حريق بمصنع تمور في دوز يخلّف خسائر مادية ثقيلة    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الدولي الجامعي للمونودراما    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    القيروان: القبض على مقترفي عمليّة سرقة قطيع أغنام    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارتي المالية والتجارة حول تبادل المعطيات والبيانات    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الازمة الليبية: هل تضطر مصر و تتدخل عسكريا مباشرة في غرب ليبيا و تقيم عاصمة ثانية لها في بنغازي؟
نشر في الخبير يوم 28 - 05 - 2020

شهدت الساحة الليبية تطورات سريعة وخطيرة، خلال الفترة القليلة الماضية، تمثلت في سيطرة قوات حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج والمدعومة من تركيا على ستة مدن ومنطقتين استراتيجيتين من قوات المشير خليفة حفتر، أبرزها صبراتة وصرمان، ما يعني سيطرتها على كامل الساحل الغربي حتى الحدود التونسية.
وتتجه أنظار قوات حكومة الوفاق نحو مدينة ترهونة جنوبي العاصمة طرابلس والتي تقع على بعد 90 كيلو مترا إلى الجنوب من العاصمة طرابلس، وتعتبر المعقل الوحيد لخليفة حفتر في المنطقة الغربية، عقب تحرير الساحل، وشكلت على مدار عام كامل نقطة انطلاق مهمة لهجومه على طرابلس، إذ ان غرفة عملياته المركزية تقع فيها، وإليها ترد الإمدادات العسكرية واللوجستية، ويعتقد محللون أن سقوط ترهونة بيد قوات حكومة الوفاق يجعل من هزيمة قوات حفتر قضية شبه مؤكدة.
تغيّر موازين القوى
ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية، أن موازين القوى العسكرية في ليبيا تغيرت لصالح حكومة الوفاق الوطني منذ بداية العام، وذلك بعد إدخال جيل جديد من الطائرات بدون طيار إلى خدمتها وأضافت أن التصعيد العسكري الذي حدث في الأيام الأخيرة قرب العاصمة الليبية طرابلس، يكرّس انقلابا في توازن القوى على حساب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأوضحت أن انقلاب الميزان العسكري الحالي في طرابلس هو نتاج تفعيل وتطوير الأسلحة في صفوف قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، ولا سيما إدخال جيل جديد من الطائرات بدون طيار بتكنولوجيا أكثر كفاءة.
ونقلت الصحيفة عن ولفرام لاغر، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن في برلين، قوله إن «ميزان القوى تغير جذريا منذ بداية العام».
وأرجع «لاغر» السبب في ذلك، إلى أن الطائرات من دون طيار وأنظمة الدفاع المضادة للطائرات التي ركبتها أنقرة في طرابلس، أصبح لها تأثير على منع الطيران الإماراتي من الوصول إلى طرابلس أو مصراتة، «بعد أن كان الإماراتيون يسيطرون على السماء في خدمة حفتر».
وفي نفس الإطار، اكدت صحيفة تركية أن ليبيا مقبلة على مرحلة جديدة، تتغير الخريطة فيها، بعد الدعم العسكري الذي قدمته أنقرة لطرابلس.
هذا وقد أعلن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي مؤخرا، قبوله تفويض الشعب الليبي للقيادة العامة للقوات المسلحة بتولي مهمة قيادة البلاد وإسقاط اتفاق الصخيرات لعام 2015 قائلا: «أعلن قبولنا إرادة الشعب والتفويض وإسقاط الاتفاق السياسي ليصبح جزءا من الماضي»، مضيفا أن الاتفاق السياسي دمر البلاد وقادها إلى منزلقات خطيرة، ولكنه «أصبح من الماضي».
وتابع «سنعمل على تهيئة الظروف لبناء مؤسسات الدولة المدنية الدائمة وفق إرادة الشعب، ونعبر عن اعتزازنا بتفويض القيادة العامة لقيادة المرحلة الحالية».
وطالب هنا المشير خليفة حفتر الشعب الليبي بتفويض الجيش الوطني لإسقاط حكومة الوفاق التي استعانت بالإرهاب والتدخل التركي في شؤون البلاد.
ولذلك فوّض مجلس أعيان مدينة الزنتان، جنوب غربي ليبيا، القوات المسلحة الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر، لتولي مسؤولية تسيير أمور البلاد وأعلن بيان المجلس تأييدَه «عمليةَ الكرامة التي تقاتل التنظيمات الإرهابية».
كل هذه التطورات تطرح أسئلة مهمة حول سيناريوهات الدور المصري في الأزمة الليبية خلال الأيام القادمة
التدخل العسكري المصري في ليبيا ممكن…
قال اللواء عبد الرافع درويش
الخبير العسكري والاستراتيجي، إن التطورات الأخيرة التي حدثت في ليبيا ضد الأمن القومي المصري، مشيرا إلى أن حكومة الوفاق المدعومة من تركيا نجحت في السيطرة على خمس مدن كانت تابعة للجيش الوطني الليبي وهذا في منتهى الخطورة؛ لأن قيام مصر بعمل إسناد للجيش الوطني الليبي في هذه الحالة سوف يصبح صعبا، مؤكدا ضرورة التدخل البري في هذه الأزمة، لافتا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدفع مصر دفعا إلى التدخل العسكري المباشر في ليبيا، وهذا التدخل لن يكون في صالح مصر ولا في صالح تركيا.
وأوضح أنّ انحياز مصر لحكومة الوفاق يعني تسليم مصر لتركيا، لاسيما وأن تركيا تعتبر ليبيا من ميراث الدولة العثمانية، مشيرًا إلى أنّ الحسم العسكري أصبح هو الحل الوحيد للأزمة الليبية، متفقا مع الرأي الذي يقول إن سيطرة حكومة الوفاق على ليبيا سوف يعطي قبلة الحياة للإخوان المسلمين في مصر، وبالتالي هو يرى أنه لا بديل لإفشال هذا المخطط إلا بتدخل مصر بأي طريقة في ليبيا ووقف تمدد حكومة الوفاق، مؤكدا أن سيطرة حكومة الوفاق المدعومة من تركيا على طرابلس هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري، لأن مدى الصواريخ التركية يمكن أن يصل إلى القاهرة، وهذا في منتهى الخطورة وتهديد مباشر للأمن القومي المصري.
ومن ناحيته، يرى اللواء حمدي بخيت
، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، أن أي انتصار تحققه عناصر السراج وتركيا في ليبيا يمثل خطرًا مباشر على الأمن القومي المصري، مشيرا إلى أن السراج وتركيا استغلوا الفترة الماضية انتشار فيروس كورونا وخوف الناس، لكن كان على الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن يكون على حذر من مثل هذه الهجمات المضادة بعد الانتصارات الكثيرة التي حققها، لكن رغم ذلك طرابلس ما زالت محاصرة، وحكومة الوفاق المدعومة من تركيا تحاول توسيع رقعة الأرض التي تسيطر عليها تمهيدا لفكرة التقسيم، وبالتالي على الجيش الليبي أن يقضي على هذه الفكرة ويسيطر على طرابلس في أسرع وقت ممكن.
واضاف إنّ مصر يجب أن تستمر في دعم الجيش الوطني الليبي وأن تتمسك بوحدة الأراضي الليبية، ومنع التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، وترك القضية للحسم السياسي، مؤكدا أن حكومة السراج عميلة وتؤدي دورًا بالمال لصالح قطر وتركيا، مشيرا إلى أن مصر دائما على أتم الاستعداد لحماية أمنها القومي، معتبرا أن الحل العسكري هو الذي سوف يحسم الصراع في ليبيا، مشيرا إلى أن حسم معركة طرابلس مهم جدا من أجل تحسين شروط التفاوض وحتى لا تخرج أي مفاوضات عن وحدة الأراضي الليبية وسيادة الشعب الليبي على أرضه، معتبرا أن الجلوس مع حكومة الوفاق على طاولة واحدة قبل حسم معركة طرابلس لن يؤدي إلى أي نتيجة، لاسيما وأن حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج الذي وصفه بالعميل سوف تساوم لأنها تعتبر نفسها في موقف قوة، مشيرا إلى أن مصر سوف تتمسك بثوابتها في القضية الليبية والتي تتمثل في دعم الجيش الوطني الليبي والبرلمان الليبي والشعب الليبي، ولن تتخلى عن الجيش الليبي والشعب الليبي والبرلمان الليبي من أجل رئيس وزراء خائن وفاقد للشرعية والمصداقية.
وفي السباق نفسه، قال اللواء نبيل فؤاد
مساعد وزير الدفاع الأسبق ان الحرب في ليبيا ستظل سيجالًا بين الطرفين، لأن كل طرف من أطراف النزاع يقف خلفه أطراف أخرى، فمثلا ليس من مصلحة مصر أن تتولى حكومة الوفاق مقاليد الحكم في ليبيا، لذلك هي تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وبالتالي هي لن تقبل بهزيمة الجيش الوطني الليبي، لأن هزيمة الجيش الوطني تعني فتح الحدود الغربية لمصر، في المقابل حكومة الوفاق يقف وراءها أطراف أخرى لها مصالح، وبالتالي الموضوع في ليبيا سيظل سيجال، مستبعدا أن ينتصر طرف على آخر في هذه المعركة.
وأشار إلى أنّ الأطراف التي تقف خلف المشير خليفة حفتر لن ترضى بهزيمته وسوف تقدم له المزيد من الدعم من أجل أن يستعيد موقفه مرة أخرى، مستبعدا حل القضية الليبية عن طريق الحسم العسكري، مؤكدا أن موقف مصر العسكري قوي وقادر على الدفاع عن أمنها القومي، وهي تبحث عن مصالحها في ليبيا من خلال الدعم غير المباشر للجيش الوطني الليبي، مستبعدا أن تنحاز أمريكا لأحد أطراف النزاع، لاسيما وأنها تعلم أهمية الحدود الغربية بالنسبة لمصر، مستبعدا الحل السياسي أو الدبلوماسي للأزمة الليبية بسبب تمسك كل طرف من الأطراف بموقفه، وكذلك تمسك كل الأطراف الداعمة للطرفين بموقفها، موضحا أن الوضع في ليبيا أسوأ بكثير من الوضع في سوريا، لاسيما وأن ليبيا بها أكثر من جيش وأكثر من حكومة.
وبيّن اللواء طلعت مسلم الخبير العسكري والاستراتيجي، ان الفترة الماضية تشير إلى أن القوات الليبية التي يقودها حفتر متخاذلة والكفاءات بها محدودة، مشيرا إلى أن المشير خليفة حفتر أعلن أكثر من مرة أنه سوف يقوم بتحرير طرابلس خلال أيام ولكنه لم يفعل، وبالتالي هو لم يفاجأ بما حدث من تطورات، وكان يتمنى أن يكون هناك قوة قادرة على تحقيق الأمن في ليبيا، وبالتالي ما حدث سيكون له انعكاسات سلبية على الأمن القومي المصري، مرجعا سبب الانتصارات التي حققتها قوات حكومة الوفاق إلى الدعم التركي وحدوث نوع من التساهل والضعف من جانب الجيش الوطني الليبي أدى إلى قلب موازين القوى لصالح الطرف الأخر، موضحا أن حفتر لم يظهر من الكفاءة ما يكفي هذا الفترة وأنه يقول كلاما ولا يترجمه إلى واقع، وبالتالي كان على مصر أن تراجع حساباتها من حفتر منذ فترة، وكان على مصر أن تعيد النظر في حسابات القوى في ليبيا بعد أن طالت مدة تحرير طرابلس الذي وعد لها حفتر أكثر من مرة، مستبعدا أن يكون هناك حسم عسكري لإنهاء الصراع في ليبيا ولكن الحل العسكري سيكون له تأثير على الحل السياسي.
« إن اردت السلم، استعد للحرب «
أفضل تعبير يصف حالة مصر اليوم ويجيب عن سؤال الأزمة الليبية بين جيرانها هو «إن اردت السلم، استعد للحرب»، فبعد سلسلة من اللقاءات والتصريحات حول الأزمة الليبية، لم تتضح الرؤية بعد حول مصير ليبيا في ظل تعنّت باقي الأطراف المتدخلة سياسيا واستراتيجيا وعسكريا.
وقد أطلق موقف مصر حول ليبيا حوارا ساخنا جدا بين المصريين عامة والنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي وبين أعضاء البرلمان المصري خاصة، وبات السؤال الذي يطرح نفسه واضحا وجليا، هل تقدم مصر على التدخل عسكريا في ليبيا إذا طلب منها ذلك او اضطرت الى ذلك؟ وكيف يمكن أن يستقيم ذلك مع الموقف المصري الرافض للتدخل العسكري في ليبيا من أي جهة كان؟
لم يرد حتى الساعة حديث على لسان أي مسؤول مصري حول التدخل المباشر للقوات المسلّحة المصرية في الأراضي الليبية، بل إن الرئيس السيسي وفي مقابلته مؤخرا مع رئيس المجلس الأوروبي «شارل ميشيل»، أكّد على ضرورة التوصّل إلى تسوية سلمية سياسية في ليبيا، وهو تصريح يتساوق مع الموقف المصري الرسمي وقد عبّر عنه رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، والذي أشار إلى أن مصر لا تقدّم الحلول العسكرية على الحلول السياسية، مشيرا إلى أن مصر أيضا كانت قد طالبت بالحل السلمي في سوريا واليمن من قبل.
الأمر عينه أشار إليه وزير الخارجية المصري سامح شكري حين قال: «إن الصراع في المنطقة يحتاج إلى حلول سياسية لا قوى عنف أو تيارات إرهابية «.
غير أن الرغبة المصرية في عدم التدخل عسكريا في ليبيا شيء، وما تفرضه النوازل لاسيما إذا تهدّد الأمن القومي المصري شيء آخر، فالحدود الليبية المصرية تتجاوز ال 1200 كيلومتر وليست مأهولة بالسكان، ولا توجد دولة في العالم بدءا من الولايات المتحدة قادرة على منع التسلل عبر حدودها، وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه: «هل تنتظر مصر أن تتحول ليبيا إلى حاضنة جديدة لداعش وبقية الجماعات الجهادية، بدعم وتشجيع خارجي، الأمر الذي يضع مصر في مواجهة خطر التهديد؟».
الخلاف بين تركيا ومصر
وللتذكير فان البرلمان التركي قد صوّت لصالح مشروع قرار ارسال جنود أتراك إلى ليبيا، استجابة لطلب الحكومة الليبية بإرسال مساعدة عسكرية من انقرة بسبب تعرضها لهجوم من قوات حفتر منذ شهر افريل المنقضي.
وجاء قرار البرلمان التركي استنادا على اتفاقيتين تم توقيعهما بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني في ليبيا أواخر شهر نوفمبر الماضي تضمنتا تقديم أنقرة لمساعدات عسكرية إلى حكومة السرّاج وترسيم الحدود البحرية بين الدولتين. وكانت بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة قدّمت مذكرة رفض للاتفاقيتين المبرمتين واعتبرتهما «باطلتين ومعدومتي الأثر».
وحسب الموقف المصري فان تركيا تسعى جاهدة لاقتحام الساحة الليبية سياسيا وعسكريا، واعتبرت ان التدخل التركي تدخل غير مبرر للرئيس اردوغان، يعود أساسا الى تزايد حجم الأطماع التركية في ليبيا والعوائد الهائلة التي ستعود بالفائدة الكبيرة على المصالح الاقتصادية التي ستحققها أنقرة من الأموال الليبية.
وتجدر الإشارة هنا، انه في وقت سابق، ذكرت صحيفة «ديلي صباح» التركية، أن المقاولين الأتراك امتلكوا مشاريع في ليبيا تصل قيمتها إلى 28.9 مليار دولار، ولعل هذا هو الهدف الحقيقي وراء الدعم التركي الكبير لحكومة فايز السراج.
في حين هناك من اعتبر التدخل التركي في ليبيا مجرد تغطية سياسية على الأعمال التي تقوم بها بمساعدة «تنظيم الإخوان» في طرابلس منذ سنوات.
ويرغب اردوغان في إقامة قاعدة عسكرية في طرابلس، على غرار تلك الموجودة في الدوحة ومقديشو، تخدِم الاستراتيجيّة التي يتبعها الرئيس التركي في السيطرة على البحر المتوسّط، وفي إطار تنافسه مع الدول الأوروبيّة المطلة عليه بالإضافة إلى دوافع عسكرية استراتيجية فليبيا تشكل في نظر تركيا فرصة اقتصادية وتجارية ضخمة للشركات التركية.
ومن جهتها تحاول مصر دعم حفتر لكي تحد من الانتشار العسكري والسياسي والاقتصادي في الأراضي الليبية وعلى ما يبدو فقد ألقت التوترات السياسية بين تركيا ومصر على خلفية دعم تركيا ل «اخوان مصر» واتهام اردوغان «النظام المصري» بقتل الرئيس السابق محمد مرسي، وهو ما اعتبرته مصر تدخلا سافرا في الشأن الداخلي لها. ومن أجل ذلك حذرت الخارجية المصرية في بيان لها من أن «أي احتمال للتدخل العسكري التركي في ليبيا يهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة، والأمن القومي المصري بصفة خاصة، ما يستوجب اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء مثل هذه التهديدات».
الجيش المصري قريباً في ليبيا… بطلب رسمي
منذ بداية مؤشرات التصعيد العام في الداخل الليبي، بعد الإجراءات الأخيرة لحكومة الوفاق بدفع تركي إلى إنزال الجيش التركي في البلاد، أعلن البرلمان الليبي عن عدم استبعاده دعوة الجيش المصري لدخول ليبيا، ومساندة الجيش الوطني الليبي ضد التدخل الأجنبي، في إشارة لبدء توافد الجيش التركي لدعم الإخوان في البلاد.
وخلال كلمة القاها رئيس البرلمان الليبي «عقيلة صالح»، داخل البرلمان المصري، قال فيها انهم قد يضطرون إلى دعوة القوات المسلحة المصرية للتدخل إذا حصل تدخل أجنبي في ليبيا.
وأضاف ان «اعتراف المجتمع الدولي بالمجلس الرئاسي الليبي والذي أقل ما يوصف به هو الخيانة، بمثابة تجاهل لإرادة الليبيين وحقهم في الدفاع عن وطنهم والمحافظة عليه، وتجاهل شرعية مجلس النواب المنتخب، والقبول بعودة الاستعمار من جديد»، مشددا على ضرورة وجود «موقف عربي موحد، لتأييد حق مجلس النواب الليبي المنتخب في ممارسة مهامه وصلاحياته التشريعية باعتباره الجهة الشرعية الوحيدة في ليبيا، ورفض مصادرة هذه المهام، وألا يعتد بأي حكومة دون منحها الثقة من مجلس النواب».
وأكّد كذلك رئيس البرلمان الليبي، بحسب وسائل إعلامية مصرية، بأن «أي اتفاقيات ومعاهدات لم يُصادق عليها من جانب مجلس النواب تُعد باطلة ولاغية، وكذلك دعم حق الليبيين وجيشهم الوطني في مكافحة الإرهاب والدفاع عن الوطن، في مواجهة الغزو التركي الذي لن توقفه بيانات التنديد والشجب والتعبير عن القلق والرفض، بل بالمواقف الأخوية الصلبة، والدعم العلني لحق الليبيين في الدفاع عن أراضيهم».
وتابع «نحن أمام مؤامرة بشعة حيكت خيوطها في أنقرة مستغلة الظروف التي تمر بها بلادنا وانشغالنا بالحرب على الإرهاب».
تعبئة في الشارع المصري والعربي
تزامن إعلان المتحدث العسكري المصري عن تفجير بئر العبد في سيناء شرق مصر، مع بيان مستغرب للخارجية المصرية حول ليبيا ما ينذر بقيام القوات المسلحة المصرية بعملية جديدة غرب مصر وتحديدا في ليبيا وهو ما يفهم من حالة التعبئة الجارية الان في مصر والتي يقودها العديد من الفنانين.
وستكون مبررات العملية الجديدة محاربة الارهاب ودم الشهيد واستهداف تجمعات الارهاب وغيرها من العبارات التي درج الاعلام المصري على ترديدها مع مشهد طائرات تقلع وتعود تعبيرا عن الانتقام.
وتجدر الإشارة هنا الى ان المشهد الاستباقي الذي قدمه المتحدث العسكري المصري مساء الخميس 30 افريل الماضي وليلة اول يوم في رمضان مقارب لما تم في أجواء مشابهة قبل 8 سنوات وفي ليلة رمضانية أيضا، حيث كان الجنود في نقطة حدودية قُرب رفح يتأهبون للإفطار يوم السابع عشر من رمضان ليخرج عليهم حشد من المسلحين ويمطرونهم بوابل من الرصاص والمقذوفات الثقيلة.
والآن يتكرر المشهد الذي لا يعرف على وجه التحديد مكانه ولا زمانه لكن ما هو معلوم انه سيتم استغلاله لحدث جرى الحشد له وغالبا ما سيكون مسرح الانتقام هو الاراضي الليبية.
والمثير للاستغراب هنا ان الرد على حوادث تقع في شرق مصر يأتي دائما في غربها وهذا ما يؤكد تخبط الرد المصري وفشل حل الازمات الامنية الحقيقية التي تواجهها مصر وكل ما تفعله هو اختيار مكان وزمان تحدده لشن عمليات هجومية لصالح الامارات على الاراضي الليبية ويكون ذلك عبر قاعدة محمد نجيب غرب مصر.
ويعتبر قيام فناني مصر على غرار محمد منير ومحمد هنيدي وأمير كرارة وآسر ياسين وغيرهم بنعي « شهداء الارهاب» يأتي في سياق التعبئة التي تتم حاليا لتوجيه عملية واسعة ضد «الارهاب المحتمل « وغالبا ما يكون هذا الارهاب في غرب ليبيا رغم ان الحوادث دائما في شرقها.
هذا إضافة الى دخول شخصيات عربية على خط التعبئة بإصدار رئيس الاتحاد البرلماني العربي بيانا يندد فيه بهجوم سيناء فيما يبدو تعبئة عربية لقبول رد الفعل المصري المتوقع دائما في ليبيا.
ويذكر هنا ان الحوادث السابقة حافلة بمشاهد متكررة لما يحدث حاليا من تعبئة ولعل أشهرها هجوم المنيا سنة 2017 حيث أطلق مسلحون الرصاص على حافلة تقل عددًا من الأقباط وهم في طريقهم من محافظة بني سويف إلى دير الأنبا صموئيل بمحافظة المنيا، والذي تم الرد عليه في ليبيا .
وللتعبئة لذلك الرد، خرج يومها البيان الرئاسي قائلا «كنا نعلم أن هناك شرا كبيرا سيأتي لمصر، وكانت القوات تتواجد على الحدود لتأمين البلاد، مضيفًا انه خلال العامين الماضيين فقط، بلغ حجم السيارات رباعية الدفع التي عبرت الحدود المصرية، ما يقارب ال1000 سيارة، وخلال الثلاثة الاشهر الماضية دمّرنا تقريبًا 300 سيارة وكل هذه السيارات جاءت لتستهدف المصريين وأمن مصر».
وتجدر الإشارة هنا الى ان القوات الجوية المصرية نفّذت بعد ذلك البيان ستة ضربات جوية داخل العمق الليبي فهل سيتم اعادة نفس ذلك السيناريو مجددا في ليبيا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.