تضاعفت العلاقات التونسية الاقتصادية بالعديد من البلدان الأخرى خاصة خلال الفترات الأخيرة ولعل ذلك يرجع بالأساس إلى جملة التغيرات... التي طرأت على الساحة والتي قلبت موازين العلاقات التونسية ولعل ال 186 مؤسسة أجنبية التي غادرت البلاد كانت السبب في مضاعفة عدد العاطلين أما اليوم فنرى أن العلاقات تجاوزت البلدان الأوروبية والاسياوية إلى الجنوب افريقية ونذكر على سبيل المثال التشاد التي التقى وزيرها للمالية والميزانية السيد كريستيان جورج بوزير المالية التونسي السيد حسن الديماسي لبحث علاقات التعاون القائم بين البلدين. لا يمكن الحديث عن علاقات تونسية تشادية دون الغوص والبحث في الإمكانات وخصائص البلد الذي سنقيم معه علاقة شراكة والإضافات التي يمكن أن يوفرها لبلدنا والنمو باقتصاده. فالمتتبع للوضع الاقتصادي التشادي يلاحظ أن هذا البلد الذي يعيش أغلب سكانه في الجزء الجنوبي منه أما معظم الجزء الشمالي من التشاد فصحراء ويعيش هذا البلد فروقا سياسية واجتماعية ودينية بين قبائل الشمال وقبائل الجنوب جعلت البلاد في حالة حروب أهلية مستمرة منذ منتصف الستينات كما يعاني هذا البلد نقصا على مستوى الموارد الاقتصادية وفجوة في التعليم العربية والفرنسية هما اللغتان الرسميتان للدولة ولا يعرف القراءة والكتابة إلا حوالي سدس البالغين كما تعتمد التشاد على الإنتاج الزراعي والحيواني في اقتصادها إضافة إلى الدخل الناتج من الجمارك والبترول ولا يحصل 73% من السكان على المياه النقية الصالحة للشرب كما تمثل المساعدات الدولية الرسمية للتشاد نحو 11.6% من ناتجها المحلي الإجمالي بما يعادل 233 مليون دولار سنويا وحسب تقديرات مؤشر التنمية البشرية العالمي تحتل التشاد مرتبة متدنية بين 177 دولة إذ أتت في المرتبة 167 وذلك حسب مؤشر التنمية البشرية العالمي وبالإضافة إلى مشكلات التشاد الاقتصادية تأتي قضية للاجئين السودانيين الذين يقدر عددهم بنحو 200 ألف لتزيد من أعباء الاقتصاد في التشاد وهو ما جعلها تطلب المساعدات من المؤسسات الدولية لمواجهة تكاليف معيشة هؤلاء اللاجئين وخاصة أن معسكراتهم تعاني من حالة اضطراب فيما بينها تستدعي تواجدا امنيا مستمرا. ولكن ورغم حدة الفقر فإن هذا البلد يزخر بمخزون هائل من الذهب والحديد ويتمتع كذلك ببعض الثروات المعدنية مثل البترول واليورانيوم والزنك والرخام والذي لم تستفد منه هذا البلد حتى الآن ولكن اقتصاد هذا البلد أخذ في التغيير وقد أعطى استغلال النفط في"دوبا" دفعة قوية لكل من النشاطين الزراعي والصناعي حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من 2.6 مليار دولار في عام 2003 ليصل إلى 4.2 مليارات في عام 2004 هذا إلى جانب عائدات النفط التي ارتفعت مواردها من العملة الأجنبية بمقدار النصف والذي خلق العديد من فرص العمل ونشط قطاع البناء والأشغال العامة. كما صنفت التشاد في المرتبة الثانية كأكبر منتج للصمغ العربي في العالم ولعل بحث الحكومة عن ربط علاقات مع التشاد ينبع أولا من موقع التشاد الاستراتيجي الذي جعلها ملتقى لكثير من الحضارات الإسلامية والإفريقية بصفة عامة حيث التقى في 29 جانفي 2012 الرئيس المنصف المرزوقي بالرئيس التشادي إدريس ديبي الذي جاء على هامش القمة الإفريقية 18 المنعقدة بأديس أبابا وعبر الرئيس آنذاك عن العزم المشترك على تنويع آفاق التعاون الثنائي لتشمل ميادين الطاقة والمشاريع الكبرى والدراسات الإستراتيجية. وفي نفس هذا الإطار أي بحث مجالات التعاون الاقتصادي بين تونس والتشاد بحث حسين الديماسي وزير المالية يوم 6 فيفري مع كريستيان جورج وزير المالية والميزانية التشادي علاقات التعاون بين البلدين والنظر في الإمكانات المتوفرة من أجل تطويرها وتنويعها. هذا وسعى كلا الطرفين إلى البحث عن سبل تطوير التعاون الفني في قطاع التنقيب عن البترول وإنتاج الاسمنت وتبادل الخبرات في مجال المالية العامة. كما سعى الوزير التشادي من جهته إلى تعزيز التعاون مع تونس للاستفادة من خبراتها إضافة إلى تطوير التعاون الثنائي في قطاع المحروقات وهذا مربط الفرس ونظرا لما يعانيه هذا البلد من نقص في الخبرات والمؤسسات إضافة إلى ما يحظى به من موارد طبيعية ما زالت كامنة تحت الأرض ولذلك وجب على الحكومات السعي بقدر أكبر نحو تكريس فرص أكثر لتحفيز اصحاب الخبرات والمؤسسات والشركات قصد تطوير علاقاتهم بالتشاد مما سيسهم في دفع الاستثمار والتقليص من نسب البطالة في بلادنا اضافة إلى دعم الشراكة في المجال الزراعي والصناعي. رغم الفقر المدقع الذي يعانيه التشاد إلا أن هذا البلد يحظى بفرص كبيرة تجعله من أغنى البلدان نظرا لكثرة مدخراته الطبيعية ولذلك وجب على الحكومة استغلال هذه الفجوات لصالح البلدين من جهة النهوض بهذا البلد ومن جهة الاستفادة من الوضع بتوفير فرص اكبر للعمل وتعزيز الشراكة خاصة في قطاع البترول. نسرين خميسي