في السنوات القليلة الماضية قال أحد المحامين الشبان متذمرا أنه لم يعد يعرف كيفية تطبيق القانون حتى في القضايا البسيطة مثل الطلاق أو حوادث الطرقات ... هذا في وقت كان الحديث فيه يشير إلى الفساد في القضايا ذات صبغة سياسية بينما الفساد مثل السرطان استشرى وانتشر في مختلف جوانب المحاكم وفي وضح النهار (ولا داعي لذكر أمثلة حقيقية وحية حتى لا نحرج بعض القضاة أو المحامين) ... التدخلات من مختلف الألوان ماديّة ومعنوية في كل انواع القضايا والكل يدسّ رأسه في الرمال ويؤكد أن القضاء غير مستقل ... نعم غير مستقل في مفهومه الاجتماعي ولكن أين الضمائر ؟ فهناك من القضاة من " يوصي" زميله" القاضي بقضية ما ...اي يطلب منه أن يغمض عينيه عن الحق وعن القانون ... وهذا أيضا نوع من الفساد المسكوت عنه ...على كل ملف العدالة تغلب عليه القتامة في العشرين سنة الأخيرة واليوم هل سنرى عدالة حرة تبعث على الاطمئنان في النفوس ؟...ففي قضايا ملفات البناء الفوضوي الذي انطلق في نهاية شهر جانفي الماضي ليس هناك غموض ولا صعوبات ولا فلسفة إذ قام أشخاص بالبناء دون رخصة حسب ما يتطلبه القانون الواضح المعالم ... هناك من أقام بناية في ملكه الخاص ولكن في مكان يحجر فيه البناء وهناك من أضاف طابقا في عمارة لا تتحمل ذلك وهناك من اعتدى على أراضي الدولة وحتى على الارصفة وبنى عليها ... وهنا يدعو المنطق السليم إلى إزالة كل أنواع البناءات التي تمت دون رخصة قانونية سواء على أراضي الدولة أو في أماكن ممنوعة بل يظهر أن بعض البلديات شرعت في هدم بعض البناءات التي تطاول أصحابها على الذوق وعلى الاخلاق وعلى القانون ... وطبعا هناك إلى حد الآن تردد في إزالة كل تلك الظواهر ... وهنا نخشى أن تتعدد التدخلات الهامشية وأن يفلت من العقاب من له " أكتاف" أو "أشياء أخرى" في وقت تتمتع فيه العدالة بالحرية وعليها تطبيق القانون وفي هذا الملف ليس هناك أي اجتهاد وهذا هو الامتحان الأول الواضح ...سيرى المواطن كيف يطبق القانون وملف البناء العشوائي سهل المعالجة لأنه اعتداء صارخ ومن أخطأ عن قصد وتعمّد عليه تحمّل مسؤولية تجاوز القانون كما سنرى كيفية اجتهاد البلديات ومدى احترامها لعدالة التنفيذ لأن البلديات لها ماض أسود وسجل قذر مع القوانين التي كانت تنفذ حسب وضعية الإنسان وللقانون مقاسات في نظر جل أعضاء البلديات .ملف البناء الفوضوي سيكون الامتحان الواضح للعدالة الاجتماعية . م . ك