بسبب ملف الرئيس التونسي الأسبق عرفت العلاقات التونسية السعودية نوعا من التوتر والفتور. وقد خيمت تخوفات... من الطرفين حول مستقبل العلاقات الإنسانية والاقتصادية التي عرفها البلدان عبر التاريخ غير أنه في المدة الأخيرة وعلى إثر زيارة السيد حمادي الجبالي شهدت هذه العلاقات نوعا من الانفراج حيث اتفق الجانبان على إزالة العقبات والسعي المشترك لدفع العلاقات الى ما هو احسن.
وقد أكد رئيس الحكومة في أواخر الشهر الماضي انه سيتم إلغاء كل الحواجز أمام المستثمرين السعوديين و أكد ان تونس شرعت فعليا في عملية لإصلاح هيكلية شملت 14 مجالا اقتصاديا ودعا أيضا إلى ضرورة تحسين العلاقات لدعم الاقتصاد التونسي خاصة في هذه المرحلة . طائرات سعودية تحمل المساعدات لتونس مازالت المساعدات الإنسانية تتهاطل على تونس من أشقائها العرب فبعد طائرات الإغاثة القطرية للمتضررين من الفيضانات وتساقط الثلوج في مناطق الشمال الغربي في تونس وقوافل المساعدات التي وجهها الإخوة الليبيون رغم ظروفهم الصعبة لنجدة أشقائهم التونسيين أطلقت المملكة العربية السعودية جسرا جويا لنقل أكثر من 530 طنا من المساعدات الإنسانية والأغطية والخيام لمنكوبي الفيضانات في ولايات جندوبة والكاف قصرين وغيرها من المناطق المتضررة ولم يقف عون الأشقاء السعوديين عند هذا المستوى بل استمر لتصل إلى تونس طائرة شحن سعودية محملة ب43 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتقديم مساعدات عاجلة للحكومة التونسية في إعقاب ما تمر به عدة جهات تونسية من تقلبات جوية وفيضانات. الملفت في هذا التضامن العربي الكبير هو تعاليه عن كل ما من شأنه أن يعكر أي علاقة تجمع بين هذين دولتين البلدين العربيين والإسراع بمد يد العون لكل عربي منكوب في تصرف عادي مستمد من الكرم العربي المتأصل والمتجذر في عمق التاريخ. وهنا يجدر بنا التذكير ان تونس وان هي تستقبل حاليا المساعدات في هذه الظروف الصعبة من أشقاءها العرب فقد كانت سباقة وفي عديد المناسبات السابقة وفي وأحلك الظروف لنجدة أشقاءها والاقتطاع من قوت شعبها لنجدة جار أو صديق وما مثال ليبيا ببعيد لما فتحت تونس حدودها واعدت المخيمات لاستقبال آلاف اللاجئين ومثلهم من الفارين من ليبيا ليشرك الشعب التونسي شقيقة الليبي قوته في وقت شح فيه هذا القوت. لذا فإن موقف تونس وهي تتلقى هذه المساعدات هو عز وفخر وليس موقف مذلة وتذلل كما يسعى البعض للترويج إليه لمآرب وخلفيات لا علاقة لها بحقيقة الأمور فلو لم تكن تونس سباقة في الماضي لنجدة أشقائها والتضحية في سبيلهم في مشهد أنبهر به العالم كله لما تسارع الإخوة والأشقاء إلى مساعداتها اليوم في محنتها مساعدة عزيز وفي موضع لرد جميل . إن وقوف أشقاء تونس وأصدقائها إلى جانبها لا يبدو أنه ظرفي أو بسبب المنحة التي تمر بها مناطق تونسية أو الظروف الاقتصادية الحرجة التي أعقبت الثورة بل أن بوادره توحي بأنه وقوف ومساندة ثابتة وقوية ومستمرة لدعم الثورة التونسية وإنجاح اقتصادها وأن وفود رجال الأعمال العرب والأتراك التي وصلت تونس لبحث سبل تكوين شراكة مع نظرائهم في تونس دليل على ما تحضو به تونس من تقدير وفي هذا الإطار بالذات تتنزل زيارة عدد كبير من المستثمرين السعوديين الذين وصلوا بلادنا وسيصلون في الأيام القادمة من أجل ضخ دماء جديدة إلى التعاون الاقتصادي التونسي السعودي بعد أن تهيأت الأجواء الملائمة لمثل هذا التعاون. رجال أعمال من السعودية وقد عبر رجال الأعمال السعوديين الذين يزورون تونس على امتداد 5ايام عن رغبتهم في القيام باستثمارات في تونس كما عبروا عن رغبتهم في شراء شركات مصادرة في صورة بيعها . وذلك لإرساء لبنات دعم التعاون والشراكة وتنمية المبادلات الثنائية بين البلدين خاصة بعدما أعلنه رئيس الحكومة في الشهر الماضي حول الإصلاحات الهيكلية والتي ستشمل14 مجالا اقتصاديا يهدف توفير بنية أفضل أمام رجال الأعمال السعوديين فضلا عن ذلك القرار الذي أخذته الحكومة سابقا والذي يقضي بإزالة كل العقبات التي كان وضعها النظام السابق أمام المستثمرين.ودعا الجانب السعودي إيجاد الحلول ناجعة لتجاوز صعوبات النقل الجوي وتطويره بين البلدين وهنا لابد أن نشير الى أن تونس تسعى على أكثر من وجهة لتحسين هذا الجانب لما يمثله من فرصة هامة لمزيد تحرير العلاقات خاصة بين تونس والسعودية إضافة الى بحث جملة المساءل العالقة وذلك لصالح البلدين الشقيقين ومزيد دفع عقلية التكامل الاقتصادي وتجاوز كل الصعوبات التي يريد البعض ترسيخها والمساهمة في توتر العلاقة خاصة وتونس تؤسس بخطى ثابتة مسارها الديمقراطي وتسعى جاهده لضمان الصداقات العربية من جهة ودفع الاقتصاد الوطني من جهة أخرى. وفاء قرامي