تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    صيدلي في عمر ال75 يموت في الإيقاف..شنيا الحكاية؟    عاجل: إعفاء ضريبي يهمّ هؤلاء في قانون المالية الجديد...شكون؟    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    قتلى بضربات أمريكية على قاربين "مشبوهين"    منظمة الصحة العالمية: 80 ألف وفاة في رحلات الهجرة منذ 2014    محرز الغنوشي: ''اليوم نصل إلى ذروة التقلبات الجوية التي تم التنبيه لها منذ بداية الأسبوع''    صور إبستين تفضح علاقات مفاجئة.. أسماء بارزة في عالم السياسة والتكنولوجيا والإعلام تظهر في الأرشيف    ماكرون.. علينا محاورة بوتين في أقرب وقت    بعد تتويج المغرب.. هذا اللاعب يعلن اعتزاله اللعب دوليا..#خبر_عاجل    رئيس الجمهورية يستقبل سفير اسبانيا بتونس بمناسبة انتهاء مهامه    عاجل/ أول تعليق لرئيس الدولة على التجمعات الحاشدة للتونسيين الذين نزلوا لشارع الحبيب بورقيبة لمساندته والاحتفال بذكرى الثورة..    تبرعات ضخمة لبطل بوندي أحمد الأحمد    حفل موسيقي "ليلة القادة الشبان" بمسرح أوبرا تونس الجمعة 26 ديسمبرالجاري    مصر.. ايقاف البحث عن 3 أشخاص دفنوا تحت الأنقاض    التفاح والبرتقال: أيهما أغنى بفيتامين 'سي' والألياف؟    منزل بورقيبة .. فضاء نموذجي للمطالعة بالمكتبة العمومية.... والتربية الوالدية تحت المحك    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    وخالق الناس بخلق حسن    المغرب يتوّج بلقب كأس العرب فيفا قطر 2025 بعد نهائي مثير أمام الأردن    قتلى بعد تحطم طائرة أثناء هبوطها في مطار أميركي    الليلة: أمطار والحرارة تتراوح بين 9 درجات و17 درجة    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    الكاف: يوم تحسيسي لتشجيع صغار الفلاحات على الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    افتتاح الدورة 14 من معرض مدينة تونس للكتاب    كأس العرب.. إلغاء "مباراة البرونزية" بين الإمارات والسعودية    لقاء علمي حول اللغة العربية بكلية الآداب بمنوبة    توزر: استعدادات لإنجاح الأنشطة السياحية بمناسبة عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة    القيروان :حادث مرور يسفر عن احتراق سيارة و تفحّم السائق داخلها    بودربالة يجتمع بممثّليْن إثنين عن عمال الإعاشة لدى الشركات البترولية بصحراء تطاوين    عاجل/ هذا موعد أوّل رحلة للحجيج وآخر موعد لاستكمال إجراءات السفر..    القصرين: سائقو التاكسي الفردي يجدّدون احتجاجاتهم للمطالبة بالترفيع في عدد الرخص    تأجيل محاكمة العميد الأسبق للمحامين شوقي الطبيب إلى 12 فيفري المقبل    رسميا: نعيم السليتي جاهز للمشاركة في كأس أمم إفريقيا    فيلم "هجرة" للمخرجة والكاتبة السعودية شهد أمين : طرح سينمائي لصورة المرأة وصراع الأجيال    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    زيلينسكي: روسيا تتهيأ ل"سنة حرب" جديدة في أوكرانيا    تزايد حالات التهابات الأنف والأذن والحنجرة: تحذيرات من دكتورة تونسية    دار الصناعات التقليدية بالدندان تحتضن معرض "قرية وهدية" من 22 الى 30 ديسمبر الجاري    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    لا تفوتوا نهائي كأس العرب لكرة القدم بين المغرب والأردن..موعد والنقل التلفزي..    كأس القارات للأندية فيفا قطر 2025: لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان سعيد بالتتويج    كرة اليد: اليوم النظر في إثارة النادي الإفريقي ضد لاعب الترجي الرياضي    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    رحلات وهميّة نحو تونس: عمليّات تحيّل كبيرة تهزّ الجزائر    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    بطولة الكويت: طه ياسين الخنيسي ينقذ الكويت من الخسارة امام السالمية    الستاغ: هاو كيفاش تتمتّع بإجراءات تسهيل الخلاص بداية من 22 ديسمبر    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    مستشفى شارل نيكول: نجاح أول جراحة الكلى الروبوتية في تونس    عاجل/ "الستاغ" توجه بلاغ هام للمواطنين..    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزيادة في الأجور: الحكومة ترفض واتحاد الشغل يهدد والأوضاع المعيشية تسير نحو الأسوأ
نشر في المصدر يوم 19 - 05 - 2012

لم يتوصل الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حدّ الآن إلى إقناع الحكومة المؤقتة بضرورة الزيادة في الأجور لعام 2012، وهو ما زاد في مخاوف الأجراء والشغالين من مزيد تردي أوضاعهم الاجتماعية.

ويمرّ عدد هام من التونسيون اليوم بفترة صعبة على الصعيد المادي بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مقابل استقرار في المداخيل وتراجعها بالنسبة للبعض، وهو ما لم يتوقعه أي كان غداة ثورة 14 جانفي التي ظنّ الجميع أنها ستؤدي إلى تحسن الاوضاع المعيشية.

وكانت حكومة حمادي الجبالي قد اقترحت أن تكون سنة 2012 "سنة بيضاء" على صعيد الترفيع في الأجور إلى حين استرداد الدولة "انفاسها الاقتصادية".

واحتدت بسبب ذلك لغة الحوار هذه الأيام بين ممثلي اتحاد الشغالين والأطراف الحكومية، إلى درجة أن طالب الأمين العام للاتحاد حسين العباسي وزير المالية حسين الديماسي بمناظرة تلفزيونية ليتناقشا فيها حول وجاهة قرار عدم الترفيع في الأجور .

كما هدّد ممثلو الشغالين باللجوء إلى كل الحلول لإقناع الحكومة بالتراجع عن هذه الفكرة، بدء بالحوار مرورا بالتشكي إلى الهياكل الدولية ووصولا إلى الإضراب.

ولم يبدي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، الجهة الممثلة للمشغلين في القطاع الخاص، إلى حدّ الآن أيّ موقف تجاه الجدل القائم بين الحكومة واتحاد الشغل، رغم أن كلّ المؤشرات تقول إنه موقفه سيكون إلى جانب موقف الحكومة.

وكان وزير المالية قد قدم في الفترة الماضية أرقاما حول الوضع الاقتصادي الصعب بالبلاد، وقال إنها تكفي لوحدها لإقناع الشغالين ومن يمثلهم بعدم المطالبة بالزيادة في الأجور هذا العام وذلك في إطار مساهمتهم ، إلى جانب آخرين، في إنقاذ البلاد من حالة الانهيار الاقتصادي التي تتهددها.

غير أنّ ممثلي الطبقة الشغيلة اعتبروا تلك الأرقام لاتعكس حقيقة الوضع في البلاد وقالوا إن الصورة الكارثية التي قدّمها الوزير عن الوضع الاقتصادي مُبالغ فيها وأنه توجد أرقام أخرى إيجابية، لكن الحكومة لا تريد الافصاح عنها، وأن ميزانية الدولة لها ما يكفيها من موارد لتقدر الحكومة على تنفيذ برامجها دون حاجة لتجميد الأجور.

كما أن ممثلي اتحاد الشغل تفاجؤوا بهذا الموقف باعتبار أن جميع التونسيين ينتظرون من الحكومة الحالية أن تبذل كل ما في وسعها لإنقاذهم من غلاء المعيشة ومن تراجع المقدرة الشرائية فإذا بها تزيد في إغراقهم عبر هذا القرار.

وقبل ذلك كانت الحكومة قد اقترحت اقتطاع 4 أيام من الأجور لتخصيصها لفائدة ميزانية الدولة.

وأثقل قانونا المالية الأصلي والتكميلي كاهل المواطن بعدة زيادات في المعاليم الجبائية وفي أهمّ مادة استهلاكية وهي المحروقات.

تدمير الاقتصاد

تعتقد الحكومة أنه بمثل هذه الاجراءات يمكن العناية أكثر بالتنمية الاقتصادية في الجهات المحرومة وتشغيل أكبر عدد من العاطلين بفضل ما ستحققه ميزانية الدولة من عائدات مالية إضافية على حدّ قول وزير المالية.

غير أن قوى المجتمع المدني، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، تواصل التمسك برفض هذه الحلول وتعتبرها ترقيعية ووقتية ولن تعود بالنفع على الاقتصاد كما ترى الحكومة بل ستزيد في تدهور حالته، حسب رأيها.

ومرد رفض اتحاد الشغالين لهذا التوجه من الحكومة هو اعتمادها على الحلقة الأضعف في المجتمع، وهو الأجير، لتحقيق مآربها وغاياتها التي تقول انها ذات مصلحة عامة بينما هي –حسب الاتحاد– ذات مضرّة عامة.

فتجميد الأجور مقابل تواصل ارتفاع الأسعار يعني آليا حسب خبراء الاقتصاد انكماش في الاستهلاك، بما قد يدفع بالمنتجين نحو السعي للضغط على تكاليف الإنتاج لديهم وستكون البداية حتما بتسريح العمال، وعوض أن يكون عدد العاطلين 800 ألف سيتضاعف وتكون تداعيات تجميد الاجور آنذاك خطيرة للغاية.

فأكثر من 80 بالمائة من المنتوجات الوطنية يتمّ استهلاكها محليا (والبقية يقع تصديرها)، ومن يستهلكها هم غالبا الأجراء والشغالين، فإذا تراجع استهلاك هؤلاء بسبب غلاء المعيشة وضعف الأجور فإن أحد أهم حلقات الدورة الاقتصادية وهو الاستهلاك سيتدمر ويدمر من وراءه الحلقة الإولى وهي الإنتاج.

ويذهب الخبراء أبعد من ذلك بالقول أنه إذا ما تراجع الاقتصاد برمته سيتراجع حتما الاستثمار وتقل فرص التشغيل وتتفاقم الأوضاع الاجتماعية بالجهات المحرومة مع ما كل قد ينجر عن ذلك من ارتفاع في معدلات الجريمة والانحلال الاجتماعي والأخلاقي والهجرة السرية والاحتقان الاجتماعي والتحركات الشعبية.

حلول أخرى ممكنة

و يرى اتحاد الشغل أنه كان على الحكومة أن تعتني أكثر بالموارد الجبائية التي تحقق لها مداخيل هامّة تتجاوز بكثير ما يمكن أن تجنيه من تجميد الأجور أو من اقتطاع أيام من الأجور أو من الترفيع في أسعار المحروقات.

ويشير الخبراء بالخصوص إلى الموارد الجبائية التي لا تدخل الميزانية بسبب التهرب الضريبي.

فرغم زوال النظام السابق وما رافقه من فساد مالي وإداري وجبائي، إلا أن هناك قناعة لدى الملاحظين بتواصل منظومات الفساد على حالها لا سيما الفساد الجبائي.

ففي رأيهم يواصل آلاف رجال الأعمال التهرب من أداء الضرائب والمعاليم المستوجبة على بعض أنشطتهم (المعاليم الديوانية مثلا)، ومنهم من يواصل أيضا الانتفاع بامتيازات من الدولة تُعفيه من دفع الضرائب بلا موجب.

ويرون أنه لو تحرص الدولة على استرجاع مبالغ التهرب الضريبي فإنها ستحقق للميزانية مداخيل محترمة تُغنيها عن التوجه نحو الحلقة الأضعف في المجتمع وهو الأجير والمواطن البسيط.

كما يطالب كثيرون بأن تراجع الدولة حساباتها فيما يتعلق بنفقات التصرف العمومي (أجور الوزراء وأعضاء الحكومة والمجلس التأسيسي والامتيازات المالية الممنوحة) لهم التي كثر الحديث في المدة الاخيرة عن ارتفاعها بسبب ارتفاع عدد المسؤولين الحكوميين ولأسباب أخرى، فهذا من شأنه أن يغني الدولة أيضا عن فكرة السنة البيضاء.

ويقترح آخرون ضرورة تمسك الدولة بملف الأموال المصادرة والمجمدة في تونس وفي الخارج والسعي لاسترجاعها في أقرب وقت لانها ستكون مدعما حقيقيا للميزانية.

ومما لا شك فيه أن الوضعية المعيشية اليوم في تونس صعبت على الطبقة المتوسطة والفقيرة، وأبدت الحكومة طيلة الفترة الماضية عجزا شبه تام عن مواجهة غلاء الأسعار وكان من المفروض أن تسعى لحماية المواطن عبر الترفيع في مداخيله وليس عبر تجميدها ليقدر على مواجهة هذه الوضعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.