية والاجتماعية والتاريخية التي جمعها الشاعر بنفسه، وطبعت ببغداد سنة 1964.
* «نظرة إجمالية في حياة المتنبي» حققه إبراهيم العلوي طبع ببغداد سنة 1959.
* «رواية الرؤيا» وهي ترجمة لرواية نامق كمال الشاعر التركي وطبعت ببغداد سنة 1909.
تلك هي مؤلفات الرصافي المطبوعة والمخطوطة والتي لا تتضمن هذا الكتاب (كتااب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس)،، اذا فالكتاب لم نعثر على إشارة اليه في اكثر من عشرة كتب لكن السؤال: لماذا تم اسناده لمعروف الرصافي دون غيره؟ لذلك نتفحص عقيدة الشاعر..
5 عقيدة الرصافي كان الرصافي مسلما سنيا وهو اشتراكي النزعة السياسية يفضل احكام العقل ويرفض العادات والتقاليد البالية وكان ثائرا على ما يراه في قومه من ظواهر تقديس القبور وزيارتها والتبرك بها وهو في شعره جريئا لانه شديد التعلق بالتقدم والنهوض بالمجتمع وحرية المرأة اذ يقول
يقولون في الاسلام ظلما بأنّه *** يصد ذويه عن طرق التقدم
فاذا كان ذا حقّا فكيف تقدمت *** اوائله في عهدها المتقدم
وان كان ذنب المسلم اليوم جهله *** فماذا على الاسلام من جهل سلم
لقد أيقظ الاسلام للمجد والعلى *** بصائر اقوام عن المجد نوم
واطلق اذهان الورى من قيودها *** فطارت بأفكار على المجد حوم
فهو يرى أنّ الاسلام لا يعوق التقدم بل يساعد عليه لان الاجداد تقدموا به في الماضي. فشعر الرصافي ناري، ثائر يرج كل سكون في المجتمع إذ يقول مستنهضا العرب بسخرية واضحة في قصيد بعنوان «الحرية في سياسة المستعمرين» يقول:
يا قوم لا تتكلوا *** ان الكلام محرم
ناموا ولا تستيقظوا *** ما فاز الا النوم
وتأخروا عن كل ما *** يقضي بان تتقدموا
ودعوا التفهم جانبا*** فالخير الا تفهموا
وتثبتوا في جهلكم *** فالشر ان تتعلموا.
إلى آخر القصيد..
المهم ان الرصافي شد يد الحماس للثورة على كل شيء حتى انه قال رادا عن الذين اتهموه في دينه لثورته التي اشرنا اليها سابقا فهو يقول:
رماني القوم بالالحاد جهلا *** وقالوا عنده شك مريب
فمن ذا منكم قد شق قلبي *** وهل كشفت لكم في الغيوب
فعند الله لي معكم وقوف *** اذا بلغت حناجرها القلوب
يقيني شر قريتكم يقيني *** بان الله مطلع رقيب
وسبب الخدش في تدينه ما ورد مثلا في قصيد بعنوان «في حفلة الميلاد النبوي» والذي يبدؤه بمطلع
وضح الحق واستقام السبيل *** بعظيم هو النبي الرسول
قام يدعو الى الهدى بكتاب *** عربي قرآنه ترتيل
يتحدث في هذا القصيد عن (طموح الرسول وذكائه وحب الوصول الى المراتب العالية) رغم تمجيده للاسلام كثورة عربية وعالمية..
واذا ربطنا هذا النوع من الفلتات الشعرية مع كتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) عرفنا ما قام به الذين وقفوا وراء اصدار هذا الكتاب وما تضمنه من آراء تخرب الدين الاسلامي وتشك في كل شيء.
اذن من هو مؤلف هذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس؟) المهم ان الرصافي كما بينا اعلاه لم يكن مؤلف هذا الكتاب ولكن لماذا تم اختيار الشاعر معروف الرصافي كمؤلف لهذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) وللاجابة عن ذلك نقول الاسباب كثيرة منها:
* ما عرف به الشاعر من مجون واستهتار ولهو يجسد تمهيدا لمثل ذلك الانفلات العقائدي
* شدة حماسه للثورة على واقع العرب والحث على طلب الحرية والعلم لنيل التقدم والازدهار وهذا ما يجعل الذين يقفون ورا'ء تأليف هذا الكتاب يعتقدون ان «ثورة الشاعر يمكن ان تفرز مثل تلك الكتابات».
* تحديد موقع التأليف وهو الفلوجة وهذه المدينة هي رمز الصمود والتحدي في سبيل استقلال العراق وحريته وهذه طعنة موجهة الى اهل السنة لان الشاعر سنيا ومكان التأليف هو الفلوجة وتخريب الدين من أهل السنة ومن هذه المدينة
* ما يلفت الانتباه هو ذاك «الايضاح عن النسخة الاصلية» وقد ورد في سطرين وهما
«اطلعت على هذه النسخة من كتابي الشخصية المحمدية فرأيتها صحيحة كاملة خالية من الاغلاط في النسخ فلذا اجيز روايتها والنقل عنها كتبت هذا اعلاما بذلك وكان الامضاء في الاسفل باسم معروف الرصافي.
وهنا نسأل لماذا كتب هذا التوضيح وكيف اخذت هذه النسخة منه ومن هو الذي قدمها له ومتى كان ذلك؟ واذا كانت النسخة قدمت للرصافي حبا كما يظهر من خلال هذه الجمل لماذا يتم طبع هذا الكتاب سنة 2002 اي بعد وفاته؟ وعادة تنقل نسخ مخطوط ما لا تكون بمثل هذه الطريقة التي ترآى في تراتيبها وأحكامها، إذ كنت أعتقد أنني سأعثر على بعض الصور لصفحات كتبت بخط المؤلف...
وما أشير إليه في الصفحات الأولى من الكتاب «ان هذه النسخة الاصلية مع بعض الوثائق الملحقة بها، ولكن، أي هي تلك الوثائق؟
فالنسخة مزورة بلا شك، ونسبت الى الشاعر معروف الرصافي ظلما وتعسفا على شاعر تقدره الأمة التي طالما تغنى بأمجادها، وطالما نادى بتطويرها، وطالب بتقدمها، لكن هل كان مؤلفها يهوديا، وبالتحديد صهيونيا يرغب في تشويه سيرة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم..؟.. اذا تصفحنا الكتاب، وجدنا أن مؤلف (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) يعتبر ان الرسول صلى الله عليه وسلم «لم يكن عادلا؟؟؟! حسب زعمه، في التعامل مع مشركي قريش من ناحية ويهود المدينة من ناحية ثانية.. فهذا المؤلف يعتبر ان الرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع مشركي قريش بعطف ومع اليهود بقسوة، اذ جاء في الكتاب (ص: 32) « ولو ان محمدا استعمل عشر هذا العطف وهذه الرأفة (بأهله من قريش) قسوة، مع أن هؤلاء كقريش في عداوتهم له» اما الحديث عن المسيحية، فهو الذي يبين لنا ان كان المؤلف يفضل اي الديانتين: اليهودية ام المسيحية فيقول المؤلف في (الحديث عن «الفرق بين قول اليهود وقول النصارى في صلب المسيح» ) (ص 689)» معلوم ان المعترفين بصلب المسيح هم فريقان، اليهود والنصارى، وبين الاعترافين بون بعيد وفرق عظيم، فأما إعتراف اليهود فهو من قبيل اعتراف القائل بجنايته، اذ كانوا هم الذين صلبوا، وان كان الذي صلبه غيرهم فهو من قبيل الاعتراف بصلب العدو للتشفي لانهم اعداؤه.. إلخ»..
وفي موضع آخر من الكتاب ورد ايضا (ص 689):
من تتمة قصة عيسى ما يعترف به اليهود والنصارى من صلبه وما يدعيه النصارى والمسلمون من رفعة الى السماء فالنصارى يقولون بالصلب والرفع معا، واليهود يقولون بالرفع دون الصلب، ولا ريب ان الصلب في حقيقته مصيبة فاجعة من المصائب التي أوجدتها الهمجية البشرية، فإيقاعه من قبل عتاة متمردين على شخصية مقدسة ممتازة بالنبوة للّه ينافى بحسب الظاهر قدسيتها ويحط من قدر منزلتها الرفيعة المقدسة.. إلخ» فمن خلال ما ذكرنا من استشهادات نسجل ما يلي:
تعاطف مع اليهود في تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم
ضد اليهود في مسألة صلب المسيح عليه السلام
المسلمون لا يقولون «ببنوة المسيح للّه» أي المسيح ابن اللّه.
الإستخفاف بالرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم وما ورد من أفكار تنكر الرسالة المحمدية حسب ما ورد في الكتاب سوف تتعرض له في موضع لاحق.
هذا كله يجعلنا نعتقد أن مؤلف الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) هو مسيحي الديانة لإيمانه باللّه وتقديسه للمسيح عليه السلام وإنكار الإسلام والوقوف ضد اليهود في مقارنتها بالمسيحية..
ومما يؤكد يقينا هذا لإعتقاد التقاء أفكار مؤلف هذا الكتاب بما ورد في كتابي صدام الحضارات واعادة بناء النظام العالمي «لصاحبه صموئيل هنتنغتون و»نهاية التاريخ والانسان الاخير لمؤلفه فرانسيس فوكوياما»
بين كتاب (كتاب الشخصية المحمدية) ونظريات المسيحيين الجدد
قبل ان نقدم مقارنة بين ما ورد في الكتاب المنسوب زورا الى الشاعر معروف الرصافي (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) وما ورد في كتابات منظري «المسيحية الجديدة». وأطروحاتها حول «صدام الحضارات» و»نهاية التاريخ» وأساسا «إيديولوجيا الليبرالية الديمقراطية» ونحرص على تقديم بعض الملاحظات:
* أولا: اعتمد مؤلف «كتاب الشخصية المحمدية» على مرجع واحد، بل قل أنه تم الاستناد اليه بصفة تكاد تكون مطلقة وهو كتاب «إنسان العيون في سيرة النبي الأمين المأمون « المشهور بعنوان «السيرة الحلبية» لصاحبها علي ابراهيم بن احمد الحلبي المتوفي سنة 1624م / 1044 ه وهذا بدوره قد اعتمد على كتب مثل «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد لمحمد بن يوسف الدمشقي الشامي المتوفي سنة 1533 م وكذلك كتاب «عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير» للإمام الحافظ فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد المعروف بابن سيد الناس المتوفى سنة 1333 م .
وللمزيد راجع كتاب أضواء على كتب السيرة النبوية «لصاحبه علي العريبي» .. وهذه الكتب حرصت على تقديس الرسول والسيرة الحلبية اختار صاحبها جمع الأحاديث والاخبار الضعيفة والروايات الأسطورية من أجل إضفاء القداسة على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلّم من أجل الحصول على الأجر والثواب دون مراعاة الموضوعية والحقيقة حتى بات من يقرؤها يستخف بها خصوصا إن كان من غير المسلمين.
وما يهم هو : أن ما نتج عن الخطأ هو الخطأ بالتأكيد.. كما أن التحليل والتأويل الذي أجهد المؤلف نفسه فيه، هو كاللاهث خلف السراب، ينال التعب دون نيل المنى .. كان الكتاب، الذي يتظاهر بغزارة في المعلومات التي استقاها من الاخبار الضعيفة والروايات التي لا يوثق بصحتها، يحوي الكثير من الأخطاء في النحو والصرف والتصريف (مثل وظائف الأسماء الخمسة، المضارع الجمع المسبوق بأداة جزم...الخ...)، وهذا لا يدخل في باب الأخطاء المطبعية التي نعلم متى تكون في النص وأين تكون في الكلمة...
ثانيا: أن مؤلف أو مؤلفي كتاب (كتاب الشخصية المحمدية) يتحدث عن «المسلمين مثل القول» كان المسلمون .. «أو للمسلمين ... فكأنه ليس منهم ...
ثالثا: السخرية من الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومن القرآن وجبريل عليه السلام ومن الصحابة ومن محطات في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)...
رابعا: هذا الكتاب يندرج ضمن الحملة التي يشنها الغرب ضد الاسلام والمسلمين ... وسوف نقدم لا حقا بعض هذه المحاولات التشويهية التي تنطلق من أكثر العواصم الغربية مثل باريس، روما ولندن وواشنطن وبون وغيرها من العواصم..
والآن نقدم للقارئ صلة هذا الكتاب المنسوب زورا للشاعر العراقي معروف الرصافي (كتاب الشخصية المحمدية) بما ورد في كتابات أمثال : «صموئيل هنتنغتون» و «فرانسيس فوكوياما» و «برنارد لويس» وغيرهم، وحتى نثبت أن هذا الكتاب هو محاولة، التي تحرص الدوائر الصهيونية والاستعمارية على نشرها للتشويه والإساءة للاسلام.
1 التشكيك في الرسالة المحمدية:
يقول «فرنسيس فوكوياما» في كتابه (نهاية التاريخ والانسان الاخير ص 71) ... أن الإسلام يشكل نظاما ايديولوجيا آخر متماسكا شأن الليبرالية والشيوعية، وله نظامه الأخلاقي الخاص وعقيدته الخاصة في العدالة السياسية والاجتماعية فدعوة الإسلام هي ذات طابع شمولي وهي تتوجه الى جميع الناس كبشر ليس فقط باعتبارهم أعضاء في مجموعة إثنية أو قومية خاصة... الخ»
فالاسلام، في رأي «فوكوياما» هو توجه حزبي لمجموعة بشرية ذات تنظيم جماهيري...
وورد في الكتاب المنسوب للرصافي، ما يلي (ص 20) إن الغاية التي يرمي اليها محمد من الدعوة الى الله أو من النبوة ليست بدينيةمحضة...»
ثم يواصل في موقع آخر : «إن الغاية ليست بدينية محضة، إنما الغاية التي يرمي إليها محمد هي إحداث نهضة عربية دينية اجتماعية سياسية ، تكون عربية المبتدأ، عالمية المنتهى، أي يقوم بها العرب في بدء الأمر ثم تعم وتشمل الناس جميعا في النهاية...»
فالشك في الديانة واضح، وتكرار عبارة «ليست بدينية محضة «دليل على القصد الذي يريد ابرازه مؤلف الكتاب .. وهذا الاستنتاج الذي أراد المؤلف أن يقنع به القارئ، خاطئ لأن من كان غرضه سياسيا ويريد تحقيق شيء من طموحه، عليه أن تظهر بوادر لتحقيق ذلك منذ سن الشباب، أي لا يمكن ان ينتظر الى سن الاربعين .. فالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يهتم بأمر القيادة والزعامة طيلة عمره، بل أكثر من ذلك، كان منكفئا على نفسه، يحبّ العزلة والابتعاد على الناس، ولا أعتقد أن من كان هذا دأبه، يكون سياسيا يبحث عن الزعامة أو القيادة السياسية...
2 الدعوة الإسلامية، انتشرت بالسيف والحروب والعنف وفي هذا الصدد يقول «صموئيل هنتنغتون» في كتاب «صدام الحضارات» ص : 449 وما بعدها) الاسلام منذ البداية كان دين السيف، والاسلام انتشر بالسيف، ويثمن ويعظم القيم والفضائل العسكرية» وفي موقع آخر، يقول : «وهذا الأصل العنيف طبع في تأسيس الإسلام، محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نفسه يذكر ويشار له كمقابل صعب وقائد عسكري ماهر».
ومما ورد في الكتاب المنسوب للشاعر معروف الرصافي (كتاب الشخصية المحمدية) وتحت عنوان فرعي موسوم ب : «اقتران الدعوة بالسيف» (ص 284) : «... ولكنه لما هاجر الى المدينة، بعد بيعة العقبة الكبرى، قويت شوكته، واشتد جناحه بالانصار الذين بايعوه، والمهاجرين الذين تابعوه، وعندئذ قرن دعوته بالسيف ليقاتل خصوم دعوته بالسيف ليقاتل خصوم دعوته من الكافرين، إلا أن جريا على ديدنه في جميع أمور الدعوة، تدرج قرار القتال تدرجا منطبقا على مقدار ما عنده من قوة حربيةفحرص المؤلف على ربط الدعوة بالسيف والعنف واضح وهو ما ورد في كتاب «صدام الحضارات» .. لهذا نقول ان كتاب «الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس» المنسوب زورا وبهتانا للشاعر معروف الرصافي هو تكرار ممجوج لما ورد على ألسنة المستشرقين وأعداء الاسلام أمثال «برنارد لويس» و «جون كلود بارو» الذي يقول «في 1990 بعد ان انهار العالم الشيوعي، بدأ أن الغرب الليبرالي بقي وحده سيد العالم في 1991 وآثار هذا الانهيار الكبير لم تنته بعد، وإذ بأصوات غربية ترتفع في جنوب وشرق البحر المتوسط مرددة : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، في الوقت الذي كان المفكرون يحتفلون بذبول الإيديولوجيات ونهاية التاريخ، هاهي ايديولوجية قوية وديانة وحشية تنبعث من عمق ثلاثة عشر قرنا، أية مفاجأة !... بالسفر في الدول الشيوعية، يعثر الأوروبي من جديد على الغرب، غرب فقير ومتخلف ولكنه الغرب على أية حال .. في الدول الإسلامية على العكس من ذلك المسافر الغربي يجد نفسه اليوم في كوكب آخر».
* الخاتمة
ما كان هذا المقال ردا على ما ورد في كتاب (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس)، المنسوب زورا للشاعر معروف الرصافي، وسوف يكون الردّ بالتدقيق والتفصيل في موضوع آخر لكن الأهم أننا كشفنا زيف هذا التأليف، واختيار معروف الرصافي ومكان التأليف هو «الفلوجة» ما كان إلا «دسا» للسم في الدسم، وما كان أيضا إلا طفرة من الحقد الذي يكنه الغرب للاسلام والمسلمين .. فالكتاب تشويه للسيرة النبوية واعتداء على شخصية الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) ، واختيار «الفلوجة» هو تشويه لأرض الصمود والبطولات التي أظهرها أهل الفلوجة الأشاوس في مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق الشقيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.