المراسل-واشنطن-وكالات-سيشعر معظم الإسرائيليين بالاطمئنان إذا فاز ميت رومني المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية بالمنصب الأسبوع المقبل لأنهم سيفوزون بصديق لا يجادل بدلا من منتقد لهم في البيت الأبيض. لكن محللين يرون ان أي تغيير سيكون في الاغلب في الأسلوب وليس الجوهر حيث يتوقع أن تتبع اي إدارة جمهورية قد تجيء الى البيت الأبيض الطريق الذي خطه بالفعل الرئيس الأميركي باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي عندما يتعلق الأمر بإيران والفلسطينيين. والولاياتالمتحدة وإسرائيل دولتان حليفتان مرتبطتان ببعضهما البعض بقوة تجمع بينهما تحديات أساسية لدرجة أن من يكون في سدة السلطة لن يفرق كثيرا. وقال زلمان شوفال وهو سفير إسرائيلي سابق لدى الولاياتالمتحدة وعضو في حزب ليكود المحافظ الحاكم "هناك قدر كبير من الاستمرارية في السياسة الخارجية.. لا تتغير الأمور بين عشية وضحاها إذا تولى رئيس جديد السلطة". ولم يأسر أوباما قط قلوب الإسرائيليين ولا رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو. فالرئيس الأميركي اتهم بالضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات للفلسطينيين خاصة في إطار جهوده لوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة ورفض وضع خطوط حمراء للمشروع النووي الإيراني. وعلى الرغم من إشراف أوباما على علاقات عسكرية متقاربة بشكل لم يسبق له مثيل بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل فإن الإسرائيليين يتذكرون أمورا اعتبرت هفوات مثل عندما لم يكن لدى أوباما وقت للقاء نتنياهو أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لنيويورك الشهر الماضي لالقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويلام أوباما أيضا على عدم زيارته لإسرائيل منذ توليه الرئاسة الأميركية. لكن أربعة فقط من بين أحدث 11 رئيسا أميركيا زاروا إسرائيل أثناء توليهم الرئاسة وكان بينهم اثنان فقط زاروها في فترتهم الرئاسية الأولى. وأظهر استطلاع كشفت عنه جامعة تل أبيب الأحد أن يهود إسرائيل يفضلون رومني على أوباما بنسبة ثلاثة إلى واحد وذلك على عكس النتيجة المتوقعة لتصويت اليهود في الولاياتالمتحدة. وقال إيهود ياري وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى المقيم في إسرائيل "هناك وضوح تام بين رئيس الوزراء والبيت الأبيض ومعظم الإسرائيليين يعتقدون أن أوباما تعمد أن تسير الأمور على هذا النحو." واستطرد "لكن لن يكون هناك اختلاف كبير بين 'أوباما ورمني' فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني أو حتى في القضية الإيرانية. إن مسار السياسة الأميركية في المستقبل محدد سلفا إلى حد كبير". وحاول رومني بالتأكيد استغلال الاختلافات مع أوباما فيما يتعلق بالسياسة في الشرق الأوسط واتهم الرئيس الأميركي مرارا بالتضحية بإسرائيل وقال المرشح الجمهوري إنه سيتبنى نهجا أكثر صرامة ضد رجال الدين في إيران. لكن المرشحين الأميركيين ظهرا في مناظرتهما حول السياسة الخارجية الأسبوع الماضي متفقين إلى حد كبير في مجموعة من القضايا وتنافس الاثنان في إبداء الدعم لإسرائيل وتوضيح أنها إلى حد بعيد أهم شريك للولايات المتحدة في المنطقة المضطربة. وتبنى المرشحان الأميركيان نهجا مشابها فيما يتعلق بإيران ووعدا بمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية دون أن يذكرا عبارة "الخط الأحمر" أو دون الالتزام باستخدام القوة العسكرية. وقال رومني "من الضروري بالنسبة لنا أن نفهم ما هي مهمتنا في إيران وهي إثناء إيران عن امتلاك سلاح نووي عبر الوسائل السلمية والدبلوماسية." وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ولم تقابل لهجة رومني باستحسان في إسرائيل بل أنها اثارت تساؤلات حول ما إذا كانت اي إدارة جمهورية والتي ما زالت تعاني من إرث حرب العراق التي تعود لأيام الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش ستملك الجرأة لخوض صراع آخر مضن في الشرق الأوسط. ووفقا لهذه النظرية فإن الرئيس الذي يرجح ان يتخذ قرار إقلاع الطائرات الحربية سيكون هو أوباما الديمقراطي الذي نجح في إقناع الصين وروسيا بدعم فرض عقوبات صارمة على إيران والذي ينظر إليه في العالم بقدر أقل من الريبة مقارنة برومني. وقال دوري جولد رئيس مركز القدس للشؤون العامة والمقرب من نتنياهو إن شكل المهمة العسكرية المتصورة في إيران والتي تركز على القوة الجوية سيبعد مخاوف السقوط في مستنقع كالعراق. وأضاف "لا أحد يريد حربا أخرى في الشرق الأوسط لكن هناك فارقا شاسعا بين حرب برية كبيرة تقوم على إرسال قوات إلى عاصمة عربية ونطاق الخيارات المتاحة الان وبعضها يدور فقط حول دعم جوي أو تعاون في مجال المخابرات". وسواء كان هناك فرق كبير بين المرشحين الأميركيين فيما يتعلق بجوهر وضع السياسات الا ان نتنياهو المحافظ سيشعر دون شك بارتياح أكبر في التعامل مع رومني الجمهوري المحافظ. ولم يتعامل نتنياهو في المرتين اللتين تولى فيهما رئاسة الوزراء في إسرائيل سوى مع رئيسين ديمقراطيين كان أولهما الرئيس الأسبق بيل كلينتون وثانيهما أوباما. وكثيرا ما نقل عن نتنياهو قوله "أنا أتحدث بلغة الجمهوريين" كما توصف علاقته بأوباما بأنها باردة على أفضل تقدير. وقال مساعد سابق عمل مع نتنياهو لبعض الوقت أثناء فترته الثانية في رئاسة الوزراء "إذا فاز رومني فإن ن'تنياهو' سيكون في جنة. وإذا فاز اوباما فإنه سيكون في نار". وسواء كان الأمر من قبيل المصادفة أو معدا فإن الرئيس الأميركي القادم سيؤدي اليمين الدستورية قبل يوم من إجراء الانتخابات البرلمانية في إسرائيل والتي يرجح على نطاق كبير أن يفوز بها نتنياهو مما يعني أن البلدين سيكونان في مفترق طرق انتخابي. واتهم بعض الديمقراطيين نتنياهو بالتدخل في الانتخابات الأميركية عن طريق محاولة إجبار أوباما على وضع خطوط حمراء لإيران. ويتمنى الفلسطينيون إذا فاز أوباما أن يحيي عملية السلام المحتضرة ويضغط بشكل كبير على إسرائيل لتقديم تنازلات تتعلق بالأرض. لكنها كلها محض آمال. فعلى الرغم من ذكر إسرائيل 34 مرة في المناظرة الرئاسية الأسبوع الماضي فإنه لم يرد ذكر للفلسطينيين سوى مرة واحدة مما يؤكد على تراجع قضيتهم على الساحة العالمية. وقال رومني في فيديو سجل سرا أثناء حشد انتخابي لجمع التبرعات في مايو أيار "طريق السلام غير متصور تقريبا". وقال آرون دافيد ميلر وهو مستشار أميركي سابق بشأن عملية السلام إنه بعد كل الوقت والجهد الذي بذله أوباما في القضية خلال فترة رئاسته والاستياء الذي قوبل به من طرفي الصراع فمن غير المرجح أن يتطرق إلى الصراع قريبا. وأضاف "إن التصور بأن الرئيس الأميركي وبعد تخلصه من الضغوط السياسية سيتجه نحو خطة سلام طموحة ومبالغ فيها تضعه في صراع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي هو محض أوهام." وبعد تهميش الفلسطينيين تابعت القيادة الفلسطينية مناظرة السياسة الخارجية الأميركية بوجوم وغضب. وقالت حنان عشراوي وهي عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "ما لم نره في المناظرة هو أي إشارة على من يمتلك القوة وبعد النظر لتحقيق سلام عادل وهذا هو ما نحتاجه".